الدكتور والاعلامي مراد بن عيسى بوشحيط

الدكتور والاعلامي مراد بن عيسى بوشحيط للمعرفة شرعة ومنهاح

السيلفي والتصوير في الشوارعبين الاخلاقي والقانوني # # التصوير بالهاتف النقال في الفضاءات تحليل أخلاقي وقانوني في ظل الحق...
12/08/2025

السيلفي والتصوير في الشوارع
بين الاخلاقي والقانوني
# # التصوير بالهاتف النقال في الفضاءات تحليل أخلاقي وقانوني في ظل الحقوق المتضاربة

دراسة
**الملخص:**
أصبحت كاميرات الهواتف الذكية امتداداً لليد البشرية، مما جعل التصوير في الأماكن العامة ظاهرة يومية. إلا أن هذه السهولة تطرح إشكاليات أخلاقية وقانونية معقدة، تتعلق بتصادم الحقوق الأساسية: حق الفرد في الخصوصية وعدم الظهور (الحق في الصورة) مقابل حق الآخرين في التصوير والتعبير (حرية التقاط الصور). تختلف التشريعات في موازنتها لهذه الحقوق، وتتزايد المخاطر مع تطور تقنيات التلاعب بالصور.

# # # الإطار الأخلاقي: التوازن بين الحقوق والمسؤولية
1. **الحق في الخصوصية واحترام الكرامة:** حتى في الأماكن العامة، يحتفظ الفرد بمساحة من الخصوصية المتوقعة (Reasonable Expectation of Privacy). تصويره دون علمه أو موافقته، خاصة في لحظات ضعف أو حرج، ينتهك كرامته وحقه في التحكم في صورته.
2. **حرية التعبير والإبداع:** للأفراد الحق في توثيق الأحداث العامة، ممارسة الصحافة المواطنية، والتعبير الفني عبر التصوير. هذه الحرية أساسية للمجتمع الديمقراطي.
3. **مبدأ الموافقة (Consent):** يعتبر الحصول على موافقة صريحة (خاصة عند التركيز على أفراد محددين أو في سياقات حساسة) من ركائز الأخلاقيات. الموافقة الضمنية أقل وضوحاً في الأماكن العامة.
4. **نية الاستخدام:** يختلف الحكم الأخلاقي بين تصوير حدث عام لأغراض إخبارية أو فنية، وتصوير أفراد لغرض السخرية، المضايقة، أو الاستغلال.
5. **تجنب الضرر:** يفرض الواجب الأخلاقي تجنب إلحاق الضرر النفسي، الاجتماعي، أو المادي بالأشخاص المصورين، خاصة الفئات الضعيفة (الأطفال، ضحايا الحوادث، المشردون).

# # # التبعات القانونية: حق الصورة وحق التقاط الصور (مقارنة تشريعية)
يعالج القانون هذه الإشكاليات عبر مفهوم "الحق في الصورة" (Right to One's Image) أو "الحق في الخصوصية التصويرية". جوهره هو حق الفرد في السيطرة على استخدام صورته. تختلف الحماية التشريعية بشكل كبير:

# # # # التشريعات الأوروبية (مع التركيز على فرنسا كنموذج قوي)
* **الأساس القانوني:**
* **النظام العام لحماية البيانات (GDPR):** يعتبر الصور الشخصية "بيانات بيومترية" تخضع للقواعد الصارمة: ضرورة وجود أساس قانوني للجمع (كالموافقة أو المصلحة المشروعة)، شفافية في الاستخدام، حق المعارضة والحذف ("الحق في النسيان" - Article 17).
* **القانون المدني الفرنسي (المادة 9):** ينص صراحة على أن "لكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة".
* **المادة 226-1 من القانون الجنائي الفرنسي:** تجرم تصوير أو تسجيل شخص في مكان خاص دون موافقته (تفسير "المكان الخاص" قد يمتد أحياناً ليشمل أماكن عامة إذا كان هناك توقع معقول للخصوصية كداخل مقهى شبه خالٍ).
* **المادة 226-8:** تجرم نشر أو استخدام صورة شخص دون موافقته إذا كان ذلك يضر بكرامته أو سمعته، حتى لو التقطت في مكان عام.
* **المبدأ السائد:**
**الموافقة المسبقة هي القاعدة** لنشر أو استخدام صورة شخص معين في معظم السياقات غير الصحفية/الفنية العامة الواضحة. حرية التقاط الصور في الأماكن العامة مقبولة بشكل عام، **لكن نشرها أو استخدامها تجارياً يتطلب غالباً الموافقة**. التركيز على حماية الخصوصية والكرامة.

