
23/09/2025
يقول المؤرخ ناصر الدين سعيدوني:
«و لن نبالغ إذا قلنا أن الجزائر كانت نظرا لظروفها الخاصة، من أولى الدول العربية جنوب المتوسط التي عرفت حكما تجاوز الأسر الوراثية إلى نظام أشبه شيء بالجمهوريات الحديثة.
و انطلاقا من فكرة الوطن فإن مفهوم الهوية الجزائرية اكتمل في هذه الفترة بعد مخاض صعب و طويل استمر قرونا فخرجت الجزائر نهائيا من مرتبة الإقليم الخاضع للقوى الأجنبية، كما كان الأمر في فترة الهيمنة الرومانية و الوندالية و البيزنطية، وتخلصت من نموذج الدول العصبية التي كانت سائدة في الفترات الإسلامية مع الرستميين والحماديين والمرابطين والموحدين والزيانيين. وبفعل هذا المخاض التاريخي الطويل أصبحت الجزائر وطنا لكل من ارتبط مصيره بالجزائر و انتسب إليها وعمل لصالح سكانها، وكان له استعداد للتضحية بحياته للدفاع عنها و ليس بالضرورة من وُلد في الجزائر و عادى قيمها الحضارية و عمل ضد مصالح شعبها و تعاون مع القوى المعادية لها، أو تآمر مع المعتدين عليها، مما يكسب شخصيات من قبيل عقبة بن نافع و عبد الرحمن بن رستم و خير الدين بربروس صفة الجزائريين، فيما يفتقدها من تعامل مع الرومان و خدمهم، و ناصر الإسبان و تآمر معهم و تحالف مع الفرنسيين و تطوع لخدمتهم ونموذج الأقدام السوداء و الحركة شاهد على ذلك.
فالوطنية الجزائرية في مفهومها التاريخي الثابت و ليس اعتبارا للتنظير القانوني، لا تكتب بالولادة و إنما تثبت بالارتباط بالوطن والتضحية من أجله و خدمة مصالحه و هذا ما أخذ به حكام إيالة الجزائر في تعاملهم مع مختلف طوائف و مجموعات السكان باعتبارهم ينتمون إلى حضارة مشتركة ووطن واحد.»
🔹ناصر الدين سعيدوني، علاقات التعاون وروابط التحالف الجزائري - العثماني ومسألة سيادة الدولة الجزائرية الحديثة، ص67.
ميدالية من المتحف البريطاني تعود لسنة 1540 عليها الكتابة:
«خير الدين شاه سلطان جزاير»