تراث الشيخ الطاهر الحامدي

تراث الشيخ الطاهر الحامدي Contact information, map and directions, contact form, opening hours, services, ratings, photos, videos and announcements from تراث الشيخ الطاهر الحامدي, Digital creator, أرمنت الحيط, Luxor.

فضيلة الشيخ الطاهر محمد أحمد الطاهر الحامدي
شيخ الطريقة الطاهرية العامرية الخلوتية السابق رحمه الله
وأمين عام اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف (الأسبق)
ومدير عام مجلة الأزهر سابقًا

لنا فى ابن الدثنة أسوة حسنة فنحن أحفاده وينبغى أن نكون كذلك ، فله موقف رائع جميل فريد يعرفه المسلمون جميعا لكنهم لا يفهم...
13/09/2025

لنا فى ابن الدثنة أسوة حسنة فنحن أحفاده وينبغى أن نكون كذلك ، فله موقف رائع جميل فريد يعرفه المسلمون جميعا لكنهم لا يفهمونه ولا يعوونه .
لما أحضر للقتل وحوله زعماء قريش فأراد أبو سفيان – ولم يكن قد أسلم بعد – أن يستخرج من الرجل شيئا ينم عن إيثار ابن الدثنة نَفْسَه عن رسول الله ﷺ فقال له مخاطبا:
أبو سفيان: هل وددت لو أنك آمن فى بيتك الآن ورسول الله ﷺ مكانك الآن يُقتل؟
اختبار صعب لكنه ليس صعبا على رجل يفدى رسول الله ﷺ بنفسه وهكذا كل المسلمين وكل المؤمنين.
فقال ابن الدثنة كلمة تقف الإنسانية حيالها معظمة مكبرة عارفة قدرها:
ابن الدثنة: والله ما أود لو أنى فى مكانى هذا أقتل ورسول الله ﷺ فى بيته تُصيبه شوكة.
فقال أبو سفيان وقد انهزم كبرياء الشرك فى نفسه هو ومَن معه:
أبو سفيان: والله ما رأيت أحدا يحب أحدا مثل حب أصحاب محمدٍ محمدا ﷺ.
قلت لك:
"إن حبه ﷺ ليس ترفا يمارسه هواة، وليس غناء يمارسه مداحون، وليس دروشة يعالجها مجاذيب، إنما هو ركن من أركان الإيمان لا يتم إيمان المسلم إلا به."
ودليلى فى هذا قول النبى ﷺ فى حديث رواه الإمام البخارى:
"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين."
قال عمر بن الخطاب كما عهدناه صريحاً واضحاً لا يمارى ولا يخفى شيئاً ولا يجامل، قال لرسول الله ﷺ:
عمر بن الخطاب: يا رسول الله، لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا نفسي.
فقال له النبى ﷺ:
النبي ﷺ: لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك التي بين جنبيك.
ثم سار ساعة فقال عمر:
عمر بن الخطاب: والله يا رسول الله، لأنت أحب إليّ من نفسي التي بين جنبي.
فقال له النبي ﷺ:
النبي ﷺ: الآن يا عمر!
يقول شراح الحديث: معنى "الآن" أي: الآن اكتمل إيمانك، أى أنه قبل هذا لم يكن إيمان سيدنا عمر كاملاً لأن النبى ﷺ لم يكن أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه.
إذاً نحن مطالبون بأن نحب رسول الله ﷺ فوق ما نحب أنفسنا، ولذلك فى القرآن الكريم يقول الله – تعالى –:
"ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ"
وعلى أنه إن كان البعض يرى أن إظهاره الوجد فى حبه ﷺ غير مقبول ولا مستساغ، فإننا نرى أن ادعاء الوجد والتكلف فى إظهاره هو الذى لا نقبله، أما إن بدا الوجد وظهرت لواعج الشوق على البشرة، وتم عنها الكلام، فإننا نرتضيه ونتقبله.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . لما أهل هلال ربيع قلت لنفسى :...
02/09/2025

