05/10/2025
كان قصر موريس نحمان، تاجر الآثار السوري اليهــــ.دي الأشهر في زمنه، من المعالم البارزة في الحياة الثقافية والاجتماعية في القاهرة، فقد احتضن أول جمعية فنون يتم تأسيسها في مصر "دائرة الفن"، وعرض أعمال شخصيات فنية محلية وعالمية
*** كتب على واجهة القصر الذي اشتراه نحمان، عبارة عربية تقول: " أنشأ هذه الدار لنفسه البارون دولور ديجليون". وكان دولور ديجليون أيضاً جامعاً لقطع الفن الإسلامي وتبرع بالعديد من التحف وتم توريث بقية مجموعته لمتحف اللوفر. وقصره مهجور اليوم بالرغم من تسجيله كموقع أثري هام في دائرة الآثار المصرية في عام 1995.
" #بداية القصة فى أول تعليق" 🍃🍃🍃
أصبح القصر، الذي صممه معماري فرنسي، من المعالم البارزة في الحياة الثقافية والاجتماعية في القاهرة، ففي عام 1891، ضم أعضاء جمعية "دائرة الفن"، أول جمعية فنون يتم تأسيسها في مصر، تعرض فيها شخصيات عالمية ومحلية أعمالها الفنية.
عرض موريس في قصره مجموعة متنوعة من القطع. في رسالة أرسلها عام 1919 إلى الممول تشارلز هاتشينسون (1854-1924)، وصف عالم الآثار جيمس هنري برستد (1865-1935) نحمان بأنه "ثري، أول أمين صندوق لمصرف القروض، يعيش في منزل فخم فيه غرفة عرض كبيرة بحجم كنيسة، يعرض فيها مجموعته الضخمة". وتُظهر الصور التي تم التقاطها في هذا الوقت أنه كان عبارة عن فيلا على الطراز القوطي الفينيسي، مع غرف مجهزة جيداً تمتلئ بالآثار. وفي عام 1920 استضاف القصر مزاداً علنياً، كان الهدف منه هو لفت انتباه عملائه إلى معرضه الجديد في هذا القصر.
تشير عبد الفتاح إلى أن تاريخ المزاد يدل على أن الهدف منه كان ربما تعويض خسارته في الحرب العالمية الأولى، في ظل الشلل الاقتصادي في مصر بعدها، وانعدام الاستقرار السياسي بعد ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني.
تمثل القطع التي تم بيعها من خلال معرض نحمان، مجموعات أثرية بارزة تنتشر في جميع أنحاء العالم، وكذلك يُعد كتاب زواره، كما تشير عبد الفتاح، من القطع الأثرية النادرة، كأداة لتتبع مصادر القطع الموجودة في المجموعات الرئيسية من الآثار المصرية وآثار الشرق الأدنى.
كان موريس يبيع قطعاً أثرية من أواخر العصر الإسلامي، وكان القيمون على المعارض والمتاحف يبتاعونها حتى قبل أن يكون هناك أي أقسام مخصصة لعرضها في المتاحف، وكان يتم تخزين هذه الأشياء في قسم المصريات أو قسم الشرق الأدنى، حتى أنشئ قسم خاص بالقرون الوسطى. حملت المئات من عمليات اقتناء القطع الأثرية في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، توقيع موريس نحمان، الذي تم إدراج قصره في كل دليل إرشادي عن القاهرة.
كانت أكثر سنوات موريس نشاطاً هي في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث حملت المئات من عمليات اقتناء التحف توقيع موريس عليها، وتم إدراج قصره في كل دليل إرشادي عن القاهرة في مصر. على سبيل المثال، تبرع موريس بالعديد من القطع في ذلك الوقت لمتحف الفن الإسلامي، منها، 9 نقوش حجرية، 30 قطعة من النسيج، وعاء من الطين المصري من القرن الرابع عشر، قطع حريرية مزينة ومنقوشة ومنسوجات أخرى ذات طابع قبطي.
كما تبرع نحمان بعشرات القطع الأخرى، في ثلاثينيات القرن الماضي، لمتحف الفن الإسلامي في القاهرة، بما في ذلك قطع قماش من الكتان المطرز بالحرير، محراب خشبي من العهد الفاطمي وجرة من العهد المملوكي.
لإجراء أعمال تجارية مع متاحف في أوروبا، قضى موريس الصيف في فندق غراند هوتيل في باريس. ومن هناك، قدم قطع نسيج من القرن العاشر إلى متحف فيكتوريا وألبرت في لندن في عام 1934. تظهر المراسلات أنه وصف هذه القطع بأنها "عالية الجودة، ذات طابع وتصميم نمطي وألوان جيدة"، وأكد أنه لم يتم بيع أي قطع مماثلة في القاهرة، ما يثبت قيمتها وقدرته على الوصول إلى القطع الأثرية النادرة.
