مجموعة ادارة اﻻزمة وقيادة الصراع في العراق

  • Home
  • Iraq
  • Baghdad
  • مجموعة ادارة اﻻزمة وقيادة الصراع في العراق

مجموعة ادارة اﻻزمة وقيادة الصراع في العراق مجموعة دراسات سياسية استراتيجية استشرافية تختص بادارة الازمة وقيادة الصراع في العراق بحثا ودراسة وتحليلا ومشورة

إدريس نيجيرفان بارزانييبرز صورة القائد العراقي الكردي.فهل له استراتيجية خاصة للتأثير في شباب كردستان خصوصا والعراق عموما...
23/09/2025

إدريس نيجيرفان بارزاني
يبرز صورة القائد العراقي الكردي.
فهل له استراتيجية خاصة للتأثير في شباب كردستان خصوصا والعراق عموما؟
بقلم
قاسم شفيق الخزعلي
طالب كاظم سعداوي
بهاء عواد
زين العابدين العوادي
باشراف
اكرم طالب الوشاح
لصالح مجموعة
ادارة الازمة وقيادة الصراع في العراق
ومجلة ادارة الازمة
::::
::::
في بيئة سياسية واجتماعية مثقلة بالإرث، حيث تفرض العائلات الكبيرة حضورها على ملامح القيادة، يطل إدريس نيجيرفان بارزاني بوصفه وجهاً شاباً يحاول أن يبني لنفسه مساراً مختلفاً. لا يكرر ما فعله أسلافه، ولا يكتفي بظلال اسم العائلة، بل يسعى لتقديم صورة القائد الذي يتأسس على المجتمع المدني والثقافة والشباب قبل أن يدخل فضاء السياسة المباشر. هذه السمة هي ما يثير الانتباه في تجربته، خصوصاً عند البحث عن استراتيجيته غير المعلنة للتأثير في شباب كردستان، ثم لاحقاً في شباب العراق ككل.
ومنذ سنوات بدأ إدريس في بناء شبكة مبادرات تستهدف البيئة، الثقافة، الرياضة والعمل الاجتماعي. زراعة عشرين ألف شجرة زيتون في أطراف أربيل لم تكن مجرد حملة رمزية، بل تعبير عن تفكير طويل الأمد. البيئة هنا تحولت إلى مدخل للحديث عن المستقبل، عن الاستدامة، عن الإحساس بأن الأرض والمدينة والإنسان عناصر متكاملة. الشباب الذين شاركوا في هذه المبادرة وجدوا في حضوره الميداني رسالة مباشرة: القيادة ليست خطابات، بل مشاركة عملية. إدريس أرسى قاعدة أولى تقول إن التأثير في الشباب يبدأ حينما يرونك في صفوفهم، لا حين تخاطبهم من منصة بعيدة.
وكانت خطوته التالية قد تمثلت في انخراطه في أنشطة ثقافية وفنية. هنا ظهر واضحاً أنه يدرك حساسية جيل عراقي وكردي يريد أن يعرف نفسه من جديد. كوردستان التي خرجت من عقود من النزاعات بحاجة إلى هوية حديثة لا تنفصل عن الجذور. دعم المهرجانات، تشجيع الإنتاجات الموسيقية والمسرحية، ورعاية منصات إعلامية شبابية كلها كانت أدواته للتواصل مع هذا الجيل. الاستراتيجية التي يبنيها تبدو بسيطة لكنها فعالة: ربط الشباب بالثقافة، لأن الثقافة تمنحهم لغة مشتركة وهوية متجددة.
في الميدان الرياضي أعاد إدريس توجيه البوصلة إلى القاعدة. لم يذهب إلى النوادي الكبيرة أو الأسماء اللامعة، بل اهتم بالناشئين، بالفرق الصغيرة، بالمبادرات التي تعيد للشباب ثقتهم بأنفسهم. هنا أيضاً تظهر ملامح استراتيجية واعية: بناء شبكات صغيرة من التأثير، تلامس حياة مئات الشباب بشكل مباشر، وتشكل لاحقاً قاعدة اجتماعية واسعة.
إذا تتبعنا هذه المسارات كما فعلنا في مجموعة ادارة الازمة سنجد أنها تصب في فكرة واحدة: إدريس نيجيرفان بارزاني يريد أن يزرع في جيل كامل قناعة أن القيادة ممكنة عبر العمل المدني، وأن التغيير يبدأ من التفاصيل الصغيرة. هذه الرسالة تكتسب أهميتها في مجتمع يحتاج لشاب مثل ادريس.
فالجيل الجديد في كردستايحتاج مبادرات مثل مبادرات إدريس تمنحهم إحساساً بوجود جيل قيادي شاب معهم.
والمراقبون في بغداد وكردستان يطرحون سؤالاً محورياً: هل هذه مجرد أنشطة شبابية، أم أنها جزء من استراتيجية أعمق لصناعة قائد جديد؟ النظرة الاستقصائية تكشف أن إدريس لا يتحرك باندفاع عشوائي، بل بخطوات محسوبة. هو يبني ما يشبه مانسميه في ادارة الازمة : “الرأسمال الاجتماعي”، أي شبكة من الثقة والتأثير، تنمو ببطء لكن بعمق. هذا الرأسمال هو ما يمنح أي قائد شرعية حقيقية حين يتقدم لاحقاً لدور سياسي مباشر.
حين نوسع الدائرة من كردستان إلى العراق ككل، تبرز أهمية أخرى لهذه الاستراتيجية. فالعراق اليوم يعيش أزمة ثقة بين الشباب والواقع، هنا يمكن لوجه مثل إدريس أن يقدم نموذجاً مختلفاً: شاب من عائلة سياسية لكنه يقترب من المجتمع، يستثمر في الثقافة والتعليم والبيئة، ويعتمد على العمل المدني بدلاً من الخطاب الضيق.
هل يمكن لادريس أن يؤثر فعلاً في شباب بغداد أو البصرة أو النجف؟ الاحتمال ليس بعيداً. العراق يحتاج إلى شخصيات شبابية قادرة على صياغة خطاب جامع يتجاوز الانقسامات، والشباب تحديداً يبحثون عن نموذج يختلف عن الصور التقليدية للسياسيين. إذا نجح إدريس في بناء شبكات شبابية في كردستان قوية ومستقلة، فإنه سيكون قادراً على نقل هذه التجربة جنوباً ووسطا وغرب العراق عبر شراكات ثقافية وتعليمية. وتبادل طلابي، ومشاريع مشتركة بين جامعات كردستان وجامعات بغداد والانبار أو البصرة، بمبادرات عامة تجمع شباباً من الشمال والجنوب، كلها أدوات محتملة لمد تأثيره خارج الإقليم.
التحقيق في شخصيته يكشف أنه يعي هذه الفرصة. لذلك يحرص على تقديم نفسه بصورة غير متعالية، ويتجنب الخطاب السياسي المباشر الذي قد يثير حساسيات في العراق. اختياره أن يبدأ من المجتمع المدني هو في حد ذاته رسالة سياسية، لأنه يقول للشباب: التغيير ممكن من تحت إلى فوق، لا العكس. هذه الفكرة إذا استوعبها شباب العراق، وكردستان فقد تفتح أمامه أبواباً أوسع بكثير من حدود كردستان.
لكن الطريق ليس سهلاً. ثمة تحديات كبرى تواجهه، أولها أن العمل المدني في العراق ما زال يواجه عراقيل هائلة، من البيروقراطية إلى الفساد إلى التوترات الأمنية. ثانيها أن الجيل العراقي في الوسط والجنوب أكثر يحتاج ليقين سياسي . هنا ستكون معركته الحقيقية: هل يستطيع أن يقنع هؤلاء الشباب أن مساره مختلف؟
وجوابنا: اثبت ادريس نيجيرفان بارزاني انه يستطيع الاقناع.
فما هو مؤكد أن إدريس نيجيرفان بارزاني يقدم صورة جديدة للقائد العراقي الكردي. صورة تقوم على القرب من الناس، على الانغماس في مشاريع ملموسة، على إعطاء الشباب دوراً محورياً لا هامشياً. استراتيجيته الخاصة تبدو واضحة: بناء قاعدة اجتماعية عبر مبادرات مدنية وثقافية، ثم توسيعها تدريجياً لتشمل العراق كله. هذه ليست مجرد أحلام، بل خطوات عملية بدأت بالفعل في شوارع أربيل وقراها، حيث تُزرع أشجار الزيتون، وتُقام الورش الثقافية، وتُبنى الثقة ببطء لكن بثبات.
ويمكن القول إن إدريس استطاع أن يفرض اسمه في النقاش العام لا كامتداد آلي لعائلته، بل كمشروع شخصي عراقي كردي يملك ملامحه الخاصة. بالنسبة للشباب في كردستان، والعراق ، وهو اليوم أقرب إلى صورة القائد الذي يشاركهم همومهم من أن يكون سياسياً بعيداً. وإذا استطاع أن ينقل هذه الصورة إلى بغداد والبصرة والموصل، فإنه سيكون أمام فرصة تاريخية ليصبح جسراً بين شباب العراق في كردستان خصوصا والعراق عموما....

