23/01/2024
مع خالد نزّار مرّة أخرى..!؟
لـ .. ليوم 23-01-2024
قال سعد👇:
الضّجة الإعلامية والسّياسية التّي أثارتها شهادتي حول اللّواء خالد نزار جعلتني أفكر جديا في كتابة المزيد.. ليس بغرض إسكات هذا الزخم الإعلامي والسّياسي، ولكن لقناعتي أنه ليس من حقي أن أخفي عن الشعب الجزائري ما أعرفه في هذا المجال، لكن دون أن أنشر ما قد يمس بالصالح العام وبأمن واستقرار البلاد.
في البداية.. استغربَ النّاس من وجودي في جنازة نزّار.. وأُذّكر هؤلاء بأن نزّار نفسه حضر جنازة مهري، وهو أيضا الذّي قال بغضب، عند دفن أبوبكر بالقائد في جنازة حضرها مهري أيضا: يا ليت الرّصاصة التّي جاءت في بالقائد جاءت في مهري..! ولكن عندما توفي مهري حضر نزّار جنازته وترحم عليه..؟!
قابلتُ في جنازة خالد نزّار الفريق محمد مدين (توفيق)، وهممتُ أن أطلب منه رقم هاتفه لأتصل به، للتحقُّق من بعض المعلومات التّي قالها لي نزّار.. ولكن أشباه الصّحفيين أزعجوه وأزعجوني بالتصوير والتطفّل، فعدلتُ عن ذلك، بسبب العيون التّي كانت تُلاحقه وتُلاحقني أيضا..!
قال لي بوتفليقة مرّة، إنّه هُو الذّي غيّر رأيه في التسعينيات بقضية رئاسة البلاد بعد المجلس الأعلى للدولة، وأنّه هرب إلى سويسرا، بعد أن جمع له زروال العسكر، وخطب فيهم قائلا: "إذا فُرضت علينا المُواجهة مع الإرهاب فسنُواجهُه..! ومحكمة العدل الدّولية تصل إليكم على جثّتي"..!؟ وأنّ نزّار هو الذي أفسد هذا الأمر عندما أقنع العسكر بأن أمور الجيش لن تُترك لبوتفليقة..! فأحس بوتفليقة بانّه سيكون رُبع رئيس، فهرب إلى سويسرا دون علم منهم..! طرحتُ هذا الرّواية على خالد نزّار فقال لي: لا.. نحن من رفض تولي بوتفليقة الرّئاسة سنة 1994، وليس هُو، وذلك بعدما تفقنا معه علي تولّيها..! والسبب أنّه، وبعد أن اتفقنا معه، ذهب وقابل عبد الحميد مهري أمين عام جبهة التحرير الوطني حينها، وطلب منه التأييد.. فأحسسنا بأنّه يُنسق مع مهري ويُريد أخذ الحكم "للأفلان" مرّة أخرى..! وأنا أيضا أشهد بأن بوتفليقة قال لي باستهزاء، إنّه قابل مهري وأخبره بما عرضه عليه الجيش من رئاسة الجزائر وطلب منه تأييد "الأفلان" لهُ.. وقال لي بوتفليقة أيضا: إنّ مهري قال لهُ: أنت أهل لرئاسة البلاد.. وحزب "الأفلان" لن يدعمك، ولن يقف ضدّك..! واستغرب بوتفليقة من هذا الموقف من مهري..! والسّؤال هنا: هل توجّس الجيش خيفة من تحالف دهاء بوتفليقة في الدولة مع دهاء مهري في "الأفلان"، فأفسد المشروع؟ نزار من جهته يقول.. نعم هذا هو السبب..! ولهذا أطلق مدير الأمن الداخلي للجيش آنذاك العقيد إسماعيل العماري حملة ضدّ ترشح بوتفليقة، خلال النّدوة الوطنية التّي عُقدت لتزكية بوتفليقة، واستعمل موسى تواتي من أبناء الشهداء، والعقيد يوسف الخطيب من المجادهين، وعبد القادر بن صالح من فريق الأفلان المُضاد لفريق مهري.. وطرحوا الاسم البديل لبوتفليقة، وكان اسم زروال، وهو ما كان.. كُنت أريد أن أسأل الفريق التوفيق: هل ما قاله نزّار من أنّ اتصال بوتفليقة بمهري هو السّبب في إبعاد بوتفليقة من الرئاسة، أم أن رئاسة زروال للجزائر كانت مُبرمجة من قبل؟ وكُنت أريد أن أسأله أيضا: لماذ لم تمنعوا بوتفليقة من المغادرة إلى سويسرا، إذا كان حقًا غدر بكم، وأخلف وعده لكم بتولي الرّئاسة؟!
أحبّ أن أُذكّر القراء الكرام، أنّني كتبتُ في 20 جويلية 1993 في عمود "صيحة السّردوك" بجريدة الشروق عند تعيين زروال وزيرا للدفاع، هذه الفقرة: "... وبعبارة أوضح، إذا كان العساكر أتوا بزروال ليكون للجيش وحده، فقد أخطأوا.. وإذا كانوا أتو به ليكون رجل الجزائر الأول في المستقبل، فذلك هو الصواب..."! وهذا النّص منشور في كتاب "صيحة الشروق العربي" الصادر عن دار الأمة سنة 1997، الصفحة 141. وأحب أن أذكّر أيضا أن من عيّن زروال وزيرا للدّفاع هو خالد نزّار وليس علي كافي.. لكن من أعاد زروال إلى الحياة السّياسية هو كافي، فقد اقترح عليه وزارة الداخلية، وكانت منظمة المجاهدين هي التّي أشارت على كافي بهذا الاقتراح عبر الأمين الوطني للمنظمة الجنرال عبد المجيد شريف صهر زروال.. لكن نزّار اختاره لوزارة الدّفاع عوض الداخلية، بالرغم من أنه لا يرتاح إليه..! ولكنه فضّل أن يخلفه على رأس الجيش، الذي كان مُهددا بالانقسام.
