
11/10/2025
شبح الحرب يخيم على أوروبا وسط مناورات روسية وتأهب الناتو
تعيش منطقة أوروبا الشرقية في الآونة الأخيرة على صفيح ساخن، حيث تكرر المسيرات الروسية اختراقها أجواء دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مثل بولندا ورومانيا ولاتفيا، وذلك بالتزامن مع مناورات عسكرية روسية بيلاروسية على حدود الناتو الشرقية.
وبدوره، أطلق حلف الناتو عملية "الحارس الشرقي" ونشر مقاتلات للتصدي للاختراقات الروسية، ويخطط لخطوات تصعيدية أخرى في ظل تصاعد الحرب في أوكرانيا وتراجع الحديث عن أي إمكانية للحل المناورات نذير حرب
أعلنت روسيا وبيلاروسيا تنظيم مناورات عسكرية مشتركة استمرت من 12 حتى 16 سبتمبر/الجاري وحملت اسم "زاباد 2025" أو "الغرب 2025" واستعملت فيها أنواع الأسلحة المختلفة.
ووفق ما تضمنه تقرير لوكالة رويترز فإن المناورات عكست استعراضا للقوة من جانب روسيا وحليفتها الوثيقة بيلاروسيا، وجرت بالقرب من الحدود البولندية، "وسعت لمحاكاة صد هجوم واسع واستعادة أراض وسحق عدو".
وكانت بيلاروسيا قد سمحت لروسيا بنشر صواريخ نووية تكتيكية على أراضيها، وتستعد لاستضافة صاروخ أوريشنيك الجديد فائق السرعة الذي طورته موسكو.
وفي المقابل، أعلنت بولندا حالة الاستنفار لمواجهة هذه المناورات وتعبئة 35 ألف جندي ينتشر 5 آلاف منهم على الحدود مع بيلاروسيا، ووصف رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، مناورات "زاباد" بأنها "عدوانية للغاية"، وأعلنت ليتوانيا أيضًا حالة التأهب ردا على المناورات.
وحسب تقرير لمراسل بي بي سي من بيلاروسيا، ستيف روزنبرغ، تؤكد موسكو ومينسك أن المناورات ذات طبيعة دفاعية بحتة، وأنها مصممة لتعزيز أمن روسيا وبيلاروسيا، ولمواجهة أي تهديد خارجي محتمل.
مخاوف أوروبية تغذيها تجارب سابقة
ويرى روزنبرغ أنه في حين تعتبر السلطات البيلاروسية دعوة وسائل الإعلام الدولية لحضور المناورات دليلا على شفافيتها، يمكن النظر إلى القرار من منظور آخر، فهي رسالة للغرب وتحديدا إلى أوروبا، وقد يكون نص هذه الرسالة كالتالي "انظروا وتأملوا في القوة النارية على عتبة داركم، المواجهة مع موسكو ليست في مصلحتكم".
وحاولت روسيا تبديد مخاوف الدول الأوروبية من هذه المناورات، ونقل تقرير رويترز عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله إن المخاوف الأوروبية بشأن المناورات هي رد فعل عاطفي نابع من العداء تجاه روسيا.
وأوردت صحيفة فيدوموستي الروسية في تقرير لها بعنوان "المناورات العسكرية الروسية البيلاروسية تثير ردود فعل أوروبية حادة" مقابلات مع محللين روس أكدوا خلالها أن هذه المناورات روتينية ودفاعية، بينما تصورها أوروبا كتهديد لتبرير العسكرة وتعزيز تماسك حلف الناتو.
وصرح الخبير في معهد موسكو للعلاقات الدولية، فياتشيسلاف سوتيرين للصحيفة بأن هذه المناورات ضرورية لتعزيز القدرة الدفاعية للدولة الاتحادية (روسيا وبيلاروسيا)، خصوصا وأن دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) تُجري مناورات منتظمة بالقرب من حدود الدولة الاتحادية، وقد ازداد نطاقها وكثافتها بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي.
وبدوره يرى رئيس مركز الدراسات البيلاروسية نيكولاي ميزيفيتش ـ كما نقلت عنه صحيفة فيدوموستي ـ أن الدول الأوروبية ردت بحدة على هذه المناورات، لأنها ـ في إطار ما يُسمى "التهديد الروسي الوهمي" ـ تبحث عن ذرائع لتبرير عسكرتها (للمنطقة).
أول مواجهة بين الناتو وروسيا
بحسب تقرير رويترز، مثلت المسيرات الروسية التي اخترقت أجواء بولندا أول حادثة معروفة تطلق فيها قوات من الناتو النار على أهداف روسية قادمة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل 3 سنوات ونصف.
وقال رئيس الوزراء دونالد توسك إن اختراق المسيرات الروسية جعل بلاده ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية أقرب ما تكون إلى الدخول في حرب.
ووفقا لتقرير صحيفة الديلي ميل نشرته الأربعاء، فقد اخترقت ما بين 19 و23 طائرة بدون طيار المجال الجوي البولندي في 9 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث أرسل حلف شمال الأطلسي قوة متعددة الجنسيات من الطائرات النفاثة لإسقاط العديد منها.
كما أفادت شبكة الإذاعة والتلفزيون البلجيكية في تقرير لها بأن وزارة الدفاع الرومانية أكدت اختراق طائرة مسيرة أجواء البلاد تزامنا مع هجوم شنته روسيا على أوكرانيا، وعلى الفور تم إرسال طائرتين مقاتلتين من طراز F-16 لاعتراضها لكنها اختفت عن الرادار في دلتا نهر الدانوب.
ونقلت الشبكة البلجيكية عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بوخارست كريستيان بريدا أن هذا الاختراق استفزاز منذر بهجوم شامل، موضحا أن هذه الحادثة تُبرز الأهمية الجيوسياسية للمنطقة، حيث يريد الروس السيطرة على البحر الأسود بعد ضم شبه جزيرة القرم، وإذا نجحوا في ذلك فسيملكون رافعة إستراتيجية رئيسية، وهي منع تصدير الحبوب الأوكرانية.
وفي السياق ذاته، أبلغت لاتفيا عن سقوط طائرة بدون طيار في شرق أراضيها. ويوم الاثنين الماضي قالت بولندا مجددا إنها اكتشفت تحليق طائرة بدون طيار مدنية فوق قصرها الرئاسي واعتبرت ذلك استفزازًا آخر، وأعلنت عن اعتقال بيلاروسيين اثنين.
وفي حين نفت روسيا تعمدها استهداف بولندا، وقالت إن طائراتها المسيرة كانت تنفذ هجومًا في غرب أوكرانيا ولم تكن تخطط لضرب أي أهداف في بولندا، أكد القادة الأوروبيون أنهم على يقين من أن هذه الاختراقات كانت استفزازًا متعمدًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.