كيف نفهم فلسفة فهم حقيقة الأقليات الدينية والمذهبية والقومية والعقائدية العراقية؟اكرم طالب الوشاحإنّ التفكير في الأقليات...
19/09/2025

كيف نفهم فلسفة فهم حقيقة الأقليات الدينية والمذهبية والقومية والعقائدية العراقية؟

اكرم طالب الوشاح

إنّ التفكير في الأقليات العراقية ليس تمريناً معرفياً محضاً، ولا بحثاً في تفاصيل اجتماعية سطحية، بل هو محاولة لفهم معنى الكينونة في سياق تاريخي معقد، حيث تتقاطع الهويات الدينية والمذهبية والقومية والعقائدية، فتشكّل لوحة فسيفسائية طالما أثارت الدهشة وأثقلت الكاهل في آن واحد. إنّ هذه الأقليات لا يمكن النظر إليها ككيانات منفصلة أو كجماعات طارئة، بل يجب أن تُفهم بوصفها مكوّناً أصيلاً في البنية التاريخية للعراق، ساهمت في صوغ ملامح حضارته، ودفعت ثمناً باهظاً في تقلبات مصيره.
إنّ فلسفة فهم الأقليات العراقية تستلزم أن نتجاوز المقاربات السطحية التي تكتفي بتعداد الجماعات وشرح شعائرها أو تقاليدها، نحو مقاربة أعمق تضع في الحسبان ثلاثة مستويات: مستوى الوجود التاريخي، مستوى التجربة الاجتماعية، ومستوى الوعي الذاتي. ومن خلال هذه المستويات يمكن إعادة التفكير في معنى الأقلية نفسها، لا باعتبارها مجرد رقم في معادلة ديموغرافية، بل باعتبارها تجربة إنسانية تبحث عن الاعتراف والكرامة والأمن في فضاء وطني مشترك.
المستوى الأول: أي الوجود التاريخي، يكشف أنّ العراق لم يكن يوماً أرضاً خالية ثم دخلتها الأقليات لاحقاً، بل هو فضاء قديم تعاقبت عليه شعوب وديانات وثقافات منذ آلاف السنين. فالمندائيون على سبيل المثال يحملون رواية دينية ترى أنفسهم امتداداً لتقاليد روحية سحيقة في وادي الرافدين، والمسيحيون العراقيون يعتبرون أنفسهم ورثة الكنائس الأولى التي نشأت على ضفاف دجلة والفرات، واليهود الذين شكّلوا يوماً ما أحد أقدم الجماعات في العراق كانوا جزءاً عضوياً من نسيجه الاقتصادي والثقافي. إنّ هذا الامتداد التاريخي يجعل من الأقليات ركناً في الهوية الوطنية، لا زائراً غريباً ولا عنصراً مستعاراً.
المستوى الثاني: أي التجربة الاجتماعية، فيرتبط بعلاقة هذه الأقليات ببعضها وبالأكثرية. فالأقليات ليست كيانات مغلقة، بل كانت ولا تزال تتفاعل مع المحيط، تدخل في علاقات تبادل وتعاون وصراع، وتعيد تعريف نفسها بحسب السياق. لقد عاش الأرمن مثلاً في بغداد والموصل والبصرة، وشاركوا في الحياة الاقتصادية والفنية، كما شارك الكرد الفيليون في التجارة والسياسة، ووجد الشبك والتركمان مكانهم في الشمال بمزيج من التمايز والاندماج. إنّ التجربة الاجتماعية للأقليات العراقية تكشف عن قدرة على التكيّف والإسهام، لكنها تكشف أيضاً عن هشاشة وضعهم في لحظات التحولات الكبرى، حيث يصبحون الحلقة الأضعف أمام العنف والتهجير والتهميش.
المستوى الثالث: أي الوعي الذاتي، يفتح باباً على البعد الفلسفي. فالأقلية ليست مجرد واقع موضوعي يحدده العدد، بل هي كذلك إحساس بالتمايز والاختلاف، ووعي بالهوية في مواجهة الآخر. وقد يكون هذا الوعي مصدر قوة وإبداع، كما قد يتحول إلى جرح مفتوح يشعر أصحابه بالخذلان. هنا تكمن معضلة الأقليات العراقية: كيف يمكنها أن تحافظ على خصوصيتها الثقافية والدينية والمذهبية من دون أن تقع في عزلة قاتلة، وكيف يمكنها أن تشارك في الفضاء الوطني المشترك من دون أن تذوب أو تُفرض عليها هوية مغايرة؟
إنّ فهم حقيقة الأقليات العراقية لا يكتمل من دون إدراك التوتر الدائم بين الرغبة في الاندماج والخوف من الذوبان، وبين السعي للاعتراف والقلق من الإقصاء. إنّها معادلة وجودية عميقة تتكرر عبر التاريخ. ففي فترات الاستقرار والازدهار الحضاري كان العراق يتسع للجميع، وكانت الأقليات جزءاً من نسيجه المزدهر. أما في فترات الأزمات السياسية أو التدخلات الخارجية، فإنّ هذه الأقليات كانت أول من يدفع الثمن، فيُستهدف وجودها وتُخترق أمانها، وتُحمّل تبعات صراعات لا يد لها فيها.
بعد عام 2003 دخلت الأقليات العراقية مرحلة جديدة شديدة التعقيد. فالنظام السياسي الذي تأسس على أنقاض الدولة الدكتاتورية السابقة أفرز تناقضات عميقة. من جهة، فتح المجال أمام الاعتراف الدستوري ببعض الحقوق الثقافية والسياسية، ومن جهة أخرى أدى انهيار مؤسسات الدولة إلى انفلات أمني بعد2003 لغاية 2008 م، جعل الأقليات عرضة لتهديدات غير مسبوقة. شهدت تلك السنوات تهجيراً واسعاً للمسيحيين من الموصل وسهل نينوى، واستهدافاً للمندائيين بالقتل والخطف، وتهجيراً للكرد الفيليين، وتصاعد العنف ضد الشبك واليزيديين. من قبل الارهاب القاعدي والداعشي من بعد ذلك في 2014م، ولقد تكثف في هذه المرحلة الشعور بأن الأقليات ليست محمية بنصوص القانون وحدها، بل تحتاج إلى ضمانة فعلية تتجسد في سلطة قادرة على فرض النظام والعدل.
