
01/07/2025
عن حادثة "فتيات المنوفية" مصر
👇👇👇
في خضم الضجة الهوجاء التي أحدثتها حادثة "فتيات المنوفية" على كل منصات السوشيال ميديا المصرية، من الصفحات الشخصية التي تحولت فجأة إلى مراكز إعلامية، مرورًا بالصحف الإلكترونية الصفراء التي وجدت ضالتها في تفاصيل الواقعة، وصولًا للصفحات العامة التي سارعت لنشر الخبر وطلب "تفاعل" و"كومنتات"
👇👇👇👇
يبرز سؤالٌ وجودي، بل وفلسفي من الطراز الأول: إذا كانت مصر كلها قد كتبت عن الحادث، فمن الذي قرأ؟!
دعونا نفكك هذه المعضلة الكوميدية الساخرة. تخيل معي المشهد:
✅الأم المصرية: التي فتحت فيسبوك لتطمئن على "أولادها" الإلكترونيين، فوجدت نفسها أمام سيل جارف من المنشورات عن الحادثة. ربما قرأت أول سطرين، ثم تذكرت أنها لم تضع الملح في الأرز، وأغلقت الهاتف لتكمل طبخها. هل تعد من القراء؟ أم أنها مرت مرور الكرام؟
✅الشباب المتعطش للتريند: هذا الكائن الفريد الذي يفتح هاتفه لا ليقرأ، بل ليرى "إيه اللي ماشي النهاردة". بمجرد أن يرى الخبر الأكثر انتشارًا، ينسخ ويلصق ويضيف "إيموشن" حزين، ثم يرمي هاتفه جانبًا ليتابع أحدث "ريلز" تيك توك. هل يعتبر ناشرًا أكثر منه قارئًا؟
✅الصحفي الإلكتروني "الأصفر": مهمته الأساسية ليست نقل المعلومة بدقة، بل "جذب الانتباه". يكتب عناوين مثل: "صدمة: ما لم تتوقعه عن فتيات المنوفية!" أو "تفاصيل تقشعر لها الأبدان: ماذا حدث حقًا في المنوفية؟". هل هو قارئ لما يكتبه الآخرون؟ أم مجرد مُغذٍ لهذا المحتوى اللانهائي؟
✅"الخبير" الاجتماعي/النفسي على السوشيال ميديا: هذا الشخص الذي يظهر فجأة لتحليل الأسباب والنتائج وتقديم الحلول، وغالبًا ما تكون نظرته عميقة جدًا لدرجة أنها لا تُفهم. هل قرأ تفاصيل الحادثة أم اكتفى بالعناوين ليطلق نظرياته؟
✅الصفحات العامة التي تبحث عن التفاعل: تنشر الخبر، وتطلب من المتابعين "ادعوا لهم بالرحمة" أو "إيه رأيكم في اللي حصل؟". الهدف هنا ليس نشر الوعي بالحادثة قدر الإمكان، بل تحقيق أكبر عدد من الإعجابات والتعليقات والمشاركات. هل يهتمون بما هو أبعد من أرقام التفاعل؟
👇👇👇
في النهاية، يبدو أن مصر تحولت إلى أوركسترا ضخمة، كلٌ يعزف نغمته الخاصة عن حادثة "فتيات المنوفية". ولكن وسط هذا الصخب، يبقى سؤال "من الذي قرأ؟" معلقًا في الهواء، بلا إجابة واضحة. ربما الإجابة تكمن في أننا جميعًا "كتبنا" وتجاهلنا "القراءة"، في ظاهرة تعكس بحق طبيعة عصر السرعة الرقمي، حيث الكلمة المنطوقة أو المكتوبة تفقد معناها الحقيقي في زحام محاولات لفت الانتباه.
👇👇👇
أخيرا وليس آخرا
جتكوا نيله مليتوا البلد.