
19/07/2025
كان يا ما كان،
في قلب البيت، لا على أطرافه،
عشنا نحن، إخوةٌ في الاسم،
لكننا كنّا أكثر من ذلك بكثير.
كنا كتفًا لبعضنا حين ضاقت بنا الحياة،
وكنا أول من يضحك على سقوط الآخر،
ثم يمد يده ليسنده قبل أن ينهض وحده.
كنا نخترع ألعابًا من لا شيء،
نقسم الأرض لنصفين،
نحارب بخيالنا،
ثم نتصالح دون اعتذار،
لأن الحب بين الإخوة لا يحتاج تبريرًا.
كنا نركض في الممر،
نختبئ خلف الستائر،
نسرق من المطبخ قطعة حلوى،
ثم نتقاسمها بنظرة واحدة دون كلام.
كانت اللغة بيننا غير منطوقة،
لكنها مفهومة.
وفي ليالي الشتاء،
حين كانت الكهرباء تقطع فجأة،
لا نخاف…
بل نفرح!
نجتمع، نلصق ظهورنا،
وتبدأ الحكايات،
نخترع قصص رعب لنخيف بعضنا،
ثم ننام جنبًا إلى جنب،
كأن قلوبنا مرتبطة بحبلٍ خفي.
وأحيانًا، كنا نتصارع…
نغضب، نصرخ، نبكي،
لكننا لا نغضب طويلًا،
فكيف للدم أن يخاصم نفسه؟
وكيف للقلب أن يهاجر ما يسكن فيه؟
كنا نكبر معًا…
نتبادل الأسرار،
ونعرف أن السرّ عند الأخ،
دفتر لا يُفتح.
والآن…
كلٌ في طريقه،
أحدنا سافر، وآخر تزوّج، وثالث مشغول بالحياة،
لكن ما بيننا لا يشيخ.
الضحكات التي كنّا نخبئها تحت الوسادة،
ما زالت تُسمع في الذاكرة.
والنظرات التي كانت تقول "أنا جنبك"،
ما زالت تعني نفس الشيء،
حتى لو طال الغياب.
يا إخوتي،
أنتم صفحة لا تُطوى،
أنتم "كان يا ما كان" الأجمل،
أنتم الزمن الذي إن مرّ،
خلّدناه في قلوبنا.
وإن عاد يوم،
عدنا صغارًا،
نضحك من نفس النكتة،
ونتسابق على نفس المخدة،
ونتمنى ألا يكبر فينا شيء بعد ذلك.