
18/08/2025
جنوب السودان أمام مفترق طرق: الأمم المتحدة تحذر من انتكاسة خطيرة في عملية السلام
نيويورك – صحيفة الوادي
في كلمة مطولة أمام مجلس الأمن الدولي، حذّرت مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا، من تصاعد التوترات الأمنية والسياسية في جنوب السودان، مشيرة إلى أن المكاسب التي تحققت سابقًا في إطار اتفاق السلام المنشط بدأت تتآكل، وسط جمود سياسي وعودة محتملة إلى دائرة العنف.
وقالت بوبي، في إحاطتها أمام أعضاء المجلس، إن جنوب السودان يشهد تراجعًا مستمرًا في تنفيذ اتفاق السلام، وسط تصعيد ميداني بين قوات دفاع شعب جنوب السودان والحركة المعارضة الجيش الشعبي لتحرير السودان – المعارضة، شمل عمليات برية وقصفًا جويًا، ما أسفر عن وقوع قتلى، وتشريد آلاف المدنيين، وتدمير للبنية التحتية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات.
#تحذير أممي من انزلاق نحو نزاع أوسع
وأكدت بوبي أن التصعيد العسكري لا يهدد فقط باب الترتيبات الأمنية (الفصل الثاني من الاتفاق)، بل يفتح الباب أمام تحول خطير في طبيعة النزاع، من نزاعات محلية إلى صراع أوسع قائم على انقسامات عرقية، قد يشمل أطرافًا إقليمية أخرى.
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة، إلى جانب الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد"، طالبت مرارًا بوقف إطلاق النار وخفض التصعيد، لكن تلك الدعوات قوبلت بتجاهل، حيث تتواصل الانتهاكات والإجراءات الأحادية التي تقوض عمل حكومة الوحدة الوطنية.
#المخاوف تتزايد: الاعتقالات وتضييق الحريات
وأعربت المسؤولة الأممية عن قلق المنظمة البالغ إزاء استمرار اعتقال المعارضين السياسيين دون محاكمة عادلة، وهو ما يعطل استكمال المهام الانتقالية الأساسية، مثل إصلاح القطاع الأمني، والتحضير للانتخابات، وصياغة دستور دائم للبلاد.
ورغم تعهد المسؤولين الحكوميين بإجراء انتخابات في ديسمبر 2026، شددت بوبي على أن "التصريحات لا تكفي"، مطالبة باتخاذ خطوات ملموسة تتماشى مع روح الاتفاق ونصه.
#تحركات سياسية باهتة وتعطيل مؤسسي
ورحبت المسؤولة الأممية بانعقاد جلسة المجلس التشريعي الانتقالي في 16 يوليو بعد انقطاع دام ستة أشهر، لكنها نبهت إلى غياب الاجتماعات الحكومية المهمة، وعلى رأسها مجلس الوزراء، الذي لم ينعقد منذ مارس الماضي، وهو ما يعكس تعطيلًا متعمدًا لآليات اتخاذ القرار المنصوص عليها في الاتفاق.
كما لفتت إلى تشكيل لجنة رئاسية عليا لمتابعة تنفيذ الاتفاق تضم 31 عضوًا، لكنها استثنت من مهامها تنفيذ الفصل الثاني المتعلق بالترتيبات الأمنية، الأمر الذي أثار انتقادات عدة داخل المجتمع الدولي.
#المجتمع المدني حاضر رغم التحديات
وأشادت بوبي بالحراك المستمر الذي تقوده منظمات المجتمع المدني، لا سيما النساء والشباب، الذين يواصلون الدعوة إلى تنفيذ بنود الاتفاق بحسن نية، والضغط من أجل استعادة المسار السياسي.
كما أثنت على الخطة الاستراتيجية التي تبنتها السلطة القضائية مؤخرًا، والتي تركز على استقلال القضاء، وتحسين الوصول إلى العدالة، وتعزيز المساواة بين الجنسين، لكنها شددت على ضرورة تحويل هذه الخطة إلى واقع عملي من خلال تنفيذ إجراءات ملموسة على الأرض.
#أزمة إنسانية خانقة: الملايين مهددون
وفي جانب آخر من كلمتها، وصفت بوبي الوضع الإنساني في جنوب السودان بأنه "كارثي"، مشيرة إلى أن نحو 7.7 مليون شخص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 83 ألفًا معرضون لخطر المجاعة.
وأكدت أن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 لم يُموّل منها سوى 28.5% حتى الآن، فيما تتزايد العراقيل أمام فرق الإغاثة، وتشهد البلاد تضاعفًا في حوادث عرقلة إيصال المساعدات مقارنة بالعام الماضي.
وقالت إن "الاعتداءات على العاملين الإنسانيين، وسوء البنية التحتية، والعراقيل البيروقراطية، كلها عوامل تؤدي إلى تفاقم المعاناة"، مشيرة إلى أن تلبية الاحتياجات الإنسانية والتنموية ليست مستحيلة، لكنها تتطلب قيادة سياسية مسؤولة وإصلاحًا في إدارة الموارد والمالية العامة.
#دعوة إلى المجتمع الدولي: الجنوب يحتاجكم
وأكدت بوبي أن اتفاق السلام المنشط ما زال يشكل الإطار الوحيد القابل للتنفيذ لوقف دورة العنف، وتهيئة الطريق لأول انتخابات ديمقراطية في تاريخ البلاد، وهي الانتخابات التي "طالما تطلع إليها شعب جنوب السودان ويستحقها"، على حد تعبيرها.
واختتمت المسؤولة الأممية كلمتها بدعوة صريحة إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي لممارسة الضغط على الأطراف كافة، للعودة إلى تنفيذ الاتفاق، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والانخراط في حوار مباشر رفيع المستوى، من أجل تنفيذ عملية سلام شاملة، تشمل الترتيبات الأمنية، والعدالة الانتقالية، وصياغة الدستور، وتنظيم الانتخابات.
وقالت:" جنوب السودان يقف عند مفترق طرق. إما المضي قدمًا نحو السلام والانتخابات، أو الانزلاق مجددًا إلى العنف. المسؤولية مشتركة، وشعب جنوب السودان يعلّق آماله علينا".
www.derawetmedia.com