
23/09/2025
ما بين الصورتين فرق واضح — فرق لا يراه إلا من عايش اللحظات المظلمة بينهما.
في الصورة الأولى كنتُ أحملُ ثقل الخوف، جراح الأيام، ووجوهٍ لم تعد تعرف الرحمة. في الثانية تلمع ابتسامةٌ تعبَّت لتولد، لكن لا أحد يعرف الطريق الذي سرتُه في الظل لأصل إليها.
لم أرَ الرحمة في بعض عيون الناس، ولم أجد الأمان في كثير من الليالي. كانت هناك أيامٌ طالت حتى ظننتُ أن الزمن توقف فيها: ليالٍ بلا نوم، وقلوبٍ ترتعد من كل صوت، ويدٌ لا تعرف من يمدها دعمًا سوى دعاء خافت في الظلام. في تلك اللحظات عرفت معنى الوحدة، وعرفت كيف تحفر الحياة خطوطها على وجهك قبل أن تبتسم الدنيا لك مرة أخرى.
لكن رغم كل جرح، رغم كل صفعة ومهانة، لم أكن وحيدًا تمامًا. كان هناك صوتٌ يأتي من بعيد — كلمة طيبة، رسالة صغيرة، قبضة يد أستمعت لصراخي دون أن تسأله عن السبب. شكراً لكل من قدَّم لي ذرة أمل، لكل من رافق خطاي ولو بكلمة، لكل من آمن أنني أستحق فرصة أخرى. أنتم من زرع في قلبي بقايا أمل جعلتني أستيقظ صباحًا وأكمل السير.
أشكر أمي وأبي، اللذين علّماني أن الصبر ليس ضعفًا بل قوة لا تراها العين. أُقدِّر إخوتي وأصدقائي الذين كانوا مثل ظلالٍ تحميني من رياح اليأس. وكل من مرَّ بي ووقف بجانبي، سواء بكلمة أو بصمت، أنتم جزء من قصتي، وبدونكم لما كانت الصورة الثانية ممكنة.
إلى كل من يسير الآن في درب الهجرة: أعرف أن الطريق طويل، وأن الخوف يلازمك كظلٍ لا يفارِقك. لكن تذكر — لا شيء مستحيل إذا وضعت قلبك هدفًا وأمسكت بأطراف الأمل. قد تبدوُ الأشياء الآن منعدمة، وقد تفقد ثقتك بنفسك أحيانًا، لكن الأيام تغير منازلنا ونقشَّها على وجه الحياة. لا تخف من البكاء، فالبكاء طهرٌ للروح، ولا تخجل من طلب العون، فالهزيمة الحقيقية أن تتوقف عن المحاولة.
أكتب هذه الكلمات وقلبي مليء بمزيجٍ من حزنٍ وامتلاءٍ بالأمل. حزنٌ على الليالي التي ضاعت مني، وعلى الفرص التي سرقها الخوف من كفيّ، وأملٌ لأنني اليوم أرى بصيص نور في نهاية النفق. لا أنسى أن أخبرك: إن كل خدشٍ على روحي كان درسًا، وإن كل سقطة علّمتني كيف أنهض بقوة أكبر.
يا صديقي، تأكد أن الأيام ستفعل فكرتها — قد لا تكون سريعة، لكن العزم المستمر يغيّر القدر. أتمنى لك أن يصل قلبك إلى ما ترجوه، وأن تجد من يمدّ لك يدًا صادقة حين تحتاجها. إنني أؤمن بك، وأدعو لك من قلبي، كما أدعو لنفسي بالصبر والثبات.
في الختام، شكراً لك — أنت من دعمني في أصعب لحظات مصيري، وشكراً لكل مَن تمنّى لي الخير، ولكل من مرّ في طريقي فترك أثرًا، ولو بسيطًا. أدعو الله أن يسهل لكم سبل الهجرة، وأن يجازي كل من كان رفيق دربٍ لكم بالخير، وأن يجمعنا على راحةٍ وأمانٍ قريب.
الحمدُ لله على كل حال، وربّي لا يحرمني منكم