
06/07/2025
هل تكفي ستين يوما للمفاوضات!!
كمال زكارنة.
حتى اللحظة لا يستطيع احد ان يجزم بأن صفقة التبادل بين المقاومة والكيان قد انجزت،رغم التفاؤل الكبير والحذر في نفس الوقت بأن غدا موعدها ،وانه سيتم الاعلان عن الاتفاق في البيت من قبل الرئيس الامريكي ترمب بوجود نتنياهو .
التوصل الى الصفقة جاء نتيجة لعدة عوامل ،اهمها صمود المقاومة والشعب الفلسطيني في وجه العدوان الاسرائيلي ،والثاني فشل العدوان العسكري الاسرائيلي في تحقيق اهدافه،والثالث الخسائر الكبيرة التي يتكبدها جيش الاحتلال في قطاع غزة دون ان يحقق اية انجازات هلى الارض، والرابع محاولة انقاذ نتنياهو من السقوط النهائي والموت سياسيا بعد الاحكام القضائية المنتظرة بحقه،وقد كان شرطه للموافقة على المقترح الامريكي للتهدئة المؤقتة، وقف ملاحقته قضائيا وقانونيا ،والخامس الضغط الداخلي الاسرائيلي .
الترقب والانتظار لساعة اعلان الاتفاق،يرافقه حذر وقلق شديدين ،فلسطينيا وعربيا، بسبب انعدام الثقة بالادارة الامريكية والكيان المحتل ،وقد سبق ان انسحب نتنياهو من اتفاق سابق ،وايده في ذلك ترمب الذي صنع الاتفاقين السابق والحالي المنتظر .
التخوفات الفلسطينية والعربية من امكانية الغدر والخداع والتراجع الامريكي الاسرائيلي ،نابع من عدة تجارب سابقة معهما، فالضمانات الامريكية ليست ملزمة لحكومة الاحتلال الا اذا كانت فعلا جدية وصادقة وحازمة ،خاصة ان ترك الامور الاساسية والرئيسية للبحث خلال مفاوضات تستمر ستين يوما ،تثير الكثير من الشكوك حول المصداقية الامريكية والاسرائيلية ،من حيث الالتزام والتنفيذ .
يرجع بنا التاريخ قليلا ،لنتذكر سلوك الاحتلال خلال اكثر من ثلاثيت عاما من المفاوضات حول تطبيق اتفاق اوسلو ،الذي افشله وابطله نتنياهو وحكومات اليمين الاسرائيلية المتشددة ،واليمين المتطرف الذي اغتال رابين وسجن اولمرت وعزل يوسي بيلين ،وابعد كل مسؤول اسرائيلي حاول التفكير بالسلام مع الفلسطينيين والعرب.
يتساءل البعض من اين تدفق كل هذا الحنان والعطف لدى ترمب على اهل غزة،وهو الذي يقتلهم بالطائرات والاسلحة والقنابل الامريكية ،وابتكر مراكز توزيع المساعدات لاعدامهم كل يوم ،هو الذي فوض نتنياهو بالتراجع عن الاتفاق السابق وعمل ما يشاء ضد غزة ،واستأنف العدوان العسكري بمباركة ترمب نفسه.
يخشى كثيرون من الفلسطينيين والعرب ،وهم محقون في ذلك، ان تتعرض غزة لخدعة ومكر امريكي اسرائيلي مشترك ،وان يتهافت البعض على التطبيع والسلام الابراهيمي مع الاحتلال ،قبل ان يحصل الفلسطينيون على حقوقهم الوطنية وفي مقدمتها اقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس .
الستون يوما لن تكون كافية للمفاوضين الاسرائيليين ،ولا حتى ستين شهرا ،وربما ستون عاما لا تكفيهم للتفاوض ،الا اذا كان هناك قرار امريكي صارم بوقف الحرب على غزة وانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وفقا للشرعية الدولية والقانون الدولي.
تبقى الضمانات الامريكية هي الاساس والعامل الاقوى لتنفيذ الاتفاق المرتقب،المعززة بضمانات عربية ودولية .
ليس امام المقاومة ترف الوقت ولا ترف الخيارات ،امام كل هذا التخاذل والتخلي والتآمر والصمت ،فهي اذا وافقت على المقترح تنهال عليها التحذيرات واسباب القلق من احتمال افشال الكيان للاتفاق ،وان لم توافق ينهال عليها اللوم والعتب بسبب الخسائر الهائلة اليومية بالارواح والمصابين والدمار وانعدام سبل العيش والحياة في قطاع غزة.
المحصلة ان توافق افضل من ان لا توافق ،وان تتحمل الادارة الامريكية مسؤولية الزام اسرائيل بتنفيذ الاتفاق، افضل من استخدام تلك الادارة ذريعة عدم موافقة المقاومة ومواصلة حرب الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
ان تتعمد اسرائيل افشال المفاوضات خلال الستين يوما والمدة التي تليها وارد جدا،ومن ثم العودة الى استئناف العدوان،كما فعلت في الاتفاق السابق ،لكن المهم ان لا يستعجل العرب التطبيع مع الكيان، والدخول في ما يسمى بالسلام الابراهيمي.