Travel story

Travel story مرحبًا بكم في "قصة رحلة"!

الرسالة التي لم تُفتح أبدًا... (الجزء الثاني)العودة إلى البيت القديمحين خرج ذياد من المطار، لم يحمل سوى حقيبته القديمة و...
23/04/2025

الرسالة التي لم تُفتح أبدًا... (الجزء الثاني)
العودة إلى البيت القديم

حين خرج ذياد من المطار، لم يحمل سوى حقيبته القديمة والظرف ذاته في جيبه. الهواء البارد لعمّان بدا له مألوفًا على نحو مؤلم.
ثماني سنوات منذ أن وطئت قدماه هذه المدينة، وثماني سنوات منذ أن نظر في عيني والده لآخر مرة... وكانتا غاضبتين.

استقل سيارة أجرة دون أن يخبر السائق وجهته بدقة. قال له فقط:
"خذني إلى جبل الويبدة... قريب من شارع الرينبو."
في الحقيقة، لم يكن يريد الوصول بسرعة. أراد أن يتأمل المدينة، كما يتأمل رجلٌ خسر ذاكرته ويحاول استعادتها.

كان المنزل ما يزال كما تركه، لكنه بدا أصغر.
الحديقة اليابسة، الباب الحديدي، النافذة التي كان يتسلل منها في صغره... كل شيء في مكانه، ما عدا والده.

فتح الباب الاحتياطي بمفتاح قديم احتفظ به طوال تلك السنوات، لا لشيء، إلا لأنه لم يستطع رميه.
وحين دخل، اندهش أن المنزل ما يزال مرتبًا، كأن أحدًا يعيش فيه.
على الطاولة الخشبية الصغيرة في الزاوية، وجد دفترًا صغيرًا، وفوقه وُضعت صورة قديمة له مع والده وهما يضحكان في أول رحلة سفر لهما.

لم يفتح الدفتر.
جلس في المقعد الجلدي ذاته الذي كان يجلس فيه والده كل مساء، وفتح سترته، وأخرج الظرف.

مرّت دقائق وهو ينظر إليه دون أن يتحرك.

ثم، ولأول مرة منذ ثماني سنوات... فتحه.

الرسالة:

*"يا ذياد،
أكتب لك من مكان لا أعرف إن كنت سأراك فيه مجددًا.
ربما تقرأ هذه الكلمات بعد أن أكون قد رحلت.
اعذرني لأنني لم أكن أبًا كاملًا. كنتُ قاسيًا أحيانًا، صامتًا كثيرًا، وغائبًا حتى وأنا حاضر.

لكن ما لم تعرفه، أنني كنتُ دائمًا أراقبك من بعيد.
حين تركت البيت، كنتُ مكسورًا... لكن كبريائي لم يسمح لي أن أركض خلفك.
كل يوم كنت أضع صورة لك على مكتبي، وأتخيل أنك ستعود، حتى لو فقط لتأخذ قهوتك وتغادر.

كتبت لك هذه الرسالة بعد أن علمت من الطبيب أن وقتي قد يكون قصيرًا.
طلبت من عمّك أن يسلمك إياها حين تطير وحدك لأول مرة.
لأن الطيران وحده، هو اختبار الرجولة، والحرية، والمواجهة...
وأردت أن تكون مستعدًا حين تقرأها.

أنا آسف يا بني.
آسف لأنني لم أقل لك أنني أحبك كثيرًا... وأني فخور بك، حتى وأنت تعارضني وتغادر.

إن استطعت، سامحني.
وإن لم تستطع... فاقرأ هذه الرسالة ثانية، حين تكبر بما يكفي لفهم ضعفي."*

والدك.
حين أنهى ذياد القراءة، كان كل شيء ساكنًا.
حتى الهواء لم يعد يتحرك.
الدموع لم تسقط، لكنها كانت هناك، تملأ قلبه دون أن تنسكب من عينيه.
أغلق الرسالة ببطء، ووضعها داخل أحد كتب والده المفضلة في المكتبة القديمة.
ثم وقف، وفتح النافذة.
نسمات الليل دخلت ومعها رائحة البيت الذي تركه يومًا وهو يظن أنه لن يعود.
لكن العودة، كما أدرك الآن، لم تكن إلى البيت فقط... بل إلى قلب لم يغلق بابه أبدًا.
بعد ثلاثة أيام...

قرر ذياد البقاء في عمّان لبعض الوقت.
زار قبر والده، ووضع على ضريحه وردة بيضاء، وقرأ له الفاتحة بصوت مكسور.
وحين همّ بالمغادرة، همس بهدوء:
"أنا سامحتك... وأرجو تسامحني."

في تلك الليلة، حلم حلمًا غريبًا... رأى فيه والده يجلس بجانب مقعد 7A في طائرة، يبتسم له ويقول:
"السماء ما بتبعدنا... هي اللي جمعتنا من جديد."

استيقظ مذعورًا، لكن بقلب أخف.
الختام
أصبح ذياد يعود كل سنة إلى نفس المقعد على الرحلة ذاتها، يحمل معه رسالة صغيرة جديدة، يكتبها لنفسه، ويحتفظ بها في الظرف ذاته.
لكن هذه المرة... لم يكن الظرف مغلقًا.
لقد تعلّم أن بعض الرسائل لا تُفتح لتُقرأ... بل لتُغفر.

