25/11/2025
#الصوم
👈في فكر جون كالفن👇
🔲مفاهيم خاطئة
✖️الصوم غاية في حد ذاته
✖️الصوم يجعل الله يرضى عنَّا
✖️الصوم فضيلة أساسية
🔲أهداف الصوم
✔️اخضاع الجسد
✔️الاستعداد للصلاة والتأمل
✔️إقرار بالتواضع والتوبة
ــــــــــــــــــــــــــــ
👈يتكون كتاب أسس الدين المسيحي من أربعة كتب، كل منها يترتب على الآخر. ويعتبر المبدأ العام الذي يتبعه جون كالفن في ترتيب لاهوته النظامي هو كالآتي: يبدأ كالفن في الكتاب الأول بالحديث عن معرفة الله الخالق وكيف يمكن معرفته بشكل عام. ومن ثم ينتقل في الكتاب الثاني للحديث عن معرفة الله الفادي. ومن ثم في الكتاب الثالث بالحديث عن كيف نقبل المسيح وكيف نتمتع بالحياة في قداسة وتقوى بفضل عمل الروح القدس. وأخيرًا في الفصل الرابع يتكلم عن الأمور الخارجية التي من الممكن أن تعين المؤمن في ثباته في المسيح، ومحور هذه الأمور كلها هو الكنيسة. لذلك ففي دراسة هذه الأربعة كتب دراسة عن الله الثالوث الآب والابن والروح القدس وأخيرًا الكنيسة. وفي هذا الترتيب حكمة شديدة، فما يشكل لاهوت جون كالفن ليس هو السيادة الإلهية كما يُظن ولكن الثالوث الأقدس الذي ضم له شعبًا يتمتع بمجده.
👈ومن المثير أنه في حديثه عن حياة التقديس لم يذكر كالفن شيئًا عن الصوم، ربما فقط أشار في الكتاب الثالث والفصل العاشر منه عن خطورة التزمت الخاطئ واللين الخاطئ، مشجعًا المؤمن المسيحي على عدم الانغماس في ملذات الحياة لئلا ينزلق الإنسان في إطلاق العنان لشهوته. وفي هذا يحث قارئه على الاعتدال في استخدام الملذات بما فيها الطعام والشراب.
👈ولكن عندما تحدث عن الصوم وضعه في إطاره الكتابي، كتذلل أمام الله، وذلك في سياق توبة الكنيسة أو أحد أفرادها إثر وجوده تحت طائلة التأديب الكنسي. يبدأ كالفن الفصل الثاني عشر من الكتاب الرابع في مجلد أسس الدين المسيحي بالحديث عن ضرورة التأديب الكنسي وطبيعته، وكيفية تطبيقه. ومن ثم ينتقل في البند الرابع عشر للحديث عن ممارسة العمل الكفاري الجماعي والمتبادل. وهنا لا يقصد عمل كفاري كتكميل لعمل المسيح، ولكن باعتباره الجزء المتبقي من التأديب الكنسي عندما يقع حكم بالتأديب على فرد، أو حتى إدراك وجود تأديب من الرب على جماعة في شكل أوبئة أو حروب أو مجاعات. فعلى الرعاة أن يحثوا رعيتهم على الصلاة والصوم المصاحب بالتوسلات الجادة كي يرفع الله تأديبه عنهم. (كالفن، أسس الدين المسيحي، ٤ ،١٢، ١٤).
ومن ثم ينطلق كالفن للحديث عن الهدف من الصوم وطبيعته ومناقشة التعليم الخاطئ عنه. وهو ما سأحاول تلخيصه في النقاط الآتية:
1️⃣الهدف من الصوم (كالفن، أسس الدين المسيحي، ٤، ١٢، ١٥)
يضع كالفن ثلاثة أهداف للصوم وهي:
لإخضاع الجسد ولقمعه كي لا ينغمس في الملذات، ويقصد هنا ليس الجسد المادي بل الطبيعة الإنسانية الخاطئة الساكنة فينا والتي نميتها بسلوكنا بخضوع للروح القدس) وفي هذا الهدف ينسبه للصوم الفردي وليس للجماعي ولا يضع له قاعدة، موضحًا انه لا تتساوى كل الأجسام في بنيتها او في أحوالها الصحية.
لنصبح أكثر استعدادًا للصلوات والتأملات المقدسة، وهنا يقرنه بالصلاة وتركيز الاهتمام على الرب من دون النفس، ويحث الكنيسة كلها على ممارسته. ولكنه سيوضح بعض المخاطر عن هذه النقطة في البنود القادمة.
ليكون إقرارًا منا باتضاعنا أمام الله عندما نريد أن نعترف بذنوبنا قدامه، وهنا يضعه في الإطار الفردي للخاطئ التائب في محكمة كنسية، أو للكنيسة كلها في حالة طلب الله لرفع وباء أو أو مجاعة عن البلاد. وفيه يعبر الصائم عن قلب منكسر و اعتراف علني بالخطية.
2️⃣الصوم والصلاة (كالفن، أسس الدين المسيحي، ٤، ١٢، ١٦)
يوضح كالفن ان الصوم في أغلب الأحيان يمارس جماعيًا أكثر من ممارسته فرديًا كعلامة تذلل. ولذلك فهو يقترن دائمًا بالصلاة، ويعبر هذا الصوم أن الشخص أو الجماعة يتفرغون للصلاة بلا هموم وبمزيد من الشغف. يشير كالفن ان الجميع يعرف أنه عندما تمتلئ البطون، تبلد الأذهان عن ان ترتفع إلى الله بالصلاة. وأنا أرى أنه هنا يشير كما قال سابقًا إلى عدم الإفراط في الملذات بشكل عام في الحياة مما يعطي فرصة للجسد أن ينزلق في الشر والابتعاد عن الله.
