28/08/2024
أينشتاين :"هل هناك طريقة لإنقاذ البشرية من خطر الحرب؟"
فرويد: "الحوافز الكامنة وراء السلوك الخير"!! ..
منذ بضع سنواتً أتجهت تدريجياً الى دراسة الانثروبولوجيا الحضارية والأُسس النفسية الأجتماعية التي تأخذُ بها نحو التشظي والجماهيرية (التأثير اللاواعي الفردي والجمعي).
إلا اني ومن خلال احد الكتب للعالم سيغموند فرويد، وجدتُ رسالة هامة تتكون من عدة أسطر قدمها العالم ألبرت اينشتاين الى فرويد، مفادها سؤال مباشر "هل هناك طريقة لإنقاذ البشرية من خطر الحرب؟" ويقصد بها كل نوع من انواع الحرب، التدمير الاجتماعي، وليست المعارك فقط على وجه الخصوص.
اعتقد انه اصعب سؤال ممكن ان يُقدم من عالم الفيزياء الحديثة لعالم النفس الاول في وقت تخوض فيه البشرية غمار حروب عالمية تأريخية خارجية وداخلية أدت الى نشوء حضارات مختلفة عن سابقاتها ودول مهيمنة تحكم او تتحكم بالعالم كما صارت هي عليه الان.
انها مسؤولية جسيمة وضعها أينشتاين في العام 1931 على عاتق فرويد بعد ان دعا معهد التعاون الفكري التابع لعصبة الأمم أينشتاين ليمثل التخصصات العلمية العالمية لايجاد حلول السلام للازمات السياسية العالمية، وطُلب منه اختيار شخص فاختار انشتاين عالم النفس سيجموند فرويد، ليحاوره!.
ولأجل هذا اجاب فرويد تلك الرسالة بكتاب اصدره اسماه "أفكار لأزمنة الحرب والموت"، حاور فيه الأُسس النفسية للشخصية البشرية بأدق ما يمكن، منتهياً الى الأسس التي صاغت المجتمعات عليها نفسها لتدرك مفهوم الحضارة ومفهوم الموت تلك الثنائية الازلية المتصارعة في اعماق كل انسان.
قرأته مرات عديدة واخذني الى ان اقرأ غيره لنفس العالم لكني لم أجد فرويد متفائلاً في إجاباته على الرغم من انها عميقة وملهمة للحلول، ربما ما يدعوه لذلك هو الامر الذي يدعونا الى السأم حينما نعرف ان الشخصية البشرية ليست مستعدة للحروب فقط بل لا يستحيل معها ان تأكل لحوم اخوتها!، ان ارادت ذلك.
من بين اجاباته قال:" وسوف يضللنا بالتأكيد تفاؤلنا نحو المبالغة الشديدة في عدد الكائنات البشرية التي تحولت بمعنى متحضر هكذا يكون المجتمع المتحضر ، الذي ينتزع السلوك الخير ولا يقلقه شيء فيما يتعلق بالحوافز الكامنة وراءه،".
انها حقاً الحوافز الكامنة في إضمار الشخصية وراء سلوكها الخير كما يفهمه المجتمع الذي لا يأبه بتلك الإضمارات، ما هي؟.
((ربكم اعلمُ بما في نفوسكم ان تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا)) الاسراء٢٥.
اعتقد ان الأجابة التي جاء بها فرويد غاية في الدقة تعيش في ربوع كل نفس وتتربع في اذهاننا لتشكل استعداداً أصيلاً في الجوهر الأنساني الذي اسماه "الأنا" ، فغالبية غاياتنا التي نحاول اظهارها بالعرف السائد للخير، كانت فيما سبق امنيات بريئة توحشت من قسوة وقهر المجتمع.