# # # # التشريعات العربية (مع التركيز على الجزائر)
* **الأساس القانوني:**
* **القانون الجزائري 18-07 المؤرخ في 10 يونيو 2018 المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي (الفصول 10, 11, 12, 33):**
* يلزم الحصول على موافقة صريحة وخاصة ومسبقة وواضحة لمعالجة المعطيات الشخصية (بما فيها الصور البيومترية) (الفصل 10).
* يمنح الشخص الحق في المعارضة (الفصل 33) والحق في طلب التصحيح أو الحذف (الفصل 12).
* يحدد الشروط الصارمة لمعالجة المعطيات الحساسة (التي قد تنطبق على صور تكشف عن الأصل العرقي، الحالة الصحية، المعتقدات الدينية...) (الفصل 11).
* **القانون الجزائري رقم 09-04 المؤرخ في 5 أغسطس 2009 المتعلق بحق المؤلف والحقوق المجاورة:**
* يعترف بحقوق شخصية للمؤلف (مثل حق نسبة العمل إليه وحق احترام العمل)، لكنه **لا ينظم بشكل مباشر حق الأشخاص المصورين في صورهم**.
* **القانون الجزائري الجنائي (مثل المواد 303 مكرر وما بعدها المتعلقة بالتجسس والاعتداء على الحياة الخاصة):**
* يمكن تفسير بعض المواد بشكل واسع لتجريم التصوير الذي ينتهك حرمة الحياة الخاصة بشكل خطير، لكنها أقل تحديداً من القانون الفرنسي فيما يتعلق بالتصوير في الأماكن العامة.
* **المبدأ السائد:**
**تتجه نحو حماية الخصوصية والبيانات الشخصية بشكل متزايد (خاصة مع قانون 18-07)**. الموافقة ضرورية بشكل عام لمعالجة الصور (أي استخدامها يتجاوز مجرد التخزين الشخصي). **يوجد غموض نسبي في تنظيم التصوير غير التجاري/غير الصحفي للأفراد في الأماكن العامة ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي**. الثقافة القانونية والقضائية لا تزال تتطور في هذا المجال. التركيز على حرمة الحياة الخاصة والكرامة مستمد من الشريعة الإسلامية والقيم الاجتماعية.