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . لما أهل هلال ربيع قلت لنفسى : هل أقدم اعتذارا للقارئ على قطع سلسلة المقالات التى أكتبها تحت عنوان " الدعوة كما ينبغى أن نبلغها " والمناسبة جديرة أن أكتب عن رسول الله ﷺ وميلاده ، ثم راجعت نفسى وقلت ، لماذا أقدم اعتذارا وأنا أكتب عن سيد الدعاة ﷺ وهى ليست قطعا لسلسلة مقالات الدعوة ، إنما فيها كمال اتصال به ﷺ .
فالحديث عنه ﷺ لا ينبغى أن يكون محل اعتذار ، إنما هو أهم حلقة فى هذه السلسلة ولذلك أكتب عنه ﷺ من هذا المنطلق فأنا أحب أن أقدم للقارئ فى ذكرى ميلاده ﷺ تحت هذا العنوان : " ذكريات وتأملات فى يوم مولده ﷺ " .
وأول هذه الذكريات التى تداعت إلى خاطرى : ذكريات حب لرسول الله ﷺ تجلت فى مواقف رائعة وخالدة من السيرة النبوية نحن فى حاجة إلى أن نعيدها ونعيشها حية نابضة غضة كما كانت وليس حبه ﷺ ترفاً يمارسه الهواة ، وليس غناء يمارسه المداحون وليس دروشة يعالجها مجاذيب إنما هو ركن من أركان الإيمان ، لا يتم إيمان المؤمن إلا به ، وقبل أن أوضح لك هذه المسألة أود أن نعيش معا فى رحاب الذكريات العطرة .
روت كتب السنة أن النبي ﷺ كان يحتجم – والحجامة هى استخراج بعض الدم من الرأس علاجا فى بعض المناطق الحارة – فأخذ شاب قرشي الدم الشريف الخارج من رسول الله ﷺ وذهب به خلف جدار ، ثم عاد إلى النبي ﷺ ودار الحوار الآتى بين الشاب والنبي ﷺ :
قال النبي ﷺ : أين الدم ؟
قال الشاب : غيبته يا رسول الله .
فقال النبي ﷺ : أين ؟
فقال : من وارء الحائط ( وهى إجابة فيها فطنة وذكاء وترقب ووجل مخافة أن يكون ما فعله لا يُرضى رسول الله ﷺ كما أنه يرفض أن يكذب ، فألقى بهذه الإجابة الذكية التى لا توقعه فى الكذب ولا تقطع عليه خط الرجعة ) لكن النبي ﷺ قال طالباً التحديد فى الإجابة : أين غيبته ؟
فلم يجد الشاب مناصاً من أن يقول : هو فى بطنى يا رسول الله . قال النبى ﷺ : " لقد أحرزت نفسك من النار " (1) وموقف ثان أحبك أن تعيه جيدا ، فليس للتسلية أكتب لك ، إنما أردت أن تعيش هذه المواقف ، وأن ترتشف من رحيقها ، وتعب من سلسبيلها حتى ترتوى بها عظامك ولحمك ودمك ، وجلدك وينبت بها شعرك ، وتعيش بها مُتَّبِعاً هديه ﷺ فى كل أحوالك ، ليس افتعالاً أو ادعاء فى مواجهة الناس ، حتى تحمد بينهم ، إنما فى خلوتك مع نفسك وفى ليلك الطويل بعيدا عن الناس ، واذكر كلمة لأحد الصوفية رضوان الله عليهم قال يستعيذ بالله من عمل ظاهره يرضى الله لكنه يبغى به الناس قال :
" اللهم إنى أعوذ بك أن أقول قولاً فيه رضاك ابتغى به أحدا سواك ، وأعوذ بك أن أعمل عملا يزيننى عند الناس ويشيننى عندك " .
أما الموقف الثانى الذى أحبك أن تعيه فهو كما يروى ابن هشام :
أن النبي ﷺ كان يصف الجيش فى غزوة بدر فخرج عن الصف قليلا سيدنا سواد بن الغزية – رضى الله عنه – فأرجعه رسول الله ﷺ بقدح فى يده وقال : " إسْتَوِ يا سواد " فقال : أوجعتني يا رسول الله وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقِدْني . فكشف رسول الله ﷺ عن بطنه وقال : " استقدْ " فاعتنقه فقبل بطنه .