3️⃣الصوم وممارسة العمل الكفاري (كالفن، أسس الدين المسيحي، ٤، ١٢، ١٧)
في هذا البند يسرد كالفن بعض المواضع الكتابية كما ذكرناها في البداية عن صوم شعب الله للتوبة أو حتى صوم أهل نينوى تعبيرًا عن توبتهم. وفيها وقوف أمام عرش الله للتذلل وطلب الرحمة. ويشجع على ممارسة هذا الآن في العهد الجديد أيضًا مقتبسًا قول الرب: ” ولكن ستأتي أيّامٌ حينَ يُرفَعُ العَريسُ عنهُمْ، فحينَئذٍ يَصومونَ.” (مت ٩: ١٥).
4️⃣ طبيعة الصوم (كالفن، أسس الدين المسيحي، ٤، ١٢، ١٨)
يتطرق كالفن في هذا البند للحديث عن جوهر الصوم، ويوضح أنه ليس مجرد الامتناع عن الطعام، بل شيئًا آخر. فينبغي أن يتحلى الأتقياء طوال حياتهم بالاقتصاد في الإنفاق والتيقظ، بحيث يتشبه سلوكهم بما يقارب الصوم. ولكن ثمة نوعًا آخر من الصوم، مؤقت في طبيعته، عندما نتراجع عن نمط العيش العادي، إما فترة يوم واحد أو مدة محددة، ونعاهد ذواتنا على تضييق أشد في الغذاء.
وفي هذه المدة نعتكف لأجل السبب الذي تعين لأجله الصوم، ولا يأكل أصناف متعددة تتزين بها المائدة ونقلل من الكميات التي نأكلها.
5️⃣اعتقادات خاطئة في الصوم (كالفن، أسس الدين المسيحي، ٤، ١٢، ١٩)
أعتبر هذا البند والبند التالي له من أهم البنود التي توضح مفهوم الصوم أكثر وأكثر من خلال توضيح تباينه مع ما هو ليس الصوم الكتابي. وهنا سأذكر أولًا مقدمة هامة لهذه المعتقدات الخاطئة.
يقول كالفن: “علينا أن نحتاط بشكل خاص لئلا يزحف إلى أذهاننا أي فكر خرافي، كما حدث في الماضي مسببًا ضررًا فادحًا للكنيسة. فإنه من الأفضل ألا يُمارس الصوم إطلاقًا، من أن يمارس بعناية شديدة ومرتبطًا بمعتقدات خاطئة وضارة يسقط العالم فيها تكرارًا، ما لم يواجهها الرعاة بأعلى درجة من الأمانة والحكمة.”
أول ما يشير إليه كالفن هو: حث الرعاة أن ينصحوا الناس بأن الله لا يستحسن الصوم في حد ذاته، إن لم يرافقه شعور قلبي خفي، وكره حقيقي للخطية التي يصوم صاحبها بسببها، واتضاع صميم، وندامة مخلصة نابعة من مخافة الله. وبهذا يوضح كالفن أهمية التوجه القلبي المتواضع أمام الله وأن الصوم هو علامة التذلل والتواضع أمام الله.
من الخطأ اعتبار الصوم عملًا يحسب رصيدًا للصائم، أو صيغة من العبادة المقدسة. وهنا ينقض كالفن الفكرة الخاطئة التي تقول أن الصوم هو فرض من الفروض التي أمر بها الرب.
من الخطأ أيضًا الإصرار بصرامة على جعل الصوم إحدى الفرائض الرئيسة، وتبجيله بالمدح المفرط كما لو أن الصائمون فعلوا صنيعًا نبيلًا. وفي هذا الصدد ينقد الكتاب الأقدمين (بعض آباء الكنيسة) الذين وضعوا بذور الخرافة في وضع الصوم في مكانة أعلى مما هو عليه، وامتداح مميزاته امتداحًا يضعه في مصاف الفضائل الأساسية.
انحطاط ممارسة الصوم عبر تاريخ الكنيسة (كالفن، أسس الدين المسيحي، ٤، ١٢، ٢٠): هنا ينقد كالفن ممارسة الكنيسة الكاثوليكية بممارسة الصوم في فصل الآلام (الصوم الأربعيني) وينقد المفهوم المنتشر آنذاك عن أن هذا الصوم هو بمثابة إبداء خدمة استثنائية لله. بل بنقد تأييد الرعاة لها نظير الإقتداء بالمسيح. رافضًا بذلك أن يكون صوم المسيح مثالًا يحتذى به، ولكن الرب قد صام عند بداية إعلان بشارة الإنجيل. باعتبارها رسالة من السماء وليست تعليمًا بشريًا على غرار استلام موسى للناموس من السماء وليس من البشر. مستعجبًا إلى أن هذا (ما يسميه كالفن: الهذيان المحض) استطاع أن يتسرب إلى أذهان أناس عقلاء يتسمون بالفطنة والتمييز الوافرين. موضحًا أن المسيح لم يصم بالتكرار، بالإضافة إلى أن صومه يناسب استطاعة الناس. وكذلك لم يتبعه أحد من القديسين والآباء الأولون. لذلك فهو يرى أنه حماسة مُضللة وخرافة متناهية لتبرير هذا النوع من الصوم المتكرر على اقتفاء مثل المسيح.
نقلًا عن: موقع ائتلاف الإنجيل