**مقارنة مركزية:**

| المعيار | التشريعات الأوروبية (خاصة فرنسا) | التشريعات العربية (خاصة الجزائر) |
| :----------------------- | :---------------------------------------------------------- | :--------------------------------------------------------- |
| **الأساس القانوني** | قانون الخصوصية (مدني)، قانون حماية البيانات (GDPR)، قانون جنائي خاص بالتصوير | قانون حماية البيانات الشخصية (جزائري 18-07)، قوانين جنائية عامة، قيم دينية/اجتماعية |
| **التقاط الصور في الأماكن العامة** | **مسموح بشكل عام** (باستثناء أماكن توقع خصوصية) | **مسموح بشكل عام غالباً**، لكن قد يكون مثيراً للجدل اجتماعياً |
| **النشر/الاستخدام التجاري** | **يتطلب موافقة صريقة غالباً** (ما لم تكن الصورة جزءاً من حشد أو حدث عام) | **يتطلب موافقة صريقة وفقاً لقانون حماية البيانات** |
| **النشر على وسائل التواصل (غير تجاري)** | **قد يتطلب موافقة إذا كان التركيز على فرد ويسبب ضرراً** (قانون جنائي) | **غالباً يتطلب موافقة (قانون بيانات)، تطبيق عملي متباين** |
| **الحماية الجنائية** | **قوية ومحددة** (نصوص تجرم التصوير السرّي، النشر الضار) | **أقل تحديداً**، تعتمد على تفسير نصوص عامة (انتهاك حرمة الحياة الخاصة) |
| **الحق في الحذف/النسيان** | **قوي** (GDPR، سوابق قضائية) | **موجود نظرياً** (قانون 18-07)، تطبيقه العملي قيد التطور |
| **المركزية** | **حماية الخصوصية والبيانات الشخصية** | **حماية الخصوصية والكرامة والشرف مستمدة من الدين والقيم** |

# # # طرق التلاعب والأضرار الناجمة عن التصوير في الشوارع
1. **التلاعب المباشر:**
* **القص والتغيير السياقي (Out of Context):** أخذ صورة من سياقها الأصلي ووضعها في سياق مختلف لتشويه معناها ونية الأشخاص فيها (مثلاً: تصوير شخص يضحك أثناء جنازة).
* **المونتاج والتزوير:** دمج صور أو تغيير عناصر فيها (إضافة أشياء، حذف أشخاص) لخلق واقع مزيف أو إلحاق الضرر.
* **التعليقات والتسميات الكاذبة:** إضافة نصوص أو هاشتاقات مضللة لتوجيه الرأي العام ضد الشخص المصور.
2. **التلاعب المتقدم (Deepfakes والتزييف العميق):**
* **استبدال الوجوه والفيديو:** استخدام الذكاء الاصطناعي لنقل وجه شخص إلى جسد آخر أو تغيير تعبيرات وجهه أو كلماته في فيديو. هذا يشكل تهديداً وجودياً للحقيقة ويمكن استخدامه للابتزاز، التشهير، أو التلاعب السياسي.
3. **الأضرار الناجمة:**
* **الضرر النفسي:** القلق، الاكتئاب، الخوف من الخروج، الصدمة النفسية (خاصة لدى ضحايا التنمر أو التحرش).
* **الضرر الاجتماعي:** تشويه السمعة، فقدان الوظيفة، العزلة الاجتماعية، وصمة عار.
* **الضرر المادي:** خسائر مالية نتيجة فقدان العمل، تكاليف الدعاوى القضائية.
* **انتهاك الخصوصية والكرامة:** شعور دائم بالمراقبة وفقدان السيطرة على الهوية الرقمية.
* **تأجيج العنف والتنمر:** استخدام الصور لنشر الكراهية، التنمر الإلكتروني، أو التحريض على العنف.
* **تآكل الثقة الاجتماعية:** خلق جو من الشك وعدم الارتياح في الفضاءات العامة.

# # # الخلاصة والتوصيات
يشكل التصوير بالهاتف في الأماكن العامة تحدياً قانونياً وأخلاقياً معقداً يتطلب موازنة دقيقة بين حقوق متعارضة. بينما تميل التشريعات الأوروبية (خاصة فرنسا) نحو حماية صارمة للخصوصية والصورة الشخصية معترفة باستثناءات للصالح العام، تسير التشريعات العربية (مثل الجزائرية مع قانون 18-07) في هذا الاتجاه لكن تطبيقها العملي لا يزال يتطور وسط نسيج اجتماعي وثقافي فريد.

