10/08/2025
في صباحٍ اليوم، كنتُ أسير في طريقي، فإذا بالجموع تلتف حول مشهدٍ تقشعر له الأبدان… حادثٌ مروّع..
اقتربتُ، فإذا بشابٍ في ريعان عمره مطروحٌ على الأرض، الدماء تتدفّق من جسده كأنها تسابق روحه إلى الرحيل. ثوانٍ معدودات، وإذا بأنفاسه الأخيرة تتلاشى، وروحه تفيض إلى بارئها.
جال بخاطري… كم من الناس يفرّ من الموت حذرًا، فهذا يتجنب ركوب السيارة خشية الحوادث، وذاك يحجم عن الدراجة مخافة الانزلاق، وآخر يبتعد عن الموتوسيكل وكأن الموت لا يدرك إلا راكبيه.
وهذا الشاب، لم يكن على مقود سيارة، ولا فوق دراجة، ولا على ظهر موتوسيكل، بل كان عابرًا في طريقه، فإذا بسيارةٍ مسرعة تخطفه بقدر الله إلى الموت!
فسبحان من كتب الآجال وأخفى ميقاتها، لا يغني حذرٌ من قدر، وإذا جاء أمر الله، فلا مُعقِّب لحكمه.
{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}.
إنه الموت… إذا أظلّك بسحابة قَدَرِه، فلا تُجديك أسوار الحذر، ولا ملاذات السلامة!
وحول جسده الممدّد، وقعت عيناي على ما تبعثر من جيبه ويده: هاتف، نظارة، علبة سجائر، ولاعة، مفاتيح… بقايا حياةٍ انقطعت فجأة، وتحوّلت إلى متاعٍ لا صاحب له. نظرتُ إليها طويلًا، وكأنها تصرخ في وجهي: وماذا سيكون في جيبك أنت إذا جاءك الموت؟!
توالت الخواطر… ما هي آخر المتعلّقات التي ستشهد علينا في اللحظة التي نودّع فيها الدنيا؟
هل ستكون في هواتفنا صفحاتٌ من كتاب الله، أم صفحات من مواقع، ورسائل، وصورٌ، ومعاصٍ نخجل أن تُرى يوم العرض الأكبر؟
هل ستحمل جيوبنا مصحفًا صغيرًا أو أثر طاعة، أم ستزدحم بما لا يرضي الله؟
الموت لا يطرق الباب استئذانًا، ولا يرسل موعدًا..
ربما كان هذا الشاب ذاهبًا لقضاء حاجاته، يظن أن أمامه عمرًا طويلًا، وما كان يعلم أن خطواته تعدّ آخر سطور حياته!
يا نفس… واجهي حقيقتك،
قبل أن تُفاجئي بلحظةٍ لا رجوع بعدها.
فتشي جيوبك، وفتشي قلبك، وفتشي هاتفك…
ثم اسألي: لو فاجأني الموت الآن، أأرضى أن ألقى الله بما فيه؟
اللهم اغفر له وارحمه، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه.
عبد الرحمن الزواوي