إنّ التجربة بعد 2003 كشفت تناقضاً بين النص والواقع. فالدستور نص على المساواة، لكن الخطاب السياسي والاجتماعي بقي مشدوداً إلى منطق الأكثرية والمكونات الكبرى. وهنا برزت أزمة الفلسفة السياسية في العراق: كيف يمكن أن يُبنى نظام ديمقراطي حقيقي في بلد تتوزعه انتماءات متداخلة، حيث تصبح الهوية الطائفية أو القومية أداة للصراع بدل أن تكون إطاراً للتعايش؟ الأقليات العراقية عاشت هذه الأزمة بشكل مضاعف، لأنها لم تجد نفسها طرفاً وازناً في الصراعات السياسية، بل مجرد ساحة مفتوحة للتأثر بنتائجها.
ولقد جاءت لحظة صعود تنظيم داعش الارهابي عام 2014 لتكشف عمق الهشاشة. فما جرى بحق اليزيديين في سنجار من إبادة وتهجير واسترقاق، وما جرى بحق المسيحيين في الموصل من تهديد وتهجير جماعي، لم يكن مجرد حدث سياسي أو أمني، بل كان جرحاً فلسفياً وأخلاقياً في الوعي الإنساني. لقد كشفت تلك اللحظة أنّ الأقليات قد تتحول بين ليلة وضحاها من مواطنين إلى غرباء مهددين بالزوال، وأنّ الضمانات النظرية لا تكفي ما لم يرافقها وعي جمعي يرى في حماية التنوع مسؤولية وجودية لا تنازل عنها.
إنّ الفلسفة المحللة للاقليات العراقية ها هنا تدعونا للتأمل: ما معنى الوطن إذا لم يوفر الأمان لجميع أبنائه؟ ما قيمة الهوية الوطنية إذا كان جزء من مواطنيها يعيشون كلاجئين في الداخل أو كمنفيين في الخارج؟ كيف يمكن أن نتحدث عن الديمقراطية إذا لم يكن التنوع محمياً على أرض الواقع؟
إنّ التحدي المستقبلي أمام العراق يتمثل في إعادة تعريف العقد الاجتماعي. فالأقليات ليست مطالبة فقط بأن تُدمج في بنية الدولة، بل بأن تكون شريكاً في صياغة مستقبلها. وهذا يتطلب ثلاثة شروط أساسية:
أولا: بناء دولة قانون قوية تحمي جميع المواطنين من دون تمييز، وتفرض هيبتها على الجميع. فلا معنى لأي فلسفة عن التعايش إذا بقيت الأقليات تحت رحمة الميليشيات أو الصراعات المسلحة.
ثانيا: إعادة صياغة الهوية الوطنية على أساس التعدد، بحيث يشعر كل فرد أن انتماءه الديني أو المذهبي أو القومي ليس عقبة أمام مواطنيته، بل هو جزء من غنى الوطن. الهوية الوطنية العراقية لا ينبغي أن تُختزل في بعد واحد، بل يجب أن تعكس حقيقة العراق بوصفه ملتقى حضارات وديانات.
ثالثا: نشر ثقافة الاعتراف، وهي ثقافة لا تُفرض بالقوانين فقط، بل تُزرع في المدارس والإعلام والخطاب الديني. الاعتراف بالآخر ليس مجرد قبول بوجوده، بل احترام لحقه في أن يكون مختلفاً. وهذه هي الفلسفة الأعمق التي يحتاجها العراق: أن يرى في التنوع شرطاً للوجود، لا تهديداً له.
إنّ الأقليات العراقية كما ارى وعالجتها في كتابي عن المشاركة السياسية للاقليات العراقية بعد2003م وكتابي عن البهائية وكتابي القادم:" معجم الاقليات العراقية": ليست عبئاً على الوطن، بل هي أحد شروط غناه. فهي تذكرنا بأنّ الإنسان لا يُختزل في هوية واحدة، وأنّ المجتمعات لا تزدهر إلا حين تحمي تنوعها. وإذا ما أردنا أن نفهم فلسفة وجود الأقليات، فعلينا أن نطرح السؤال بصيغة مقلوبة: هل يمكن أن نتصور عراقاً بلا أقلياته؟ الجواب أنّ مثل هذا العراق سيكون فقيراً، منغلقاً، فاقداً لروحه التاريخية.
إنّ التجربة العراقية بعد 2003 بكل آلامها تكشف أنّ الأقليات ليست فقط موضوعاً للبحث الأكاديمي، بل هي مرآة تكشف مأزق الدولة العراقية ذاتها. فإذا ما وجدت الأقليات الأمان والاعتراف، فهذا يعني أن الدولة تسير في طريق التعافي. وإذا بقيت مهمشة أو مهددة، فهذا يعني أنّ الجرح لا يزال مفتوحاً. وهنا يكمن المعنى الفلسفي العميق: مصير الأقليات هو معيار لمصير الوطن بأكمله.
إنّ مستقبل العراق يتوقف على قدرته في تحويل مأساته إلى درس، وجراحه إلى وعي جديد. وإذا كان الفلاسفة قد رأوا أنّ معنى الإنسان يتجسد في قدرته على الاعتراف بالآخر، فإنّ العراق مدعو لأن يجسد هذه الفلسفة في واقعه السياسي والاجتماعي. الأقليات العراقية ليست مجرد أرقام في الإحصاءات، بل هي تعبير عن إنسانية العراق، وعن قدرته على أن يكون فضاء للتعدد والعيش المشترك.

