Wadi Chahrour - وادي شحرور

Wadi Chahrour - وادي شحرور وادي شحرور بلدة في لبنان شرق بيروت ، قضاء بعبدا ، محافظة جبل لبنان

وادي شحرور

حكايةُ عراقة وذاكرة تراث خلف كل حجر
هي بلدة لبنانية وادعة من قضاء بعبدا، بين جبال من جهاتها الثلاث إلا غرباً تطلّ منها على البحر 10 كلم جنوبيّ العاصمة بيروت، في ارتفاع ما بين 50 م و 300م.

بين الشروح عن اسمها: جذر سامي (شحر) أي السواد والظلمة، وفي الآرامية السحر والفجر، وفي المتداوَل طائر الشحرور في فضائها. وسُميّت أيضاً وادي الغدير نسبة إلى نهر موسمي يمرّ وسط البلدة خلال الشتاء والربي

ع. ومع الزمن تكوّنت البلدة على يسار مجرى نهر الغدير، وعلى يمينه ينابيع مياه وأرض خصيبة لزراعة أشجار الفاكهة، وفي نواح أخرى من الجهة اليمنى شجر صنوبر وشوح وسنديان. ولوادي شحرور بلديتان: وادي شحرور العليا، ووادي شحرور السفلى، إنما يجمع بينهما تاريخ واحد.

في مطلع القرن الثامن عشر كانت وادي شحرور ضمن إقطاع الأمراء الشهابيين (سكنها 57 أمير وأميرة شهابية). وأوّل الوافدين إليها الأمير علي حيدر شهاب (1712) وهو ابن شقيقة الأميرة زليخة (معروفة بــ”الستّ بلقيس”) زوجة الأمير اسماعيل الأرسلاني في كفرشيما. سلّمه والده قسماً من وادي شحرور بعد معركة عين دارة الشهيرة. ثم اقتطع الشهابيون ما تبقّى من وادي شحرور من أمير أرسلاني آخر (صهر الأمير علي حيدر الشهابي) زوج الأميرة حبوس التي على اسمها دُعِيَت “حارة الستّ” وكانت تابعة لبلدة وادي شحرور.

حين في القرن السابع عشر نزحت عائلات مسيحية إلى جبل لبنان الشمالي، نالت وادي شحرور قسماً منهم عملوا في أراضي الأمراء فزرعوا الأشجار المثمرة كالحمضيات والنخيل والمشمش والزيتون (ما زال مصدراً أوّل من حصاد القرية الزراعي)، ثم تحوّلوا في ما بعد من فلاحين مزارعين إلى مالكي الأراضي بفضل جهودهم وتعلّقهم بالأرض.

كان أولاد وادي شحرور يذهبون إلى مدرسة القرية تحت سنديانة كنيسة صغيرة وهبها الأمير علي شهاب (أوّل أمير شهابي تنصّر سنة 1754) إلى الرهبان الموارنة سنة 1784، فبَنَوا سنة 1788 مدرسة حول الكنيسة على اسم القديسة تقلا (أول شهيدة للكنيسة) تحوّلت لاحقاً إلى دير فامتزج تاريخ البلدة بتاريخ الدير ذي الفضل في تعليم شبان البلدة.

في مطلع القرن التاسع عشر، شهدت وادي شحرور (كما قرى سكنها الأمراء الشهابيون) معارك عنيفة وحركات ثورية عكّرت طمأنينة أبنائها إلى أن كان نظام 1861 الذي ألغى الإقطاع وساوى اللبنانيين في الحقوق، فتقدّمت وادي شحرور في جميع المجالات وتأسّست فيها معامل حرير ومعاصر زيت ودبس ومصانع صابون ومدابغ جلود وصناعات وإصلاح أسلحة وذخائر. وعند انقراض موسم الحرير استبدل السكّان أشجار التوت بأشجار الفاكهة كاللوز والجنارك والليمون على أنواعه، فجزءٌ واسع من أراضي وادي شحرور السفلى زراعية للخضار وكروم العنب وبساتينها الأشجار البرية كالبلّوط والسنديان والدلب والقندول.

