
15/07/2024
قضايا حسمت قبل أكثر من 60 سنة لكنها ما زالت تغذيها التنظيمات القومجية واليسارية والكهنوتية
العالم العربي، منشغل بقضايا كثيرة تجاوزها الزمن وأصبحت غير ذات صلة بالواقع الحالي، لكنها ما زالت تُستخدم كورقة رابحة من قبل بعض التنظيمات القومجية واليسارية والكهنوتية. هذه التنظيمات تجد في هذه القضايا مادة دسمة لتحفيز وتدويخ الجماهير لاستغلال مشاعرها، لأنها ببساطة تفتقر إلى أي مشروع حضاري يمكنها من خلاله إقناع الشعوب بمستقبل أفضل.
إحدى هذه القضايا التي حسمت قبل أكثر من 50 سنة هي القضية الفلسطينية التي تستغلها كل التيارات الأيديولوجية العربية، الدينية والسياسية والقومية وجعلت منها محرك لكل الصراعات التي اندلعت في منتصف القرن العشرين. ورغم أن هذه الصراعات قد انتهت بشكل أو بآخر بفضل التحولات العالمية والتغيرات السياسية والاقتصادية، إلا أن هذه الكيانات الإيديولوجية العربية ما زالت تتمسك بها كورقة ضغط وكأداة لإبقاء الجماهير في حالة استنفار دائم.
التنظيمات القومجية: حنين إلى ماضٍ زائل
التنظيمات القومجية تجد في هذه القضايا فرصة لإحياء خطابها القديم، الذي يعتمد على تمجيد الماضي ومحاولة إعادة إحياء الدولة القومية (التي لم توجد ولو لمدة يوم واحد عبر التاريخ) بطرق شعاراتية. هذه التنظيمات تفتقر إلى رؤية واقعية للمستقبل، فتستمر في استدعاء قضايا قديمة لإبقاء شعاراتها حية. رغم أنها تعرف جيداً بأن الواقع الحالي يتطلب حلولًا عملية وتطويرية، ولكنها تختار البقاء في دوامة الماضي لأنها لا تملك أية رؤية للمستقبل.
اليسار المتحجر: المقاومة ضد التغيير
من جهة أخرى، نجد التنظيمات اليسارية التي تعاني من تراجع شعبيتها ونقص في الأفكار الجديدة. تلجأ إلى إثارة القضايا القديمة، مثل الصراع الطبقي والنضال ضد الإمبريالية، كوسيلة لجذب الأنظار واستعادة دورها. ورغم أن هذه القضايا لم تعد تحتل نفس الأهمية في السياق الحالي، إلا أن اليسار المتحجر يصر على استخدامها لإحياء مشاعر الغضب والتمرد.
الكهنوتية: استخدام الدين لأغراض سياسية
أما التنظيمات الكهنوتية، فهي تعتمد على استغلال الدين وتوظيفه لخدمة أجنداتها السياسية. هذه التنظيمات تروج لفكرة أن المشاكل الحالية يمكن حلها بالعودة إلى القيم الدينية القديمة، متجاهلة التطور الذي شهدته المجتمعات الحديثة. وتستغل هذه التنظيمات القضايا القديمة لتأكيد خطابها المحافظ والمناهض لأي تجديد أو تحديث.
غياب المشروع الحضاري
القاسم المشترك بين هذه التنظيمات هو غياب المشروع الحضاري الواقعي والمستقبلي. هذه التنظيمات تفتقر إلى الخطط العملية والرؤية الواضحة التي يمكن أن تحقق التنمية والتقدم. بدلاً من ذلك، تعتمد على إثارة القضايا القديمة واللعب على وتر العاطفة والجماهيرية لتغطية هذا النقص.
الطريق إلى الأمام
ما تحتاجه مجتمعاتنا اليوم هو التخلي عن هذه القضايا التي عفا عليها الزمن والتركيز على المستقبل. والبحث عن حلول عملية تتناسب مع التحديات الحالية والمستقبلية. يجب تطوير التعليم، تعزيز الابتكار، وتحقيق التنمية المستدامة بدلاً من الانغماس في قضايا لا نجني منها سوى التخلف والاحتقان.
الخلاصة
إن استمرار التنظيمات القومجية واليسارية والكهنوتية في تغذية القضايا التي حسمت قبل أكثر من 50 سنة يعكس فشلها في تقديم مشروع حضاري واقعي. هذه التنظيمات تجد في الماضي ملاذًا لها لتعويض عجزها عن مواجهة المستقبل بواقعية. ولذا، يجب على الشعوب أن تدرك هذه الحقيقة وأن تعمل على تطوير رؤية جديدة تقوم على الابتكار لتجاوز هذه المرحلة والانتقال إلى مستقبل أفضل.