فقال النبى ﷺ : ما حملك على هذا ( أى أن الموقف لا يحتمل هذا ولا يستدعيه ) فأجاب الصحابى الجليل إجابة تشى بما يضم جنبيه عليه من حب رسول الله ﷺ فى موقف هو صعب قال : ما ترى يا رسول الله فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يلمس جلدى جلدك فدعا له رسول الله ﷺ (2) إن خيوط الحب هى التى أبدعت هذا الموقف ونسجته .
إذاً عندما ندعى أو نزعم فنقول إننا نحب رسول الله ﷺ فلسنا متزيدين فى هذا ولسنا مُفرِطين إنما هو واجب علينا ولا يكتمل إيماننا إلا بحبه ﷺ فوق ما نحب أنفسنا ولنا فى ابن الدثنة أسوة حسنة فنحن أحفاده وينبغى أن نكون كذلك ، فله موقف رائع جميل فريد يعرفه المسلمون جميعا لكنهم لا يفهمونه ولا يعوونه . لما أحضر للقتل وحوله زعماء قريش فأراد أبو سفيان – ولم يكن قد أسلم بعد – أن يستخرج من الرجل شيئا ينم عن إيثار ابن الدثنة نَفْسَه عن رسول الله ﷺ فقال له مخاطبا : هل وددت لو أنك آمن فى بيتك الآن ورسول الله ﷺ مكانك الآن يقتل ؟ اختبار صعب لكنه ليس صعبا على رجل يفدى رسول الله ﷺ بنفسه وهكذا كل المسلمين وكل المؤمنين ، فقال ابن الدثنة كلمة تقف الإنسانية حيالها معظمة مكبرة عارفة قدرها : والله ما أود لو أنى فى مكانى هذا أقتل ورسول الله ﷺ فى بيته تصيبه شوكة فقال أبو سفيان وقد انهزم كبرياء الشرك فى نفسه هو ومَن معه : والله ما رأيت أحدا يحب أحدا مثل حب أصحاب محمد محمدا ﷺ .
قلت لك : " إن حبه ﷺ ليس ترفا يمارسه هواة وليس غناء يمارسه مداحون وليس دروشة يعالجها مجاذيب إنما هو ركن من أركان الإيمان لا يتم إيمان المسلم إلا به ، ودليلى فى هذا قول النبى ﷺ فى حديث رواه الإمام البخارى : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " قال عمر بن الخطاب كما عهدناه صريحاً واضحاً لا يمارى ولا يخفى شيئاً ولا يجامل قال لرسول الله ﷺ : يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسى فقال له النبى ﷺ : " لا والذى
نفسى بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك التى بين جنبيك ثم سار ساعه " فقال عمر : والله يا رسول الله لأنت أحب إلى من نفسى التى بين جنبى – فقال له النبي ﷺ: " الآن يا عمر ! " (3) يقول شراح الحديث : معنى الآن يعنى : الآن اكتمل إيمانك أى أنه قبل هذا لم يكن إيمان سيدنا عمر كاملاً لأن النبى ﷺ لم يكن أحب إليه من نفسه التى بين جنبيه ، إذاً نحن مطالبون بأن نحب رسول الله ﷺ فوق ما نحب أنفسنا ولذلك فى القرآن الكريم يقول الله – تعالى - :
" ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ " (4) : على أنه إن كان البعض يرى أن إظهاره الوجد فى حبه ﷺ غير مقبول ولا مستساغ ، فإننا نرى أن إدعاء الوجد والتكلف فى إظهاره هو الذى لا نقبله ، أما إن بدى الوجد و ظهرت لواعج الشوق على البشرة ، وتم عنها الكلام ، فإننا نرتضيه ونتقبله .
و لنا فى ثوبان – رضى الله عنه – أسوة سنة ، ذلك الصحابى الذى كان يشتاق إلى رسول الله ﷺ فيتغير لونه وتشحب بشرته ، ويذبل عوده حتى يروى نفسه وقلبه ويعطر وجدانه برؤيته ﷺ وذهب يشتكى إلى رسول الله ﷺ ما به من وجد وما يعانيه من بُرحاء الشوق ، وتذكر الآخرة ، ومقام النبوة السامى ، ومنزلته ﷺ الرفيعة ومكانه فى الجنة وكأنى به يقول : وأين مكانك أنت يا ثوبان من الحبيب ﷺ فازداد شحوبا وبدا عليه ما يعانيه من وجد ، فذهب يحمل همه وبين يديه معاناته ، يلقيها بين يديه ﷺ .
فقال له الحبيب المصطفى ﷺ : " المرء مع من أحب " (5) .
يقول راوى الحديث : قال الصحابة : ما فرحنا بعد الإسلام أكثر من فرحنا بهذا الحديث .
ونزل قول الله سبحانه وتعالى :
" وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا " (6)

قد يقول البعض : إن احتفالنا بمولد رسول الله ﷺ بدعة لم ترد ، وأنا لا أوافقهم على هذا وبرغم جفوة هذا القول ، فأنا أناقشهم فيما يزعمون فأقول : صام النبى ﷺ يوم الاثنين وسن صيامه للمسلمين وفى هذا كفاية ، لكنه لما سئل عن سبب صيام هذا اليوم قال : " ذلك يوم ولدت فيه " (7) .
أليس فى ذلك خصوصية منه ﷺ لهذا اليوم ؟ ثم لماذا خصه بهذه العلة أو هذا الحدث وهو الميلاد ؟ مع أن أحداثاً أخرى عظيمة وجليلة حدثت معه ﷺ فى نفس يوم الاثنين ، ربما تكون أخطر فى نظرك ونظر الدعوة ، ألم يبعث النبى ﷺ يوم الاثنين ؟! ألم يهاجر من مكة إلى المدينة يوم الاثنين ؟! ألم يصل إلى المدينة يوم الاثنين ؟! يوم أن استقرت الدعوة وأمن المسلمون وبدأ الإسلام عصراً جديداً ، لماذا لم يعلل به النبى ﷺ صوم ذلك اليوم ؟ أليس فى تعليله بالميلاد معنى يفتح للمسلمين العاشقين له ﷺ مندوحة لا يلامون عليها ولا يكتمون حبهم ، بل ويظهرون بعض ما عندهم من الحب والتقدير لرسول الله ﷺ .
ولعلك تذكر ذلك الصحابى الذى جاء إلى رسول الله ﷺ يسأله عن الساعة ، قال له النبى ﷺ : ما أعددت لها ؟ قال : ما أعددت لها كثير من صلاة ولا صيام ، ولكنى أحب الله ورسوله ، فقال له رسول الله ﷺ : " أنت مع مَن أحببت " (8) . وأعتقد أنك لا تفهم أن الرجل مُفرطٌ فى الصلاة أو الصيام كما أننى أحبك أن تفهم أن هذا الحب يغنى عن الاتباع والاقتداء بسنته ﷺ فإن الحب الذى لا ينتج تمسكاً بالسنة والعمل بكتاب الله ب عاجز كسيح ، وأنا أبغى لك حباً يدفعك إلى العمل بالسنة فى منشطك ومكرهك ، فى فراغك وشغلك فى نهارك وليلك .
هل أرقت يوماً فلم تضق بالأرق ؟

