كتامة بلد القرآن

كتامة بلد القرآن قرية كتامة مركز بسيون القرآن لهُ سطوة إذا حلت على القلب بدلته إلى جنة كأن الروح مع القرآن تغتسل من أدران الدنيا تأثيره على القلب كتأثير الغيث على الأرض

05/10/2025

إن قرآن الفجر كان مشهودا

22/09/2025

الطلاق في كتاب الله
" ميزان إنساني رفيع "
حين يتحدث القرآن عن الأسرة، فإنه لا يتعامل معها كعقد اجتماعي بارد، ولا كحلبة صراع، بل كـ أمانة ثقيلة وميثاق غليظ.
في هذا الإطار، تتضح لنا أربعة مفاتيح لغوية ومفهومية، بها يكتمل الفهم الصحيح لآيات الطلاق:

1. الرجال : ليست وصفًا لجنسٍ دون آخر، بل من الجذر (ر ج ل) الذي يدل على الثبات والرصانة والقدرة على القيام بالمسؤولية.
قد تتحقق هذه الصفة في رجل أو امرأة، فهي معيار للقوة الأخلاقية والقدرة على حمل الميثاق.

2. الدرجة : ليست سلطة مطلقة، بل هي رجحان في الموقف لصاحب المسؤولية الأقدر على إصلاح العلاقة عند التعارض.
هي كفة راجحة وقت النزاع، لا تاجًا للسيطرة الدائمة.

3. الإيلاء : من الجذر (أ ل و) أي الحلف والامتناع والتوقف.
والإيلاء هنا أن يمتنع أحد الطرفين عن القيام بمسؤوليته داخل الزواج، فيُمهَل أربعة أشهر.
مدة متوازنة: تكفي للتفكير والتأكد من خلو الرحم من جنين، وتمنع المماطلة المؤذية وتعليق الحياة بلا أفق.

4. حدود الله : ليست جدرانًا صامتة، بل منظومة من الحدود العليا والدنيا التي تضبط العلاقات الأسرية والمجتمعية: إمساك بمعروف، تسريح بإحسان، توثيق الحقوق، العدل في المهر والنفقة، تحريم الظلم والاعتداء.
كلها وصايا منضبطة في كتاب الله، لا تترك مصير الأسرة نهبًا للأهواء.

الطلاق ليس كلمة غضب

خلافًا لما رسخته التقاليد من تصوير الطلاق كصرخة غضب أو لفظ عابر، يضع القرآن منهجًا رصينًا:

* تبدأ القصة بمرحلة الإيلاء:
أربعة أشهر من الصبر والتريث. إن استعاد الطرفان اتزانهما وأقيما حدود الله، كان الزواج قائمًا بمعروف.
* وإن عزموا الطلاق بعد هذه المهلة، فلا يكون قرارًا انفعاليًا بل تسريحًا بإحسان بعد استنفاد فرص الإصلاح.

هكذا تتحول "الطلقة الأولى" إلى ثمرة *مصارحة وتدبر*، لا إلى أثر انفعالٍ لحظي.

سقف الطلقات: مرتان + ثالثة فاصلة

القرآن وضع عددًا محددًا للطلاق، يحمي الكرامة من العبث:

*الطلاق مرتان*:
﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌۢ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌۢ بِإِحْسَٰنٍۗ﴾ (البقرة 229)
أي فرصتان فقط، لكل منهما فسحة للرجوع أثناء العدة أو عبر عقد جديد إن استمرت الرغبة.

*ثم الثالثة الحاسمة* :
﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنۢ بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًۭا غَيْرَهُۗ﴾ (البقرة 230)
الثالثة هي القفل النهائي. لا عودة إلا بزواج آخر قائم بذاته، يحفظ للمرأة حقها أن تُعامَل كزوجة حقيقية لا كرهينة بين نزوات رجل.

بهذا يغلق القرآن باب العبث، ويمنع تحويل مصائر الأسر إلى لعبة مفتوحة بلا سقف.

لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا

حتى بعد الوصول إلى لحظة الانفصال، يترك النص باب الأمل مفتوحًا:
﴿لَا تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًۭا﴾ (الطلاق 1).

قد يحدث:

* ميل جديد للإصلاح بعد الندم.
* تغيير في القلوب يفتح باب الرحمة.
* أو حتى نشوء ظروف تجعل العودة ممكنة بعقد جديد بعد تجربة ناضجة.

فالطلاق في القرآن ليس نهاية مأساوية، بل منعطفًا قد يقود إلى بداية جديدة .

الخلاصة

الطلاق في القرآن ليس هزلًا ولا فوضى، بل منظومة متكاملة:

*رجولة* بمعنى المسؤولية الأخلاقية، لا مجرد ذكورة.
*درجة* كترجيح مسؤول عند التعارض، لا تسلط مطلق.
*إيلاء* كمهلة للتفكير والتهدئة، لا سلاحًا للتعليق.
*حدود الله* كإطار عادل، لا جدران غامضة.

وفي قلب هذه المنظومة، يصبح الطلاق فعلًا إنسانيًا راقيًا، يحفظ الكرامة ويوازن بين
*فرص الإصلاح* و*منع التلاعب*.

