
24/05/2025
مأدبة التوافق المزعوم : مسرحية سياسية على طاولة " قطاع الطرق" .
تلك الأمسية التي جمعت المنتخبين و البرلمانيين ورؤساء الجماعات والغرف المهنية في منزل رئيس المجلس الإقليمي لآسا الزاك لم تكن مجرد عشاء، بل كانت فصلا جديدا من مسرحية سياسية محكمة الإخراج، إنها صورة طبق الأصل من تلك المآدب التي غالبا ما تعرض في مسلسلات مثل "قطاع الطرق"، حيث تحاك المؤامرات تحت غطاء الابتسامات، وتقدم التوافقات كباقات ورد تخفي أشواك الصراعات الحقيقية، فالحديث عن توحيد الرؤى ونبذ الخلافات و تغليب المصلحة العامة، ليس سوى ستارا دخانيا يراد به حجب الشمس عن أعين الرأي العام، فالقضية ليست في غياب التوافق، بل في التوافق المفروض الذي لا يخدم سوى أجندة الفاعلين الرئيسيين، وكما يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي :
> إذا رأيت نيوب الليث بارزة
> فلا تظننن أن الليث يبتسم
هذه المأدبة في جوهرها، كانت محاولة لـ "غسل الأيدي" وتبرئة الذمة من مسؤولية خلع الرئيس و إشعال فتيل الخلافات و إيقاف عجلة التنمية في منطقة نائية و انعدام العدالة المجالية، هي أشبه بمحاولة قيصر في مسلسلات الجريمة لإضفاء الشرعية على أفعاله، وتقديم نفسه كـضامن للاستقرار في إقليم يعصف به صراع السلطة الخفي .
"تويزكي خط أحمر" رسالة التهديد الملفوفة بالحرير :
إن الإطاحة برئيس جماعة تويزكي بسبب حكم قضائي وإعادة تشكيل مكتبها لم يكن مجرد حادثة قانونية عابرة، بل كانت نقطة تحول في صراع النفوذ، وعشاء الأمس بكل أبعاده البروتوكولية كان بمثابة رسالة مشفرة مفادها أن تويزكي خط أحمر بالنسبة لرئيس المجلس الإقليمي، هي رسالة تهديد ولكنها ملفوفة بالحرير تحمل في طياتها تحذيرا لكل من تسول له نفسه الخروج عن بيت الطاعة السياسي، هذا المشهد يذكرنا بتلك اللحظات المحورية في قطاع الطرق" عندما يتم الإطاحة بشخصية ما، ثم يعقد اجتماع لم الشمل لضمان ولاء البقية، إنها عملية استعراض للقوة و السيطرة تهدف إلى ترسيخ مفهوم أن من يملك الريموت كونترول يملك زمام اللعبة، والأسف كل الأسف على من يكون مجرد دمية تحركها أيادي خفية في دهاليز السياسة .
مأساة "الدمية السياسية": عندما يفتقد اللاعب للبصيرة
إن رئيس جماعة تويزكي المعزول لم يكن يفقه السياسة و ارتكب أخطاء بالجملة، بل و جعل من جماعته يتم تحريكها بريموت كونترول، هذه هي مأساة الدمية السياسية : شخصية توضع في موقع السلطة، لكنها تفتقد للبصيرة والحنكة اللازمة لإدارة دفة الأمور، وكما قال الفيلسوف الصيني لاو تزو :
"من عرف الناس فهو ذكي، ومن عرف نفسه فهو حكيم."
فغياب الحكمة في فهم خفايا اللعبة السياسية، يحول اللاعب إلى مجرد أداة طيعة في يد من يتقن فن التلاعب، إنها حالة تتكرر في كل العصور والأنظمة، حيث يسقط البعض ضحية لثقتهم المفرطة أو جهلهم بقواعد اللعبة الخفية، فما شهدناه ليلة البارحة ليس سوى جزء من لعبة العروش المحلية، حيث تتشابك المصالح وتتصادم الطموحات، إنه مشهد يعكس حقيقة أن السلطة في جوهرها صراع دائم، يتطلب ليس فقط القوة بل أيضا الذكاء والحنكة وبعد النظر والأحداث التي تدور في الكواليس، غالبا ما تكون أكثر تأثيرا من تلك التي تعرض على خشبة المسرح العام.
فهل تنجح هذه التوافقات المزعومة في إخماد جذوة الصراعات، أم أنها مجرد هدنة مؤقتة قبل جولة جديدة من "قطاع الطرق" السياسي في الإقليم؟ الجواب نعم ، لكنها ستنجلي في الاستحقاقات القادمة و بعد دخول الوافدين الجدد .