تتفاقم المخاطر مع قدرات التلاعب الرقمي المتقدمة (Deepfakes)، مما يفرض تحديات غير مسبوقة على المشرعين والقضاء. الحلول تتطلب:

1. **تطوير تشريعات رشيدة:** توازن بوضوح بين حرية التصوير/التعبير وحماية الخصوصية/الكرامة، وتتناول صراحةً قضايا التلاعب الرقمي والنشر على المنصات. تعزيز القوانين المشابهة لقانون حماية البيانات الجزائري وتطبيقها.
2. **الوعي المجتمعي:** تثقيف الأفراد حول حقوقهم (الحق في الصورة، الحق في المعارضة والحذف) ومسؤولياتهم عند التصوير ونشر صور الآخرين.
3. **تطوير آليات تنفيذ فعالة:** تسهيل سبل اللجوء للقضاء لحماية الحقوق، وتعزيز دور هيئات حماية البيانات.
4. **مسؤولية المنصات الرقمية:** فرض التزامات أكبر على منصات التواصل لمراقبة المحتوى الضار (التشهير، التلاعب الخطير، التنمر) واحترام طلبات الحذف بناءً على القوانين الوطنية.
5. **أطر أخلاقية للصحافة المواطنية:** تشجيع وضع مبادئ توجيهية أخلاقية لنشر الصور والفيديوهات ذات الأهمية العامة مع احترام حقوق الأفراد.

فهم هذه الأبعاد الأخلاقية والقانونية المتشعبة، والمقارنة بين النُظم المختلفة، هو خطوة أساسية نحو ضمان استخدام هذه التكنولوجيا القوية (كاميرا الهاتف) بطريقة تحترم الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية في الفضاء العام المشترك.

جرائم الاعتداءات🥱🥱بين التمويل والتهويلما أثار انتباهي هذه الصائفة هو ظاهرة انتشار منشورات أخبار الجرائم والاعتداءات في ش...
12/08/2025

جرائم الاعتداءات🥱🥱
بين التمويل والتهويل

ما أثار انتباهي هذه الصائفة هو ظاهرة انتشار منشورات أخبار الجرائم والاعتداءات في شوارع الجزائر على فيسبوك.
فهل ظاهرة انتشار هذه المنشورات الخطيرة ظاهرة صحية تندرج ضمن اهمية الاعلام والتوجيه، أم أن خوارزميات الفايسبوك تعمل على التهويل بغرض زرع البلبلة الاجتماعية .
اولا من المعروف أن المستخدمين يميلون إلى التفاعل مع المحتوى المثير (مثل الجرائم) بسبب تأثيره العاطفي القوي، مما يزيد انتشاره عضويًّا.
كما أن الناس يقومون بنشر هذه الأخبار بدافع التحذير من المخاطر، خاصة مع انتشار فوضى السرقة المسلحة أو التحرش في بعض المناطق.
يشير خبراء إلى أن البعض يلجأ لوسائل التواصل لتعويض غياب التغطية الإخبارية الشاملة للجرائم في الإعلام التقليدي.
