26/05/2025
ليس ملعبا فقط… بل مرآة وطن
تحولت هذه الصورة منذ الأمس الى مصدر تندر من المدينة. وتحول الحدث من مجرد قوس رياضي يغلق بعد انتهاء توقيته على أرضية المعشب مع تهنئة الفائز الى فضاء مفتوح للتنمر والسخرية من المدينة واسقاطها على احداث وجغرافيا ليست بالمرة محل استهزاء.
( لا اتحدث عن التنبير الكروي العادي المؤقت وماجاوره واميّز جيدا بينه وبين السخرية والتنمر ومن صدموا بالمنظر).
كما تابعت باعجاب اغلب ردود اصدقائي من أبناء المدينة وكانوا خير فاضح لاستعلاء مزيف، حيث كما قال الصديق بولبابة البلاد صغيرة ونعرف بعضنا، نزيدو على بعضنا كان بالصبر.
قالوا إن ملعب بنقردان يشبه غزة…
نعم، يشبهها في الشموخ لا في الشكليات.
في هذه الأرض التي قد تبدو قاحلة، وقف رجالها يوم 7 مارس وصنعوا ملحمة كتبتها دماء الشهداء.
في هذه المدينة المتواضعة شكلا، العظيمة جوهرا، تم دحر الإرهاب دون انتظار دعم خارجي.
بنقردان لا تشبه غزة في البنية، بل في الصمود والكرامة.
ضحكوا على الصورة… وخجلوا من تداولها، ولعنوا المخرج الذي سمح ببثها.
لكني اقول له شكرا، وشكرا للمعلّق الذي سمعته يقول: مشاهد جميلة!
نعم، نحن نراها كذلك… لأنها صورتنا الحقيقية.
أما الذي تعرّى في تلك اللحظة، فهي دولتهم الجاحدة.
هذا الملعب لا يختزل مدينة… بل يكشف دولة.
دولة نسيت أن تنمّي، وتذكّرت فقط أن تطالب.
بنقردان ليست ديكورا لتلفزيون الواقع، ولم ندع يوما انها لاس فيغاس، لكنها مدينة لا تُقاس بعلو البنايات، بل بعلو الجباه.
هي ليست مهووسة 'بالباركينغ' المرصوف ولا بالمقاهي اللامعة…
بل تُزرع فيها الكرامة في الرمال، لا في الحدائق الاصطناعية.
ضحكتم على ملعب ؟
ذاك الملعب البسيط يطل على البحر، في مدينة قاومت بعظامها المجردة.
في مدارجه تعلو أهازيج النصر على الإرهاب،
وسُجّلت على أرضه أهداف بأقدام رجال لم يرتدوا قمصانا مرقّمة، بل حملوا الوطن في قلوبهم.
قالوا: صورة تشبه مدن الحرب !
ونسوا أن بنقردان صدّت الحرب، ووقفت وحدها، عندما سقطت العواصم.
اعتقد احدهم انها دير الزور، نعم حاولوا جعلها كدير الزور لكنهم فشلوا في سويعات قليلة.
أتعرفون ما هذه الصورة ؟
هي مرآة لعقود من التهميش، لمدينة تنام على واحد من أغنى المعابر في إفريقيا، وتستفيق كل صباح على وعود لا تصل.
انظروا الى حال مدينة زوارة المقابلة للمعبر من الجانب الليبي، وسترون كلامي واقعا. عندما استثمرت العائدات لصالح الوطن افضت قرى سياحية وشواطئ وبنية تحتية مكتملة ورفاهية للمواطن.
بنقردان ليست مدينة تُرثى… بل تُروى.
وكل من لا يفهمها، عليه فقط أن يقف على رملها لحظة…
ليدرك أن الشرف لا يُبنى بالإسمنت ولا بالورود المصففة، بل بالمواقف.
🖊️الصحفي سعيد الزواري.