
15/07/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
نكتب اليوم، لا من باب الترف أو التكرار، بل من شعورٍ عميقٍ بالمسؤولية تجاه نادٍ يشكّل في قلوبنا أكثر من مجرد فريق؛ نادٍ نراه تاريخًا، نعيشه مبدأً، ونذود عنه كهويةٍ متجذّرة، وكيانٍ حيٍّ ندرك قيمته، ونحمل وُدَّه، ونتقاسم شرف الدفاع عن مجده، كما نتقاسم الفخر بتاريخ أبطاله ووفاء عشّاقه.
نعود مجددًا، في وقتٍ تزامن فيه عيد ميلاد شباب بلوزداد، مع الأسف، الواقع لم يسمح لنا أن نحتفل، بل جئنا لننبّه، نُحاسب، ونُصارح. فما تعيشه منظومة النادي اليوم لا يشرّف اسم الشباب، ولا يليق بمرجعيّته. مواسم تتوالى، والإخفاقات تزداد وتتشابه، والمشكلة لا تكمن في النتائج فقط، بل في مَن يظنّ أن التسيير مجرّد مقاعد تتبدّل دون مشروع، وأسماء تتكرّر دون كفاءة.
لقد شهدنا خلال الموسم المنقضي سقوطًا غير مسبوق على جميع المستويات منذ قدوم الشركة. انطلاقة كارثية لم يعرفها الفريق منذ تأسيسه، مدربون يأتون ويغادرون، لاعبون استُقدموا دون معيار أو رؤية، ثم سُرّح أغلبهم. فأنهى الفريق الموسم ثالثًا محليًا، وخسر نهائي كأس الجمهورية دون روح قتالية تُذكر، ليخرج خالي الوفاض، فاقدًا حتى بطاقة المشاركة في رابطة أبطال إفريقيا، ليعوّضها بمشاركة في كأس الكونفيدرالية الإفريقية.
قبل ثلاث سنوات، كنا ننشط في ربع نهائي رابطة الأبطال، ونتوّج بالبطولة الرابعة على التوالي. هذه السلسلة من الانحدار الفني لا يمكن فصلها عن تراكمات السنوات السابقة، ولا تبريرها إلا بانعدام الإرادة في التغيير الحقيقي والجذري، من أعلى الهرم الإداري إلى أدنى مستوى في التسيير.
وما زاد الوضع تعقيدًا، هو الإصرار على تغيير الوجوه بدل تغيير السياسات، وتدوير الفشل بدل اجتثاثه، حتى أصبح التسيير أشبه بتجربة عبثية تُدار بلا خطة، ولا رؤية، ولا هيكل. تغييران في رئاسة النادي خلال 48 ساعة، وكأن الأمر لا يتعلق بإدارة نادٍ كبير، بل بحساب شخصي على الورق.
أضف إلى ذلك غياب المشروع الرياضي، ذلك الغائب الأكبر منذ قدوم الشركة المالكة: لا فلسفة كروية، لا هيكلة فنية، لا مراكز تكوين، لا فضاءات تدريب، ولا برنامج متوسط أو بعيد المدى. كل موسم يبدأ من الصفر، وينتهي في الحضيض.
أما ما يُسمى بـ"الانتدابات"، فصار عنوانًا للفوضى: تفريط في الركائز، وجلب أسماء لا تحمل من المؤهلات ما يسمح لها حتى بتمثيل ألوان النادي، فضلًا عن المنافسة بها.
والأدهى من كل ذلك، غلق الملاعب أمام الفريق تحت غطاء ما سُمي بـ"العصرنة"! أحد الملاعب أُغلق بعد عامين ونصف فقط من افتتاحه، والآخر يُغلق بشكل دوري كل بضعة أشهر لأشغال لا تنتهي، دون توفير بديل يليق باسم النادي، لتجد الشباب الكبير بلا ملعب ثابت، يبحث عن مكان يحتضن لقاءاته المحلية والقارية، في صورة لا تليق بمكانته ولا بتاريخه.
أما الحساب البنكي المجمَّد، فليس سوى حلقة أخرى في سلسلة من الإهمال وسوء التسيير، تزيد الوضع تعقيدًا وتؤكد أن النادي يُساق نحو المجهول.
أمام هذا المشهد القاتم، نطرح سؤالًا جوهريًا: إلى متى نُدار بنفس الذهنية؟ إلى متى يستمر رئيس المجمع في سياسة التجميل الشكلي، وتدوير الأسماء نفسها، بدل فتح صفحة جديدة قائمة على الكفاءة والوضوح؟
نقولها اليوم، وبكل وضوح: الأوفياء لن يسكتوا، ولن يقفوا متفرّجين على ناديهم يُدفع إلى الخلف، موسمًا بعد آخر. شباب بلوزداد نادٍ كبير، لا يُدار بالعشوائية ولا بالتجريب.
مطالبنا ليست مزايدات، بل نابعة من ضمير جماعي لا يطلب سوى الإصلاح، ولا يرضى إلا بالحق.
وإن كنّا قد صبرنا طويلًا، فإننا نُنبّه اليوم أن هذا الوضع لن يستمر، ولن يُسمح له أن يتكرّر. إنّ الإصرار على مواصلة النهج ذاته هو اعتداءٌ مباشرٌ على تاريخ الشباب، وخيانةٌ لطموح جماهيره، ومسٌّ صريحٌ بهيبته التي لا تقبل المساومة.
ولأن الوفاء ليس شعارًا يُرفع، بل مسؤولية تُحمَل، نُجدّد العهد أن نكون دائمًا الصوت الصادق، واليد الحارسة، والدرع الذي لا يلين في وجه كل من أراد إهانة هذا الكيان.
وإن عدنا إلى الذكرى الثالثة والستين لميلاد شباب بلوزداد، فكل ما نرجوه هو دوام المجد لهذا الكيان العريق.
السياربي... الشباب، وما أدراك ما الشباب؟
الشباب الذي كان ناديًا تجتمع فيه نخبة نجوم الكرة في البلاد، والذي كان يقصده الناس من كل ربوع الوطن لرؤية فنيّاتهم، أهدافهم، وانتصاراتهم.
الشباب الذي كان أول من احتكر الألقاب المحلية بعد الاستقلال، الشباب الذي لعب له الراحل لالماس – رحمه الله – ومصطفى دحلب، وأسماء أخرى نُقشت في ذاكرة الكرة الوطنية ككمال الجمال.
الشباب بحكاياته، التي من خلالها سُمّي بـ"الشباب الكبير"، وبثنائياته في مطلع الألفية التي لُقّب بسببها بـ"الشباب زوج"… الشباب الأصلي، والأصيل.
الشباب صاحب الأربع بطولات المتتالية، الشباب الذي أنجب هدّاف المنتخب الوطني التاريخي، الشباب الذي يمتلك جماهيرًا وفية، عاشقة للكرة، عارفة بخباياها، متشبّعة بتاريخها.
الشباب... وما أدراك ما الشباب!
عاش الشباب.
لإعلاء الراية ماضون، وفي سبيل الشباب كل شيء هين ويهون.