الى ذلك يشير آخرون الى أن الخوارزميات تفضل المحتوى الحاصل على تفاعل عالٍ (مثل التعليقات، المشاركات، التفاعلات العاطفية)، مما يدفع أخبار الجرائم للظهور بشكل أوسع.
كما يقول تقنيون عارفون أن غرف الصدى تلعب تأثيرا كبيرا في هذا الصدد ، اذ تظهر الخوارزميات للمستخدمين محتوى مشابهًا لما تفاعلوا معه سابقًا، مما يعزز انطباعا ب "تفشي الجريمة" حتى لو كانت معزولة.
في هذا المجال يقول خبير في المعلوماتية
" لا تهدف الخوارزميات لـ"زرع البلبلة" عمدًا لكن تصميمها لتعظيم التفاعل يؤدي إلى تضخيم الأخبار المثيرة دون تحقق من دقتها."
ومن المخاطر الاجتماعية لهذا التهويل الرقمي تضخيم الواقع من خلال تكرار الأخبار الذي قد يوحي بانتشار الجريمة أكثر من حجمها الفعلي، مما يولد هلعًا عامًّا.
كما ان استغلال بعض الجهات قد يكون واردا هنا ، اذ قد تُنشر أخبار مبالغ فيها أو كاذبة لتحقيق شهرة أو أهداف سياسية/اجتماعية.
مما يخلق تأثيرا نفسيا سلبيا لدى العوام، لأن التعرض المستمر لهذه المنشورات يزيد من القلق المجتمعي ويُضعف الشعور بالأمن.
وهنا نأتي للسؤال هل هناك جانب إيجابي محتمل في المسألة؟
نعم ...في حالات كثيرة، تُنشر الفيديوهات لتحذير المواطنين من طرق جديدة للسرقة أو الاحتيال، كما أن هذه المنشورات قد تساهم في تسليط الضوء على قضايا أمنية تحتاج لتدخل رسمي.
بالخلاصة ..الظاهرة ليست مُختزَلة في "إعلام مفيد" أو "مؤامرة خوارزميات"، بل هي نتيجة تفاعل بين احتياجات بشرية (الخوف، الرغبة في التحذير)، وآليات تقنية معقدة تحااج للفهم (خوارزميات تروج للمحتوى المثير)، وسياق مجتمعي يبحث عن الضبط (محدودية التغطية الإعلامية الرسمية لبعض الجرائم).
بعد كل هذا التحليل بقي القول ان الدور الاثقل سيكون على المستخدم من خلال :
- التحقق والتأكد من صحة الخبر قبل مشاركته.
-التقليل من التفاعل مع المحتوى غير الموثوق كي لا نقوم تعزيزه من خلال الخوارزميات.
- متابعة حسابات إعلامية موثوقة لتوازن الصورة.
- التبليغ عن المحتوى المُبالغ فيه أو الكاذب.
وأخيرا..
هذه الظاهرة تعكس تحديًّا عالميًّا في عصر وسائل التواصل من خلال محاولة الاجابة عن سؤال العصر : كيف نوازن بين حرية التعبير ومخاطر التضليل؟
فهل الحل يكمن في وعي المستخدمين أم في تحمل المنصات مسؤولية أكبر في مواجهة المحتوى الضار.
#جريمة

