
10/06/2025
تحليل سياسي معمق لزيارة الحلبوسي الأخيرة إلى ديالى: أربع رسائل إستراتيجية ومستقبل التحالفات
شكلت الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس تحالف "تقدم"، محمد الحلبوسي، إلى محافظة ديالى، نقطة تحول لافتة في المشهد السياسي العراقي، لا سيما مع قرب الاستحقاقات الانتخابية. لم تكن هذه الزيارة مجرد جولة تفقدية، بل كانت بمثابة بيان سياسي مُحكم، يحمل في طياته أربع رسائل إستراتيجية عميقة، تُشير إلى رؤية الحلبوسي لمستقبل التحالفات السياسية، وإعادة رسم خارطة النفوذ في المحافظة.
الرسالة الأولى: تمتين العلاقات ودور الشركاء التقليديين
لم يكن اختيار مضيف رجل الأعمال الحاج سلمان اللهيبي في بهرز كأول محطة في زيارة الحلبوسي اعتباطيًا. بل هو قرار مدروس، يعكس فهمًا عميقًا لديناميكية القوى في ديالى. يُدرك الحلبوسي، من خلال تجاربه الانتخابية السابقة، أن أي تحالف يسعى لتحقيق فوز مؤثر في المحافظة، لا يمكن أن يستغني عن ثقل وشبكة علاقات اللهيبي ومرشحيه. فاللهيبي ليس مجرد داعم، بل هو العمود الفقري لتحالف تقدم في ديالى. هذه الخطوة تؤكد على أن الحلبوسي يعتمد بشكل كبير على الشركاء التقليديين الذين أثبتوا قدرتهم على حشد الدعم الشعبي، وتُشير إلى أن البراغماتية السياسية تقتضي الاستناد على القواعد الصلبة لضمان تحقيق الأهداف الانتخابية.
الرسالة الثانية: تأكيد الولاء للقيادات العشائرية والسياسية المؤثرة
تجلت الرسالة الثانية في زيارة الحلبوسي إلى فرات المجمعي، وهي خطوة ذات دلالة سياسية وعشائرية واضحة. إن لقاء الحلبوسي بالمجمعي، وهو شخصية لها وزنها في ديالى، وسط أهله وعشيرته، يُرسل إشارة قوية وحاسمة بأن الحلبوسي يدعم ويُساند هذه الشخصيات. هذه الزيارة ليست مجرد مجاملة، بل هي تأكيد على أن المجمعي يمثل اختيارًا استراتيجيًا للحلبوسي، وأنه يعتبره خير ممثل لأهله وعشيرته. الرسالة هنا مُوجهة للمنافسين والمترددين: "نحن مع رجالنا في السراء والضراء ولن نتخلى عنهم". هذا التأكيد يُعزز من استقرار التحالفات، ويُرسخ مبدأ الولاء المتبادل بين القيادة المركزية والشخصيات المؤثرة في المحافظات.
الرسالة الثالثة: استقطاب الكفاءات الشبابية وتأهيل جيل جديد من القيادات
كانت زيارة الحلبوسي لطبيب الأسنان الدكتور سيف الدهلكي في مكان عمله، وتعامله معه كمراجع لا كرئيس حزب، لافتة وذات رمزية عالية. هذه الخطوة تُشير إلى أن الحلبوسي يسعى إلى توسيع قاعدة الدعم لتشمل الكفاءات والطاقات الشابة بعيدًا عن الوجوه التقليدية. الرسالة هنا واضحة: "نحن مع الكفاءات والطاقات الشابة وسندعمهم أينما كانوا وفي أي موقع". هذا التوجه يُعد استثمارًا في المستقبل، ويهدف إلى ضخ دماء جديدة في العملية السياسية، وتأهيل جيل من القيادات الشابة التي يمكن أن تُحدث فارقًا في المشهد السياسي والاجتماعي. كما أنها محاولة لتقديم صورة مغايرة للسياسي التقليدي، الذي ينخرط في تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين.
الرسالة الرابعة: ديالى شريك أساسي وحقوقها خط أحمر
أكدت الزيارة في مجملها على أن الحلبوسي يسعى لتحديد من هم الشركاء الأساسيون في خططه المستقبلية وصناع القرار. الرسالة الأخيرة كانت قوية ومباشرة: "ديالى ستنال استحقاقها الكامل عبر ممثليها سواء في البرلمان أو من الكفاءات والطاقات الشبابية المختلفة". هذا التأكيد يُعزز مكانة ديالى كشريك استراتيجي في أي حكومة قادمة، ويُرسل رسالة طمأنة لأهالي المحافظة بأن حقوقهم لن تُهضم. شعار المرحلة القادمة، "ديالى رأس النفيضة وحقوقها ستسترد في كافة المجالات"، هو ليس مجرد شعار انتخابي، بل هو تعهد سياسي يُشير إلى رؤية الحلبوسي لإعادة الاعتبار للمحافظة وأبنائها، وتأكيد على أن مصالح ديالى ستكون في صلب أي قرار مستقبلي. هذا التصريح يهدف إلى حشد الدعم الشعبي، وتقديم الحلبوسي كحامٍ لحقوق ديالى ومدافعٍ عنها.
في الختام، تُظهر زيارة الحلبوسي إلى ديالى منهجية سياسية ذكية، تجمع بين البراغماتية في بناء التحالفات، مع السعي لاستقطاب الطاقات الشابة. هذه الرسائل تُشكل خارطة طريق لمرحلة سياسية قادمة، حيث يسعى الحلبوسي لترسيخ نفوذه، وتوسيع قاعدته الشعبية، وضمان دور محوري لديالى في المشهد السياسي العراقي.