25/11/2025
الملتقى الثاني عشر لمديري الشؤون المالية والإدارية بالصندوق القومي للتأمين الصحي.. تعافٍ مالي وإداري يرسّخ التحول المؤسسي
متابعات: مدني نيوز
في ظل أجواء تعافٍ وطني وتحديات متشابكة فرضتها الحرب وما تبعها من متغيرات اقتصادية واجتماعية، انعقد بمدينة ود مدني بولاية الجزيرة، الملتقى الثاني عشر لمديري الشؤون المالية والإدارية بفروع الصندوق القومي للتأمين الصحي، في الفترة من 22 إلى 24 نوفمبر الجاري، بمشاركة واسعة من فروع الصندوق المختلفة ومديري الإدارات المالية والإدارية، وممثلي إدارات التمويل وتقنية المعلومات والرئاسة.
شهد الملتقى حضوراً علمياً ومهنياً متميزاً، وتداولاً مثمراً حول مستقبل الإدارة المالية والإصلاح المؤسسي في الصندوق، بوصفه أحد أعمدة الحماية الاجتماعية في السودان.
انطلاقة تؤكد التعافي والتماسك المؤسسي
جاء انعقاد الملتقى في توقيت مهم ومرحلة دقيقة يمر بها السودان، وأكدت كلماته الافتتاحية على أن هذا الحدث لم يكن مجرد لقاء إداري، وإنما ممارسة عملية تجسد حرص القيادة على إحكام التنسيق وتوحيد الأطر المالية والإدارية بين رئاسة الصندوق والفروع في الولايات.
عبّر محمد عبدالمنعم ممثل فرع الصندوق بولاية كسلا، عن اعتزازه بهذه الخطوة، مشيداً برئاسة الصندوق على إقامة الملتقى في هذه الظروف، وبفرع ولاية الجزيرة على حسن التنظيم وحفاوة الاستقبال. وأوضح أن الأوراق والمداولات التي شهدها الملتقى "جاءت في سبيل تطوير العمل ورفع كفاءة الأداء وتحسين الخدمات التأمينية في الولايات كافة"، متمنياً أن تُترجم نتائج الملتقى إلى إنجازات عملية على الأرض.
رؤية متجددة.. التمويل والتنمية في قلب النقاش
أكد د. سرالختم طيب الأسماء، مدير فرع الصندوق بولاية القضارف وممثل مديري الفروع، أن الملتقى ينعقد في ظل ظروف استثنائية يعيشها السودان بسبب الحرب، لكن انعقاده في هذه المرحلة يعبر عن بشريات تعافٍ مؤسسي داخل الصندوق.
وأشار إلى أن النقاشات تركزت على قضايا تحسين وتنويع مصادر التمويل دعماً لأهداف الخطة الاستراتيجية الرباعية 2025-2028، وخاصة في محاور الاستدامة المالية وترشيد الإنفاق. كما تناولت الأوراق أهمية وضع سياسات عملية تضمن الاستخدام الرشيد للموارد وتحسين بيئة العمل الداخلي.
وأضاف أن الملتقى "أرسى دعائم جديدة لتبادل الخبرات وتوحيد الرؤى بين الفروع، خصوصاً في مجالات التحصيل المالي وربط الأداء المالي بالإداري لتحقيق الشفافية والكفاءة".
الإدارة المالية محور الإصلاح المؤسسي
في مداخلة عميقة، تحدثت د. سهير عبدالعاطي محمد، مديرة الشؤون المالية والإدارية بفرع النيل الأبيض، موضحة أن الموازنات تمثل أداة رئيسية لقياس الأداء المالي للمؤسسات، وتعبّر عن نتائج الأداء الحقيقي للصندوق، وتُسهل عملية الرقابة واتخاذ القرارات.
وأضافت أن موازنة عام 2026 تأتي في مرحلة التعافي والبناء والاستدامة ضمن الخطة الرباعية، حيث يسعى الصندوق لاستعادة خدماته تدريجياً مع تطوير طرق التمويل الجديدة وضمان الشفافية في استخدام الموارد.
وشددت على أن مثل هذه الملتقيات تؤكد قومية الصندوق، وتوحد الإجراءات وتضمن اتساق العمليات الإدارية في ظل الظروف الراهنة.
التوصيات.. خريطة طريق لمستقبل مالي وإداري أكثر كفاءة
خرج الملتقى بمجموعة من التوصيات التي تمثل خارطة طريق عملية لتطوير الأداء المالي والإداري بالصندوق القومي للتأمين الصحي.
وقد اتسمت التوصيات بالشمول والتوازن، حيث ركزت على تحديث السياسات المالية، وتحسين بيئة العمل، وتحقيق اندماج بين الجوانب التقنية والإدارية.
أبرز التوجهات تمثلت في الدعوة إلى إجراء مراجعات فنية شاملة للبنود والقرارات السابقة، خاصة تلك المتعلقة بهيكل الصندوق، بغرض تحديثها لتواكب المرحلة الحالية، مع استكمال استيعاب خمسة آلاف وظيفة جديدة تمت المصادقة عليها ضمن موازنة 2026، بعد عمليات تصنيف وحصر دقيقة للوظائف والفجوات في كل ولاية لضمان عدالة التوزيع وتحقيق الاستقرار الوظيفي.