#امن

07/07/2025

افكار جديدة على دروب الاستقلال في عصر رقمي لا يرحم .

تحياتي
07/07/2025

تحياتي

09/05/2025

السؤال الذي يبحث عن الجواب ؟

06/05/2025

قيم اعلامية في زمن متحول !

23/02/2025

العمق والامتداد...جولة صحفية في الزاوية الرقانية .

  الحلقة الثانية عشركنا نتنفس علما.وكان أحدنا حبن يصعد درجات ذلكم السلم الضيق نحو المكتبة او الاستوديو، يستنشق غبار الكت...
10/01/2025



الحلقة الثانية عشر

كنا نتنفس علما.
وكان أحدنا حبن يصعد درجات ذلكم السلم الضيق نحو المكتبة او الاستوديو، يستنشق غبار الكتب، وعبير الأشرطة والأفلام.
كان ذا حالنا، غير أني، شخصيا، كنت في مشكلة عويصة...
في المكتبة، لم يكن مسموحا لأحد، أن يدخل إلى رفوف الكتب.
تلك قاعدة عامة في كل المكتبات.
فكيف أفعل؟ وانا المسكون ب"هوس" الكتاب، مذ كنت طفلا صغيرا في بلدتي "الحروش".
لقد تعودت هناك على عادة سيئة، وهي أن ألامس الكتاب لمسا ، وأشمه شما، وأرى صفحاته رأي العين، وأسمع خشخشاتها مسمع الأذن، قبل أن أستعيره.
ولم يكن يغريني ،أبدا ، عنوانه في البطاقات أو السجلات، ولم أكن أشبع منه ، حتى اعرف طبعته ، ودار نشره، وعدد صفحاته، ومحتويات فهرسه، ونبذة عن مؤلفه، ونوع خطه، وهل يتضمن صورا أم لا؟
- لا ... هذا كثير جدا ! وهو ممنوع، حفاظا على الكتب يا سي مراد.
قال لي متعهد المكتبة، وهو حازم في رفض اعذاري بالدخول لتلك الرفوف.
قلت متوسلا :
- اعتبرني مريضا فداوني !
إني ،والله، احب رائحة الكتب المعتقة، وكلما قدمت قليلا، زاد انتشائي بها، كأنني مدمن على شمها أكرمك الله .
كما أني سريع القراءة، لن أزعجك بطول المكوث... لكأن في عقلي ماسحا ضوئيا، يصور الاوراق في لمح البصر، ويؤشر لي كلمات بعينها، فأفهم فحوى الكتاب في دقائق معدودات...
ضحك ذاك المتعهد من كلامي، وربما اعتبرني فعلا مجنونا، لكني كسبت صداقته حين لمس فيّ الصدق والأمانة، فمنحني بعض الحرية، وفزت بفضله ،ببعض النزهات داخل الرفوف خارج اوقات الضغط ، فكانت تلك الفسحات من أروع لحظاتي في الجامعة في الماحستير.
توثقت "صلاتي" بالمؤلفين، وأنشأت لنفسي داخل نفسي، مكتبتها الخاصة، بل وفهارسا وجداولا ومصطلحات...
غير أن شغفا ما لا يزال يراودني، ولا ينفك أن يأسرني من اعلى رأسي الى أخمص قدمي.
إذ سرعان ما خالجني ملل عجيب من اسلوب بعض العرب في التأليف والتصنيف، فقد كان أسلوبهم فضفاضا عاما لا يجيب عن الهواجس كلها.
وسرعان ما ضقت أيضا بطريقتهم في الترجمة، فقد كانت أغلبها ترجمات حرفية بلا روح، لا تقابلها الشواهد ولا تحييها التحيينات.

ربت على كتفي وقال :
- اراك مهتما كثيرا بكتب السينما ، هناك موسوعات عن الافلام في الأستوديو بالطابق العلوي.

قال لي المتعهد بعد أن شاهد خيبة أملي السريعة بعد أيام.
نقلت جسدي طابقين او ثلاث الى فوق.
فإذا بي أمام موسوعات الأفلام من عشرات المجلدات، وأمام مئات من الأشرطة والأفلام.
- انها ليست للإعارة الخارجية.
قال لي قيم الاستوديو
ضحكت بيني وبين نفسي ، ثم نظرت اليه فعرفت أنني امام مغامرة أخرى ستقودني الى رحاب أخرى...
يتبع
د.مراد بن عيسى بوشحيط

  الحلقة الحادية عشرجلس الاستاذ يحدق فيّ ملياً، بينما كنت أنقر على لوحة المفاتيح نقراً ، وأبحر في صفحات الواب ابحاراً .-...
10/01/2025