22/09/2025

يُعتبر موضوع "نساء النبي" من أكثر القضايا التي أساءت الروايات التراثية توظيفها لتشويه صورة النبي محمد ﷺ حيث صُوّر وكأنه رجل نزوات يلهث وراء تعدد الزوجات.
غير أن التدبر المتكامل في النص القرآني يكشف صورة مختلفة كليًا تُبرز تشريعًا اجتماعيًا متماسكًا مرتبطًا برعاية اليتامى والأرامل لا بنزعات شخصية.

1. غياب الأسماء في القرآن: دلالة مقصودة

القرآن لم يذكر خديجة ولا عائشة ولا غيرهما من نساء النبي بالاسم. هذا الغياب ليس فراغًا بل رسالة لسانية واضحة:

* الهدف لم يكن سرد سيرة أسرية أو شخصية للنبي
* بل تأكيد أن بيت النبي يمثل نموذجًا اجتماعيًا تشريعيًا عامًا.

غياب الأسماء يرفع الخطاب من مستوى الأفراد إلى مستوى المقاصد الإنسانية الكلية.

2. معنى "نساء" بين اللسان والسياق

كلمة "نساء" في العربية ليست مجرد جمع "امرأة".
أصلها من الجذر (ن س أ) الذي يفيد التأخير والتبعية.
ومن هنا النساء :
هنّ الفئة التابعة أو المؤخرة في البنية الاجتماعية بما يشمل القصر الأرامل المستضعفات واليتيمات.

* استعمال الجمع في خطاب "نساء النبي" (الأحزاب 28، 30، 32، 59) لا يلزم منه التعدد العددي بل إبراز فئة مخصوصة في وضعية اجتماعية حساسة.

أما استخدام المفرد في سياقات مثل "امرأة نوح" أو "امرأة لوط"، فهو لكون الحديث عن حالة فردية محددة، بينما خطاب "نساء النبي" يحمل طابعًا تشريعيًا عامًا.

3. الفرق بين "نساء" و"أزواج"

أزواج النبي : وردت بصيغة الجمع في (الأحزاب 6، 50، 53) للإشارة إلى العلاقة الزوجية بوصفها رابطة أسرية.
هنا النبي في موقع "زوج" داخل شبكة أسرية اجتماعية قد تشمل من هن تحت رعايته كما في الآية 50/الأحزاب.
نساء النبي: وردت حيث الخطاب تشريعي وتأديبي موجه إلى الفئة التابعة في بيته (بمعنى المؤخرات/التابعات) بما يحمله ذلك من مسؤولية عامة تخص المجتمع كما في الآية 28/الأحزاب.

إذن التنويع القرآني بين "نساء" و"أزواج" ليس اعتباطًا بل يعكس فرقًا دقيقًا في المقصد والسياق.

4. آية التعدد (النساء 3) في سياق الأيتام

التشريع القرآني يربط التعدد حصريًا بالأرامل أمهات الأيتام:

"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا..."

* التعدد ليس مطلقًا، بل وسيلة لرعاية الأيتام وتحقيق العدل بين أبناء الزوج البيولوجيين والأيتام.

* الشرط القرآني ليس "العدل بين الزوجات" بل العدل بين الأبناء والأيتام.
* في حال الخوف من الظلم فالأصل هو الاكتفاء بواحدة أو ما "ملك اليمين" من النساء الحرائر العاملات الفقيرات لتيسير الزواج دون تبعات مالية معقدة.

5. تفسير الآية 28/الأحزاب

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا"

* هذه الآية تقدم نموذجًا عمليًا في التعامل مع المؤمنات المستضعفات تحت رعاية النبي ﷺ.
عبارة "أتَمَتِّعُكنَّ وأُسَرِّحْكُنَّ" تُفهم ضمن الإطار الاجتماعي والتمكيني أي منح حرية مؤقتة ضمن رعاية النبي وليس أي معنى جنسي.

* الهدف: حماية الضعيفات وتمكينهن ضمن المجتمع الإسلامي الجديد.

6. تفنيد الصورة التراثية

الرواية التاريخية صنعت صورة مشوهة للنبي لأغراض نفعية ذكورية:

* صُوِّر النبي كزير نساء، بينما القرآن لم يشر إلى هذا قط.
* أُقحمت أسماء وأحداث لا أصل لها في النص القرآني.
* تم تحريف مقاصد الآيات من رعاية الأيتام إلى إباحة التعدد المطلق.

الحقيقة القرآنية:
النبي ﷺ كان حامل رسالة، همه الأكبر هو المجتمع وقيم العدل.
* خطاب "نساء النبي" جاء لحماية المستضعفات لا لتبرير نزوات شخصية.

7. الدروس العالمية
1. مقام النبي ﷺ :ليس مقام زعيم أسري، بل قائد روحي واجتماعي.
2. المرأة في القرآن: ليست موضوعًا للشهوة بل شريك أساسي في بناء المجتمع خاصة في ظروف الاستضعاف.
3. التشريع القرآني: قائم على مقاصد العدل والتكافل، لا على استرضاء رغبات أو تقاليد.

يُظهر التدبر أن القرآن بريء من الصورة التي ألصقها التراث بالنبي ﷺ. لم يكن مشغولًا بالنساء، بل مكلفًا بحمل أثقل رسالة.
و"نساء النبي" و"أزواجه" في القرآن ليستا دليلًا على تعدد زوجات بقدر ما هما تشريع اجتماعي متصل برعاية الأيتام وحماية المجتمع من الظلم والتحريف.

