07/09/2025
إرم ذات العماد | قوم عاد
وعد الله عزّ وجل نبيّه نوحًا عليه السلام وعدًا عظيمًا:
{ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ }
أي أن نسل نوح هو من سيبقى في الأرض بعد الطوفان.
نجّى الله ذرية نوح، وكان له ثلاثة أبناء:
سام – حام – يافث
انتشر كل منهم في الأرض بعد وفاة أبيهم.
توجه سام إلى منطقة تُدعى (الأحقاف) وعاش فيها هو وابنه عوص.
وبعد موت سام، استمر عوص في نشر الدعوة، وأنجب ولدًا اسمه إرم.
🔸 إرم بدأ بالتطاول في البنيان والتجبر،
🔸 حكم مدينة داخل الأحقاف – بين عمان وحضرموت –
🔸 وبعد وفاته، أُطلق على المدينة اسمه: إرم
ثم جاء ابنه: عاد
وكان قوم عاد طوال القامة، قيل إن القزم فيهم طوله 60 ذراعًا!
وكانوا أقوى وأضخم وأغنى الأمم، حتى وصفهم الله:
{ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَاد }
بنوا القصور والمعابد والمصانع والمزارع،
وصنعوا مواد وأدوية ظنّوا أنها تجعلهم خالدين!
قال تعالى: { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ }
لكن بعد القوة والملك، بدأ عاد ينشر عبادة الأصنام:
صنعوا أصنامًا بثلاثة أسماء: صمود – صدأ – هباء
وتبعتهم الناس من باب الاقتداء والجهل.
وهنا، أرسل الله إليهم نبيًّا منهم اسمه هود عليه السلام:
{ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ }
كان رقيقًا، حكيمًا، قوي الحجة...
لكنه واجه كفرًا وعنادًا شديدًا.
قالوا له:
{ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا }
{ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ }
{ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ }
حتى قالوا له متحدّين:
{ فَأْمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ }
لكن هود لم ييأس. دعاهم لسنوات، فلم يتبعه إلا القليل.
ثم قال لهم:
{ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ }
☁️ بداية العذاب:
توقّف المطر ثلاث سنوات...
جفّت الأرض، مات الزرع، انهارت الصناعات، وجاع الناس!
ثم أمر الله نبيّه أن يخرج بالمؤمنين إلى الكهف خارج المدينة.
وفي يوم شديد السواد، ظهرت سحابة عظيمة فوق الأحقاف.
فصرخت امرأة تُدعى مَهد من شدة الرعب، وقالت بعد إفاقة:
"رأيت ريحًا فيها نار، يقودها رجال عظام!"
لكن قوم عاد قالوا:
{ هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا }
وراحوا يرقصون فرحًا، مردّدين: (كذب هود)!
فقال هود عليه السلام:
{ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }
فجأة، بدأت الريح العاتية تضربهم،
تقذف أجسادهم، تفصل رؤوسهم، وتدمر كل شيء...
7 ليالٍ و8 أيام من الرعب والصراخ والدمار!
قال تعالى:
{ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا }
{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ }
🏚️ النهاية:
خرج سيدنا هود ومن معه من الكهف، فوجدوا المدينة وقد اندثرت.
تحوّلت إلى رمال، ولم يبقَ منها إلا الأعمدة الشاهدة على الطغيان.
قال تعالى:
{ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا }
قالوا يومًا:
**{ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً }
فردّ الله عليهم بأضعف جنوده: الهواء
✦ ثم رحل سيدنا هود إلى حضرموت يدعو أهلها للإيمان.
وآمن بعضهم وتبعوه، واستمر الخير حتى وفاته.
وبعد زمنٍ طويل…
جاءت أمة ظالمة جديدة: قوم ثمود
وسنروي قصتهم في منشور لاحق بإذن الله.
📚 المصادر:
القرآن الكريم وتفاسير (الشعراوي – ابن كثير – الطبري – القرطبي)
كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير