عبرة

عبرة (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)
(14)

19/07/2025

كان يا ما كان،
في قلب البيت، لا على أطرافه،
عشنا نحن، إخوةٌ في الاسم،
لكننا كنّا أكثر من ذلك بكثير.

كنا كتفًا لبعضنا حين ضاقت بنا الحياة،
وكنا أول من يضحك على سقوط الآخر،
ثم يمد يده ليسنده قبل أن ينهض وحده.

كنا نخترع ألعابًا من لا شيء،
نقسم الأرض لنصفين،
نحارب بخيالنا،
ثم نتصالح دون اعتذار،
لأن الحب بين الإخوة لا يحتاج تبريرًا.

كنا نركض في الممر،
نختبئ خلف الستائر،
نسرق من المطبخ قطعة حلوى،
ثم نتقاسمها بنظرة واحدة دون كلام.
كانت اللغة بيننا غير منطوقة،
لكنها مفهومة.

وفي ليالي الشتاء،
حين كانت الكهرباء تقطع فجأة،
لا نخاف…
بل نفرح!

نجتمع، نلصق ظهورنا،
وتبدأ الحكايات،
نخترع قصص رعب لنخيف بعضنا،
ثم ننام جنبًا إلى جنب،
كأن قلوبنا مرتبطة بحبلٍ خفي.

وأحيانًا، كنا نتصارع…
نغضب، نصرخ، نبكي،
لكننا لا نغضب طويلًا،
فكيف للدم أن يخاصم نفسه؟
وكيف للقلب أن يهاجر ما يسكن فيه؟

كنا نكبر معًا…
نتبادل الأسرار،
ونعرف أن السرّ عند الأخ،
دفتر لا يُفتح.

والآن…
كلٌ في طريقه،
أحدنا سافر، وآخر تزوّج، وثالث مشغول بالحياة،
لكن ما بيننا لا يشيخ.

الضحكات التي كنّا نخبئها تحت الوسادة،
ما زالت تُسمع في الذاكرة.
والنظرات التي كانت تقول "أنا جنبك"،
ما زالت تعني نفس الشيء،
حتى لو طال الغياب.

يا إخوتي،
أنتم صفحة لا تُطوى،
أنتم "كان يا ما كان" الأجمل،
أنتم الزمن الذي إن مرّ،
خلّدناه في قلوبنا.

وإن عاد يوم،
عدنا صغارًا،
نضحك من نفس النكتة،
ونتسابق على نفس المخدة،
ونتمنى ألا يكبر فينا شيء بعد ذلك.

19/07/2025

ليست كل وحدة خرابًا…
بعض الوِحدة ضوء خافت، لا يراه من يعيش في الزحام.
بعضها جلسة صادقة مع النفس،
حديث طويل بينك وبين قلبك… لم تسمعه منذ سنين.

في الوحدة تنضج الأرواح،
تتشكل من جديد، تتقشر منها الزوائد،
ويظهر المعدن الحقيقي تحت كل الضجيج الذي اعتدناه.

الوحدة لا تؤذي إلا من يهرب منها،
أما من يصادقها…
يخرج منها أنقى، أعمق، أكثر فهمًا للناس، وأقرب إلى الله.

19/07/2025

العُمر…
ليس ما تركته الأيام على وجهي،
بل ما زرعته الليالي في قلبي.

لم يكن عبثًا أن أفرح في لحظة،
وأن أبكي بعدها في صمتٍ عميق.
فكلّ لحظة مرّت، كانت تحملني إلى ما أنا عليه الآن.
نجاحاتٌ صادقة، وسقطاتٌ ضرورية،
أناسٌ مرّوا ليضيئوا قلبي… ثم مضوا،
ومسافاتٌ مشيتها بحثًا عني، لا عنهم.

