
25/03/2025
📌 على مدار الأيام الماضية، روجت مواقع إخبارية عربية وأجنبية، ومنصات التواصل الاجتماعي، مزاعم حول اكتشاف مدينة ضخمة تحت ، تمتد لأكثر من 4 آلاف قدم تحت الأرض.
◾ استندت هذه الادعاءات على "دراسة" يُزعم أنها أُجريت على يد باحثين من إيطاليا واسكتلندا، عبر استخدام تقنيات حديثة.
❓ ما هي تفاصيل "الاكتشاف"؟
◾ في مؤتمر عُقد يوم 16 مارس 2025، بمدينة بولونيا الإيطالية، زعم 3 "باحثين" أنهم اكتشفوا مدينة ضخمة تحت أهرامات الجيزة، تمتد لعمق يزيد على 4 آلاف قدم تحت الأرض، ما يجعلها أكبر من الأهرامات نفسها 10 مرات.
◾ وادعى "الباحثون" أنهم اكتشفوا أيضًا عالمًا هائلًا من المنشآت، بينها 8 هياكل أسطوانية رأسية تمتد لأكثر من 2100 قدم تحت الأهرامات، وهياكل أخرى ضخمة أشبه بغرفتين هائلتين تمتد لعمق 4000 قدم.
◾ يُزعم أن هذا "الاكتشاف" تم عبر استخدام "نموذج بحثي غير مسبوق يدمج بين تكنولوجيا الفضاء والأبحاث الأثرية التجريبية"، وذلك بفضل معالجة بيانات الأقمار الصناعية، وتقنية الرادار ذي الفتحة التركيبية SAR، والأبحاث الأثرية التجريبية.
◾ من اللافت للانتباه أن مؤتمر إعلان "الاكتشاف" لم يكن تقليديًا، إذ عُقد باللغة الإيطالية، وامتد على مدار 4 ساعات، وحضره عشرات الأشخاص الذين احتفوا للغاية بـ "المؤلفين" دون توجيه أسئلة لهم، كما عُرض خلاله مقاطع فيديو تصويرية جودتها رديئة عن الحضارة المصرية القديمة.
❓ من هم مؤلفو الدراسة؟
◾ وفق الإعلان الرسمي، شارك في "البحث" 3 مؤلفين، يُفترض أنهم علماء متخصصين من جامعات في إيطاليا واسكتلندا.
◾ البحث في خلفيات هؤلاء "الباحثين" العلمية، كشف العديد من التفاصيل المهمة:
1️⃣ كورادو مالانجا: هو أستاذ سابق في جامعة بيزا الإيطالية، متخصص في الكيمياء العضوية، ولا علاقة له بعلم المصريات أو الحفريات.
◾ اشتهر "مالانجا"، منذ سنوات باهتمامه بالأجسام الطائرة المجهولة والاتصال بالكائنات الفضائية، وألف مقالات وكتبًا يزعم فيها أن هناك كائنات فضائية تتلاعب بأرواح وجينات البشر. كما يدعى أنه طور تقنية لتحرير البشر المختطفين من الكائنات الفضائية.
◾ يندرج ما يروج له "مالانجا" تحت "العلم الزائف"، وهي المعتقدات أو النظريات التي تدّعي أنها علمية، لكنها لا تستند إلى منهج علمي دقيق، ولا يوجد عليها أدلة.
2️⃣ فيليبو بيوندي: هو باحث إيطالي متخصص في تقنية الرادار ذي الفتحة التركيبية (SAR) وتطبيقاتها في الاستشعار عن بُعد والتصوير تحت الأرض.
◾ ورغم أن العديد من المواقع الإخبارية التي تناولت "الاكتشاف الجديد" قدمت "بيوندي" باعتباره باحث في جامعة ستراثكلايد باسكتلندا، إلا أنه أكد عبر حسابه على لينكد إن أنه لم يعد يعمل بالجامعة منذ سنوات، ويعمل حاليًا بشكل مستقل.
◾ المثير للانتباه في البحث عن "بيوندي"، أن جامعة ستراثكلايد قامت بحذف محتويات صفحته التعريفية على موقعها الإلكتروني، دون توضيح السبب، لذا استعنا بنسخة أرشيفية من الموقع لجمع المعلومات عنه.