بهذا الفهم، نستعيد صورة النبي ﷺ الحقيقية:
نبي العدالة والتكافل، لا "زير النساء" كما زعم الموروث التاريخي.

تفسير الايات 3 الى 5 من سورة التحريم والتي تبدو من ظاهرها وكانها مثال على تعدد زوجات النبي والمشاكل النمطية التي تحصل بينهما, كما يحصل في المسلسل التركي حريم السلطان!

قصة "نساء النبي" في سورة التحريم: ليست غيرة نسوان!

يحب التراثيون تلوين القرآن برواياتهم المفبركة الخاصة وباضافة اسماء لحريم لم تذكر في القران: واحدة قالت، الثانية غارت، والثالثة طفشت…
وتتحوّل القصة فجأة لمسلسل تركي باثر رجعي من القرن الأول الهجري! لكن لو قرأنا القرآن وحده من غير إضافات حرفت مقاصده، نرى صورة مختلفة تمامًا.

١. السرّ المفضوح

الآيات (٣–٥ من التحريم) تتحدث ان النبي أسرّ حديثًا لواحدة من "أزواجه" اي احدى المرعيات/الشريكات ضمن من كنّ تحت رعايته (تدبر الاية 50/الاحزاب)، والحديث انكشف.
النتيجة؟ الله علّمه بما حصل ووجهه كدرس وعبرة عامة للناس جميعا والا لما ذكرت في القران للعالمين: إمّا توبة وإصلاح… أو استبدال لمن تحت رعايته/شريكاته.

فالموضوع ليس كما يتصوره التراثيون:
"من غارت أكثر؟" بل: "كيف ان بيت النبي يكون قدوة للمجتمع؟".

٢. "أزواج" ليس "حريم"

القرآن لم يقل "حريم النبي" ولا "عشيقات النبي". قال أزواج.

* "الزوج" في القرآن هو شريك ضمن مؤسسة أسرية لها دور اجتماعي.
* الخطاب هنا موجه لفئة تمثّل النموذج التشاركي للمؤمنين/المؤمنات، ليس لسيرة منزلية عاطفية.

٣. طَلَّقَكُنَّ لا يساوى مسلسل طلاق جماعي

عندما نقرأ: «عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن» التراث يركض فورًا: "آها! النبي عنده حريم كثر ويهدد بتطليقهن!".

لكن التدبر اللساني للجذر (ط ل ق) يكشف:

* "طلق" = فكّ، حرّر انفكّ.
* والصيغة الجمع هنا ليسن بمعنى عدد كبير، بل مخاطبة المؤسسة التشاركية كلها:
لو النموذج الأسري لم يلتزم، الله قادر ان يفكّه ويستبدل غيرهن أصلح للرسالة.

فالحديث عن وظيفة اجتماعية وليس نزوات شخصية.

٤. الرسالة فوق الأشخاص

المغزى عميق جدًا:
* بيت النبي يجب ان يكون مثال في الصدق وحفظ السر.
* لو فشل، فالله يستبدله.
* الرسالة ليست مربوطة بأسماء ولا بزينة ولا بغراميات.

٥. صفعة للتراث
كل الحكايات التي رسمت النبي كرجل نزوات يركض وراء النساء، القرآن نسفها من أساسها.
لا ذكر لخديجة ولا لعائشة ولا لأي اسم.
لأن الهدف ليس سيرة نسائية خاصة، بل تشريع اجتماعي عام .

الخلاصة
سورة التحريم (٣–٥) ليست مسلسل غيرة، بل درس تشريعي:

* احفظ السر.
* التزم بالحق.
* الرسالة أهم من الأشخاص.
* ما يخرب النموذج… يُستبدل.

النبي بريء من "روايات الغرام" اللي نسجها التراث.
هو حامل رسالة، ليس بطل رواية حريم السلطان .

بسم الله الرحمن الرحيم وان هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله (صدق الله العظيم )....اكتاب مع ...
10/09/2025

بسم الله الرحمن الرحيم
وان هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله (صدق الله العظيم )....
اكتاب مع كتاب الله ما ضل الامم السابقه الا بما اكتتبوا مع كتاب الله (النبى الكريم محمد عليه الصلاة والسلام )
انما اهلك الناس حيث اتبعوا احاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم ( الامام على كرم الله وجهه ) ....
ان اناسا قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتابا فاكبوا عليه وتركوا كتاب الله وانى والله لا البس كتابا اخر مع كتاب الله
(عمر بن الخطاب رضى الله عنه) ....

07/09/2025

قال تعالى:
﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ الفرقان: 63.

هذه الآية تضع الملامح الأولى لشخصية "عباد الرحمن" التي يقدّمها القرآن كنموذج إنساني متفرّد.
وعند التدبر يظهر لنا عمق الاختيار القرآني للمصطلحات بحيث تكشف كل كلمة عن بُعد وجودي وفكري يتجاوز الفهم السطحي المألوف.

لماذا "عباد الرحمن"؟

لم يقل القرآن "عباد الله" أو "عباد العزيز" بل قال "عباد الرحمن".