تُرى…
هل كنتُ سأُصبح أنا،
لو لم أمرّ بتلك الطرق، ولو لم أفتقد أولئك الراحلين؟
ربما… وربما لا،
لكنّي الآن أملك شيئًا لا يشيخ:
قلبٌ تعلّم أن يرى النور في العتمة،
وروحٌ لا تزال تؤمن أن أجمل الأيام لم تأتِ بعد.

19/07/2025

ليس الحب وردًا يُهدى ولا كلمات تُقال،
الحبّ أن تراك الحياة منكسراً فتجد من يُجبرك دون أن تطلب،
أن تُغلق كل الأبواب، ثم يُفتح لك بابه دون شروط.
رفيق العمر هو ذاك الذي يتعب مثلك، ويحلم مثلك،
لكنّه يظل يضعك أولًا..
هو وطن في جسد إنسان.

19/07/2025

الزواج ليس عقدًا.. بل عهد.
ليس بيتًا.. بل مأوى للروح.
هو أن تضحكا في عزّ التعب،
وأن تتشبّثا ببعضكما رغم الظروف،
أن تكون كل "مُرّة" في الدنيا أخفّ.. لأنكما تتقاسمانها.
وكل "حلوة" أحلى.. لأنكما فيها سويًا.

19/07/2025

أدركتُ متأخرًا أن الرضا لا يعني الاستسلام،
بل أن تضع جهدك كاملًا… ثم تُسلم الأمر بقلبٍ ساكن.
أن تفعل ما تستطيع، ثم تبتسم إن تغيّر المسار،
وكأنك توقّعت من البداية أن الخير قد يجيء من حيث لا تنتظر.

الرضا… هو أن تعرف أن ما كُتب لك لن يخطئك،
وأن ما غاب… لم يكن لك، ولو ركضت له بعمرٍ كامل.
أن تطمئن لا لأن الطريق سهل،
بل لأن الله هو الدليل، وإن أخذك للملتفّات… فهو يُريك الجمال من زوايا لم ترها من قبل.

19/07/2025

زوجي،
يا رفيق الرحلة.. ويا ظلّي حين كانت الدنيا حارقة،
لم تكن فقط سندًا لي،
كنت كتفي حين مال الزمن، وقلبي حين ضاقت الصدور.

كم مرّة أخفيتَ ألمك كي لا أضعف؟
وكم مرّة قاتلتَ من أجل راحتي؟
ما خذلتني يومًا،
ولا رأيتك في وجهي إلا مبتسمًا، حتى وإن كان قلبك يئن.

كبرنا سويًا..
وأنا لا أتحدث عن العمر فقط،
بل عن القلب.. الذي نضج بالحب، وتعلّم الصبر، وامتلأ بالامتنان.

كنتَ تضعني أولًا، رغم أنك كنت تستحق أن تُحتَضَن قبل الجميع،
كنت تحميني من كل شيء، حتى من حزني أنا،
كنت لي رجلًا في زمنٍ لم يعُد فيه الرجال كثيرين،
صاحب موقف، وخلق، وكرامة.

أحببتك حين كنتَ قويًا،
وأحببتك أكثر حين رأيتُك ضعيفًا،
لأنك لم تُخفِ ضعفك عني، بل آمنت بي كحاضنةٍ لوجعك،
وكأنك تقول لي: "أنتِ موطني حين تضيق بي الدنيا."

زوجي..
لولاك، ما عبرتُ هذه الحياة دون كسور.
ولولاك، ما فهمتُ كيف يكون الحُب سترًا، والصُحبة عمرًا، والعِشرة شرفًا.

أنا مدينة لك بحياةٍ كاملة،
وراضية بك كما أنت..
أحبك في كل حال،
وسأظل أحبك.. ما دام في قلبي نبض.

19/07/2025

رفيق العمر ليس من يسير معك حين تكون الطرق مفروشة بالزهور،
بل من يمسك بيدك حين تتهشم الأرض تحت قدميك،
من يصير لك وطنًا حين يضيع منك كل شيء.
هو ذاك الذي حين تنهار، يرممك بالصبر،
وحين تضعف، يقويك بحنانه،
وحين تتيه، يدلّك ببصيرته.

