08/11/2024
عشرون عاما قضاها عرابي في المنفي بجزيرة سيلان
لكن أشواقه الي مصر لم تنقطع يوما واحدا
أراد الرجل أن يختتم ما تبقي له من أيام في هذة الدنيا علي أرض مصر وسط أهله و أن يدفن الي جوار أمه و أبيه وليس بعيدا في أقاصي الدنيا ..
و في مصر صار الاحتلال الانجليزي أمرا واقعا , ليست هنالك أي مقاومة , فالانجليز و الاجانب يعيشون بسلام و يمشون بكل طمأنينة في شوارع القاهرة التي كانت تسكنها مختلف الطوائف و الاديان .
و بدأ عرابي يراجع نفسه ؟!
هل كان علي حق حينما عارض الخديوي توفيق ؟!
هل كانت حقا مطالب ثورته مجرد مطالب فئوية خاصة بشئون الجيش ؟!
أم أنها كانت ثورة من أجل العدالة و رفع يد الظلم عن الشعب و تشريع نظام جديد للحكم يمنح الشعب بموجبه كافه الحقوق التي كانت مسلوبة !
كل هذا لا يغير من الامر شيئا
الرجل أراد العودة الي بلاده و مغادره هذا المنفي
عرابي لم يفكر كثيرا فيما سوف يقوله التاريخ عنه لو قرر الاعتذار عن ثورته ؟!
كتب علي الفور خطابين احدهما الي الملكة فكتوريا ملكة انجلترا يعتذر عن ثورته و يطلب العفو من الحكومة الانجليزية و السماح له بالعودة الي القاهرة و الخطاب الاخر للحكومة المصرية يحمل نفس الطلب ..
تمت الموافقه علي طلب عرابي و عاد الي القاهرة سنة 1903 ..
و بمجرد العودة بدأت الصحافة تهاجمه و توجه له أقسي و اصعب الانتقادات و تكيل له الشتائم و السباب و تتباري فيما بينها للنيل منه و كأنه هو السبب الوحيد و المباشر في الاحتلال و لم يخطئ احدا غيره ..
حتي أمير الشعراء احمد شوقي كتب قصيدة يهجو بها عرابي قائلا في مطلعها
" صغارا في الذهاب و في الاياب أهذا كل شأنك يا عرابي ؟! "
" عفا عنك الاباعد و الاداني فمن يعفو عن الوطن المصاب ؟ "
قرر عرابي ان يقضي ما تبقي من حياته في صمت لعل الناس ينسونه أو يتجاهلونه و لعله يسلم من هذة المضايقات , لكن الناس أبدا لم يرحمونه , ما من مرة قابله احدهم و هو جالس علي احدي المقاهي بحي السيدة زينب حتي شتمه و بصق عليه متهما اياه بالتسبب في احتلال البلاد , و هكذا حتي قرر الرجل عدم النزول من بيته و كأنه ندم علي عودته من المنفي ..
و في عام 1911 فجأءت جريدة الاهرام قراءها بنأ وفاة أحمد عرابي بعدما كان قد نساه الناس , و بالطبع لم يفت جريدة الاهرام في نص الخبر أن تذكر القراء بأنه السبب في احتلال البلاد و تفتت الامبراطورية المصرية التي بناها محمد علي باشا .
