13/10/2025
*عن إطلاق الهجري اسم "جبل الباشان"*
بيان حكمت الهجري، الذي ورد فيه اسم "جبل الباشان"، يُعدّ اختراقًا معرفيًّا خطيرًا للمجال الرمزي السوري، ويُفترض ـ على المستوى العلمي ـ أن يُدرَس ويُفكّك ويُردّ عليه بمسؤولية عالية.
إنّ استخدام تسمية "جبل الباشان" في بيان حكمت الهجري لا يمكن اعتباره مسألة لغوية أو دينية مجرّدة بل هو فعل سياسيّ بالغ الخطورة يحاول إعادة تأطير الأرض والهوية والجغرافيا وفق معجمٍ يرتبط مباشرة بالأدبيات الصهيونية المعاصرة لإعادة تشكيل الخريطة الذهنية للمنطقة.
"الباشان" مصطلح توراتي ارتبط في النصوص العبرية بوعد إلهي مزعوم بامتلاك الأرض الممتدة من باشان ـ أي بيسان ـ وحتى الفرات، ويُعدّ هذا التوصيف أحد الأعمدة الرمزية التي تستند إليها أطروحات "إسرائيل الكبرى"، وقد وظّفته المؤسسات الدينية والسياسية الصهيونية في مشاريع توسعية وأسطورية على مدار عقود.
حين يرد هذا المصطلح ــ بهذه الصيغة ــ في بيان دينيّ رسمي صادر عن شخصية تُمثّل مرجعية في محافظة السويداء، فهذا إعلان ضمنيّ عن تبنّي المفهوم التوراتيّ في توصيف جغرافيا الجنوب السوري كلّه، وهو ما يعني ضمنا إخراج المنطقة من إطارها الوطني السوريّ وإعادة إدماجها داخل شبكة من الرموز التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي في دعم مزاعمه حول الحق التاريخي في الأرض.
ما يزيد المسألة حساسية وخطورة أنّ حكمت الهجري يُمثّل مرجعية دينية وليس جهة سياسية، والدين ــ في البنية الثقافية للمنطقة ــ يُعدّ المرجع الأعلى للمعنى وصياغة الأفكار، وأيّ كلمة تصدر عنه تحمل طابع الشرعية المعنوية، وعليه فإنّ استخدامه لمصطلح "جبل الباشان" إعلان يمنح الخطاب الإسرائيلي مدخلًا ناعمًا إلى تفكيك الذاكرة الجمعية لأبناء الجبل بل أبناء الجنوب السوري كله.
إن الردّ على استخدام مصطلح "جبل الباشان" لا بدّ أن يبدأ من تفكيك شعبيّ ممنهج وواسع لهذا المصطلح عبر منصات التواصل الاجتماعي بلغة مبسّطة توضح جذوره التوراتية وتكشف عن توظيفه الاستراتيجي في الأدبيات الصهيونية بوصفه جزءًا من خريطة "إسرائيل الكبرى".
مع خطاب دعوي شرعي موجّه إلى الخطباء والدعاة ــ لا سيما خطباء ودعاة دمشق ودرعا والجنوب السوريّ ــ يبيّن خطورة توظيف هذا المصطلح التوراتيّ في خدمة أجندات العدوّ الصهيونيّ، مع بيان خطورة استخدام المرجعيات الدينية أداةً لاغتصاب ناعمٍ للأرض وتشويه وعي الناس، فالمعركة اليوم على المفاهيم لا تقل خطورة عن معركة السلاح، والمعركة اليوم تدور في حقل المصطلحات كما تدور في الميدان؛ فلنكن على أهبة الاستعداد لخوضها.
*محمّد خير موسى*