الحلقة الحادية عشر

جلس الاستاذ يحدق فيّ ملياً، بينما كنت أنقر على لوحة المفاتيح نقراً ، وأبحر في صفحات الواب ابحاراً .
- ما الذي ستمكنه لنا هذه الصفحاتْ الافتراضيةْ يا سي مراد ؟
سأل البروفيسور مخلوف بوكروح وهو يسمع طقطقات "الكيبورد" المتسارعة .
وأنا أرفع حاجبيّ واثقا قلت له :
ستمكنك من مساحات تخزين واسعة لا حدود لها يا أستاذ.
كل كتبك ستكون حاضرة هنا .
جميع صورك ستكون منشورة هنا.
ستجعلك هذه المواقع الالكترونية انسانا عالمي المدى.
وستضعك في تفاعل فوري مع قرائك في كل أصقاع الدنيا...
وهذا وحده يكفي...
ابتسم البروفيسور وقال:
يكفيني أن يقرأني شخص واحد، وأن أتمكن من مراسلة بعض الباحثين المهتمين بالمسرح.
قال ذلك، بينما راحت أصابعه، تقلب صفحات صفراء كانت تحت عينيه.
ثم قدمها لي وقال:
أريدك أن تكتب هذا العنوان بالبنط العريض على هذا الموقع الالكتروني الذي انت عاكف على بنائه، وأن تجعل هذا الغلاف كما هو، واجهة ملونة للصفحة الاولى.
بدأت بسرعة بتلاوة العنوان في دهشة وفرح :
"نزاهة المشتاق
وغصة العشاق
في مدينة طارياق
في العراق
المؤلف
أبراهم دنينوس
تحقيق وتقديم
د. مخلوف بوكروح" .
"يا له من عنوان ، ما هذا الكتاب ؟ "
صحت بعمق واستدرت لأستاذي الكبير وقلت في شغف المتعلم :
حدثني أكثر ، من هذا الدادينوس؟ ومدينة طارياق ، ولما العراق ؟
رد الاستاذ مخلوف بحماسة المعلم :
- "على رسلك يا فتى، سأخبرك بكل شيء...
إن هذا النص الذي بين يديك هو أول نص مسرحي حقيقي في العالم العربي.
النص الذي بين يديك يا مراد كنز، سيغير نظرتنا لكل تاريخ المسرح الحديث.
كتبه ونشره في الجزائر سنة 1847م المترجم ابراهام دنينوس المولود سنة 1798م."

قلبت الكتاب سريعا بين يدي ، فوجدته دفترا صغيرا من 62 صفحة، مكتوبا بخط مغاربي يشبه تماما مصاحف الجزائر المعروفة بمصاحف قدور بن مراد رودوسي التركي .
ثم رحت أقرأ سريعا بعض صفحاته ، فوجدت حواراته وأناشيده كلها باللهجة العامية الجزائرية.
نظرت لأستاذي من جديد وقلت له:
- روعة ، هذا كنز حقيقي، وستجعله الانترنت يعيش حياة أبدية.
قبلت رأس الأستاذ وشكرته على منحي الثقة بأن أكون واحدا ممن سيساهمون في تدوين تاريخ جديد للثقافة والمسرح.
انتهت قصتي مثلما انتهت المسرحية بنهاية سعيدة.
وبينما رحت أدون آخر كلمات الكتاب:
"تم كتاب نزاهة المشتاق ، وهذا آخر ما تيسر لنا من تأليفه، والحمد لله رب العالمين آمين".
رحت أبحث في داخلي ومن حولي عن مغامرة جديدة في بحر الانترنت العميق!

يتبع
د.مراد بن عيسى بوشحيط

  الحلقة العاشرة علقت قائمة الناجحين في الماجستير على جدران معهد "إ.تي.أف.سي"...ويا لها من قائمة .عنوان المرحلة كان واضح...
07/01/2025



