23/09/2025
الخرطوم بين عودة الحياة وتحديات الأوبئة
منذ أن بسطت «القوات المسلحة السودانية» سيطرتها على العاصمة «الخرطوم» في مارس الماضي بعد دحر «مليشيا الدعم السريع»، بدأت أعداد متزايدة من المواطنين في العودة تدريجيًا إلى منازلهم. ومع هذا الحراك، أخذت ملامح الحياة تعود تدريجيًا إلى المدينة التي ظلت لفترة طويلة خالية من سكانها.
إلى جانب ذلك، برزت مبادرات متعددة — حكومية ومجتمعية وفردية — لدعم العودة الطوعية للاجئين في دول الجوار والنازحين في الولايات الآمنة. وعلى غرار ما حدث في ولاية «الجزيرة» عقب تحريرها، حيث عاد الآلاف إلى قراهم ومدنهم، تتواصل الجهود في «الخرطوم» لمساعدة الأسر على استئناف حياتها الطبيعية.
رغم عودة الحياة تواجه «الخرطوم» تحديات صحية بالغة الخطورة، إذ تشهد العاصمة انتشارًا واسعًا للأوبئة، وفي مقدمتها حمى الضنك والكوليرا، ما يتسبب في وفيات يومية خصوصًا بين كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، وضعاف المناعة.
تعود هذه الأوضاع إلى تلوث مصادر المياه، وانتشار البعوض في الأحياء المهجورة التي غمرتها الأعشاب، إضافة إلى بقاء بعض الجثث داخل المنازل أو في الشوارع لفترات طويلة، وهو ما زاد من تعقيد المشهد الصحي.
وفقًا لتقارير منظمة «الصحة العالمية» ومكتب «الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» الصادرة بين يوليو وسبتمبر الجاري تم تسجيل أكثر من 10,000 حالة كوليرا مشتبه بها في عدة ولايات، من بينها «الخرطوم».
كما رُصد ارتفاع غير مسبوق في إصابات حمى الضنك مع آلاف الحالات في «الخرطوم والجزيرة وكسلا»، ويوجد نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية يعرقل جهود الاستجابة الإنسانية.
يبقى قرار العودة إلى «الخرطوم» أو البقاء في أماكن النزوح قرارًا شخصيًا تتخذه الأسر وفقًا لظروفها الخاصة ويعتمد كثيرون على المعلومات المتوفرة من أقارب وجيران سبق أن عادوا، لتكوين صورة أوضح قبل اتخاذ أي خطوة.
تتحمل المنصات الإعلامية والصحفيون مسؤولية جوهرية في نقل الواقع كما هو. فحين تعود مظاهر الحياة ويُسجل تحسن في الخدمات أو الأمن، ينبغي الإشارة إلى ذلك. وبالمقابل، حين تبرز تحديات صحية أو إنسانية، يصبح من الواجب تسليط الضوء عليها بمهنية وشفافية.
فالحق يقتضي أن يُعرض المشهد بواقعه، دون تهويل أو تزييف، ودون إغفال لأي من الجوانب الإيجابية أو السلبية التي يعيشها المواطنون.
بينما تعود الحياة تدريجيًا إلى «الخرطوم» مع عودة سكانها ومبادرات دعم الاستقرار، تظل الأوبئة وتداعياتها الصحية تهديدًا حقيقيًا يعيق مسار التعافي. ويبقى التوازن بين الرغبة في العودة والواقع الصحي القاسي هو التحدي الأكبر أمام المواطنين اليوم.
كما عاهدناكم دومًا، نحن في منصة «Sudan War Updates» مُلتزمون بنقل الحقائق كما هي، دون تزييف أو تلميع، ودون أي مصلحة سوى إيصال الحقيقة إلى متابعينا الأعزاء.