13/11/2024
تحويلات المغتربين اليمنيين خلال عام 2023: شريان حياة للاقتصاد ومصدر استقرار للأسر خلال سنوات الحرب
موسى عِلاية العَفري
تُقدَّر الجالية اليمنية حول العالم بحوالي 10 ملايين شخص، يتوزعون على أكثر من 40 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. وتحويلات المغتربين اليمنيين، سواء من دول الخليج أو من الولايات المتحدة وأوروبا، لعبت دورًا حاسمًا في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في اليمن خلال سنوات الحرب. في الوقت الذي انهار فيه الاقتصاد وتدهورت البنية التحتية وانعدمت فيه الفرص الاقتصادية، كانت تحويلات المغتربين العاملين خارج اليمن بمثابة طوق النجاة لملايين الأسر اليمنية، ونجحت في تخفيف حدة المجاعة وسوء التغذية المنتشرة في البلاد.
وتعتبر دول الخليج الوجهة الرئيسية للمغتربين اليمنيين، وخاصة السعودية، التي تحتضن حوالي 1.8 مليون مغترب يمني. هؤلاء العمال يرسلون إلى اليمن حوالي 2.5 مليار دولار سنويًا، ما يمثل النسبة الأكبر من التحويلات الواردة. تأتي الإمارات في المرتبة الثانية بعد السعودية، حيث يرسل المغتربون اليمنيون هناك حوالي 0.3 مليار دولار سنويًا، ثم تتوزع التحويلات الأقل بين بقية دول الخليج، كقطر والكويت وعُمان والبحرين.
عدد المغتربين اليمنيين، تقدير تحويلاتهم لعام 2023 (بالمليار دولار):
• السعودية: حوالي 1,800,000 مغترب، تحويلات تقديرية تبلغ 2.5 مليار دولار.
• الإمارات: حوالي 200,000 مغترب، تحويلات تقديرية تبلغ 0.3 مليار دولار.
• قطر: حوالي 25,000 مغترب، تحويلات تقديرية تبلغ 0.05 مليار دولار.
• الكويت: حوالي 15,000 مغترب، تحويلات تقديرية تبلغ 0.03 مليار دولار.
• عُمان: حوالي 10,000 مغترب، تحويلات تقديرية تبلغ 0.02 مليار دولار.
• البحرين: حوالي 5,000 مغترب، تحويلات تقديرية تبلغ 0.01 مليار دولار.
هذه الأرقام تعكس أهمية تحويلات المغتربين اليمنيين في دول الخليج كمصدر رئيسي لدعم الاقتصاد اليمني، حيث تأتي غالبية التحويلات من السعودية. حيث أموال المغتربين في الخليج لا تقتصر على توفير الاحتياجات الأساسية للأسر فقط، بل تساهم في تمويل الأنشطة الاقتصادية المحلية الصغيرة، كالبقالات والمحال التجارية والمزارع، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويخلق فرص عمل إضافية. ولأن العملة الصعبة شحيحة في اليمن، تلعب هذه التحويلات دورًا حاسمًا في دعم العملة المحلية واستقرار سعر الصرف.
بجانب دول الخليج، هناك جالية كبيرة من اليمنيين في الولايات المتحدة وأوروبا، وتقدر التحويلات التي يرسلها المغتربون في هذه المناطق بحوالي ٢.٣ مليار دولار سنويًا. تشكل هذه التحويلات إضافةً مهمةً لتحويلات المغتربين في الخليج، وتساهم بشكل مباشر في تحسين الظروف المعيشية للأسر اليمنية.
تأتي التحويلات من الولايات المتحدة وأوروبا لتعزز قدرات الأسر اليمنية في مواجهة ظروف المعيشة الصعبة، حيث تتيح لهم الحصول على مواد غذائية ذات جودة أفضل، وتساعدهم في تحمل تكاليف التعليم والرعاية الصحية. وبفضل هذه التحويلات، تجنب عدد كبير من العائلات شبح المجاعة الذي كان يهدد البلاد، وأصبحت لديهم قدرة أكبر على توفير الاحتياجات الأساسية.
في ظل تدهور الإنتاج الزراعي، وانعدام الأمن الغذائي، وتوقف عدد كبير من المؤسسات، أصبحت تحويلات المغتربين المصدر الرئيسي لدخل ملايين الأسر اليمنية. تساعد هذه التحويلات في توفير الغذاء، حيث تُستخدم مباشرة في شراء المنتجات الغذائية الأساسية مثل القمح والأرز والزيوت، التي تعتبر ذات تكلفة عالية وغير متاحة بشكل كافٍ داخل اليمن. أيضًا، تساهم التحويلات في تمويل المشاريع الإنسانية والإغاثية، حيث تدعم هذه المشاريع جهود توفير الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية في المناطق النائية والريفية التي تأثرت بشكل كبير من الحرب.
إلى جانب ذلك، فإن التحويلات تعزز الاقتصاد المحلي عبر خلق فرص عمل جديدة، وتحفيز الأنشطة التجارية، حيث يعتمد التجار على طلبات الأسر التي تتلقى تحويلات من الخارج. هذه الأنشطة ساعدت في تعزيز الاقتصاد في بعض المدن، وقللت من الاعتماد الكامل على المعونات الغذائية الدولية غير الفاعلة، مما يتيح نوعًا من الاستقلال الاقتصادي النسبي للعديد من الأسر.
تمثل تحويلات المغتربين اليمنيين في دول الخليج وأمريكا وأوروبا شريان حياة لليمنيين خلال سنوات الحرب، حيث لم تكن هذه الأموال مجرد وسيلة لتوفير الاحتياجات الأساسية فحسب، بل ساهمت في دعم الاقتصاد المحلي وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. بفضل هذه التحويلات، تمكنت الأسر اليمنية من تجنب المجاعة وتحقيق مستوى من الاكتفاء الذاتي.
ملاحظة: الأرقام المذكورة تمثل المبالغ المسجلة والمرسلة عبر قنوات رسمية، وهناك مبالغ كبيرة يتم إرسالها بطرق غير رسمية، مما يعني أن التأثير الحقيقي لتحويلات المغتربين اليمنيين قد يكون أكبر من التقديرات المتاحة.