التوافق المزعوم : مسرحية سياسية على طاولة " قطاع الطرق" .
تلك الأمسية التي جمعت المنتخبين و البرلمانيين ورؤساء الجماعات والغرف المهنية في منزل رئيس المجلس الإقليمي لآسا الزاك لم تكن مجرد عشاء، بل كانت فصلا جديدا من مسرحية سياسية محكمة الإخراج، إنها صورة طبق الأصل من تلك المآدب التي غالبا ما تعرض في مسلسلات مثل "قطاع الطرق"، حيث تحاك المؤامرات تحت غطاء الابتسامات، وتقدم التوافقات كباقات ورد تخفي أشواك الصراعات الحقيقية، فالحديث عن توحيد الرؤى ونبذ الخلافات و تغليب المصلحة العامة، ليس سوى ستارا دخانيا يراد به حجب الشمس عن أعين الرأي العام، فالقضية ليست في غياب التوافق، بل في التوافق المفروض الذي لا يخدم سوى أجندة الفاعلين الرئيسيين، وكما يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي :
> إذا رأيت نيوب الليث بارزة
> فلا تظننن أن الليث يبتسم
هذه المأدبة في جوهرها، كانت محاولة لـ "غسل الأيدي" وتبرئة الذمة من مسؤولية خلع الرئيس و إشعال فتيل الخلافات و إيقاف عجلة التنمية في منطقة نائية و انعدام العدالة المجالية، هي أشبه بمحاولة قيصر في مسلسلات الجريمة لإضفاء الشرعية على أفعاله، وتقديم نفسه كـضامن للاستقرار في إقليم يعصف به صراع السلطة الخفي .
"تويزكي خط أحمر" رسالة التهديد الملفوفة بالحرير :
إن الإطاحة برئيس جماعة تويزكي بسبب حكم قضائي وإعادة تشكيل مكتبها لم يكن مجرد حادثة قانونية عابرة، بل كانت نقطة تحول في صراع النفوذ، وعشاء الأمس بكل أبعاده البروتوكولية كان بمثابة رسالة مشفرة مفادها أن تويزكي خط أحمر بالنسبة لرئيس المجلس الإقليمي، هي رسالة تهديد ولكنها ملفوفة بالحرير تحمل في طياتها تحذيرا لكل من تسول له نفسه الخروج عن بيت الطاعة السياسي، هذا المشهد يذكرنا بتلك اللحظات المحورية في قطاع الطرق" عندما يتم الإطاحة بشخصية ما، ثم يعقد اجتماع لم الشمل لضمان ولاء البقية، إنها عملية استعراض للقوة و السيطرة تهدف إلى ترسيخ مفهوم أن من يملك الريموت كونترول يملك زمام اللعبة، والأسف كل الأسف على من يكون مجرد دمية تحركها أيادي خفية في دهاليز السياسة .
مأساة "الدمية السياسية": عندما يفتقد اللاعب للبصيرة
إن رئيس جماعة تويزكي المعزول لم يكن يفقه السياسة و ارتكب أخطاء بالجملة، بل و جعل من جماعته يتم تحريكها بريموت كونترول، هذه هي مأساة الدمية السياسية : شخصية توضع في موقع السلطة، لكنها تفتقد للبصيرة والحنكة اللازمة لإدارة دفة الأمور، وكما قال الفيلسوف الصيني لاو تزو :
"من عرف الناس فهو ذكي، ومن عرف نفسه فهو حكيم."
فغياب الحكمة في فهم خفايا اللعبة السياسية، يحول اللاعب إلى مجرد أداة طيعة في يد من يتقن فن التلاعب، إنها حالة تتكرر في كل العصور والأنظمة، حيث يسقط البعض ضحية لثقتهم المفرطة أو جهلهم بقواعد اللعبة الخفية، فما شهدناه ليلة البارحة ليس سوى جزء من لعبة العروش المحلية، حيث تتشابك المصالح وتتصادم الطموحات، إنه مشهد يعكس حقيقة أن السلطة في جوهرها صراع دائم، يتطلب ليس فقط القوة بل أيضا الذكاء والحنكة وبعد النظر والأحداث التي تدور في الكواليس، غالبا ما تكون أكثر تأثيرا من تلك التي تعرض على خشبة المسرح العام.
فهل تنجح هذه التوافقات المزعومة في إخماد جذوة الصراعات، أم أنها مجرد هدنة مؤقتة قبل جولة جديدة من "قطاع الطرق" السياسي في الإقليم؟ الجواب نعم ، لكنها ستنجلي في الاستحقاقات القادمة و بعد دخول الوافدين الجدد .
الامين بجرجي