
16/07/2025
الفصل الثالث والثلاثون البقاء أو «بعد زوال قرطاجة»
لقد دمر الرومان قرطاجة تماماً، ولكنهم لم يفلحوا في تحطيم وإزالة الروح البونية التي عاشت في شمال أفريقيا وبقيت آثارها حتى يومنا هذا متمثلة في أمور عديدة منها اللباس والحلي والخزف والتقنيات الزراعية التي ابتكرها «ماجون، وبعض أشكال السلوك أو بعض المعتقدات أيضاً.
وفي بداية العصر المسيحي وبالرغم من كل الجهود التي بذلها الرومان لإسدال الستار على أولئك المهزومين القدماء (القرطاجيين) فقد استمرت حضارة وشكل من أشكال الفنون بحيث دعيت هذه الفترة بالبونية الجديدةوتبرهن لنا بعض المسلات التي اكتشفت في تونس أن البربر الذين كانوا مضطرين لأن يسلموا بآلهة الرومان بقوا يتركون أمكنة الصدارة في أعالي المسلات للإلهة تانيت وحتى للثالوث الفينيقي أيضاً: بعل - عشتروت - ملقارت. وهذا بعد ثلاث أو أربع مائة سنة من زوال دولة قرطاجة.
وحتى القرن الثالث الميلادي كان الحكام الرومان لشمال أفريقيا (قرطاجة سابقاً) يحملون اللقب الفينيقي «شوفط» بلفظته اللاتينية Suffet أو Sufes» أي «قاضي قرطاجة». كما كان على القديس أوغسطين، بعد ستة قرون من خراب قرطاجة، أن يلقي مواعظه أو خطبه باللغة البونية ليوضح للناس مايريد أن يقول عندما كان يمارس تعليم الدين في منطقة «هيبون Hippon» التي تسمى اليوم «بون». وهناك أمور كثيرة أخرى يصعب عدها، فروما لم تستطع إطلاقاً أن تمحو عند سكان الشمال الأفريقي ذكرى قرطاجة والأفكار التي جاءتهم بها من الشرق وكل أشكال الأعمال الحسنة، https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%82%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%87-pdf