*متخصص في الاقليات العراقية
وكبير باحثي مجموعة ادارة الازمة وقيادة الصراع في العراق ومستشار منظمة ادارة الازمة لشؤون الاقليات العراقية
ومحرر مجلة ادارة الازمة
صدرت له: الاقليات العراقية والبهائية والسياسة الخارجية العراقية وقريبا يصدر له:" معجم الاقليات العراقية"

كيف نفهم ادريس نيجيرفان بارزاني ودوره في كردستان اليوم.زين العابدين العواديعندما نتتبع خطوات السيد ادريس نيجيرفان بارزان...
19/09/2025

كيف نفهم ادريس نيجيرفان بارزاني ودوره في كردستان اليوم.
زين العابدين العوادي

عندما نتتبع خطوات السيد ادريس نيجيرفان بارزاني في القرى والأحياء الطرفية، نكتشف أن وجوده ليس مجرد زيارات بروتوكولية. يشرف بنفسه على تفاصيل المشاريع، يلتقي بالمتطوعين، ويستمع إلى مشاكلهم. هذه الممارسات تضعه في موقع مختلف ، فهو في جلساته مع الشباب يتحدث بلغة مباشرة، لا تهيمن عليها المصطلحات السياسية الثقيلة، بل تركيز على التعليم، الصحة، الرياضة، البيئة، والفرص المستقبلية. هذا الأسلوب يمنحه شعبية متزايدة بين الجيل الذي يشعر به.
من زاوية استقصائية، يمكن القول إن إدريس يحاول أن يبني “علامة شخصية” ترتبط بالفعل الاجتماعي والثقافي. هذه العلامة تُختبر في قدرتها على الاستمرار وعلى إنتاج نتائج ملموسة. مشروع دعم الشباب المستمر الذي يساعده فيه السيد رىيس الاقليم نيجيرفان بارزاني ليس سوى البداية،
والعلاقات الخارجية التي ينسجها تكشف عن وعي استراتيجي. عندما يفتح الباب أمام منظمات ثقافية أوروبية للعمل في كوردستان، فإنه لا يسعى فقط إلى جلب الدعم المالي أو التقني، بل إلى ربط المجتمع الكوردي بمشاريع عالمية، كي لا يبقى في عزلة. على سبيل المثال، مبادرات تبادل ثقافي بين طلاب جامعات كوردية ونظرائهم في أوروبا، أو مشاريع مشتركة لإحياء الفنون الشعبية عبر منصات رقمية حديثة، كلها خطوات تؤشر إلى فهم أن الثقافة يمكن أن تكون أداة قوة ناعمة، تعزز صورة الإقليم وتفتح أمامه مساحات جديدة من التعاون.
في هذا الإطار، يحرص الشيخ إدريس بارزاني على تقديم نفسه كشخصية شابة قادرة على الحوار مع العالم، لا كرمز سياسي مثقل بالخطاب التاريخي. هذه الميزة تتيح له أن يتحرك بحرية أكبر، وأن يجد قبولا في دوائر مدنية عالمية تبحث عن شركاء محليين خارج الإطار العام.
تحقيقنا الميداني عند زيارتنا اربيل مع عدد من النشطاء الذين شاركوا في بعض مبادراته يكشف عن ملامح أسلوبه. يقول أحد المتطوعين في حملة التشجير : إن إدريس لم يكتف بتقديم الدعم المالي، بل كان حاضراً في مواقع الزراعة، يتحدث مع المتطوعين، ويشاركهم العمل لبضع ساعات. هذه الصورة، مهما بدت بسيطة، تحمل قيمة رمزية كبيرة، لأنها تكسر الفجوة بين القائد والمجتمع.
من جهة أخرى، يركز إدريس على البعد الثقافي في بناء الهوية الجديدة. دعمه للأنشطة الأدبية والفنية يعكس فهماً بأن المجتمع الذي مر بالحروب يحتاج إلى إعادة بناء روحه، لا فقط اقتصاده. عندما يشجع الشباب على تأسيس منصات تعاونية وأدبية، فهو يعيد إنتاج جانب من مشروع والده نيجيرفان الذي عرف عنه رعايته للثقافة والفنون. لكن الفرق أن إدريس يتعامل مع هذه المشاريع من منظور شبابي، أكثر مرونة وأقل رسمية.
خلال السنوات الأخيرة، بدأ اسم إدريس يتردد في وسائل الإعلام المحلية كصاحب مبادرات مدنية مؤثرة. لكن التحدي الحقيقي يكمن في قدرته على تحويل هذه المبادرات إلى مشروع طويل الأمد. كي يتمكن من تجاوز الطابع الفردي للمبادرات، ليجعلها جزءاً من حركة مجتمعية؟
إذا نظرنا إلى خط سيره، نجد أن إدريس يجسد بالفعل رؤية أبيه وجده، لكن بلغة زمانه. والده نيجيرفان رسخ صورة القائد الذي يوازن بين السياسة والحياة الاجتماعية، وجده إدريس أسس لتقليد القيادة القريبة من الناس، أما هو فيحاول أن يعيد صياغة هذه الرؤية عبر المجتمع المدني والثقافة والبيئة. إنها محاولة لنقل الإرث من ميدان السياسة الصلبة إلى ميدان القوة الناعمة.
في المحصلة، ما يقوم به إدريس نيجيرفان بارزاني ليس مجرد نشاط شبابي أو مبادرات خيرية متفرقة، بل مشروع لخلق مساحة جديدة في الحياة الكوردية، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، وحيث يتحول إرث العائلة من رمز تاريخي إلى فعل يومي يلمسه الناس. لقد اختار أن يبدأ من البيئة والثقافة والعمل المدني، وهي ساحات تحتاج إلى صبر طويل، لكنها تحمل القدرة على صناعة صورة قائد مختلف. صورة لا تقوم على الخطابات الرنانة، بل على غرس شجرة زيتون في أرض أربيل، وعلى إشعال حوار ثقافي بين شباب كوردستان والعالم. والمشاركة في كل المبادرات المجتمعية في كردستان ، هنا تكمن ملامح قائد جديد، يولد من رحم إرث طويل، لكنه يسعى لأن يكتب فصله الخاص.
فصل اسمه ادريس بارزاني.