وهرعت إلى ميضائك ومصلاك تنشد فيهما قوله ﷺ : " ركعات فى جوف الليل والناس نيام خير من الدنيا وما فيها " (9) .
هل سمعت النداء – الأذان – وقلت كما يقول المؤذن ، ثم صليت على رسول الله ﷺ ثم سألت الله الوسيلة والدرجة العالية الرفيعة لرسول الله ؟ هل واظبت على ذلك موقناً بأن هذا العمل الذى تراه بسيطاً لك فيه براءة من النار ؟ ووجبت لك الجنة .
عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبى ﷺ يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علىّ فإنه مَن صلى عليّ ، صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا الله ليّ الوسيلة ، فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل ليَّ الوسيلة حلت له الجنة " (10) . هذا هو الحب الذى يجعلك مع من أحببت .
على أننى أرى فى مظاهر التقدير الإلهى لرسول الله ﷺ احتفاء بمولده وفى اعتقادى إن الله سبحانه وتعالى هزم جيش أبرهة بفعلِ خارقٍ ، إكراماً للنبى ﷺ إذ الثابت تاريخياً أن النبى ﷺ ولد عام الفيل .
فإننى أرى أن هذا النصر المؤزر المعجز على أبرهة وجيشه كان إكراماً لميلاد النبى ﷺ بمعنى أننا لو تخيلنا أن أبرهة قد استطاع أن يغزو مكة وأن يفتحها بجيشه ماذا كان يفعل أى جيش غاز ؟ يقتل الرجال ويستحى النساء ويسبى الأطفال وهكذا النبى ﷺ كانت أمه حاملاً فيه فكان من الممكن أن تقع آمنة بنت وهب أسيرة فى جيش أبرهة لكن الله سبحانه وتعالى أكرم نبيه ﷺ وأكرم مكة كلها . بأن دَحَرَ وهزم أبرهة وجيشه بهذه المعجزة الخارقة أو بهذا العمل الخارق الذى جاء ذكره فى القرآن الكريم فى سورة عرفت بسورة الفيل فى قوله سبحانه وتعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم
" أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ (1) أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ (2) وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ (3) تَرۡمِيهِم بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ (4) فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۭ (5) " (11)
فأهل مكة كانوا وثنيين يعبدون الأصنام وهم أسوأ حالا من أبرهة وجيشه ، فهؤلاء أهل كتاب ، فتأمل معى لماذا ينصر الله الوثنيين على أهل الكتاب ؟! لم يكن ذلك فى رأيي وتصورى إلا إكراماً له ﷺ حتى لا تقع آمنة بنت وهب أسيرة عند جيش أبرهة . ثم تعال معى إلى حديث آخر ، ترويه كتب السنة لما سئل رسول الله ﷺ : متى وجبت لك النبوة يا رسول الله ؟ قال : " وآدم بين الروح والجسد وفى رواية وآدم مجندل فى طينته " (12) .
وقبل أن أسألك عن المعنى الذى تفهمه من هذا الحديث أحب أن أوضح لك معنى كلمة " وجبت " ، وأظنك توافقنى على أنها لا يمكن أن تكون بمعنى فُرضت ، لأن نبوته ﷺ لم تفرض إلا بعد بعثته ، كما أنك توافقنى على أنها لا يمكن أن تكون بمعنى ثبتت فى علم الله ، لأن علم الله قديم ، ونبوة سيد الخلق وخاتم النبيين ثابتة فى علم الله قبل أن يخلق الخلق ، قديمة بقدم علمه تعالى .
إذاً فما معنى " وجبت " ؟ أرى أنها بمعنى عُرِفت وأذيعت فى الملأ الأعلى . أى أن نبوته ﷺ عرفت وأذيعت فى الملأ الأعلى يوم أن كان سيدنا آدم مجندل فى طينته بين الروح والجسد ؟
ولنا أن نتساءل معا أنت وأنا : لماذا لم تذع نبوة ذلك المخلوق الذى يوشك أن تدب فيه الروح وهو : أبو البشر ؟
ذلك الذى جرى بشأنه حوار بين الله وملائكته :
" وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ
عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ (31) قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ (32) قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ (33) وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ " (13)
ولماذا لم تذع نبوة نبى آخر ؟ ولماذا محمد ﷺ وهو آخر الأنبياء ؟
أليس فى ذلك تقدير واحتفاء وإعلاء لمقامه المنيف ؟ فهل أُلام لو أنى طربت يوم مولده ، وأحسست بالكون كله يطرب معى حتى أطفالى ؟ وكيف يطربون ؟ بل كيف يفهم الأطفال معنى النبوة العظيم ؟ وكيف أدعوهم إلى محبته وأحرضهم عليها ؟ وهل اُلام لو أنى قدمت لهم حلوى ، حتى يدرك أطفالى هذا المعنى أو بعضه ؟
إن كتابا صدر أغنانى عنوانه عن قراءته ، صدقنى لقد فرحت بالعنوان ، وأحسست به دعوة كريمة ، ضممت عليها جوانحى ، حتى لا تهرب منى بين الكلمات ، هذا الكتاب بعنوان كريم نبيل حبيب : " علموا أولادكم حب النبى ﷺ " لمؤلفه الوزير السابق محمد عبده يمانى جزاه الله خيرا .
قبلت الدعوة وأرجو أن يقبلها جميع المسلمين ، وأن يوجهوا ويقوموا بعض التجاوزات التى تحدث إن وجدت دون غضاضة .
والله يهدينا إلى ما فيه الخير والصواب .