الرحمن : هو الاسم الجامع بين الرحمة والعقاب أي الرحمة المطلقة التي قد تقتضي العقوبة رحمةً بالحق والعدل

﴿يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا﴾ (مريم: 45).
فالمؤمنون في امتحان الدنيا يتعاملون مع ربٍّ وصف نفسه بالرحمن فيتطلعون إلى رحمته ويخشون عذابه فيتحقق التوازن المطلوب بين الأمل والرهبة.

الفرق بين "عباد" و"عبيد"

عباد : وردت في القرآن غالبًا للدلالة على البشر في الدنيا وهم في موقع الاختيار والامتحان مثل:

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾ (الزمر: 53).

عبيد : استُعملت لتوصيف البشر يوم الحساب حين يسقط عنهم الخيار ولا يبقى إلا سلطان الله :

﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا﴾ مريم: 93.

إذن فالتعبير بـ"عباد الرحمن" يرسّخ فكرة الامتحان الإنساني:
أنت عبد مخير اليوم وسيُحاسبك الله غدًا كعبد له بلا خيار.

المشي على الأرض : منهج حياة

"المشي" في القرآن كثيرًا ما يُستخدم بمعنى المنهج والسلوك لا مجرد الحركة الجسدية :

﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ﴾ (لقمان: 19).

"الأرض" هنا ليست مجرد التربة أو المكان بل هي مجال التطبيق لأوامر الله العليا
(السموات) أي الميدان العملي الذي تُختبر فيه المبادئ الإلهية.
و"هونًا": أي بسكينة واتزان بعيدًا عن التكبر أو الصخب لأن المؤمن يرى نفسه أداة لإحقاق القيم لا أداة للتسلّط.

"وإذا خاطبهم الجاهلون"

"الخِطاب" في القرآن يدل على توجّه كلامٍ من موقع فوقي أو في إطار مجادلة وليس مجرد القول العابر .
"الجاهلون" ليسوا فقط غير المتعلمين بل كل من يتصرّف بسطحية أو انفعال أو عدوانية تُعكر السلم المجتمعي.

"قالوا سلامًا"
القول في القرآن تعبير عن الذات وهو غير النطق الذي يعبر عن الاخرين هو تعبير عن موقف داخلي يترجم إلى فعل أو توجه .
فسلامهم ليس انسحابًا سلبيًا بل فرضٌ لقيمة السلام كخيار حضاري يقطع الطريق على تعكير صفو المجتمع.
وهذا منسجم مع آيات أخرى:

> ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت: 34).

تصف هذه الآية معالم الشخصية القرآنية في زمن الامتحان:

1. عباد الرحمن : أناس أحرار في اختيارهم يعيشون بين رحمة الله ورهبته.
2. منهجهم على الأرض : سلوك متزن قائم على التطبيق العملي للأوامر العليا.
3. تعاملهم مع الجاهلين وعيٌ يتجنب الاستفزاز ويؤسس لسلام مجتمعي راسخ.

بهذا المعنى لا تقدم الآية وصفًا سطحيًا للمشي أو القول بل ترسم خارطة وجودية للإنسان المؤمن: منهج متزن على الأرض، يعكس انتماءه إلى الرحمن في الامتحان .

دروس عملية لنا اليوم

أن نعيد النظر في سلوكنا اليومي باعتباره "مشيًا على الأرض" أي منهجًا يعكس قناعاتنا أمام الناس.
أن ندرك أن الجدل العقيم مع "الجاهلين" لا يزيد إلا فرقة بينما السلام الواعي يُنهي الخصومة قبل أن تتضخم.
أن نستلهم من صفة "عباد الرحمن" التوازن بين الأمل برحمة الله والخوف من عذابه فلا يُغري بنا الأمل ولا يُقعدنا الخوف.

أن نعي أن الأرض ليست ساحة صراع للهيمنة بل مجال امتحان لتطبيق قيم السماء:
العدل، الرحمة، والسكينة .

04/09/2025

"كتاب الله والوكالة المحتكرة"

تفتتح الآية الكريمة من سورة النساء بحقيقةٍ قاطعة:

﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ (النساء: 132).

هذه الاية الموجزة تختصر نظام الإيمان كلّه:
المرجعية المطلقة والوكالة الكاملة لله وحده.
لكنّ الكهنوت الديني الذي صنع دينًا موازيًا لم يجد حرجًا في إقصاء هذه الحقيقة لصالح فكرةٍ بائسة:
احتكار وكالة الله على الناس.

كهنوت الدين وادعاء "الوكالة الحصرية"

أقاموا سدودًا بين الناس والقرآن تحت ذريعة "الحماية من الانحراف" ليظلّ التفسير بيد نخبةٍ تدّعي العصمة المعرفية.
فصار القرآن كتابًا يُتلى في الجنائز والمناسبات بينما التشريع والوعي والإيمان العملي يُسحب شيئًا فشيئًا إلى بطون الروايات.
هؤلاء الكهنوت تجاهلوا قوله تعالى:

﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا﴾ (الأنعام: 114).
﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ (الأعراف: 3).

من تفصيل القرآن إلى "الملاحق البشرية"

بلغ الغلوّ حدّ إقناع الناس أنّ أحاديثهم البشرية ليست فقط مفسّرة للقرآن بل هي ملاحق مُكمِّلة و"تصويبات لاحقة" لنصٍّ إلهيٍّ زعموا أنه ناقص البيان!
والحق أن الله قال:

﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ (النحل: 89).
﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾ (الأنعام: 38).