من القيادات الكردية الشابةادريس نيجيرفان بارزانيعزم واعتزامقاسم شفيق الخزعليادريس نيجيرفان بارزاني، الاسم الذي بدأ يتردد...
19/09/2025

من القيادات الكردية الشابة
ادريس نيجيرفان بارزاني
عزم واعتزام
قاسم شفيق الخزعلي

ادريس نيجيرفان بارزاني، الاسم الذي بدأ يتردد في الحياة العامة الكوردية والعراقية في السنوات الأخيرة، لا يظهر بوصفه امتداداً عابراً لأسرة سياسية، بل كصوت مدني يحاول أن يترك بصمة عملية في مجتمع يعيش تحولات عميقة. في المشهد الكوردي، حيث تتداخل السياسة مع المجتمع، وحيث تترابط السلطة بالعائلة والرمزية التاريخية، يبرز إدريس كوجه جديد، يحمل في ملامحه مزيجاً من إرثين: إرث والده نيجيرفان بارزاني الذي ارتبط بالاعتدال والانفتاح والحضور القريب من الناس، وإرث جده إدريس بارزاني الذي اشتهر بالعمل الاجتماعي والسياسي المبكر في قلب الحركة التحررية الكوردية. بين هذين الإرثين يحاول الشاب أن يشق مساراً يخصه، لكن عبر أدوات مختلفة، تركز على المجتمع المدني والثقافة والبيئة، أكثر من تركيزها على الشعارات السياسية أو المناورات الحزبية.
المبادرة التي أطلقها للمشاركة في صناعة سور اخضر لاربيل/ هولير في محيط وداخل واطراف مدينة أربيل لم تكن حدثاً عادياً، ضمن نشاطاته ، بل إشارة رمزية إلى الطريقة التي يفكر بها. الزيتون هنا ليس مجرد نبات يملأ فراغات خضراء في أطراف المدينة، بل علامة على السلام والديمومة، ورغبة في ربط المجتمع بمشروع طويل الأمد يتجاوز دورة سياسية أو موسماً انتخابياً. مبادرات التشجير عادة ما ينظر إليها كأفعال جانبية، لكن في سياق كوردستان التي تعاني من تراجع الغطاء النباتي، وارتفاع نسب التلوث، وضغط التوسع العمراني، تكتسب هذه الخطوة معنى مضاعفاً. لقد اختار إدريس أن يضع بصمته الأولى في المجال الذي يمس حياة الناس بشكل مباشر، حيث الهواء الذي يتنفسونه، والمساحات التي يعيشون فيها.
لكن قراءة نشاطه لا تقف عند حدود البيئة. الرجل ينشط في مجالات متعددة، يتوزع حضوره بين الثقافة والرياضة والعمل الخيري. في الفعاليات الثقافية يظهر داعماً للشباب، مساهماً في تشجيع المبادرات التي تسعى إلى إعادة الاعتبار للهوية الكوردية في أشكالها الحديثة، عبر الأدب والفنون والموسيقى. وفي ميادين الرياضة يولي اهتماماً بفرق الناشئين والمبادرات الشبابية، باعتبار الرياضة أداة لتقوية الروابط المجتمعية وصناعة هوية جديدة لجيل خرج من ويلات الحروب والصراعات. وفي العمل الخيري يركز على دعم العائلات الفقيرة، وبرامج تمكين النساء، ومشاريع التعليم التي تستهدف القرى والمناطق النائية، إدراكاً منه أن الفجوة بين أربيل كمركز حضري متطور وبقية مدن وبلدات كوردستان قد تتحول إلى عائق أمام أي مشروع مستقبلي للتنمية.
اللافت كما وجدت من تحليل شخصيته القيادية الشابة انه لا يكتفي بالحضور الرمزي، بل يحاول أن يدير هذه الأنشطة بطريقة مؤسسية، عبر شراكات مع منظمات مدنية داخلية وخارجية. علاقاته مع منظمات بيئية وثقافية أوروبية وأمريكية تعكس فهماً بأن كوردستان، لكي تنهض، تحتاج إلى بناء جسور مع العالم، لا الاكتفاء بدور الضحية أو المتلقي. لقد استطاع أن يستثمر اسمه وموقعه ليفتح الأبواب أمام هذه المنظمات للعمل في أربيل والسليمانية ودهوك، مقدماً نفسه كوسيط يسهل التواصل، ويمنح مصداقية للمشاريع الدولية في عيون السلطات المحلية. هذه القدرة على الربط بين الداخل والخارج ليست أمراً شائعاً بين أبناء النخب السياسية، إذ يكتفي كثير منهم بالجلوس في دائرة السلطة الضيقة.
السيد إدريس يتحرك في مساحات أخرى، مثل الإعلام والثقافة الرقمية، حيث يسعى لدعم منصات شبابية تقدم محتوى بلغات متعددة، موجهة لجمهور كوردستان والمهجر معاً. الهدف هنا ليس الدعاية السياسية، بل صناعة سردية حديثة تعكس صورة مجتمع يريد أن يتجاوز الحروب والانقسامات، ويتبنى قيماً مرتبطة بالحداثة والبيئة وحقوق الإنسان. في هذا السياق، يبدو أنه يستعيد ما بناه والده نيجيرفان من صورة “القائد المنفتح” على العالم، مع لفة كمثل ابيه اكثر قرباً إلى الجيل الجديد الذي يعيش على وسائل التواصل ويتابع ما يجري في العالم في اللحظة ذاتها.
التحقيق في شخصيته يبين أنه يسعى إلى التماهي مع رؤية جده إدريس بارزاني، الرجل الذي ارتبط اسمه بالعمل الميداني في بدايات الحركة الكوردية، حيث كان يركز على تماسك المجتمع أكثر من انشغاله بالمناورات العسكرية والسياسية. جده اشتهر بقدرة على بناء روابط اجتماعية واسعة، والاقتراب من الفئات البسيطة، وهذه السمة يحاول الحفيد أن يعيد إنتاجها، لكن في ظروف مختلفة، حيث المعركة لم تعد في الجبل والسلاح، بل في الفضاء المدني والتنموي والثقافي.
الأنشطة التي يقودها لا يمكن فصلها عن السياق السياسي الذي يعيش فيه. إدريس ينتمي إلى عائلة تحمل إرثاً ثقيلاً من التوقعات، وكل خطوة يقوم بها تخضع لعين المراقبة. لكنه بدلاً من أن يندمج في الإطار الحزبي التقليدي، اختار أن يفتح مساراً مدنياً يجنبه التورط المباشر في الصراع السياسي. هذه الاستراتيجية في الواقع محاولة واعية لبناء رصيد مختلف، رصيد يقوم على خدمة المجتمع بشكل مباشر. في بلد يعاني من فقدان الثقة بين الناس والسياسة، يختار أن يعيد بناء هذه الثقة من الأسفل، عبر مشاريع ملموسة يمكن قياس أثرها.
وذلك هو ادريس كمثل ابيه نيجيرفان بارزاني وجده ادريس رجل قدم من القيادة للقيادة...