19/07/2025

لم يكن أبي يحفظ الحكايات…
لكنه كان يعرف كيف يخترعها،
كان صوته عميقًا كأنه قادم من زمنٍ بعيد،
وكأن في صدره تاريخٌ لا يقال إلا حين نغفو على صدره.

كان يبدأ كأنه لا يقصد الحكي،
ثم يستسلم لسؤالنا الأبدي:
"بابا احكي لنا حكاية."
فيبتسم…
ويترك التعب جانبًا،
ويمد ذراعه حولنا كما لو أنه يحاصر العالم ليحمينا،
ثم يقول:
"كان يا ما كان…"

لم تكن حكاياته تشبه حكايات الجدة،
لم يكن فيها أميرات،
ولا ذئاب،
ولا ملوك شريرين.

بل كانت عن بطلٍ صغير يشبهنا…
يخوض مغامرة كل يوم،
ينتصر مرة، ويقع مرة،
لكنه لا يتخلى عن قلبه أبدًا.
وكأن أبي يحكي عنا…
عن شجاعتنا حين نخاف،
عن طيبتنا رغم الألم،
عن أحلامنا اللي أكبر من عمرنا الصغير.

كنا نحبه أكثر حين يحكي،
لأننا كنا نرى فيه ما لا نراه في النهار،
الأب الذي يتعب ليلاً ونهارًا،
لكنه لا يبخل علينا بليلة واحدة دون حكاية.

صوته حينها كان وسادتنا،
وكانت ابتسامته آخر ما نراه قبل أن نغفو.
وكل مرة كنا نطلب منه أن يُكمل،
فيضحك ويقول:
"نكمل بكرة إن شاء الله."
ولا ندري أن الغد سيكبر،
وأن الحكايات ستقل،
وأن النوم بلا صوته… ناقص شيء لا يُقال.

كبرنا يا أبي،
لكننا لا نزال أطفالًا في حضرة حكاياتك،
وكلما ضاقت الحياة،
عدنا إلى صوتك في الذاكرة،
يقول لنا بحنانك:
"كان يا ما كان… وكل شيء هيكون تمام."

19/07/2025

في كل صباح، يستيقظ "هو" على صوت المنبّه، لا على صوت أمه.
يتسلل الضوء من شباك غريب، لا يعرف شيئًا عن طفولته.
يرتدي ملابسه سريعًا، يشرب قهوته بصمت،
ويمضي إلى عملٍ يُشبه خطواته: ثابتة، لكنها فارغة.

كل شيء يسير وفق الجدول…
لكن في داخله فوضى لا يُدركها أحد.

في طريق العودة، يفتح هاتفه…
يتصفح صورًا قديمة:
أمه تُضحك إخواته،
أبوه يقرأ الجريدة في صمت،
وهو… في زاويةٍ ما، يضحك من قلبه.

يضغط على الصورة… يكبّرها…
وكأنه يبحث عن شيء فقده…
شيء لم يعد هنا.

حين يدخل غرفته،
لا يجد رائحة "بيت"…
لا ضجيج… لا صوتٌ يقول: "تأخّرت!"

فقط هو… وصمته… وحائط يحتفظ بظله.

يجلس عند النافذة،
يحاول أن يتخيل الطريق المؤدي إلى بيته،
يتخيل خطواته وهو يركض نحو الباب،
ووجه أمه حين تفتحه.

في لحظةٍ ما…
يُغلق عينيه، ويهمس لنفسه:
"سأعود…
ليس لأن الغربة انتهت،
بل لأن قلبي لم يعد يحتمل المزيد من البُعد."

18/07/2025
18/07/2025

Address


Alerts

Be the first to know and let us send you an email when عبرة posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to عبرة:

Shortcuts

  • Address
  • Alerts
  • Contact The Business
  • Claim ownership or report listing
  • Want your business to be the top-listed Media Company?

Share