19/09/2025
⭕في كل معركة يكون للسـ ـلاح دوره الحاسم في تحديد النتيجة لكن ما يغيب عن كثيرين أن أخطر سـ ـلاح على الإطلاق ليس المدفع ولا الطائرة ولا الصـ ـاروخ وإنما هو الوعي.
📌الوعي هو القوة التي تُحصّن الشعوب ضد التضليل وتمنع اختراقها من الداخل وتُسقط مخططات عابرة للقارات قبل أن تصل إلى أهدافها.
📌من هنا نفهم لماذا تبدو الجماعات المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان، في حالة خوف دائم من هذا السـ ـلاح ولماذا تُسخّر كل ما تملك من منصات إعلامية ومراكز بحثية وهمية وحملات منظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمحاولة ضربه أو تشويهه.
📌الجماعات المتطرفة لا تخشى مواجهة مباشرة بقدر ما ترتعب من عقل مُدرك وقلب واع، هي تعرف أن معركتها ليست في الميدان فقط بل في العقول، فإذا امتلكت الشعوب وعيا يقظا سقطت دعاواها وانهارت حججها وتعرّت أكاذيبها.
📌لذلك عملت تلك الجماعات تاريخيا على صناعة خطاب عاطفي يستدرج الشباب تحديدا عبر لغة دينية مشوهة أو عبر شعارات كبرى عن الحرية والعدالة والمظلومية بينما الحقيقة أنها مجرد غطاء لمشروعات عنف وإرهاب.
📌الوعي هنا يصبح السـ ـلاح المضاد، حين يدرك الناس الفارق بين الدين الحق والمتاجرة بالدين بين المعارضة المشروعة والخيانة الوطنية بين النقد السياسي والبروباجندا الخارجية، تتهاوى قدرة الجماعات المتطرفة على التجنيد والتأثير. لذلك هي تحارب الوعي أكثر مما تحـ ـارب أي قوة أخرى.
📌ولعل التجربة المصرية تمثل أوضح مثال. فبعد أحداث 2011 وما تلاها من اضطرابات كانت معركة الوعي في صدارة المواجهة.
📌حاولت جماعة الإخـ ـوان أن تقدم نفسها كمنقذ ثم كشفت السنوات التالية كيف كانت الأوهام غطاء لمخطط إسقاط الدولة.
📌وحين خرجت الجماهير في 30 يونيو لم يكن السـ ـلاح هو ما صنع الفارق الأول بل كان الوعي الجمعي للشعب المصري الذي رفض الانخداع مجددًا.
📌اليوم ومع تصاعد الحملات ضد الدولة المصرية عبر منصات خارجية يتأكد أن الحرب لم تعد فقط على الأرض بل على العقول.
📌كل إشاعة تُصنع بعناية كل مقطع فيديو يُقتطع من سياقه كل “تريند” مفبرك على منصات التواصل هدفه الأول ليس إسقاط نظام أو حكومة بل ضرب ثقة الناس بأنفسهم وتشويه إدراكهم للواقع حتى يصبحوا فرائس سهلة. وهنا يظهر دور الوعي كدرع حصين يحمي المجتمع من أن يكون ملعبا للآخرين.
لكن السؤال: كيف نصنع هذا الوعي الاستراتيجي؟
📌أولا بالمعرفة
المعرفة الحقيقية المستندة إلى مصادر موثوقة وإلى قراءة معمقة للأحداث بعيدا عن السطحية، لا يمكن مواجهة خطاب متطرف أو دعائي إلا بفهم عميق لطبيعته وأهدافه.
ثانيا بالتربية الإعلامية
نحن في زمن المعلومات المتدفقة والزيف فيه أكثر من الحقيقة أحيانا، لذلك يصبح تعليم الناس كيف يميزون بين الخبر الصادق والكاذب، بين المعلومة الصحيحة والمفبركة جزءا من الأمن القومي.
ثالثا بالربط بين الوعي والتنمية
فالشعوب التي تلمس ثمار الإصلاح وتشارك في بناء مستقبلها، تكون أكثر مناعة أمام دعاوى الهدم.
الجماعات المتطرفة تعيش على فراغ الأمل واليأس من الغد بينما الوعي يزدهر حين يشعر الإنسان أن له مكانا ودورا وقيمة.
📌الوعي الاستراتيجي ليس فقط إدراك ما يجري بل أيضا القدرة على قراءة ما وراء الحدث، أن تفهم لماذا يُطرح هذا الخطاب الآن ومن المستفيد وما الهدف النهائي.
هذه القدرة وحدها كفيلة بتعطيل كثير من المخططات التي تراهن على “سذاجة المتلقي” أو على انفعاله اللحظي.
ولهذا السبب تُدرك الجماعات المتطرفة أن معركتها الكبرى خاسرة أمام شعوب يقظة. فمهما امتلكت من تمويل أو منصات أو أبواق تظل عاجزة أمام عقل يقرأ ويسأل ويُقارن ويبحث.
📌لهذا تسعى باستمرار إلى ضرب منظومات التعليم والإعلام والثقافة لأنها تعلم أن الوعي المتراكم عبر هذه القنوات هو الخـ ـطر الحقيقي على وجودها.
إن أخطر ما تواجهه منطقتنا اليوم ليس فقط الإرهـ ـاب المسـ ـلح بل الإرهـ ـاب الناعم للعقول، ذلك الإرهـ ـاب الذي يتخفى في خطاب حقوقي أو إنساني زائف أو في دعاوى الحرية المطلقة التي لا تقف عند حدود الوطن ولا المصالح العليا.
ومع ذلك فإن سـ ـلاح الوعي يظل كافيًا لتجريد هذه الخطابات من أقنعتها وكشف ما وراءها من أهداف مشبوهة.
في النهاية الوعي ليس ترفا فكريا بل هو ركيزة من ركائز الأمن القومي، هو الذي يحمي الأوطان من الداخل ويجعلها عصية على الانهيار مهما تكالبت عليها الضغوط.
ولعل الدرس الأهم الذي تعلمناه من السنوات الماضية أن السـ ـلاح الحقيقي الذي لا يصدأ والذي لا يمكن مصادرته أو تحييده هو وعي الشعوب.
ولهذا ستظل الجماعات المتطرفة تخشى هذا السـ ـلاح أكثر من أي شيء آخر لأنه ببساطة يُفقدها القدرة على الاستمرار.
فحيثما وُجد الوعي تسقط الأكاذيب وتنطفئ نار الفتنة وتبقى الشعوب قادرة على حماية أوطانها مهما اشتدت العواصـ ـف.
#الحرية