حديث استقصائي عن ادريس نيجيرفان بارزاني...بقلم:طالب كاظم سعداوي::::::::الشيخ ادريس نيجيرفان  ادريس بارزاني، الاسم الذي  ...
19/09/2025

حديث استقصائي عن ادريس نيجيرفان بارزاني...
بقلم:
طالب كاظم سعداوي
::::
::::
الشيخ ادريس نيجيرفان ادريس بارزاني، الاسم الذي يتردد كثيرا في المشهد الكردي والعراقي بوصفه امتدادا لمدرسة سياسية واجتماعية ورثها عن أبيه نيجيرفان بارزاني، لا يطل من باب الصدفة، بل من خلال مبادرات ملموسة ذات أثر مباشر على المجتمع. مبادرته الأخيرة قبل اشهر لزراعة عشرين ألف شجرة زيتون في محيط مدينة أربيل لم تكن فعلا بيئيا مجردا، بل دلالة على رؤية شاب يعي أن القيادة في جوهرها ليست خطابا سياسيا أو حضورا بروتوكوليا، بل عملا ميدانيا يعكس التزاما طويل المدى تجاه الأرض والناس.
القراءة الدقيقة لهذه الخطوة تكشف عن جانبين متداخلين. الأول يتمثل في وعي إدريس بالبعد الرمزي لشجرة الزيتون، فهي ليست مجرد غطاء أخضر للمدينة، بل علامة على السلام والاستقرار والجذور العميقة. اختيار الزيتون لم يكن محايدا، إنه إعلان غير مباشر عن مشروع يربط الحاضر بالمستقبل، ويضع البيئة في قلب النقاش التنموي. الجانب الثاني يتمثل في جرأة التوجه نحو مشاريع كبرى تستهدف البنية البيئية، وهو ميدان ظل لسنوات مهمشا أمام أولويات سياسية واقتصادية.
اللافت في هذا التحرك أنه لم يأت معزولا عن خطاب عام، بل ترافق مع حضور إدريس في الفضاء المدني والاجتماعي، وحرصه على إظهار نفسه كجزء من هموم الجيل الجديد، لا كوجه سياسي تقليدي. في مجتمع يئن من ضغط التوسع العمراني والتلوث وضعف التشجير، يصبح زرع آلاف الأشجار رسالة قيادة أكثر من كونها مبادرة بيئية. إنها محاولة لإعادة تعريف العلاقة بين السلطة والمجتمع عبر الفعل العملي.
ملامح شخصية إدريس في هذا السياق تبدو انعكاسا لصورة والده. نيجيرفان بارزاني بنى حضوره على سياسة الأبواب المفتوحة والاقتراب من تفاصيل حياة الناس، وإدريس يسير في الاتجاه ذاته لكن بخطاب مختلف يناسب جيله. الفارق أنه يحاول أن يترجم تلك الروح عبر ممارسات ترتبط بالبيئة والمجتمع المدني، وهو ميدان يتطلب صبرا ورؤية تتجاوز الحسابات السريعة.
التحقيق في مبادراته المجتمعية والانسانية يوضح أنها ليست حملة إعلامية عابرة، إذ ترتبط بخطة أوسع لتوسيع المساحات الخضراء في أربيل، ما يعني أن إدريس يضع نفسه في قلب مشروع طويل الأمد، وهو ما يميز السياسي الجاد عن المستعرض. أن يتحرك شاب من عائلة سياسية كبيرة في هذا الاتجاه، فهذا لا يعكس فقط إرثا وراثيا، بل أيضا اختيارا واعيا لتجسيد صورة القائد الذي “ينجب قائدا”.
والمرجح لدى المحللين ان إدريس بارزاني سينجح في تحويل هذه المبادرات إلى مسار سياسي واجتماعي متكامل، حيث المؤشرات الأولى تقول إننا أمام تجربة تحاول أن تعيد تعريف القيادة من خلال الفعل المدني، وأن تزرع جذورها في أرض أربيل كما تُزرع أشجار الزيتون في ضواحيها.
ادريس بارزاني رجل قادم من رجل اسمه نيجيرفان بارزاني بارث ادريس بارزاني الجد...

