20/09/2024
مقالي في العدد الجديد من "آخر ساعة"
أحمد الجمَّال يكتب: على حـافة السـرير!
قبل أيام، اتصل بي صديق لم أره منذ تخرجنا في جامعة الإسكندرية قبل نحو ربع قرن. وأنا بطبعي تنتابني سعادة غامرة كلما قابلت أو تكلمت مع أحد من أصدقائي القُدامى، ولاحظت أنني في كل مرة نتهاتف فيها نستغرق في الضحك بينما نتصفح ذكرياتنا البعيدة.. كم كانت الأيام جميلة ومبهجة وألوانها مشرقة.
انتهت المكالمة ونحن نتفق كالعادة على ترتيب موعد نلتقي فيه قريبًا، موعد لا يأتي أبدًا.. أغلقت الخط، واكتشفت أنني لم أعد أضحك كثيرًا.. ربما أكتفي - أحيانًا - بتوزيع ابتسامات عابرة، من دون رغبة في تحريك شفتيّ.. ظننتُ أن الخلل في هاتين الشفتين، جريت نحو أقرب مرآة وأمعنت النظر، لم أرَ وجهي نهائيًا.. رأيت شيئًا آخر: شاشة كمبيوتر!
لم تكن صدمتي كبيرة، فأنا منذ فترة طويلة، أشعر أنني أشبه آلة ما، واليوم حين تحريت الأمر بدقة، وجدت في منتصف جهاز الكمبيوتر "ماوس"، وعلى الفور ظلّلتُ وجهي وضغطت "كليك يمين"، وأخذت "كوبي" من عينيّ، ثم لصقتهما في زمن آخر (سنة 2000).
أذكر هذا العام جيدًا، لأنه كان عام تخرجي في الجامعة، كنت أقف على شاطئ جليم وسط أصدقائي لنلتقط صورة تذكارية يضحك فيها الجميع من القلب، وكانت تلك هي اللقطة الأخيرة التي اهتز فيها قلبي فرحًا وضحكًا، وبعدها ودّعتُ عروس البحر وانتقلت إلى القاهرة لأبدأ رحلة عمل شاق لم تنتهِ حتى اليوم.. رحلة أكابد فيها أنا وأبناء جيلي من الحالمين على أمل العودة ذات يوم للضحك، لكن الدنيا و"مشاغل الحياة" طوّحت بنا بعيدًا.
انطفأ نور الغرفة وتبخرت المرآة، ولم يبقَ سوى ضوء خافت صادر عن جهاز الكمبيوتر النائم كجثة على حافة السرير!
#كلمةـالسر #اخباراليوم
بوابة أخبار اليوم الإلكترونية