
26/07/2025
البايع أرضه… بايع عرضه
قراءة قانونية واجتماعية في بيع أراضي مشروع الجزيرة
# المقدمة
الأرض في مشروع الجزيرة ليست مجرد وعاء إنتاج زراعي، بل هي رمز للهوية والانتماء ومصدر رزق واستقرار اجتماعي. البيع العشوائي أو التنازل عن الأراضي الزراعية، خاصة للوافدين من خارج النسيج الاجتماعي للجزيرة، يفتح الباب لتحولات ديمغرافية خطيرة ونزاعات مستقبلية قد تهدد السلم الأهلي.
اليوم، نلاحظ تنامي ظاهرة بيع الأراضي (ملك حر أو حق انتفاع) للبعض من منسوبي القبائل من خارج المنظومة السكانية، والذين ينتمون إلى جماعات قبلية مسلحة، تحت ذرائع المنفعة المالية العاجلة، دون إدراك للنتائج البعيدة على مستقبل المشروع والمنطقة، أو الادعاء الأجوف بالحق الطبيعي في التملك.
# الإطار القانوني لملكية الأرض في مشروع الجزيرة
1. الأرض الملك الحر
يحق لمالكها التصرف فيها بيعًا وشراءً وفق قانون الملكية. وقانون مشروع الجزيرة واتفاقات الإيجارة بين الملاك والإدارة. لكن بيع الأراضي داخل نطاق المشروع قد يتعارض مع فلسفة المشروع إذا أُخرجت من الدورة الزراعية.
2. الأرض بنظام حق الانتفاع (الحواشات)
يمنح القانون حق استغلالها للزراعة فقط، ولا يجوز بيعها كملكية دائمة. أي بيع يتم هو عمليًا تنازل عن حق الانتفاع وليس تملكًا حقيقيًا.
# القوانين المقيدة
ينص قانون مشروع الجزيرة على أن الأرض مخصصة للزراعة فقط، وأي تغيير في طبيعتها أو مستغليها يخضع لضوابط. وأنها مستأجرة من الملاك. لا يجوز تحويلها إلى ملكية جديدة دون موافقة الدولة أو الإدارة القانونية للمشروع.
# المخاطر المستقبلية
1. تفكك التركيبة السكانية والاجتماعية.
2. دخول مجموعات جديدة قد يخلق حساسيات قبلية وإثنية، ويزيد فرص الصراع على الموارد.
# الاستغلال السياسي والأمني
قد تُستخدم هذه الأراضي لاحقًا كموطئ قدم لقوى سياسية أو عسكرية، خاصة في ظل هشاشة الوضع الأمني.
# ضياع هوية المشروع
بيع الأرض يهدد فلسفة مشروع الجزيرة كمنظومة زراعية جماعية، ويحوّله إلى ملكيات متفرقة غير منتجة.
# نزاعات قانونية مستقبلًا
الأجيال القادمة قد تطالب باسترداد الأراضي بدعوى أنها بيعت تحت ضغط الحاجة أو بعقود باطلة قانونيًا.
# التوصيات والحلول
# على المستوى القانوني
1. توثيق كل عمليات البيع والتنازل، ومراجعتها وفق قانون مشروع الجزيرة وقانون الأرض الملك الحر.
2. وضع حظر مؤقت على بيع الأراضي الزراعية لغير أبناء المنطقة حتى تُدرس الآثار.
3. تفعيل نصوص القانون التي تمنع تحويل حق الانتفاع إلى ملكية دائمة دون موافقة الجهات المختصة.
# على المستوى الاجتماعي
1. إطلاق حملة توعية بعنوان "البايع أرضه… بايع عرضه" لتثقيف المزارعين بخطورة التفريط في الأرض.
2. تكوين لجان مجتمعية لمراقبة عمليات البيع المشبوهة والتصدي لها بالحوار والضغط الاجتماعي.
# على المستوى السياسي والإداري
1. مطالبة إدارة المشروع والحكومة بوقف أي إجراءات تمليك مخالفة للقانون.
2. تقديم مبادرة أهلية لحماية مشروع الجزيرة كإرث قومي لا يجوز التفريط فيه.
# الخاتمة
بيع الأرض ليس مجرد تصرف اقتصادي، بل قرار يمس كيان المجتمع وهويته وحقوق الأجيال القادمة. مشروع الجزيرة ملك للأمة، وخروجه عن غايته الأصلية سيجر معه انهيارًا اجتماعيًا وأمنيًا واقتصاديًا يصعب تداركه لاحقًا. فهل نترك الأمر قبل فوات الأوان؟
عبدالله حسن محمد سعيد