ثورة أيلول 1961م في فكر نيجيرفان بارزاني.محاولة للفهماكرم طالب الوشاح"انطلقت ثورة أيلول المجيدة في فترة معقدة وعصيبة كان...
11/09/2025

ثورة أيلول 1961م في فكر نيجيرفان بارزاني.
محاولة للفهم

اكرم طالب الوشاح
"انطلقت ثورة أيلول المجيدة في فترة معقدة وعصيبة كان شعب كوردستان يتعرض فيها للظلم والإنكار من كل جهة، وأصبحت الثورة الهوية والأساس للفكر القومي والوطني، ونفخت روحاً جديدة في الكوردستانيين للنهوض والتصدي. أصبحت المظلة الجامعة لجميع الطبقات والشرائح، وأسمعت العالم أجمع صوت الحق الجهور والنداء المطالب بالحق والحرية لشعب كوردستان، ليبرز كشعب حي محب للحياة وللسلام.
نيجيرفان بارزاني"
::::
::::
هذه الثورة العراقية الكردية، ليست حدثًا عابرًا في تاريخ كردستان، بل تجربة تاريخية متكاملة تحمل في طياتها فهمًا عميقًا لصيرورة النضال الكردي، وطبيعة العلاقة بين الشعب الكردي والدولة العراقية، وفلسفة المقاومة الوطنية. يرى نيجيرفان أن الثورة لم تكن مجرد مواجهة مسلحة، بل لحظة فاصلة تكشف إرادة شعب كامل على صعيد الهوية والكرامة والحقوق، وأن كل مرحلة من مراحلها، من التخطيط إلى التنفيذ، ومن المقاومة إلى الانعكاسات السياسية والاجتماعية، تحمل دلالات فلسفية وتاريخية واضحة.
وفق رؤيته، الثورة لم تنشأ في فراغ، بل هي نتيجة تراكمات تاريخية طويلة من الإقصاء والتهميش الذي تعرض له الكرد. العراق بعد تأسيسه لم يضمن مشاركة الكرد في السلطة بشكل حقيقي، بل استمر الإقصاء والضغط على مناطقهم. هذا السياق التاريخي شكل بيئة مناسبة لانطلاق الثورة، لكنه لم يكن كافيًا لإحداثها دون قيادة قوية واستراتيجية مدروسة. هنا يظهر دور مصطفى البارزاني، الذي برؤية نيجيرفان كان القائد الذي حول الغضب الشعبي والإحباط الجماعي إلى مشروع مقاومة متكامل، يجمع بين التخطيط العسكري والسياسة، ويعطي الثورة بعدها التاريخي والفلسفي.
نيجيرفان يصف الثورة بأنها “ثورة كل شعب كوردستان بجميع مكوناته”، وهو وصف يعكس فهمه للبعد الشمولي للحدث. فلسفته هنا ترتكز على أن الثورة لم تكن مجرد نزاع على السلطة أو الأرض، بل تجسيد لإرادة شعب في الحفاظ على هويته، وتأكيد مكانته على الخريطة السياسية، وصياغة علاقة جديدة مع الدولة والمجتمع الإقليمي. هذا الفهم يجعل الثورة حدثًا له أبعاد اجتماعية وسياسية وثقافية متداخلة، وليست مجرد صراع عسكري محدود.
يمكن تقسيم الثورة، من منظور نيجيرفان، إلى مراحل زمنية واضحة، كل منها يحمل أبعادًا سياسية وعسكرية وفلسفية. المرحلة الأولى بدأت بالتحضيرات والتنظيم بين البيشمركة وقادة المناطق. نيجيرفان يرى أن هذه المرحلة أساسية لفهم فلسفة الثورة، فهي تمثل التحول من حالة السخط الجماعي إلى مشروع منظم. كان التركيز على توحيد الصفوف، تدريب البيشمركة، تأمين أسلحة وإمدادات، وتنسيق التحركات بين المناطق المختلفة. مصطفى البارزاني، وفق رؤية نيجيرفان، لم يترك شيئًا للصدفة، بل وضع خطة استراتيجية لضمان الاستمرارية والفعالية.
المرحلة الثانية بدأت مع الانطلاق الفعلي للعمليات العسكرية في مناطق زاخو وأكد والدربندخان. هذه المرحلة أبرزت قدرة البيشمركة على الاستفادة من التضاريس الجبلية، والتحرك بسرعة لمفاجأة القوات الحكومية العراقية. فلسفة نيجيرفان ترى في هذه التحركات أكثر من مجرد تكتيكات عسكرية، فهي تعكس استراتيجية عميقة لإظهار قدرة الشعب الكردي على الصمود، وتحويل الضغط إلى أداة للتفاوض السياسي. كل هجوم كان محسوبًا بحيث يحقق الهدف العسكري دون إضعاف القدرة العامة للحركة، ويعكس فهمًا متقدمًا لكيفية إدارة الموارد البشرية والمادية في صراع طويل.
في هذه المرحلة، كان الحفاظ على المدنيين والمجتمعات المحلية جزءًا من فلسفة الثورة. نيجيرفان يشدد على أن مصطفى البارزاني لم يسمح باستخدام القوة بشكل عشوائي، وأن احترام الحياة وحقوق السكان أصبح معيارًا للقيادة، وهو ما أكسب الثورة شرعية شعبية وأثبت أن النضال يمكن أن يكون مشروعًا أخلاقيًا وسياسيًا في آن واحد. هذا البعد الإنساني، وفق نيجيرفان، جعل الثورة نموذجًا متكاملًا يجمع بين الفعل العسكري والوعي الوطني والأخلاقي.
المرحلة الثالثة، وفق تحليل نيجيرفان، شهدت توسع العمليات العسكرية نحو مناطق أخرى مثل العمادية ودهوك. كان الهدف تعزيز السيطرة على الطرق الاستراتيجية وتأمين مناطق التمركز للبيشمركة، وفي الوقت نفسه توصيل رسالة سياسية واضحة للعراق وللأطراف الإقليمية: أن الكرد يمتلكون القدرة على التنظيم العسكري والسياسي، وأن مطالبهم ليست قابلة للتجاهل. فلسفة هذه المرحلة، كما يشرح نيجيرفان، تتمحور حول الربط بين القوة العسكرية والاعتراف السياسي، بحيث تصبح المقاومة وسيلة لبناء قاعدة قوية للحقوق القومية.