فأيّ جرأة أكبر من وضع "المرويات الظنّية" في مقام "الوحي المحكم"؟!

الرسول الحيّ: القرآن لا غير

الآية تقول بوضوح:

﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ (الشورى: 52).

هذا "الروح" هو القرآن نفسه وهو الرسول الأبدي الحيّ الذي يخاطب العقول إلى يوم الحساب.
أما تحويل النبيّ ﷺ إلى مشرّعٍ مستقلّ عن الوحي أو شفيعٍ مضمونٍ بتمتمات فليس إلا صورة من صور الغلوّ الذي نهى عنه القرآن.

الخلاصة
لقد أقنع الكهنوت الناس أنّ الله فوّضهم وكالةً حصرية على القرآن بينما النصّ نفسه يفضحهم:
﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾.
فإذا كان الله وكيلًا كافيًا فما حاجة المؤمن لوكيلٍ بشريّ يفرض وصايته باسم "التفسير المعتمد"؟
أليس هذا أشبه بادّعاء "محامي دفاع عن الله"؟!

القرآن كاملٌ مفصَّلٌ قائم بذاته باقٍ إلى يوم الحساب.
ومن هجره ليلتصق بمروياتٍ بشرية فقد قال الله فيه:
﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ (الفرقان: 30).

عجبًا لهؤلاء الكهنة:
نصبوا أنفسهم وكلاء عن الله بلا توكيل وزعموا أنّهم مكمّلون لكتابٍ وصف نفسه بالتمام والإحكام!
وكأنّ الله حاشاه أرسل للناس «مسوّدة أولية» بانتظار أن يُهذّبها البشر.

فيا قوم:

"اتّبعوا ما أُنزِل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء" الأعراف: 3

فإن كفى بالله وكيلاً فبأيّ منطقٍ يحتاج وكيلَ فرعٍ بشريٍّ اسمه التراث ؟!

29/08/2025

اشهار الغموض

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٨٥﴾ سورة البقرة.

نتدبر الآية على شكل سؤال وجواب

رمضان في الاية ليس شهرٍ زمني كما يتضح من السياق فالقران تنزل خلال اكثر من عشرين عاما

"وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا ‎﴿الإسراء: ١٠٦﴾‏"

بل رمضان هو حالة غموضٍ شديده والقرآن أنزل ليكشف عنه — ومن شهد/علم ذلك فعليه التمسك بالفرقان عملاً وسلوكًا .

ثلاث رسائل عملية للمتدبر:
تدبّر القرآن هو مفتاح الخروج من حالة الغموض.
«الصيام» في هذه الآية = تَمَسُّك عملي بالهدي (لا اختزال للطاقة الشكلية).
التدرج مطلوب: من لم يتهيأ بعد
ف له فرص إعداد لاحقة والله يريد اليسر لا العسر.

ساصيغ التدبر على شكل أسئلة وأجوبة بحيث يكون السؤال هو مفتاح الفهم والجواب مستخرج إمّا مباشرة من الآية (البقرة 185) أو من منظومة القرآن المتكاملة:

س1: ما الغرض من نزول القرآن؟

الجواب: {هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.

الغاية إذن:
هداية عامة للبشرية وبيان واضح يفرق بين الحق والباطلةليُخرِج الإنسان من غموضه.

س2: ما معنى المصطلح "شَهْرُ رَمَضَانَ" ؟
الجواب: "شهر" من الإشهار = الوضوح والإعلان و"رمضان" من الرمض = شدة الغموض أو الالتباس.

المعنى: إشهار الغموض الشديد الذي يواجه الإنسان في فهم الوجود والحقائق.

ومن هنا: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} أي أن القرآن أُنزل بسبب ذلك الغموض العسير ليكشفه ويُوضّحه.

س3: ماذا يترتب على من يشهد هذا الشهر؟
الجواب: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.
أي من أدرك حالة الغموض ثم عاين بيان القرآن لها فعليه أن يصومه

أي أن يدخل في حالة انضباط عملي والتزام سلوكي بما كشفه الوحي لا مجرد إمساك جسدي عن الطعام.

س4: ماذا عن من لم يستطع (المريض أو المسافر/العجز المؤقت عن الفهم)؟
الجواب: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
أي أن من لم يتهيأ بعدةأو كان في ظرف يعيقه عن التدبر العميق والالتزام فله فرص لاحقة للإعداد والتدرج.
التشريع هنا قائم على التيسير والرحمة لا على العسر.

س5: ما مقصد الله من هذه المنظومة؟
الجواب: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.
الهدف: التربية على التوازن لا إثقال الإنسان ولا تعذيبه بل توجيهه بخطوات تناسب طاقته.

س6: لماذا الحديث عن "إكمال العدة"؟
الجواب: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ}.
أي أن التجربة الروحية ينبغي أن تكتمل لتؤتي أثرها حتى يبلغ المؤمن وعيًا كاملًا بمقاصد الوحي مثلما اكتملت كلمة الله {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}.

س7: ما الغاية الكبرى النهائية؟
الجواب: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
الغاية: أن يعترف الإنسان بعظمة الله الذي هداه بالقرآن ويترجم ذلك إلى شكر عملي عبر التمسك بالحق وترك الباطل.

