23/06/2025
جيني.. الطفلة التي قُتلت طفولتها في صمت تام
في نوفمبر عام 1970، دخلت سيدة ضريرة إلى مكتب للخدمات الاجتماعية في لوس أنجلوس، تحمل معها فتاة صغيرة تبدو في السادسة أو السابعة. كانت الطفلة شاحبة، تمشي بطريقة غير معتادة، تمسك يديها أمام جسدها كما تفعل الأرانب، وتبدو مرتبكة وخائفة من كل ما حولها.
لكن المفاجأة الكبرى لم تكن في تصرّفاتها، بل في عمرها الحقيقي. الفتاة تُدعى "جيني"، وكانت تبلغ 13 عامًا.
عندما فحصها الأطباء، كانت لا تتكلم إلا بضع كلمات بسيطة مثل: "أم"، "أزرق"، و"اذهب"، وكانت لا تستطيع تكوين جمل. كانت تتصرف وكأنها لم تعش يومًا خارج غرفة مظلمة. كانت تتبول وتتبرز عند التوتر، وتبصق باستمرار، ويسيل لعابها دون تحكم. لم تكن قادرة على مضغ الطعام أو بلعه بسهولة، ولم تكن تركز بعينيها، وكأنها لا تعرف كيف تنظر في وجه أحد. كانت ترتعش وتخاف من أي صوت أو حركة مفاجئة.
وزنها كان 26 كيلوجرامًا فقط، وهي في الثالثة عشرة من العمر. وكان لديها صفان من الأسنان الزائدة (حالة نادرة تُعرف بـsupernumeraries). كل من رآها أدرك أنها ضحية إهمال لم يُرَ مثله من قبل.
تبين لاحقًا أن والدها، الذي عانى من اضطرابات نفسية، قد حبسها في غرفة صغيرة منذ أن كانت في عمر عام ونصف، ومنعها من البكاء أو إصدار أي صوت. كان يفرض عليها الصمت باستخدام التهديدات والعقاب، ويعزلها تمامًا عن العالم الخارجي. ولم تستطع والدتها الدفاع عنها بسبب ضعف بصرها وخوفها الشديد من الزوج.
عندما حاولت الأم الهروب، لجأت إلى مكتب الرعاية، وهناك بدأت مأساة جيني تُكشف للعالم.
لاحقًا، أنهى والدها حياته، وترك ملاحظة كتب فيها:
"العالم لم يفهمني أبدًا..."
بعد إنقاذها، تم إدخال جيني إلى مراكز تأهيل، لكن الضرر كان عميقًا. قال الأطباء الذين أشرفوا على حالتها:
"لم نرَ في حياتنا طفلًا أكثر تحطمًا من جيني."
في عمر 27، كانت جيني تبدو أكبر من عمرها، بتصرفات مشتتة، ووجه خالٍ من التعبير، تركّز بعينيها بصعوبة، وتتنقل في المكان بتصرفات أقرب إلى من فقد الإحساس بالواقع.
وفي تقرير لصحيفة The Guardian عام 2016، تبيّن أن جيني كانت ما زالت تعيش في رعاية خاصة تحت إشراف الدولة، وقد بلغت من العمر 62 عامًا.
---
هذه القصة لا تُروى من أجل الحزن، بل من أجل التوعية:
الأطفال ليسوا فقط بحاجة للطعام والمأوى... بل للحب، والاحتواء، والحديث، والحرية.
🔗 المصدر: The Guardian – Genie: The Feral Child