◾ الرادار ذو الفتحة التركيبية/ الاصطناعية، الذي يتخصص فيه "بيوندي"، هو نظام تصوير راداري متطور يُستخدم للحصول على صور دقيقة وعالية الدقة لسطح الأرض أو للأجسام.
◾ يقوم النظام بتجميع الانعكاسات الرادارية للجسم من نقاط مختلفة عبر هوائي مثبت على طائرة أو قمر صناعي مثلًا، دمج هذه الإشارات بمعالجة رقمية لتكوين الصورة.
◾ لا يوجد الكثير من المعلومات المتاحة عن "بيوندي" وأفكاره، لكنه يعمل مع "مالانجا" منذ عدة سنوات، وسبق وألفا "بحثًا" مشتركًا عن هرم خوفو نشر في 2022.
3️⃣ أرماندو مي: وفق سيرته الذاتية، لا يمتلك "مي" أي شهادات في علم المصريات أو أي من العلوم المرتبطة به، إذ يقول إنه درس في معهد اللغات بنابولي، ودرس العلوم السياسية بجامعة فيديريكو الثاني بإيطاليا، ويقدم نفسه منذ سنوات باعتباره باحثًا ومؤلفًا عن الحضارة المصرية وأسرارها.
◾ يروج "مي" لنظريات تزعم أن أهرامات الجيزة وأبو الهول من بناء حضارة قديمة مندثرة منذ عشرات آلاف السنين، وليس ، رافضًا الأدلة والآثار التي تقول عكس ذلك.
❓ هل هذه "دراسة" علمية؟
◾ لا يمكن القول أن "الاكتشاف" المزعوم قائم على دراسة أو بحث علمي، إذ حتى الآن لم يُنشر هذا الكلام في دورية علمية موثوقة، ولم يخضع لمراجعة الأقران، وكل المنتشر هو كلام مرسل من "المؤلفين" مع بعض الصور التوضيحية غير المعروف أصلها.
◾ وفي تصريحات لموقع ديلي ميل البريطاني، شكك لورانس كونيرز، خبير الرادار في جامعة دنفر والمتخصص في علم الآثار، بقوة في صحة "الاكتشاف"، مؤكدًا أنه من غير الممكن أن تخترق التكنولوجيا هذا العمق في الأرض، مما يجعل فكرة وجود مدينة تحت الأرض "مبالغة كبيرة".
◾ وأكد الدكتور حسين عبد البصير، عالم الآثار ومدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، في تصريحات صحفية، أن هذه الأنباء تفتقر إلى أبسط معايير العلم الرصين، وتقع في دائرة المبالغات والتضليل وأن أي اكتشاف علمي حقيقي في مجال الآثار، يجب أن يُنشر أولاً في دورية علمية موثوقة بعد مراجعة دقيقة من خبراء مستقلين.
◾ وأضاف "عبدالبصير" ما تم تداوله مبنيّ على مؤتمر صحافي دون ورقة علمية منشورة في أي مجلة موثوقة، ودون إعلان رسمي من وزارة السياحة والآثار المصرية أو المجلس الأعلى للآثار.
◾ وشرح "عبدالبصير" أن التقنيات الجيوفيزيائية، مثل الرادار المخترق للأرض (GPR)، أو التحليل الزلزالي تستطيع مسح أعماق محدودة، لا تتجاوز عشرات الأمتار في أفضل الأحوال. أما الادعاء بوجود هياكل ضخمة على عمق 2000 قدم (600 متر) فهو خيال علمي لا يستند لأي حقيقة تقنية.
◾ من جانب آخر، قال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في بيان صحفي، إن كل ما قيل عن وجود أعمدة أسفل الهرم ليس له أي أساس من الصحة، ولا يوجد أي دليل علمي يؤيد هذا الكلام، ولا توجد أي بعثات تعمل في هرم الملك خفرع الآن.
◾ وشرح "حواس" أن قاعدة هرم الملك خفرع تم نحتها من الصخر بارتفاع نحو 8 أمتار، ولا يوجد أسفل هذه القاعدة أي أعمدة، وذلك طبقاً للدراسات والأبحاث العلمية التي تمت حول الهرم في السنوات الأخيرة.