المرحلة الرابعة تضمنت المواجهات مع القوات الحكومية العراقية، وتطوير شبكة اتصالات بين المناطق المختلفة لضمان الاستجابة السريعة لأي تهديد. هنا، يرى نيجيرفان أن الثورة بدأت تأخذ بعدًا تاريخيًا أوسع، إذ لم تعد مجرد صراع محلي، بل أصبحت اختبارًا لقدرة الشعب الكردي على الصمود أمام دولة أكبر وأكثر تجهيزًا. كل نجاح جزئي أو قدرة على الصمود كان يعزز فلسفة الاستمرارية في الثورة، ويظهر أن النضال لا يقتصر على المعارك المباشرة، بل يشمل التنظيم، التخطيط، والصبر طويل المدى.
في كل هذه المراحل، المواقف السياسية كانت جزءًا لا يتجزأ من فلسفة الثورة عند نيجيرفان. يرى أن مصطفى البارزاني لم يركز على المعارك فقط، بل كان دائم التفكير في التأثير السياسي للثورة داخليًا وخارجيًا، وكيفية استخدام نجاحات البيشمركة لتعزيز المطالب السياسية في بغداد ولدى القوى الإقليمية. فلسفته للثورة تؤكد أن النضال السياسي يجب أن يكون متوازيًا مع النضال العسكري، وأن تحقيق الاعتراف الرسمي بالحقوق يعتمد على القدرة على مزج القوة بالمبادرة الدبلوماسية والفكر الاستراتيجي.
نيجيرفان يولي أهمية خاصة للتأثير الاجتماعي للثورة. يرى أن الثورة ساعدت في توحيد المجتمع الكردي، وخلق روح تضامن بين القبائل والمناطق المختلفة، وهو عنصر أساسي لاستدامة النضال. فلسفة الثورة عنده تعكس الاعتقاد بأن الوحدة الاجتماعية ليست مجرد أداة تكتيكية، بل هي مبدأ فلسفي يعكس قدرة الشعب على حماية هويته وتنظيم ذاته، وتحويل التضحيات الفردية إلى قوة جماعية مستمرة.
المرحلة الخامسة تركزت على التعامل مع نتائج المعارك والانتصارات الجزئية، وإعادة ترتيب الأولويات لتجنب استنزاف الموارد. نيجيرفان يصف هذه المرحلة بأنها اختبار للوعي السياسي والتاريخي، حيث تصبح القدرة على التعلم من الأخطاء وتحويلها إلى أدوات للتطوير معيارًا رئيسيًا لنجاح الثورة. مصطفى البارزاني طبق فلسفة القيادة الحكيمة، التي تراعي استمرار الحركة وتوازن القوى، مع الحفاظ على الهدف الأساسي: حقوق الكرد والاعتراف الرسمي بها.
المرحلة السادسة والأخيرة، وفق رؤية نيجيرفان، هي مرحلة التأثير طويل المدى، حيث بدأت الثورة تشكل قاعدة لكل المكاسب المستقبلية، سواء على صعيد الاعتراف السياسي، أو تعزيز الهوية القومية، أو تشكيل رؤية استراتيجية للشعب الكردي. فلسفته للثورة هنا تؤكد أن الحدث التاريخي يصبح ذا معنى عندما يمتد تأثيره على الأجيال القادمة، ويصبح معيارًا لفهم العلاقة بين القوة، الإرادة، والحق في التاريخ. الثورة بهذا المعنى ليست مجرد ذكرى، بل تجربة مستمرة تعكس القدرة على صوغ المستقبل وفق مبادئ الكرامة والحرية والوحدة الوطنية.
نيجيرفان يرى أن ثورة أيلول 1961م قدمت درسًا متكاملاً حول طبيعة النضال الكردي. هي درس في القيادة الحكيمة، تنظيم الصفوف، احترام المبادئ، والموازنة بين القوة العسكرية والذكاء السياسي. وهي درس في القدرة على تحويل التجارب الصعبة إلى أدوات للتمكين الوطني، وفي القدرة على توحيد المجتمع حول أهداف مشتركة. الثورة بهذا الشكل تصبح نموذجًا للفهم التاريخي والفلسفي للنضال، وتجربة عملية في كيفية صناعة إرادة جماعية قادرة على مواجهة التحديات المستمرة.
لذلك يرى نيجيرفان أن الثورة ليست مجرد حدث عسكري، بل هي مشروع وطني شامل، له أبعاد فلسفية وتاريخية. كل مرحلة من مراحلها، كل معركة، وكل قرار سياسي يعكس فهمًا عميقًا لكيفية ممارسة الإرادة الجماعية، وكيفية الحفاظ على الهوية والكرامة، وكيفية تحويل النضال إلى تجربة مستمرة عبر الأجيال. فلسفته للثورة تؤكد أن النضال التاريخي ليس مجرد مواجهة، بل هو عملية مستمرة لبناء مجتمع قادر على حماية ذاته وتحقيق حقوقه، وتجسيد صيرورة شعب في مواجهة التحديات التاريخية المتعددة، بما يجعل ثورة أيلول علامة فارقة في التاريخ العراقي والكردي، ومصدرًا دائمًا للدرس والإلهام للأجيال القادمة.
لذلك يقول نيجيرفان بارزاني اليوم عنها:"كانت ثورة كل مكونات كوردستان، وكان الجميع فيها صفاً واحداً متلاحماً يناضل ويضحي من أجل هدف واحد".
وهو مصيب في ذلك....

Address

Baghdad
00964

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when مجموعة ادارة اﻻزمة وقيادة الصراع في العراق posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to مجموعة ادارة اﻻزمة وقيادة الصراع في العراق:

Share

Category