أكد المشاركون أيضاً على أهمية تحسين شروط خدمة العاملين بالصندوق أسوةً بالصناديق الاجتماعية الأخرى، وتوحيد لائحة المتعاقدين لتتلاءم مع طبيعة الاشتراكات، إلى جانب وضع صيغة موحدة للحوافز والتحصيل بناء على الأداء والالتزام المؤسسي.
كما أوصت الجلسات ب إعداد دراسة متكاملة لتعويضات العاملين، تُرفع للإدارة العليا لاعتمادها والعمل بها مطلع يناير 2026، وبضرورة تهيئة البيئة المناسبة للترقيات على أساس الكفاءة والمعايير الرسمية المعتمدة من ديوان شؤون الخدمة قبل نهاية عام 2025.
في محور التحصيل والتمويل، شددت التوصيات على تنفيذ مخرجات لجنة إصلاح نظام التمويل وتنويع مصادره، مع الالتزام بالتحصيل الكامل لجميع استحقاقات الصندوق من القطاعات المختلفة، والاستفادة من تجارب الولايات الناجحة في تحصيل الموارد لتعميمها في جميع الفروع.
كما برزت توصية بشأن التحول الرقمي والتوسع في تطبيق نظام التحصيل الإلكتروني (إيصالي)، باعتباره خطوة عملية لتعزيز الشفافية وتقليل التعامل النقدي المباشر. وترافق ذلك مع تأكيد أهمية استكمال نظام تخطيط الموارد المؤسسية (ERP)، الذي يتيح إدارة الموارد البشرية والمالية بكفاءة عالية، مع تنظيم برامج تدريبية لضمان حسن استخدامه ومتابعة تطبيقه في كل الفروع.
وركزت التوصيات كذلك على رفع الحوجة الفعلية لمشروعات إعادة التأهيل والإعمار في المرافق الصحية، لتكون ضمن أولويات التنفيذ قبل نهاية العام الحالي، مستفيدةً من فوائض الخدمات الطبية الإضافية. وأكدت على ضرورة تخصيص موازنات تقديرية للولايات المتأثرة بالحرب لمساعدتها في استعادة قدرتها التشغيلية.
واختُتمت التوصيات بالدعوة إلى عقد اجتماعات تقييم إسفيرية ربع سنوية لمديري الشؤون المالية والإدارية، لمتابعة الأداء ومناقشة التحديات وإجراء التقييم المستمر لضمان سير العمل وفق الخطة الموضوعة.
ود مدني.. بوابة الأمل والتحدي
عبّر د. الأمين حسين عمر، مدير فرع ولاية الجزيرة، عن اعتزازه باحتضان ود مدني لهذا الملتقى، مؤكداً أن انعقاده هناك يُعد مؤشراً على عودة الجزيرة إلى موقعها القيادي وتعافيها التدريجي، مبيناً أن النقاشات كانت "ثرية وشفافة وعلمية، وضمت أوراقاً أعدت بكفاءة عالية فنية وإدارية". وأكد أن الملتقى شكّل منصة قومية تسعى إلى توحيد الرؤى بين كل الفروع للارتقاء بعمل الصندوق.
ختام بروح الوحدة والتحول الرقمي
في كلمته الختامية، أكد د. محمد أبو القاسم مدير الإدارة العامة للموارد البشرية والمالية وممثل المدير العام للصندوق القومي للتأمين الصحي، أن الملتقى مثل "واجهة حقيقية للتفاكر حول مستقبل الصندوق ومسيرته الإصلاحية"، مشيراً إلى أن النقاشات انصبت على تبني نظام ERP كمحور للشفافية والمساءلة، وتعزيز التحول الرقمي في التحصيل والإدارة المالية.
وأوضح أن الأوراق التي نوقشت خلال الأيام الثلاثة تناولت تنفيذ توصيات الملتقى السابق، وتقييم أداء الفروع، ومراجعة الموازنات للعام 2026، بما يتيح انطلاقة عملية نحو استدامة الخدمات واستقرار الأداء المالي والإداري.
وأكد أبو القاسم أن "الملتقى أثبت فعاليته كمنصة للتطوير، وأسفر عن 26 توصية ستشكل الأساس لتحسين الأداء المؤسسي وتجويد العمليات في المركز والفروع كافة".
من ود مدني إلى كل السودان
جاء الملتقى الثاني عشر لمديري الشؤون المالية والإدارية بالصندوق القومي للتأمين الصحي كعلامة مضيئة في مسار الإصلاح والتعافي المؤسسي، إذ نفذ المشاركون رؤية متقدمة تربط بين الاستدامة المالية والتحول التقني والكفاءة الإدارية. وقد تجاوز الملتقى حدود النقاش النظري إلى وضع موجهات عملية واضحة لتطوير الهياكل والأنظمة ومتابعة التنفيذ بآليات دورية.
رسالة هذا الملتقى من ود مدني كانت واضحة:
الصندوق القومي للتأمين الصحي يسير بثبات نحو مرحلة جديدة من التعافي والبناء الوطني،تمتزج فيها المعرفة بالتخطيط، والتكنولوجيا بالشفافية، والعمل الجماعي بروح المسؤولية، من أجل ضمان استمرارية الخدمة، وصون مكتسبات المواطن السوداني في الصحة والعدالة الاجتماعية.
الملتقى أقيم بمدينة ودمدني على مدار يومين نوقشت فيه العديد من أوراق العمل المثمرة فيما شدد المدير العام للتأمين الصحي الدكتور فاروق نور الدائم على أهمية توفي...