مقال ذكريات وتأملات في يوم مولده صلى الله عليه وسلم
1422 ربيع الاول

فضيلة مولانا الشيخ محمد الطاهر الحامدي  #قيثارة الحب النبوي
29/08/2025

فضيلة مولانا الشيخ محمد الطاهر الحامدي
#قيثارة الحب النبوي

هلالَ ربيعٍ عدتَ باليمنِ ثانيا                               فحَرَّكْتَ أَشْجَانِي وَهَيَّجْتَ مَا بِيَاوَأَضْرَمْتَ نَا...
26/08/2025

هلالَ ربيعٍ عدتَ باليمنِ ثانيا
فحَرَّكْتَ أَشْجَانِي وَهَيَّجْتَ مَا بِيَا
وَأَضْرَمْتَ نَارَ الْوَجْدَ بَنيَ جَوَانِحِيَ
وأَبْدَيْتَ مِنْه اليَوْمَ مَا كَانَ خَافِيَا
وَأَذْكَرْتَنِي أَيَّامَ كُنا بِطَيَبَة
نَشيمُ الْغَوَادِي أَوْ نَشُمُّ الْغَوالِيَا
وَأَحْيَيْتَ آمَالِي وَكُنَّ بَوَالِيًا
وَجَدَّدْتَ لِي عَهْدَ الصِّبَا وَالتَّصَابِيَا
وَقَرَّبْتَ لِي دَارَ الْحَبِيبِ كَأَنّنِي
أَرَاهَا وَإِن شَط اَلْمَزَارُ حِيَالِيَا
وَمُثِّلْتَ لِي لما دَنَوْنَا مِنَ الحمى
وَقَدْ أَغْرَقَتْ مِنَّا الدُّمُـوعُ المَاقِيَا
ولما عَطَفْنَا نَحْوَ رَوْضَة أَحْمَد
وَقُمْتُ تجاه الْقَبْر ثَمَّ مُنَاجِيَا
وَقَفْتُ تجاه الْقَبْر وَلْهَان بَاكِيًا
أَبُثَّ لَهُ وَجْدِي وَأَشْكُو التَّنَائِيَا
أُنَاشِدُهُ الْعَطْفَ الَّذِي هُوَ أَهْلُه
وَأَسْأَلُهُ عَمَّا جَنَيْتُ التَّغَاضِيَا
وَأَرْجُوهُ أَنْ يَأْسُو جِرَاحِي وَعِلَّتِي
ومازَالَ فِي رَأْيِي الطَّبِيبَ الْمُدَاوِيَا
هُوَ الْمُصْطَفَى أَزْكَى الْبَرِيَّةَ مَحْتِدًا
وَأَشْرَفُهَا أَصْلًا وَأَكْرَمُ نَادِيَا

من قصيدة هلالَ ربيعٍ عدتَ باليمنِ ثانيا
للفضيلة العارف بالله تعالى الشيخ محمد الطاهر الحامدي
ألقاها سنة 1376 ه -1948 م

مَجْلَى شمائله فى يوم مولده  لفضيلة الشيخ/الطاهر الحامدىمن الصفات البارزة والسمات الخُلُقية التى اشتهر بها فى قومه - حتى...
24/08/2025

مَجْلَى شمائله فى يوم مولده
لفضيلة الشيخ/الطاهر الحامدى

من الصفات البارزة والسمات الخُلُقية التى اشتهر بها فى قومه - حتى قبل بعثته - وأصبحت علمًا عليه: "الأمين"، فإذا قيل: أقبل (الأمين)، كان المَعْنِّىُّ: محمدًا، وإذا سئل من (الأمين)؟ كان الجواب: محمدا ،وإذا سئل عن(الأمين)؟كان الجواب:محمدًا.