الحلقة العاشرة

علقت قائمة الناجحين في الماجستير على جدران معهد "إ.تي.أف.سي"...
ويا لها من قائمة .
عنوان المرحلة كان واضحا منذ البداية "المنافسة الشرسة " و "الحرب العلمية الضروس" ، والغلبة فيها ستكون لمن يقرأ أكثر ، ولمن يسأل أعمق، ولمن يمتلك الأدوات الجديدة امتلاكا أحسن .
نسبة حظنا كانت ايضا عالية جدا ...
فلقد درسنا في تلك السنة الحضورية النظرية على أيدي "فحول" من الأستاذة، وفحلات من الأستاذات..
كنا نخجل حتى من الوقوف أمامهم، فما بالك بمجادلتهم، أو معارضتهم فيما يقولون دون حجة أو دليل.
بعضهم قضى نحبه، وبعضهم ينتظر
وما بدلوا تبديلا!
كان البروفيسور (ابراهيم براهيمي) مثلا ثقيلا في ميزان العقل والتجربة بين كل من درسونا .
فالرجل التقني الصارم الذي يقصي لمجرد ثلاث غيابات، لم يأت هنا للعب كما كان يردد ويقول .
إن تاريخا كبيرا وراءه.
فلقد شارك في صياغة أفضل قانون للإعلام عرفته الجزائر نهاية التسعينات، وأسفر جهده عن ميلاد حركة صحفية رائدة، تعتبر الجيل الذهبي للصحافة الحرة والمستقلة وحتى العمومية.
كان درسه عن القانون، اي نعم ، ولكن أغلب مادته كانت "تجاربا شخصية " و"قصصا وحكايات" عن تلك اللجان التي ساهمت في إعداد القانون.. تجارب تصلح أن تكون بحق مذكرات لرجل محارب.
رحمه الله وأحسن مثواه، وغفر الله، اذ كاد يقصيني لغياباتي غير المبررة عن درسه بسبب العمل في الصحافة المكتوبة لولا تدخل لطيف من زوجته ، أستاذة اللغة الفرنسية ، وقد أصر على أن أقدم له عملا شخصيا لتعويض التأخر عن الدروس...
وكان له ذلك، فتجاوزت محنته بحمد الله .
لا أستطيع ذكر أساتذتي كلهم.
لكني لا أستطيع ان أنسى ابدا السيدة الأنيقة خلقا وخلقا نادية شرابي
الشاعر والاقتصادي المتحكم في الحروف والأرقام فني عاشور.
المفكر والمحلل البارع عبد السلام بن زاوي
الباحث الأكاديمي الصارم عزيز لعبان
وذي العينين الزرقاوين الطاهر بن خرف الله رحمه الله ...
لقد كانوا كلهم كالنجوم التي رصعت سماءنا في ذلك الوقت .
أما الرجل الذي سأفرد له جزءا من هذه القصة فهو إلى الفن والى الثقافة كان أقرب.
لغته الراقية ، وسرده المبدع ، وثقافته الواسعة ، كلها أوسمة لماعة على صدره.
ذلكم هو مخلوف بوكروح، البروفيسور، والفنان، والمسرحي...أستاذ من طينة الكبار .
كانت حصته موسوعة معرفية متحركة ، يطوف بك فيها في عالم الصناعة الثقافية مذ كانت سلعة فاخرة حتى صارت بضاعة تافهة هذه الأيام .
كان يدرسنا بكثير من حزن الفنان، ويأس المثقف، وحسرة العالم ، وغيرة من كان ذات يوم مديرا للمسرح الوطني" محي الدين بشطارزي "، واليوم لا يجد حتى كيف يمول مسرحية من مسرحياته، التي يكتبها ليلا في بيته الصغير بأعالي شوفالي.
انتبه السي مخلوف للطالب مراد، ربما رأى فيه حدة شبابه ، وجذوته أيام الدراسة والبحث، فقد كنت دائما ما احاوره مستشهدا بما قرأت على الانترنت.
قال لي ذات يوم :
يبدو أنك متابع جيد "للشابكة العنكبوتية ".
قلت بكل ثقة :
نعم، إنها فتح عظيم !
قال : اذن تجيد فتح علبة الكترونية لنا ؟
قلت: بل واستطيع خلق مدونة او بناء موقع باللغة العربية.
كانت المكافأة مغرية
فطور رمضاني سخي في بيت سي مخلوف
وبعد الفطور شاي ساخن وقلب لوز محشي من ألذ الطيبات.
ثم كانت المفاجأة...
لقد كانت اكثر اغراءا واكثر سخاءا..
يتبع
د.مراد بن عيسى بوشحيط

Adresse

Algiers

Site Web

Notifications

Soyez le premier à savoir et laissez-nous vous envoyer un courriel lorsque الدكتور والاعلامي مراد بن عيسى بوشحيط publie des nouvelles et des promotions. Votre adresse e-mail ne sera pas utilisée à d'autres fins, et vous pouvez vous désabonner à tout moment.

Partager