
04/08/2025
#ليس مشهدًا من فيلم 🎥
رواية علي الحجار وعلاقته بالعالم الآخر والجنية العاشقة – الحلقة الأولى
في ثمانينات القرن الماضي، كان الفنان علي الحجار منشغلًا بتصوير فيلمه المغنواتي في قرية صغيرة تُدعى بشلة، قرب ميت غمر، حيث كانت الأجواء مشبعة بالبساطة والدفء. عاش علي وزملاؤه من طاقم العمل حياة جماعية في منزل واحد، تمتلئ لياليهم بجلسات السمر، والضحكات المتواصلة، وأحاديث تمتد حتى الساعات الأولى من الصباح، في انتظار يوم جديد من التصوير.
وفي إحدى الليالي، بعد انتهائه من التصوير عند الثالثة فجرًا، شعر بإرهاق شديد لم يعتده. وعلى غير عادته، قرر أن يعتذر عن السهر مع أصدقائه ويتوجه مباشرة إلى غرفته طلبًا للراحة. دخل، وأغلق الباب خلفه برفق، ثم تمدد على سريره، متوقعًا أن يغط في النوم سريعًا. لكن ما إن أغمض عينيه، حتى راوده شعور غريب... إحساس ثقيل كأن الغرفة ليست فارغة كما تبدو، وكأن عيونًا خفية تراقبه من العتمة. حاول تجاهل الأمر، مقنعًا نفسه بأنه مجرد وهم ناتج عن الإرهاق، لكن الإحساس ظل يتعاظم، وكأن هناك طاقة غامضة تملأ المكان.
وفجأة، وسط السكون، تسللت إلى أذنيه همسة رقيقة، بالكاد تُسمع، لكنها حملت وقعًا عميقًا:
"لماذا تركتني الليلة وحدي؟"
انتفض قلبه في صدره، وفتح عينيه على اتساعهما. التفت ناحية زاوية الغرفة، وهناك لمح ضوءًا خافتًا يتراقص في الظلام، سرعان ما بدأ يتشكل أمامه... حتى اكتملت ملامح فتاة ذات جمال أخّاذ. كان شعرها ينساب كسواد الليل، وعيناها تلمعان ببريق مبهم، كأنهما تخبئان سرًا دفينًا. لم تكن كيانًا ماديًا بالكامل، بل أشبه بطيف يتلاشى ويظهر كضوء خافت بين الواقع والخيال.
ابتسمت الفتاة ابتسامة غامضة، ثم همست بصوت عذب كالموسيقى:
"كنت هنا دائمًا... لكنك لم ترني أبدًا."
في تلك اللحظة، اجتاح علي الحجار مزيج من الدهشة والرعب. لم يكن يدري إن كان يعيش حلمًا أم أنه يواجه واقعًا يتجاوز حدود المنطق، لكنه أيقن أن هذه الليلة لن تكون عادية، وأنها لن تكون سوى بداية رحلة مجهولة، ستأخذه إلى عوالم لم يكن يتخيل وجودها، حيث الغموض والمجهول يحيطان به من كل جانب.
يتبع...