ويوم التوتر والإختلاف الذى وصل إلى حدِّ سلِّ السيوف - حين بناء الكعبة - وأوشك القتالُ أن يحتدم،وهلَّتْ طلعتُه البهيَّةُ من باب الحرم، واشرأبَّتِ الأعناقُ إلى المنقذ المنتظَر،وكان (الأمين) محمدا.
وقصدي اليوم قبل كل شئ وبعده:
أولا : أن نعيش لحظاتٍ فى رحاب الشمائل المحمديَّة،صافيةِ النَّبعِ،طيِّبةِ الثمار،أو قلْ نعيشُ مع منبع المسك،فلعلنا نشتري أو يُمَنُّ علينا بلا ثمنٍ، وذلك حاصلٌ - بفضل الله - وبكل تأكيدٍ، وإذا لم يكن هذا أو ذاك، يعني إذا لم يكن مَنٌّ أو شراءٌ، فسوف نشمُّ رائحةً زكيةً زاكيةً تُصلِحُ ما أفسدتْهُ الشهواتُ فينا،وتقوِّمُ ما دمَّرَتْهُ الأهواء فى الفطرة السوية...يارب...يارب...يارب.
ثانيا : قصدتُ ألا ألِجَ باب اللَّجاج السمجِ المُمِلِّ، هل نحتفل؟ أو لا نحتفل؟ وما حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟
فقد سقطنا جميعًا - مؤيدين ومعارضين، كارهين أو راغبين - فى هذا المستنقع الراكد طويلًا،وجنى الأعداء من شقاقنا أكثر مما كانوا يستطيعون أو يطمحون، وتخلفنا كثيرًا كثيرًا بسبب انشغالنا بحوار الطرشان - كما يقولون - وعانينا بسبب التخلف كثيرًا، وكانت النتيجة الحتمية الموجعة: أن العلمانيين هلَّلوا كثيرًا إلى حد الطرب،ونسبوا التخلف الذي تعانيه الأمة الإسلامية إلى الإسلام !!!!! وكأن المتخاصمين استمرؤوا الخلاف وتلذذوا به !!!!!
وأنا أرى أن التخلف الذى نعانيه ونعيش فيه، عقوبة مستحقة على المسلمين لتخليهم عن الدين القويم، لا لتمسكهم به كما يزعم العلمانيون أو الحداثيون.
وأنا اليوم أحاول أن أتخلص - والمسلمون معي بإذن الله - من العناد الشاذ، والشذوذ المعاند، ونعيش لحظات فى ظل النموذج النبوي، والكمال الخَلْقى والخُلُقى معًا، نتفيأ ظلال الرحمة المهداة مع النبي (الأمين).
فأنا أود أن أقص عليك بعض شمائله حتى كأنك تُعايشه، ولا أنا - ولا غيري - نزعم أننا قادرون أن نحصيها، لسببين:
السبب الأول: لأن هذا الباب أُغلق تماما بقوله "لا يعرف قدري غير ربى"، ولست فى حاجة بعد هذا أن أقول إن الشمائل التي وهبها الله لنبينا هى التي أهلته لهذه المكانة السامية، وحجبت المقام الشريف عن علم البشر.
السبب الثاني: أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كان جل همهم معرفة الشرع والأحكام، وكل ما حَكَوْهُ عن شمائله كان مما ظهر ولاح ولفت أنظارهم مما لم يألفوه من عادة معاصريهم.
ولهذا فسوف أحكى لك - بعض-شمائله حتى كأنك تعايشه وتشتاق إليه ويسكن حبه قلبك، ولإن فاتك لقاؤه فى الدنيا فسينفعك حبك له فتفوز بصحبته إن شاء الله في الجنة، والمرء مع من أحب، كما بشر المحبين .
وما أحسن قول القائل:
أخِلاَّى إنْ شطَّ الحبيبُ وربعُهُ وعَـزَّ تلاقيه ونـاءتْ منازلُهْ
وفاتكمُ أنْ تُبْصـروهُ بعينكمْ فما فاتكمْ بالعين هذي شمائلُهْ ()
ودعني أنقل لك-ما تسمح به المساحة - بعضًا من صفاته خَلْقًا وخُلُقًا، وهدفي من ذلك أن تتعلق بجنابه المنيف العالى،وتعشق هذا المثال الفريد لتعمل وتقتدي وتحب.
عن مالك بن أنس- صاحب المذهب المعروف - عن ربيعة بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك - خادم النبي - وهو يصف بعض خلقه الظاهرة يقول: كان رسول الله ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق ولا بالآدم، ولا بالجَعْدِ القَطَطِ ولا بالسَّبْطِ.
قال صاحبي - فى لهفة متهللًا متعجلًا - أرجوك وضح لي هذه الكلمات، حيث إننى ما زلت من يوم "الكاريكاتيرات" المشينة المسيئة لرسول الله أحس بالتقصير فى حقه لعدم معرفته كما ينبغي لجنابه العظيم، فهو سيد الخلق وأفضل الرسل، وإنني فى حاجة إلى معرفة كل أحواله خَلْقًا وخُلُقًا حتى أزدادَ له حبًّا وبه تعلقًا.