في وادي شحرور ينابيع مياه غزيرة، منها: نبع الزيكان، نبع الحديقة، نبع النهر، نبع النجمة، نبع الشختور، نبع الشومرية. ويُروى أنّ الأمير محمود شهاب حفر نبع ماء في البلدة ودعا الأمير بشير الثاني لتدشينه فتذوّقها وقال “هالمي شو مريّة” فاشتهر من يومها بـ”نبع الشومرية”، وقامت على ضفّته برك طواحين لسدّ حاجات السكان من الطحين.

قسّم الأمراء الشهابيون البلدة أحياء وفْق موقع قصورهم، منها: حارة التين، حارة الفغالية، حارة الروم، حيّ النبع، حيّ الحمى، سوق الوادي، دار حليمة، الدارة، ونشأت على أيامهم دُورٌ منها: دار الأمير قيس، دار الأمير علي، دار الأمير كميل، دار الأمير سليم، دار السيدة جلنار شفيق محمود شهاب (الأخيرتان لا تزالان قائمتَين حتى اليوم)، والسيدة جلنار تسكن حالياً دارها وعلى الباب شعار آل شهاب: أسد مقيّد ونجمة سداسية. وكان الأمير شفيق شهاب آخر الأمراء الذين سكنوا وادي شحرور، وله فيها قبر تاريخي ولأخته الستّ زاهدة.

وفي وادي شحرور كنائس عدة، منها: كنيسة مار يوحنّـا المعمدان الأرثودكسية التي بُــنيت عام 1746 على عهد أبو عسكر نقولا يونس الجبيلي. وبعد زلزال 1956 رقّم أهالي البلدة الكنيسة، وبقيت الأيقونات واللوحات محفوظة رغم الزلزال والعوامل الطبيعية. وثمّة سبعة أيقونات تاريخية من القرن الثامن عشر، أهمّها: أيقونة البشارة وأيقونة مار يوحنّـا وأيقونة السيد المسيح وأيقونة السيدة العذراء رمّمها الأب أنطوان لامنس من جامعة البلمند. وثمّة كنيسة مار مخايل في حارة الفغالية (من 1745 رمّمت سنة 1970)، وجددّت عام ٢٠١٥ .والحارة نسبة إلى آل الفغالي سكّانها منذ القرن السابع عشر (عن المؤرّخ حنّــا الخوري الفغالي). وثمّة كنيسة مار أنطونيوس للموارنة في حارة التين (من 1894، تهدّمت وأعيد إعمارها سنة 1994)، وكنيسة مار يوحنا للموارنة من أواخر القرن التاسع عشر على أنقاض كنيسة أقدم عهداً.

يقام في دير مار تقلا التاريخي مهرجان تراثي وفني في 24 أيلول من كل سنة يقصده الناس من جميع أنحاء لبنان.

ولا تزال في وادي شحرور بيوت ودور تراثية جميلة تم ترميم بعضها، والبعض الآخر إلى خراب.

واشتهرت وادي شحرور بـ­­­­”المعمرجيّــة” الذين برعوا في بناء البيوت من الحجر المقصوب الصلب. وفيها منشأة تراثية فريدة ونادرة تعرف بمطحنة ومطروف حرش فروخ في منطقة “النجمة الفوقا”، بنيت في بدايات القرن التاسع عشر وأعيد ترقيمها سنة 1907 على عهد صاحبها خليل الخوري الفغالي. وحالياً يطمح مالكوها من عائلة الفغالي إلى ترميمها وجعلها مَعْلَماً سياحياً ثقافياً يزوره السيّــاح والطلاب للتعرّف على تراث الطاحون. وعرفت الوادي بحرف يدوية كالتطريز على القماش وجهاز العرائس وكانت سيّداتها من أوائل من عرض في الأرتيزانا اللبنانية.

ووادي شحرور بلدة الموّال والعتابا والزجل والشعر والفن والفكر. من مشاهيرها صباح (جانيت الفغالي)، وشقيقتها الممثلة لميا فغالي، والمسرحي الكبير أنطوان ملتقى، والظاهرة الفنية باسم فغالي.