الرسائل العملية للقارئ

1. تدبّر القرآن: هو مفتاح الخروج من حالة الغموض (رمضان).

2. الصيام = التمسك العملي بالهُدى لا مجرد إمساك جسدي عن الطعام.
3. التدرّج واليسر جزء من المقصد: من لم يتهيأ له فرص لاحقة والله يريد التيسير لا العسر.

👈الآية تؤكد أن في حياة الإنسان "رمضانًا" = غموضًا شديدًا.
القرآن أُنزل ليكشف هذا الغموض.
من يشهده (يفهمه) عليه أن يصومه (يلتزمه عمليًا).
ومن لم يبلغ بعدُ فله فرص إعداد لاحقة.
المقصد: هداية، تيسير، تمام، تكبير، وشكر.

"الصيام في كتاب الله : التزام عملي للتقوى وليس مجرد امتناع عن الطعام"

بعد أن تدبرنا الآية 185/البقرة فلنتدبر الآيتين 183–184/البقرة وفهم علاقتهما بالآية 185 بعيدًا عن الفهم المتداول:

س1: ماذا يعني قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}؟

الجواب:
"كُتِب" فعل ماضٍ مبني للمجهول أي أنّ نائب الفاعل مقدر تقديره المؤمنون .

* هذا يعني أنّ المؤمنين هم الذين يكتبون على أنفسهم عناصر الصيام كما كتب الله على نفسه الرحمة (الأنعام: 54).

إذن: ليس الصوم فرضًا مباشرًا من الله
بل التزامٌ وفرضٌ يخطّه المؤمنون على أنفسهم في ضوء غاية {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

س2: ما المقصود بالصيام هنا؟

الجواب:
من الجذر (ص و م) الدال على الإمساك والتوقف والالتزام.

السياقات القرآنية (أحد عشر موضعًا) تشير إلى أنّ الصوم ليس مجرد امتناع عن الأكل والشرب بل
👈انضباط عملي يتوقف فيه الإنسان عن فعلٍ أو سلوكٍ ليُحقّق غاية روحية وأخلاقية.
بالتالي: الصيام هنا = وسيلة عملية للتقوى لا طقس جسدي بدون هدف.

س3: ما معنى {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}؟

الجواب:
ليست 30 يومًا كما قيل إذ لم يذكر العدد النص صراحة.
"معدودات" تفيد التحديد المرن: المؤمنون يحدّدون المدة اللازمة لتحقيق هدف التقوى .

مثال عملي: إذا كتب المؤمنون على أنفسهم إضرابًا عن العمل لتحقيق مطالب عادلة وانتهى الهدف خلال 5 أيام فهذه هي "الأيام المعدودات".

وإذا لم يتحقق إلا بعد 10 أيام فتكون العشرة هي الأيام المعدودات.

إذن: التركيز على الغاية (التقوى) لا على عدد زمني ثابت.

س4: ما معنى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ}؟

الجواب:
المرض والسفر رمز لحالات تعذّر مؤقت بالمشاركة أو تشتّت القدرة .

الحل: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي أنّ الفرصة مفتوحة لاحقًا دون إسقاط المقصد.
هذا يعكس مرونة المنظومة القرآنية والغاية الحقيقية هي بناء التقوى لا المشقة.

س5: من هم {الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}؟

الجواب:
الجذر أ ط ا ق بعد دخول همزة التعدية يعني تحمّل الأمر على مشقة وجهد زائد فوق القدرة الطبيعية وليس مجرد القدرة السهلة.

إذن {الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} هم الفئة التي تستطيع الصيام فقط بجهد قسري مثل مريض مزمن أو شخص يهدد عمله بالفصل إذا التزم الصوم.
هؤلاء منحوا خيارين:

1. الاستمرار بالصيام رغم المشقة (مع التذكير أن {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ}).
2. أو الفدية (إطعام مسكين) كبديل رحيم.
هذا الفهم يوضح مرونة القرآن ويصحّح الفهم التراثي الخاطئ الذي يربط القدرة المطلقة بالعجز الكلي.

س6: ما موقع {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ}؟

الجواب:
لا يعني الامتناع عن الطعام والشراب فقط بل أن تختاروا مسار الصيام (بمفهومه العملي الأخلاقي) أفضل لكم من تركه.
أثره المباشر هو بناء التقوى وهي الحصن الأصيل للإنسان والمجتمع.

س7: ما الفرق بين الصيام في 183–184 والآية 185؟

الجواب:
الآيتان 183–184 تتحدثان عن كتابة الصيام كأداة عامة للتقوى مع مرونة للفئات غير القادرة، والفدية، والمدة المحددة حسب تحقيق الهدف.

الآية 185 تتحدث عن إنزال القرآن (فقد انزل على مدى 23 عامًا وليس في 30 يوما) لتوضيح الغموض في حياة الإنسان ومن يشهده/يفهمه فعليه "فليصمه" = التمسّك به وتطبيقه عمليًا.

الرابط بينهما ليس في المعنى التراثي (الصيام = جوع وعطش) بل في الغاية المشتركة: الهداية والتقوى بينما المسارات مختلفة.