قلت على الفور مقاطعًا: طبعًا ليس هذا الذي أرجوه منك، ولا هو قصدي مما أكتب اليوم!!!
قال- في استعجالٍ ملحوظٍ ولهفةٍ غاضبةٍ: كيف؟ هل ترضيك الإساءة التي حدثت لنبينا؟
قلتُ متسائلًا - في رَوِيَّةٍ وتَعَقُّلٍ: هل تتصورُ أنَّ ما حدث يرضى عنه عاقل؟ لأن الإساءةَ والسخريةَ بأي إنسانٍ عملٌ مشينٌ يأباه العقلاءُ، فضلًا عن مسلم يؤمن بالله ورسله !!!
ثم واصلتُ كلامي قائلًا: إنَّ الذي لا أريده منك ولا من كل مسلم أن يكون دافعك إلى معرفة رسولك وسيرته خَلْقًا وخُلُقًا هو رد فعلٍ لما حدث، فذلك عيبٌ فينا جميعًا فى حياتنا كلها وعلاقاتنا مع الآخرين أننا نتصرف برد الفعل أكثر مما نتصرف بالفعل !!! حتى فى الحب والرضا وليس فى الغضب فقط، وهكذا أفهم قوله "ليس الواصل بالمكافئ"، يعنى لا يُعَدُّ واصلًا رحمه من يصل الذى يصله فقط، فهذا التصرف منقوصٌ مرفوضٌ، أساسه رد فعل معيبٍ، إنما ينبغي أن يكون الباعث على الود والصلةِ هو امتثالُ أمر الله تعالى وأمر رسوله بصلة الأرحام والإحساس بالناس.
فدائمًا ما يكون رد الفعل - حـبًّا أو كرهًا - مندفعًا غاضبًا،غير متوازنٍ أو معقول.
وما هكذا ينبغي أن تكون صلتنا برسول الله اندفاعًا أهوجَ، وردَّ فعلٍ غيرَ متريثٍ ولا محسوبٍ، إنما يجب أن تكون حبًّا واعيًا، ينتج سلوكًا مستقيمًا واتباعًا رشيدًا،وفعلًا منتجًا لحبٍ يتخلل حنايا الضلوع، ولولا هذا الحب العميق الواعي الرشيد، ما وصلت إلينا هذه الأوصاف الدقيقة الشريفة له، فإنت إذا طالعت كتب الحديث والسيرة رأيت أصحابه المحبين حوله يتابعونه فى دقة وشوق، يصفون ابتسامته ومشيته والتفاته وإنحناءه، وركوبه راحلته وترجله،وكل هذا نتاج فعلٍ واعٍ متبصرٍ، وتعلقٌ ولهانُ أسيرُ الشمائل المحمدية ذات الإشعاع المؤثر الذى يجذب القلوب والعقول، وأعتقد أن بعض هذا الحب والوله والانجذاب اليقظ الفطن هو الذي جعل سيدنا أنس بن مالك يعتصر من الألم بعد أن وَارَوا جثمان رسول الله التراب ويقول: ما إن وارينا رسول الله حتى أنكرنا قلوبنا، يعنى - والله أعلم - أن نورًا كان يملأ قلوب أصحابه من عشرته ومعايشته - وأحسب أنَّ تأثُّرَ قلوبهم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وعدم مجالسته ومخالطته أصبح استقبالهم له أقل بحكم أنهم أحياء، ومثل ذلك كان يحدث معهم فى حياته عند مفارقتهم مجلسه، كما ورد فى حديث حنظلة قال: نكون عندك فتذكر لنا الجنة والنار، فكأنَّا رأيَ عينٍ، فإذا عافسنا الأزواج والضيعات نسينا كثيرا،فلم ينكر عليهم ذلك، وإنما قال "لو تدومون على ما أنتم عليه عندي والذكر، لصافحتكم الملائكة فى الطرقات، ولدخلت عليكم فرشكم "، فتواجدهم فى حضرته يكسبهم حالًا تذهب بمفارقته، والذكر كذلك يكسب هذه الحالة، ويجوز أن تكون المجالسة مع الذكر هما معا يكسبان هذه الحالة، والله أعلم.
ونحن بمدارسة شمائله وتعلمها وكثرة الصلاة والسلام على جنابه العظيم لا شك - بإذن الله - واجدون هذا النور أو بعضه، كلٌ على قدر حاله وهمته !!!!!
وذات الوله الرشيد والانجذاب اليقظ هو الذي جعل أصحابه يتحوطون عبد الله بن عمر فى شوق ولهفة قائلين: صف لنا كيف كان حج رسول الله؟ وما ذاك إلا إنهم عرفوا شدة متابعته وتتبعه لرسول الله ، فأخذ يصف لهم أين نزل وكيف، ومتى سار وترجل، وهكذا وهكذا، وأحسب أنهم كانوا مشدوهين لم يفارقهم شغفهم لما يسمعون وكأنهم يطربون لما يشاهدون - حتى جاء فى مكان فدار بناقته، وهم يسألون فقال: والله ما أدري ولكني رأيت رسول الله يفعل !!! بخٍ بخٍ يا بن عمر.