شهدت ساحات وادي شحرور مسارح للتمثيليات وحفلات الزجل وحلقات تربيع الجرس ورفع الجرن ومنها استوحى شعراء كثر أبياتاً وقصائد. وكانت عيون الوادي ملتقى زجّــالين قصدهم الناس من كل لبنان للمباراة بالشعر اللبناني ارتجالاً. وعن العميد رفيق الفغالي أنّ مدارس الزجل في وادي شحرور جدّدت نهضة الشعر العامي من الموشّحات الأندلسية إلى الألحان السريانية. ووُضعت أوزان جديدة للزجل، وكان منها شحرور الوادي وأنيس روحانا الفغالي وملاحم شعرية مع العميد الفغالي. وعلى أجيالنا الجديدة أن تحفظ هذا الإرث الثقافي الثمين بتراثه القروي: درب العين والكرمة والبيوت القديمة والقرميد وتنك الحبق والورد والفل والمردكوش. هي هذه وادي شحرور: في كل شبر من ترابها حكاية، في كل قطرة من ينابيعها نغمة، على كل حجر تاريخ، وتحت كل سنديانة ذكرى من تلك الأيام المباركة في تاريخ لبنان.

روجيه فغالي… ابن وادي شحرور الذي صار سيّد السرعة وأسطورة الطريقمن وادي شحرور خرج، لا كعابر طريق، بل كمن نذر نفسه لدهشة ا...
27/07/2025

روجيه فغالي… ابن وادي شحرور الذي صار سيّد السرعة وأسطورة الطريق

من وادي شحرور خرج، لا كعابر طريق، بل كمن نذر نفسه لدهشة الطريق. ومن بين تلال المتن وعرائش الذاكرة، سكنته السرعة قبل أن يسكنها. لم يكن مجرّد سائق، بل شاعرٌ يُتقن الكتابة على الأسفلت، وتلميذٌ نجيبٌ في مدرسة المنعطفات الصعبة، ومعلّمٌ للأجيال في فنّ اختصار الزمن.

روجيه فغالي… اسمٌ صار مرادفًا للراليات في لبنان، بل صار الرالي نفسه يبحث عن اسمه كي يكتمل. وفي كل مرّة يُقال فيها “انطلق السباق”، تكون البداية مع احتمالٍ جديد لتتويج مألوف: فغالي أولًا.

في رالي البترون الأول لعام 2025، لم يفاجئنا بانتصاره، بل فاجأنا بأنه لا يزال يملك ذاك الجوع الأول، وتلك الشهية التي لا تشبع من المجد. على متن “تويوتا جي آر ياريس”، وإلى جانب ملاحه الوفي جوزف مطر، سيطر على السباق منذ اللحظة الأولى، وكأن بين يديه خارطة الطريق والرياح.

البترون منحته شوارعها، وهو منحها مجده. تحت شمسٍ صيفيةٍ مشتعلة، وعلى وقع التصفيق الجماهيري، تهاوت الثواني أمام عزيمته، كما تهاوت قبله عشرات الخصوم والمراحل والبطولات. هو لا يسابق الآخرين فحسب، بل يسابق نفسه. والدهشة؟ أنها لا تزال تخسر أمامه.

منذ بداياته، لم يكن الفوز غاية بل عادة. أما التتويج فصار جزءًا من توقيعه الشخصي. ومع كل سباقٍ، يضيف حجرًا جديدًا إلى جبل إنجازاته. جبلٌ لا يتكوّن من صخور، بل من لحظات تألّق، وذكريات سرعة، وأكاليل غار لبنانية.

ابن وادي شحرور لا يزال في قلب اللعبة، لا كهواية عابرة ولا كأداءٍ موسمي، بل كمَن يكتب سيرة وطنٍ صغير اسمه السرعة. وهو في كل ظهورٍ له، لا يمثّل نفسه فقط، بل يُجسّد تاريخًا كاملاً من التفاني والاحتراف.