أقام موريس مزاداً من خلال كريستي مانسون آند وود Christie, Manson and Woods في لندن في عام 1937، ولأنه كان يخشى عواقب الحرب العالمية الثانية، باع 120 قطعة، ولسبب ما لم يتم الإعلان عن اسمه كمالك للمجموعة، فلم يدرك الزبائن أنهم يقتنون قطع موريس الأصلية. ولهذا، لم يسفر المزاد عن النتيجة المرجوة على الأرجح بسبب انتشار القطع المزورة في السوق. بعد خيبة أمله، أعرب موريس في إحدى مراسلاته عن استعداده لإنهاء مهنته وبيع مقتنياته لمتحف صغير بنصف قيمتها، إلا أنه استمر، بحسب ما تذكر عبد الفتاح.
وفي عام 1944، تمت استعارة بعض القطع لصالح معرض معاصر للفنون في القاهرة، تضمنت 10 منسوجات و30 قطعة خشبية وحجرية قبطية منحوتة من مجموعة موريس. حدث المزاد الثالث في عام 1947 خلال حياة موريس في معرضه في القاهرة.
تعرض اليوم مقتنيات موريس نحمان في متحف الفن الإسلامي في القاهرة، وفي متحف ميتروبوليتان، ويتواجد كتاب زواره في مكتبة ويلبور لعلم المصريات في متحف بروكلين وهو من القطع الأثرية النادرة، كأداة لتتبع مصادر الآثار المصرية وآثار الشرق الأدنى
تعرض اليوم مقتنيات موريس نحمان في متحف الفن الإسلامي في القاهرة، وفي متحف ميتروبوليتان، ويتواجد كتاب زواره في مكتبة ويلبور لعلم المصريات في متحف بروكلين وهو من القطع الأثرية النادرة، كأداة لتتبع مصادر الآثار المصرية وآثار الشرق الأدنى.
وتعتقد عبد الفتاح أن المزاد الأخير قد يكون محاولة من نحمان للتعافي من تبعات الحرب العالمية الثانية، ولكن هناك احتمال آخر، ففي ذلك العام، أقر المجلس الحزبي بيع مجموعة موريس لتصفيتها، وربما كان مريضاً في ذلك الوقت، إذ توفي بعدها في القاهرة في 18 مارس 1948، ومكان قبره غير معروف حالياً، لكن يرجح أنه دفن في مقبرة البساتين اليهــــ.دية في القاهرة، لأن العديد من أفراد أسرته دفنوا فيها. وهي مقبرة تاريخية، تعد ثاني أقدم مقبرة يهــــ.دية بعد مقبرة جبل الزيتون اليهــــ.دية في القدس.
بقي معرضه مفتوحاً لعدة سنوات بعد وفاته، قبل أن يتم تفريق مجموعته المتبقية وبيعها من قبل ورثته، في مزادين عقدا في عام 1953.
كانت وفاة نحمان بمثابة نهاية حقبة، ولكنها لم تكن نهاية لتأثيره، فقد شقت العديد من القطع الأثرية التي جمعها طريقها إلى قاعات عرض ومتاحف هامة، سواء كانت عامة أو خاصة. ولسوء الحظ، فقد أهملت أهميته كجامع للفن الإسلامي والقبطي، فضاعت بصماته المؤثرة في غياهب الغموض خارج الأوساط المصرية، على الرغم من حفظ ذكره في أرشيف المتاحف العالمية.
نحمان الذي تنوع مجال عمله بين المجوهرات المصرية القديمة والبرديات القبطية والتماثيل الرومانية والفخار العربي، تعرض قطعه اليوم في قسم الفن الإسلامي، بما في ذلك المنسوجات العتيقة وقطع من أواخر العصور الوسطى، مثل قطعة سجادة من القرن الخامس، وقطعة من القرن التاسع أو العاشر بنقوش عربية. وفي الواقع، فإن مجموعة التحف المرتبطة باسمه في مجموعات متحف متروبوليتان تستحضر غنى معرضه.
أعيد تجميع هذه القطع وإعادة تصنيفها في المؤسسات التي تعرضها، وفقاً للأطر التاريخية للفن الغربي، مثل "البيزنطية" و"الشرق الأدنى" و"المصرية" و"العربية" و"الإسلامية".
ولعل اهتمامه وخبرته في طيف واسع من التاريخ المصري، وذوقه الرفيع ومعرفته بالقطع القيمة واقتراحها على زبائنه، تخوله، برأي عبد الفتاح، لأن يعتبر مرجعية أثرية، لأنه يقدم نفسه كتاجر آثار ذي نهج علمي وعلى دراية بالتقاليد العالمية لهذه التجارة.
إن إحياء مسيرة موريس نحمان المهنية والشخصية في الإطار السياسي والاجتماعي للفترة المضطربة التي عاشتها مصر، من الاحتلال البريطاني عام 1882، فالحرب العالمية الأولى وثورة 1919، ثم اندلاع الحرب العالمية الثانية، يتعدى سيرته الذاتية كخبير في المصريات والتحف الإسلامية والقبطية، ليوثق مصادر تتبع حركة الآثار، تجارتها واقتنائها في مصر في ذلك الوقت.
بداية القصة فى أول تعليق
تابعونا نتشرف بكم
Mr. Ahmed Elgamal