ثم أعدت قولي لصاحبي: إن هذا الانجذاب الواعي اليقظ والحب الرشيد المستقيم، هو الذي أخذ بمجامع أنظار الخليفتين الأول والثاني - أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما - فجعلهما يلاحظان رسول الله كأنهما يراقبانه ويصوران كل حركة منه، حتى تبسمه، ثم يعقدان مقارنةً سريعةً فاحصةً بين المواقف المتشابهة، فيكون هذا الحوار المعطر بالملاحظة والمحبة، فبعد الوقوف بعرفات توجه إلى المزدلفة، يروي عباس بن مرداس فيقول: إن رسول الله دعا لأمته فأُجيب (أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم، فإني آخذ للمظلوم)، فقال رسول الله "أي رب إن شئت أعطيت الجنة وغفرت للظالم"، فلم يُجَبْ عشيةَ عرفة، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد فأجيب إلى ما سأل، قال عباس بن مرداس: فضحك رسول الله ،أو قال: تبسم، فقال له أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما: بأبى أنت وأمي إن هذه الساعة ما كنت تضحك، فما الذي أضحكك، أضحك الله سنك؟ قال"إن عدو الله إبليس() لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور()،يقول رسول الله "فأضحكني ما رأيت من جزعه ().
قال صاحبي - في قلق ظاهرٍ: إن هذا القول يجعل الظالمين والطغاة يتمادون في ظلمهم !!
قلت لصاحبي- في نبرةٍ لا تخلو من عتابٍ وأسفٍ: إنك تقيس أحوال الآخرة بمقياس الدنيا، وتتحكم في مشيئة الله تعالى كأنك خالق الكون والناس!!! وعلى أي حالٍ اسمح لى أن أقول لك - بمقياسك الدنيوي البشرى: لو أن شخصًا ارتكب خطأً وأخذ عليه جزاءً،وبعد مُضِيِّ مدةٍ معينةٍ تمحى الجريمة من صحيفة السوابق،وكما يقولون فى القانون الإداري: يمحى أثر الجزاء وكأنه لم يكن،فهل تعاب جهة الإدارة - أو السلطة المختصة - إن عفت عن مذنبٍ أو ملامٍ؟ وهل يكون فيما فعلت تشجيعا للمذنبين والخطائين؟
ثم واصلت حديثي - في أملٍ ورجاءٍ أنْ نتخلصَ من ضغائنِ الدُّنيا وأدرانها - وقلت: ألا تعلم أن فى الجنة درجاتٍ، ولعل الظالم - حتى بعد العفو - يكون فى درجة يتحسر فيها على أنه ظلم فى الدنيا، ولو أنك أضفت إلى ذلك ما روي "أن من بين عذاب العصاة فى قبورهم أن الله يطلعهم على مقعدهم من الجنة لو أنهم أطاعوه، وكذلك من بين نعيم المؤمنين الطائعين أن الله يطلعهم على مقعدهم من النار لو أنهم عصوه"، وبذلك تتضاعف حسرة العصاة، ويزداد فرح التائبين !!!
ثم قلت: هل لو أتيحت الفرصة للترقية،هل يُرشح صاحب السوابق؟ أو الذى لم يرتكب ذنبًا؟
قال صاحبي على الفور: بالطبع الذي لم يرتكب إثمًا ولا ذنبًا.
قلت: إذن العفو والغفران لم يؤهله لمنـزلةِ أخيه، ثم قلت: لماذا تزن الأمور بهذا الميزان الضيق؟ كأنك تتحكم فى رحمة الله تعالى، تأمل قول البوصيري :
لعلَّ رحمة ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيان في القِسَمِ
فكثير المعاصي ينال من رحمة الله الكثير، فقد يبدل الله سيئاته كلَّها حسناتٍ ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الفرقان 70 صدق الله العظيم
وإلى لقاء آخر إن شاء الله،،،

15/08/2025
🌿 في ذكرى فضيلة مولانا الشيخ الطاهر الحامدي  محرم 1445 هـ الموافق 16 اغسطس 2023 🌿
15/08/2025

🌿 في ذكرى فضيلة مولانا الشيخ الطاهر الحامدي
محرم 1445 هـ الموافق 16 اغسطس 2023 🌿

19/07/2025

🌿 في ذكرى فضيلة مولانا الشيخ الطاهر الحامدي
محرم 1445 هـ الموافق 16 اغسطس 2023🌿

Address

أرمنت الحيط
Luxor

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when تراث الشيخ الطاهر الحامدي posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Share