روجيه فغالي… ليس سائقًا فحسب، بل قصيدة تتجدّد في كل سباق، ومعلّقة تُكتب بالعجلات لا بالكلمات. ومن البترون إلى أرزات لبنان، يبقى الفتى المتألق صاحب المجد الأطول عمرًا من المسافة، والأقوى حضورًا من الصوت.

هو ليس فقط بطل الرالي… بل الرالي نفسه، إذا أُعيدت كتابته على اسم واحد.

شربل الغاوي.

روجيه فغالي… من وادي شحرور إلى قمّة الهضبة، سائق لا يشيخحين تذكر رياضة السيارات في لبنان، لا يُمكن إلا أن يحضر اسم روجيه...
23/07/2025

روجيه فغالي… من وادي شحرور إلى قمّة الهضبة، سائق لا يشيخ

حين تذكر رياضة السيارات في لبنان، لا يُمكن إلا أن يحضر اسم روجيه فغالي كواحدٍ من أولئك الذين لا يقودون السيارات فحسب، بل يقودون مجد السرعة بكل عنفوانه، ويكتبون أسماءهم فوق الهضاب والمرتفعات، كأنهم وُلدوا ليتحدّوا الجاذبية.

ابن وادي شحرور، لم يكن يومًا مجرّد مشارك في سباق. بل هو رجلُ الزمن الأسرع، الذي يختصر الطريق بين النقطة والانتصار بثوانٍ مشتعلة، وعزيمة لا تهادن. في كل منعطف، يزرع توقيعه. في كل سباق، يؤكّد أن روح البطل لا تُقاس بالعمر، بل بالإصرار والشغف.

في بكفيا، حيث اجتمعت السيارات والجبال والجمهور، أطلّ روجيه من جديد على متن ميتسوبيتشي لانسر إيفو 6، ليُتوّج بلقب السباق الثاني لتسلّق الهضبة لعام 2025. 3 دقائق و41 ثانية و34 جزءًا من الثانية، كانت كافية ليعيد كتابة المجد على إسفلت لا يلين إلا لأقدام الكبار.

روجيه فغالي لم يتسابق فقط مع الزمن، بل سبقه، وتجاوزه. وأهدى لعشّاق السرعة صفحة جديدة من التفرّد، مؤكّدًا أن البطل الحقيقي لا يتقاعد. يقود… فيُلهم. ينافس… فيتفوّق. يربح… فيُدهش.

وفي مشهد لا يخلو من رمزية، وقف ابنه أليكس فغالي خلفه في الترتيب العام، كأنّ المسيرة مستمرة، والراية لن تسقط، ما دامت في يدٍ تعلّمت من مدرسة روجيه كيف تكون القيادة شغفًا، لا مهنة.

من وادي شحرور إلى بكفيا، ومن انطلاقة صغيرة إلى أسطورة تُروى، روجيه فغالي ليس فقط بطل هضبة، بل بطل تاريخ، ونبض مجتمع، ورمز لمدرسة لبنانية في السرعة لا تزال تصنع المجد، على إيقاع المحركات وأديم الحلم.

شربل الغاوي.

ماريبيل أبو خليل خرجت ولم تَعُد. هل تعرفون شيئًا عنها؟ صدر عن المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي ـ شعبة العلاقات العا...
21/07/2025

ماريبيل أبو خليل خرجت ولم تَعُد. هل تعرفون شيئًا عنها؟


صدر عن المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي ـ شعبة العلاقات العامّة
البلاغ التّالي:

تُعمِّم المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي، بناءً على إشارة القضاء المختص، صورة المفقودة:

ماريبيل أنطوان أبو خليل (مواليد عام 2004، لبنانيّة)
التي غادرت، بتاريخ 20-7-2025، منزلها الكائن في ضهور العباديّة – عاليه، إلى جهةٍ مجهولة، ولم تَعُد حتى تاريخه.

لذلك، يرجى من الذين شاهدوها ولديهم أي معلومات عنها أو عن مكانها، الاتّصال بمخفر عاليه في وحدة الدّرك الإقليمي، على الرقم: 554256-25 للإدلاء بما لديهم من معلومات.