القضية الثانية التي كنت أريد تبيانها من الفريق التوفيق، هي قضية الدعوى القضاية التّي رفعت ضدّ نزّار في سويسرا سنة 2011، فنزّار قال لي إنّه يعرف بأن جهات مقربة من بوتفليقة هي التّي حرّضت من حرّضت عليه في رفع تلك الدعوى! وأنّ بوتفليقة وباسم الدّولة، هو من أمر بأن تتكلف الدّولة بالدّفاع عن نزار، ودفع أتعاب المحامين..! وقال لي نزار أيضا، إنّه يعرف من قام بالأمر في الحالتين.. لذلك تمّ حفظها ثُمّ إعادة فتحها من جديد، لكن هذه المرّة لها علاقة بقضية الإخوة "كونيناف".. وعندما لاحظ التعجب ممّا سمعت، قال لي: كلّ شيء في الجزائر ممكنا..! وأنا على يقين بأنّ الفريق توفيق يعرف تفاصيل التفاصيل في هذا الموضوع، لذلك كنت أريد أن أسأله في الأمر، لكنّ من لا يعرفون عمل الصحافة ولا يريدون ممارستها كما يجب، حرموني من هذا العمل..!
ثمّة مسألة أخرى لا بدّ من إثارتها، وهي أنّ العديد ممن علّقوا على مقالي السّابق أثاروا مسألة أنّني دخيل على الحراك الشعبي ومُندس فيه..! وأنّني من رجال السّلطة.. وأحبّ أن أوضح لهؤلاء، وبكل إخوة ما يلي:
1- أنا لم انضم إلى الحراك، بل الحراك هو الذّي انضمّ إليّ.. أنا خرجت في مظاهرات بالجزائر وببجاية وبقسنطينة، سنة قبل انطلاق الحراك الشعبي، واعتقلت مع الشباب في العديد من المرّات، رغم أنّ علاقتي ببوتفليقة لم تكن سيئة..! في نفس الوقت، كان البعض حينها يُطبّل لبوتفليقة.
2- أنا من أطلق اسم "الحراك" على تلك الحركة قبل انطلاقها بأسبوع تقريبا.. وارجعوا إلى الحوار الذي أجراه معي لطفي "دوبل كانو" في قناة "المغاربية" قبل خمسة أيام من الحراك، أيّ يوم 17 فيفري 2019.. أنا الذّي أعطى الشباب فكرة الخروج في مظاهرات بـ 1500 بلدية، ونسبتُ وقتها الأمر للشباب، حتى لا أضع نفسي تحت طائلة القانون بتهمة الدّعوة إلى التمرّد على السّلطة..! وقد قلت هذا الكلام أيضا، في شهر ديسمبر 2018 في حصة مع الزّميل سليم صالحي.. ارجعوا إليها إن شئتم..!
وأضيف.. أنا من أخرج حكاية "الكاشير" في اجتماع "لاكوبول" للعهدة الخامسة لبوتفليقة، وأنا من أطلق مصطلح "عدالة الطاكسيفون" على الجهاز القضائي، قبل حدوث عدالة اللّيل بسنوات..! وأنا من أطلق مصطلح برلمان "الحفافات"..! لهذا أضحك عندما أسمع البعض يقول عني إنّني حراكي مغشوش..!
ومن أغرب ما سمعت في هذا الصدد أيضا، أن أحدهم، وهو يدّعي أنّه حراكي أصيل وغيره مغشوش قال.. إنّ نزار لم يمت، وأن قصة وفاته لُعبة من النّظام لإخفائه وإنقاذه من الحاكمة في سويسرا..!؟ أبمثل مستوى هؤلاء يُقاد الحراك الذّي لهُ أن يهزم السّلطة، ثم يستلم هؤلاء الحكم..؟!
بقي أن أسأل هؤلاء: هل هناك فرق بين من كان بالأمس يقتل الجزائريين ويقول إنهم الإرهاب.. وبين من كان يقتل الجزائريين أيضا ويقول إنّهم الطاغوت..؟!
وهل هناك فرق اليوم، بين من يُريد للحراك السّلمي أن يصرخ في الشوارع "المخابرات إرهابية".. وبين من وضع أسماء المعارضين في الجريدة الرسمية وقال عنهم إنّهم إرهابيون..؟!
هل تغيّر شيء بين الأمس واليوم..؟!
رحم الله مهري وآيت أحمد.. فقد تعلمت منهما معنى السّياسية، ومعنى النّضال السّلمي.. ورحم الله مالك بن نّبي، الذّي علّمني الإسلام الحقيقي، وأنا جالس على الحصيرة في بيته على ركبتي رفقة زملائي.
أنا أقول رأيي في الأحداث بكل حرية ممكنة، وأسعد بسماع أراء النّاس فيما أكتب، سلبا أو إيجابا.. لكن الاتهامات الباطلة وغير المعقولة.. غير مقبولة أبدًا..! ولا ينبغي أن تصدر عمن يتصدى لتقييم غيره..!