
27/11/2024
لَوْ سَأَلْتَكَ: أَيُّ الْخُطُوطِ أَطْوَلُ؟ A أَمْ B أَمْ C؟
الإِجَابَةُ بَسِيطَةٌ، وَلَكِنْ مِنْ بَيْنِ خَمْسِينَ طَالِبًا فِي جَامِعَةِ نْيُويُورْك، طُرِحَ عَلَيْهِمْ هَذَا السُّؤَالُ، لَمْ يُجِبِ الإِجَابَةَ الصَّحِيحَةَ سِوَى سِتَّةَ عَشَرَ طَالِبًا فَقَطْ، وَكَانَتِ الإِجَابَةُ الصَّحِيحَةُ هِيَ: B.
هَذَا السُّؤَالُ كَانَ جُزْءًا مِنْ تَجْرِبَةٍ أَجْرَاهَا عَالِمُ الِاجْتِمَاعِ سُولُومُونْ آشْ عَامَ 1950 لِدِرَاسَةِ تَأْثِيرِ الأَغْلَبِيَّةِ عَلَى قَرَارَاتِ الأَفْرَادِ، وَكَيْفَ يُمْكِنُ اسْتِغْلَالُ ذَلِكَ لِلتَّحَكُّمِ بِالْبَشَرِ.
فِي التَّجْرِبَةِ، اتَّفَقَ آشْ مَعَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَخْصًا عَلَى أَنْ يُجِيبُوا إِجَابَةً خَاطِئَةً عَنْ عَمْدٍ. وُضِعَ هَؤُلَاءِ الأَشْخَاصُ فِي قَاعَةٍ، وَكَانَ يُدْخَلُ طَالِبٌ جَدِيدٌ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِيُطْرَحَ عَلَيْهِ السُّؤَالُ، فَيَجِدَ الأَغْلَبِيَّةَ تُجِيبُ إِجَابَةً خَاطِئَةً.
النَّتَائِجُ كَانَتْ صَادِمَةً: مُعْظَمُ الطُّلَّابِ، رَغْمَ وُضُوحِ الإِجَابَةِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ، اخْتَارُوا أَنْ يُكَذِّبُوا حَوَاسَّهُمْ وَيَنْقَادُوا لِرَأْيِ الْجَمَاعَةِ. وَالْمُثِيرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الطُّلَّابَ كَانُوا يَدْرُسُونَ تَخَصُّصَاتٍ مَرْمُوقَةً كَالطِّبِّ وَالْهَنْدَسَةِ وَالرِّيَاضِيَّاتِ، بَلْ إِنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ مِنَ الْمُتَفَوِّقِينَ أَكَادِيمِيًّا.
لَا تَتَعَجَّبْ مِنْ هَذِهِ النَّتِيجَةِ، فَفِي الْحَيَاةِ الْوَاقِعِيَّةِ، هُنَاكَ كَثِيرُونَ مِنَ الْحَمْقَى وَالْمُغَفَّلِينَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الأَغْلَبِيَّةَ، وَلَوْ عَلَى حِسَابِ الْمَنْطِقِ وَالْعَقْلِ، فَقَطْ لِيَنَالُوا رِضَاهُمْ!
هُنَاكَ مَنْ يُنْفِقُ مَبَالِغَ طَائِلَةً عَلَى حَفَلَاتِ الزِّفَافِ لِإِرْضَاءِ الآخَرِينَ.
وَهُنَاكَ مَنْ يَسْتَدِينُ مِنَ الْبُنُوكِ حَتَّى لَا يَبْدُوَ أَقَلَّ شَأْنًا مِمَّنْ حَوْلَهُ.
بَلْ إِنَّ الْبَعْضَ يَتَخَلَّى عَنْ مَبَادِئِهِ وَأَفْكَارِهِ، وَيَقُولُ مَا لَا يَعْتَقِدُهُ، فَقَطْ لِيَتَجَنَّبَ غَضَبَ النَّاسِ أَوْ سَخَطَهُمْ.
هَذِهِ التَّنَازُلَاتُ تُحَوِّلُ الإِنْسَانَ إِلَى كَائِنٍ فَاقِدٍ لِلْإِرَادَةِ، تَتَصَارَعُ فِيهِ جَوَارِحُهُ مَعَ عَقْلِهِ وَقَلْبِهِ، حَتَّى يَقَعَ فِي مُسْتَنْقَعِ النِّفَاقِ بِأَعْلَى مَرَاتِبِهِ.
#معلومات
#التجربة
@أبرز المعجبين