06/04/2025
وقف أهل العراق يشاهدون التتار وهم يكتسحون خراسان ويقتلون الملايين من أهلها، ولم يتحركوا لنصرة اخوانهم المسلمين، آثروا السلامة وقرروا اتباع طريق السلام مع التتار..
بعدها بسنتين فقط.. جاءهم التتار وقتلوا أكثر من مليون نسمة من أهل بغداد وأحرقوها بمن فيها وأعملوا السيف في أهل العراق..
ومع ذلك لم يتعظ أهل الشام، رفعوا رايات السلام واقاموا مع التتار معاهدات واتفاقيات ووقفوا يشاهدون العراق وهي تحترق وأهلها يذبحون..
فلم تمض شهور حتى جاءهم التتار واحتلوا الشام ودمروا دمشق وقتلوا أهل حمص وأحرقوا حلب..
ومع ذلك لم يتعظ أهل مصر، وكان المماليك حكام مصر يميلون لقبول شروط التتار المجحفة والسلام، لولا ان ثبتهم الله بالسلطان المظفر "قطز" حيث قال قولته الشهيرة:
"أنا ألقى التتار بنفسي، يا أمراء المسلمين، لكم زمان تأكلون من بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجّه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته وإنَّ الله مُطَّلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخّرين عن القتال"..
ثم خاطبهم باكياً.. وقال : "يا أمراء المسلمين، من للإسلام إن لم نكن نحن؟"..
تأثر الأمراء بما قاله ولكي يتأكد "قطز" من عدم وجود فرصة للهدنة أمر بأعدام رسل التتار وتعليقهم على ابواب المدينة حتى يعلم الجميع باستنفار الدولة للجها.د ويقطع الطريق على كل من اراد ان يسالم التتار..
وكان يوم عين جالوت يوما عصيبا مُرّا على المسلمين، اضطر "قطز" أن ينزل بنفسه إلى ميدان القتال بعد أن كان يدير المعركة، وكاد أن يُقتل بسهم تتري أخطأه وأصاب فرسه، حتى اشتدت الأمور فقام يقاتل مترجلاً بل زاد (من أجل تثبيت جنوده ورفع روحهم المعنوية) بأن ألقى خوذته على الأرض تعبيراً عن اشتياقه للشهادة وعدم خوفه من الموت، وأطلق صيحته الشهيرة: "واااااا إسلاماه"..
فدارت الدائرة على التتار حتى صارت عين جالوت موقعاً للفناء الحقيقي لهم، وفيها أراح الله العالم من شرهم على يد أناس صدقوا الله فصدقهم، ونصروه فنصرهم، وأعزهم أيما إعزاز وإكرام..
تلك السُّنن التي مادام الناس غافلين عنها، فسيذوقون من كأس مَرَارها حتى الثمالة..
لا سلام مع الغزاة.. ولا أمان للجبناء الذين يتخلون عن اخوانهم.. أما الظلم فيحيا بالسكوت.. ويتنفس بالخنوع.. ويقوى بالخضوع..