الخلاصة:
الصيام في 183–184: التزام عملي يخطّه المؤمنون على أنفسهم بأيام معدودات مرنة لتحقيق هدف التقوى مع بدائل للفئات غير القادرة ومقصدُه التقوى وليس مجرد الامتناع عن الطعام.

الصيام في 185: التمسّك بالقرآن وتطبيقه للخروج من الغموض.
الجمع التراثي بينهما جعل
"الصوم = الجوع 30 يومًا"

بينما النصّ القرآني أوسع وأعمق بكثير ويبرز المرونة، الهدف، والغاية العملية .

27/08/2025

لم يكن لكفار قريش مأخذٌ على حديث محمدٍ في مجالسهم ولا عجب فهو بشرٌ مثلهم ولسانٌ من ألسنتهم يحدّثهم بما يفهمون ويجادلهم بما يعرفون.
ولكنّ البلاء العظيم وقع حين أخذ يتلو عليهم آيات الله فإذا هو كلام ليس كالكلام وحديث ليس كالأحاديث.
وهنا وقف الوليد بن المغيرة أبلغهم لسانا وأحدهم بيانا يشهد شهادة تدوي في التاريخ

"والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو وما يعلى عليه"
فأية قوة في البيان تجبر عدوا لدودا على أن يعترف بأن الكلام فوق طاقة البيان؟
وأية هيبة للحق تجعل القلوب تهتز قبل أن تصغي الآذان؟
لقد سجل القرآن حقيقة هذا الرفض المكابر فقال :

﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾ (يونس: 15).

لم يقولوا :
"بدل حديثك" أو "غيّر أقوالك" بل طلبوا أن يبدل القرآن نفسه لأنهم علموا أن الحديث البشري لا يهدد سلطانهم أما الوحي فهو الهادم من أساس المزلزل للأصنام المقتحم على الباطل حصونه.
فأتاهم الرد القاطع على لسان النبي صلى الله عليه وسلم :

﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ﴾ (يونس: 15).

هنا تتجلى الحقيقة :
النبي بشر يبلغ والرسول الحق هو الوحي نفسه القرآن الكريم الحي الباقي إلى قيام الساعة.

ومن عجبٍ أن القوم ما جحدوا أحاديث محمد الخاصة ولكنهم جحدوا القرآن لأنه رسول أبدي لا يساوم ناطق باسم الحق وحده لا يشترى ولا يغيَّر ولا يُبدَّل.

وهكذا يبقى القرآن رسول الله إلى الناس كافة لا يموت بوفاة محمد ولا يدفن مع جسده بل يظل يتردد صوته في الأزمان.

﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت: 41–42).

فهو الرسول الحي الباقي الدائم الشاهد الذي يُحاجج الناس جميعا يوم الحساب.
اما الى الذين لا يزالون يصنعون ويتبعون دينا نقلا عن كلام البشر فهم غارقين بضلالهم ولن يجدوا لهم من جهنم شفيعا يوم الحساب!

20/08/2025

الله منزه عن الحلفان
والكثيرون من القراء عندما يمرون على
"تَالله" أو "والله" أو "فوربك"

يظنون فورًا أن الله يُقسم
بينما لو تدبرنا بمنهج متماسك مع بقية القرآن سنرى أن هذا الفهم لا يستقيم مع
تنزيه الله عن الحاجة إلى الحلف .

1. قوله تعالى:

﴿تَاللهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ﴾ (النحل: 56)

الظاهر التراثي:
"الله يقسم بنفسه أنه سيسألكم".

التدبر القرآني:
"تالله" ليست قَسَمًا بالمعنى البشري (يمين لتوكيد الشك) وإنما أسلوب توكيد إلهي مباشر .

في اللسان العربي اذا قيل "تالله" فهو أقوى صور الجزم والقطع في الكلام لا بمعنى "أقسم"
بل بمعنى "حتمًا / يقينًا / لا مفر".

إذن المعنى: "يقينًا لتُسألنّ عمّا كنتم تفترون".
الله لا يحتاج أن يحلف ليثبت بل يخاطبنا بلساننا الذي نفقه للتوكيد.

مثل قوله:
﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ المنافقون:1

هنا الحق بيّن بذاته لكن التعبير جاء بالأسلوب الذي يقطع العذر عن المخاطَبين.

2. قوله تعالى:

﴿تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ النحل: 63

التفسير التراثي:
"الله يقسم بنفسه أنه أرسل رسلاً من قبل.

التدبر القرآني:
إرسال الرسل حقيقة مطلقة لا تحتاج قسمًا.

"تالله" هنا = صيغة قطع لغويّ
تعني "حقًا / باليقين / بالقطع".

أي أن الله يضع المخاطَبين أمام حقيقة لا مجال لإنكارها:
الرسالة ليست أمرًا طارئًا جديدًا مع محمد ﷺ بل سنة ممتدة عبر الأمم.

"تالله" ليست يمينًا بالمعنى البشري.
هي أداة لسانية عربية
تفيد الجزم القطعي صيغت بما يوافق أسلوب المخاطبين ليقطع العذر.

الله منزّه عن "الحلفان" لأنه لا يحتاج شاهدًا خارجيًا ولا توثيقًا.
قوله هو الحق بذاته.

إذن "تالله" في القرآن ليست "يمينًا" بل صياغة عربية للتوكيد المطلق جاء بها الوحي على مقاس لسان الناس: "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ".

