13/07/2025
عن عبد الحميد بن محمود، قال: صليت مع أنس بن مالك، يوم الجمعة «فدفعنا إلى السواري، فتقدمنا وتأخرنا»، فقال أنس: «كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم»
أخرجه أبو داوود
إسناده صحيح، ( فَدُفِعْنَا إِلَى السَّوَارِي ) : أَيْ بِسَبَبِ الْمُزَاحَمَة ( فَتَقَدَّمْنَا ) : مِنْ السَّوَارِي ( وَتَأَخَّرْنَا ) : عَنْهَا ( كُنَّا نَتَّقِي هَذَا ) : أَيْ كُنَّا نَحْتَرِز عَنْ الصَّلَاة بَيْن السَّوَارِي.
وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى كَرَاهَة الصَّلَاة بَيْن السَّوَارِي , وَالْعِلَّة فِي الْكَرَاهَة مَا قَالَهُ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إِمَّا لِانْقِطَاعِ الصَّفّ أَوْ لِأَنَّهُ مَوْضِع جَمْع النِّعَال.
قَالَ اِبْن سَيِّد النَّاس : وَالْأَوَّل أَشْبَه لِأَنَّ الثَّانِي مُحْدَث.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : رُوِيَ أَنَّ سَبَب كَرَاهَة ذَلِكَ أَنَّهُ مُصَلَّى الْجِنّ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ التِّرْمِذِيّ : وَقَدْ كَرِهَ قَوْم مِنْ أَهْل الْعِلْم أَنْ يُصَفّ بَيْن السَّوَارِي , وَبِهِ قَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق وَقَدْ رَخَّصَ قَوْم مِنْ أَهْل الْعِلْم فِي ذَلِكَ.
اِنْتَهَى.
وَرَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور فِي سُنَنه النَّهْي عَنْ ذَلِكَ عَنْ اِبْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَحُذَيْفَة.
قَالَ اِبْن سَيِّد النَّاس : وَلَا يُعْلَم لَهُمْ مُخَالِف فِي الصَّحَابَة , وَرَخَّصَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن الْمُنْذِر , قِيَاسًا عَلَى الْإِمَام وَالْمُنْفَرِد , قَالُوا : وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْكَعْبَة بَيْن سَارِيَتَيْنِ , قُلْت : يَدُلّ عَلَى التَّفْرِقَة بَيْن الْجَمَاعَة وَالْمُنْفَرِد حَدِيث قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ : " كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفّ بَيْن السَّوَارِي عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُطْرَد عَنْهَا طَرْدًا " رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا ذِكْر النَّهْي عَنْ الصَّفّ بَيْن السَّوَارِي وَلَمْ يَقُلْ كُنَّا نُنْهَى عَنْ الصَّلَاة بَيْن السَّوَارِي.
وَأَمَّا حَدِيث الْبَاب فَفِيهِ النَّهْي عَنْ مُطْلَق الصَّلَاة بَيْن السَّوَارِي فَيُحْمَل الْمُطْلَق عَلَى الْمُقَيَّد , وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ صَلَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن السَّارِيَتَيْنِ , فَيَكُون النَّهْي عَلَى هَذَا مُخْتَصًّا بِصَلَاةِ الْمُؤْتَمِّينَ بَيْن السَّوَارِي دُون صَلَاة الْإِمَام وَالْمُنْفَرِد , وَهَذَا أَحْسَن مَا يُقَال.
وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقِيَاس عَلَى الْإِمَام وَالْمُنْفَرِد فَاسِد الِاعْتِبَار لِمُصَادَمَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ.
هَذَا تَلْخِيص مَا قَالَ الشَّوْكَانِيّ فِي النَّيْل.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن.