01/05/2025
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أهلنَا السوريين الكرام :
أخاطبكم اليوم ونحن جميعاً نشهَدُ ونشاركُ في إعادة بناء سوريةَ الحرّةْ والكريمة ، بعد أن اختطفتها عصابةٌ البعث المجرمة لعقود طويلة، عصابةٌ لم تترك لوناً من ألوان الاستبداد أو الفساد أو التخريب إلا ومارسته ، ممّا دَمّر البنيان والإنسان ، إذْ شَرَّد الناسَ واعتقلَهم وهجّرهم من ديارهم واغتصب أموالَهم وانتهكَ أعراضَهم وداسَ كراماتَهم..
ومن أجل ضمانِ قدرةِ هذه العصابة على الاستمرار في التحكّم في البلادْ واختطافها ، فقد نشَرتْ روحاً طائفيةً مقيتةً ليست من قِيَم السوريين ولا ثقافتهم ولم يعرفْها تاريخُهم، واستخدَمتْ الورقة الطائفية من أجل تمزيق الوحْدةِ الوطنيةْ وضمانِ ولاء الطوائف لها ، بينما بقيت غالبية الطوائف تعاني الحرمانَ والفقرَ والتهميشْ ، ومارسَ بعضُها التواطؤَ الآثمْ ، وبعضُها المشاركةَ الفعلية في الإجرام والاستبداد والفساد ، وكان ذلك بمشاركةِ بعض الفاسدين من شتّى الطوائفِ والمللْ ..
ومن موقعِ مسؤولية العلماء الدينيةِ والوطنيةِ وبموجب تمثيلِهم لقيم الأغلبيةِ السّاحقةْ من أبناءِ هذا الشعب الكريم ، فقد قُمنا بواجبِنا في الحيلولةِ دون حدوث مظاهرِ الانتقامِ ممن ابتلوا بفِقدان أعزِّ مايملِكون خلال العهد البائدِ ، وذلك كي لا تعمَّ الفوضى ، ومن أجل فتح صفحة جديدةٍ يكون سُداها المحبةُ ولُحمتُها العدالةُ ، وبفضلِ الله أخمدْنا قدرَ وُسعنا نارَ الفتنةِ وهذا واجبُ كلِّ الأطراف حتى نبني معاً وطناً يُظلّله السلام والأمل …
واليوم وعقب الأحداث الأمنية الأخيرة المؤلمة وبعد عزائي لأهالي من قتل فيها أبين ما يأتي :
١- إن سورية قد تحررت ، والسوريون قد ذاقوا طعمَ الحريةْ بعد أن فقدوها لعقودٍ ، وهم سيدافعون عنها بالغالي والرخيص ، فسورية لن تعود بإذن الله الى الوراء أبداًً ..
٢- إن السوريين سواءٌ في الحقوق والواجبات ، كراماتُهم وأعراضُهم ودماؤُهم وأموالُهم وكلُّ حقوقهم محفوظة ومُصانة ..
٣- إن الانتساب إلى طائفةٍ معينة ليس تهمةً ، كما أنه لا يعطي صاحبَه أفضليةً في الحقوق ، بل إن قيامَ سورية هو في تنوعِها ووحدةِ نسيجِها وتآلُفِه ، وإنما المُدانُ هو المشاركةُ في الجريمةِ وتأييدُ مرتكبِها أو حمايتُه أو السكوتُ عنه …
٤- تثبتُ المواطنةُ الحقّةُ بالأخذِ على يدِ المعتدين والمجرمين والابلاغِ عنهم والانضواءِ تحتَ رايةِ الوطن الواحد بعيداً عن التعصبِ الأعمى للفئةِ او الجهةِ او الطائفة ..
٥- إن الاستقواءَ بالأجنبيْ أو بالمحتل على الأخِ والجارِ والشريكِ في الوطن خيانةٌ كبرىٰ ، ونقضٌ لعُرى المواطنةِ والتعايشِ والسّلمِ الأهلي ..
٦- إن العدالةَ الانتقاليةْ الناجزة تُجاهَ من تلطختْ أيديهم بدماءِ السوريين هي المرتكزُ الأساسيُّ للسلم الأهلي ، ولبناء وطنٍ نستحقه ونحلم به جميعاً …
٧- إن المحاولاتِ اليائسةْ في إعادةِ استغلالِ أبناء أي طائفةٍ من السوريين لعرقلةِ حالةِ التحرُّر الجديدةْ ، سيُفشِلها بإذن الله وعيُ شعبنا الذي يدرك أن النظام البائد قد استغل الطوائف لعقود خلت لتحقيق مصالح المتسلطين على حساب فقر وتهميش عامة السوريين.
٨- أدعو السوريين جميعاً إلى تحكيم لغة العقل وعدم الانجرار وراء الشائعات والتصرف بحكمة بعيداً عن الانفعالات التي تؤدي إلى تفاقم المشكلة، كونوا عوناً للأجهزة الأمنية من خلال ترك التصرفات الفردية التي تساهم ولو بغير قصد في تعقيد المشهد.
٩- النشر على وسائل التواصل أمانة ومسؤولية ووقع الكلمة في الفتن أشد من وقع السيف فاحرصوا على عدم نشر ما يسيء إلى ديننا وبلدنا ويذكي نار الفتنة.
ياأهلَنا وأحبابنا :
لقد سحَقتم بفضل الله عصابةَ الإجرامْ ، فحافظوا على هذه النعمةِ ودافعوا عنها وتمسكوا بالحقِ والعدل والحرية والكرامة ، وصدق ربنا في قوله : { والفتنة أشدّ من القتل }
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. محمد راتب النابلسي
١٤٤٦/١١/٣
٢٠٢٥/٥/١