الرسالة التي لم تُفتح أبدًا... في المقعد 7Aكان المطار مزدحمًا، كعادته في آخر أيام الأسبوع. وجوهٌ تودّع، ووجوه تنتظر، ووج...
23/04/2025

الرسالة التي لم تُفتح أبدًا... في المقعد 7A

كان المطار مزدحمًا، كعادته في آخر أيام الأسبوع. وجوهٌ تودّع، ووجوه تنتظر، ووجوه تسير كأنها تهرب من نفسها.
من بين الحشود، كان ذياد يمشي بخطوات بطيئة، يحمل حقيبة جلدية صغيرة، ووجهه ساكنٌ كأنما حجَرَ عليه التعبُ ملامحه.
عند بوابة الصعود إلى الطائرة، أخرج بطاقة صعوده، قلبها بين أصابعه أكثر من مرة، ثم ابتسم بسخرية حين قرأ: المقعد 7A.
الرقم لم يكن جديدًا عليه... لقد طلبه عمدًا.
في جيب سترته الداخلي، كان هناك ظرف بني باهت اللون، تآكلت أطرافه، وانمحى جزء من الحبر الذي كُتب عليه بخط يد قديم:
"إلى من تركتني قبل أن أرحل..."
كان هذا الظرف نائمًا في أحد أدراج مكتبه منذ 8 سنوات.
لا يُذكر بالضبط متى سلّمه له عمّه، لكن يتذكر جيدًا عبارته التي قالها له يوم الدفن:
"أبوك كتبها لك... لكنه ما قدر يعطيك إياها وهو حي. طلب مني أعطيك إياها في أول رحلة تسافر فيها لوحدك."
يومها، ذياد لم يفتح الظرف.
لا لشيء، إلا لأنه لم يشعر يومًا أنه مستعد.
كان الغضب أكبر من الفضول، وكان الحزن أوسع من الشوق.
لكن اليوم... لم يكن يومًا عاديًا.
استقل ذياد الطائرة المتجهة من دبي إلى عمّان.
رحلة قصيرة نسبيًا، لكنها ثقيلة في ميزان الذكريات.
كان عائدًا إلى المدينة التي وُلد فيها، حيث البيت الذي غادره مراهقًا بعد شجارٍ طويلٍ مع والده، انتهى بكلمة "ما بدي أشوفك مرة ثانية!"
ثم... مرت السنوات، ولم يروه فعلاً.
المقعد 7A كان بجانب النافذة، مكان يُفضّله أولئك الذين يحتاجون الهروب من الأحاديث.
جلس، وضع الحقيبة تحت المقعد، وأخرج الظرف ببطء، كأنما يوقظ ذكرى قديمة لا يريدها أن تستيقظ فجأة.
لم يكن الظرف مختومًا.
كان يمكنه فتحه بسهولة.
لكنه أبقاه في يده، يُقلّبه كمن يلمس قطعة من الماضي... لا يعرف إن كانت ستحرقه أو تحرّره.
جاءت المضيفة، ابتسمت بلطف وسألته إن كان يريد شيئًا.
قال بصوت خافت:
"فقط بعض الماء... وبعض الوقت."
لم تفهم قصده، لكنها تركته بهدوء.
مرت الدقائق...
بدأت الطائرة بالإقلاع، وذاك الصوت المألوف لاندفاع المحركات أعاده للحظة كان فيها طفلًا، يتشبث بذراع والده وهو يركب الطائرة لأول مرة.
"شفت الغيم يا بابا؟!"
وقتها ابتسم والده وقال له: "الغيم بيتنا الجديد يا ذياد."
لكن مع الوقت، الغيم تلبّد.
الخلافات تكاثرت، والمسافات اتّسعت، حتى صار الحديث بينهما مستحيلاً.
ثم جاء الخبر المفاجئ: والده تُوفي إثر أزمة قلبية، قبل أن تسنح لهما فرصة للمصالحة.
أخرج ذياد الرسالة، وضعها أمامه على الطاولة الصغيرة، وأسند جبهته على كفه.
كان يحاول أن يتنفس، كأن الهواء ثقيل.
ظل ينظر إلى الخط المكتوب على الظرف. لم يكن مثاليًا، لكنه كان مألوفًا. خط والده، كما يتذكره من أيام الدفاتر المدرسية والتوقيعات على نتائج الامتحانات.
"ما الذي كتبه لي بعد أن مات؟ لماذا الآن؟ ولماذا طلب أن أقرأها في السماء؟"
كل هذه الأسئلة تدور في رأسه، لكن أصابعه لم تتحرك.
جاءت لحظة تقديم الطعام، فرفض.
جاءت لحظة عبور فوق البحر، فلم يلتفت.
كانت عينه فقط على ذلك الظرف.
في المقعد المقابل، كانت امرأة تقرأ كتابًا عن "فن الصفح"،
وفي المقعد الخلفي، طفل صغير يضحك مع أمه على فيلم كرتوني.
الحياة كانت تمضي... لكن الزمن عند ذياد كان قد توقف.
قبل الهبوط بنصف ساعة، أمسك بالظرف، رفع الغطاء ببطء...
لكنه لم يسحب الرسالة.
نظر إلى السماء من النافذة، ثم إلى الورقة التي لم تُفتح، وقال بصوت يكاد يُسمع:
"يمكن مو لازم أعرف... يمكن لازم أسامح قبل ما أفهم."
ثم أعاد الظرف إلى جيبه.
حين هبطت الطائرة، كان أول الخارجين.
وفي يده، الحقيبة، وجيبه ما زال يخفي الورقة.
الرسالة لم تُفتح.
لكن شيئًا داخله... قد انفتح.
إذا أعجبتك القصة، اكتب "تم" لنكمل الجزء التالي من الحكاية.

Address

Bangalore

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when Travel story posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Share