19/08/2025

"فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ‎﴿٧٥﴾‏ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ‎﴿٧٦﴾‏ سورة الواقعة"

"فلا" = نفي وردع لما سبق مقدرا

"فلا" هنا جملة قائمة بذاتها
معناها: ليس الأمر كما تزعمون في اتهام القرآن بالأساطير.

ثم تبدأ جملة جديدة:

"أُقسم بمواقع النجوم" = أُبيّن وأُبرز لكم بوضوح مواقع النجوم
(أي النظام الكوني المحكم الذي يشهد على صدق هذا الوحي).

فالآية ليست "حلفان" بل خطاب احتجاج وردع

1. "فلا" = ردّ على مزاعم الكافرين.
2. "أقسم" = أُبيّن وأُفصّل.

هل تتخيلون أن الله جلّ في علاه يبدأ خطابه للبشر بحلفان يقول: "احلف بهذه النجوم كي تصدقوني"؟

الآية تقول: "فلا"
أي: ليس كما تزعمون أيها المكذبون. ثم جملة جديدة: "أقسم بمواقع النجوم" أي أُبيّن لكم بالنظام الكوني الدقيق مواقع النجوم مساراتها انفجاراتها أن هذا القرآن تنزيل رب العالمين.

لكن من لم يستطع الخروج من ثوبهم الذين جعلوا من الله "حلاّفًا" بمخلوقاته .
قرروا أن "فلا" زيادة حشو وأن الله يحتاج أن يُقسم ليقنعهم!

مع أن الله نفسه قال:
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾.
غنيٌّ عن إيمانهم وغنيٌّ عن الحلفان لهم.

الله لا يُقسم ولا يحتاج.

بل يقول:
"ليس كما تزعمون (فلا) أنا أُبيّن لكم بوضوح (أقسم) من خلال مواقع النجوم أن هذا وحي عظيم".

فمن يصرّ أن الله "يحلف" بالنجوم لا يسيء للقرآن فقط

بل يُنزّل مقام الإله إلى مستوى من يستفتح كلامه
بـ والنعمة !!! وحياتك !!!

17/08/2025

الله نجا بني إسرائيل من فرعون
ولم يرفع الظلم عن أهل غزة ؟
لماذا ؟

السؤال في ظاهره بريء لكنه في جوهره يكشف سوء فهم عميق لسنن الله في التاريخ والقرآن .

الله تعالى لم ينقذ بني إسرائيل لأنهم "عرق مميز" أو "شعب مختار" كما يزعم أهل التزوير وعباد المثناة بل أنقذ
👈الباحثين عن الحق فيهم .

فالمعنى القرآني لـ "بني إسرائيل" هم الذين اتصلوا بالوحي وساروا في درب الرسالات لا مجرّد نسل بيولوجي أو دمٍ يجري في العروق كما فسرها اليهود ومن تبعوهم في هذا الفهم من المسلمين التراثيين .

النجاة إذن لم تكن "عرقية" بل رسالية .

موسى عليه السلام لم يأتِ ليؤسس مملكة قومية بل أُرسل ببلاغ رباني واضح :
﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ﴾ طه: 24.
لقد كان تكليفه تحرير المظلومين الباحثين عن الحق من سلطة الطغيان وكانت "العصا" دلالة لسانية لوحدة القيادة الجامعة في موسى لا عصبية الطوائف .

فالسؤال الحقيقي اليوم ليس :
لماذا لم ينقذ الله أهل غزة من الظلم؟
بل :
هل نحن اليوم مؤهلون للنجاة التي وُعد بها الباحثون عن الحق؟

انظر إلى حالنا:

* تفرّقنا إلى طوائف وشيع كل حزب بما لديهم فرحون.

* عبدنا الملالي والدجالين والعجول الجدد بدل أن نعتصم بحبل الله وحده.

* استبدلنا صراط الله المستقيم بممرات ضيقة يجرّنا فيها كل زعيم طائفي حتى صارت دماؤنا وقوداً لمعارك الآخرين.

أما سنن الله فهي واضحة في كتابه لا تتبدل ولا تتحيز :

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا

الهداية مشروطة بالجهاد في سبيل الحق لا في سبيل راية حزبية.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

التغيير يبدأ من الداخل لا من انتظار معجزة سماوية تنقذنا ونحن غارقون في التبعية.

﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ الحرية هي أساس المسؤولية ومن يرضَ بالذل ويتنازل عن حقه في التحرر فقد اختار لنفسه مصيره.

إذن النجاة ليست هبة تُمنح لمجرّد الانتماء الجغرافي أو الديني .

بل هي ثمرة الإيمان الفعّال والجهاد في سبيل الحق .

بنو إسرائيل نالوا الخلاص يوم اصطفوا خلف موسى وتحرروا من عبودية فرعون .
أما نحن فكيف نطلب نجاة غزة ونحن نراوح مكاننا بين أهواء الطوائف وأصنام السياسة ؟

إن الله لا يخذل الأبرياء لكنه أيضاً لا يتواطأ مع الغافلين المضللين.

فإذا أردنا نصراً من عند الله فعلينا أن نعيد لأنفسنا هويتنا الحقيقية :
أمة تبحث عن الحق لا أمة تتقاتل على الوهم .

Address

Tanta

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when كتامة بلد القرآن posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Share