20/07/2025

Address

Wadi Chahrour
Ain El-Rummaneh

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when Wadi Chahrour - وادي شحرور posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Share

Our Story

حكايةُ عراقة وذاكرة تراث خلف كل حجر هي بلدة لبنانية وادعة من قضاء بعبدا، بين جبال من جهاتها الثلاث إلا غرباً تطلّ منها على البحر 10 كلم جنوبيّ العاصمة بيروت، في ارتفاع ما بين 50 م و 300م. بين الشروح عن اسمها: جذر سامي (شحر) أي السواد والظلمة، وفي الآرامية السحر والفجر، وفي المتداوَل طائر الشحرور في فضائها. وسُميّت أيضاً وادي الغدير نسبة إلى نهر موسمي يمرّ وسط البلدة خلال الشتاء والربيع. ومع الزمن تكوّنت البلدة على يسار مجرى نهر الغدير، وعلى يمينه ينابيع مياه وأرض خصيبة لزراعة أشجار الفاكهة، وفي نواح أخرى من الجهة اليمنى شجر صنوبر وشوح وسنديان. ولوادي شحرور بلديتان: وادي شحرور العليا، ووادي شحرور السفلى، إنما يجمع بينهما تاريخ واحد. في مطلع القرن الثامن عشر كانت وادي شحرور ضمن إقطاع الأمراء الشهابيين (سكنها 57 أمير وأميرة شهابية). وأوّل الوافدين إليها الأمير علي حيدر شهاب (1712) وهو ابن شقيقة الأميرة زليخة (معروفة بــ”الستّ بلقيس”) زوجة الأمير اسماعيل الأرسلاني في كفرشيما. سلّمه والده قسماً من وادي شحرور بعد معركة عين دارة الشهيرة. ثم اقتطع الشهابيون ما تبقّى من وادي شحرور من أمير أرسلاني آخر (صهر الأمير علي حيدر الشهابي) زوج الأميرة حبوس التي على اسمها دُعِيَت “حارة الستّ” وكانت تابعة لبلدة وادي شحرور. حين في القرن السابع عشر نزحت عائلات مسيحية إلى جبل لبنان الشمالي، نالت وادي شحرور قسماً منهم عملوا في أراضي الأمراء فزرعوا الأشجار المثمرة كالحمضيات والنخيل والمشمش والزيتون (ما زال مصدراً أوّل من حصاد القرية الزراعي)، ثم تحوّلوا في ما بعد من فلاحين مزارعين إلى مالكي الأراضي بفضل جهودهم وتعلّقهم بالأرض. كان أولاد وادي شحرور يذهبون إلى مدرسة القرية تحت سنديانة كنيسة صغيرة وهبها الأمير علي شهاب (أوّل أمير شهابي تنصّر سنة 1754) إلى الرهبان الموارنة سنة 1784، فبَنَوا سنة 1788 مدرسة حول الكنيسة على اسم القديسة تقلا (أول شهيدة للكنيسة) تحوّلت لاحقاً إلى دير فامتزج تاريخ البلدة بتاريخ الدير ذي الفضل في تعليم شبان البلدة. في مطلع القرن التاسع عشر، شهدت وادي شحرور (كما قرى سكنها الأمراء الشهابيون) معارك عنيفة وحركات ثورية عكّرت طمأنينة أبنائها إلى أن كان نظام 1861 الذي ألغى الإقطاع وساوى اللبنانيين في الحقوق، فتقدّمت وادي شحرور في جميع المجالات وتأسّست فيها معامل حرير ومعاصر زيت ودبس ومصانع صابون ومدابغ جلود وصناعات وإصلاح أسلحة وذخائر. وعند انقراض موسم الحرير استبدل السكّان أشجار التوت بأشجار الفاكهة كاللوز والجنارك والليمون على أنواعه، فجزءٌ واسع من أراضي وادي شحرور السفلى زراعية للخضار وكروم العنب وبساتينها الأشجار البرية كالبلّوط والسنديان والدلب والقندول. في وادي شحرور ينابيع مياه غزيرة، منها: نبع الزيكان، نبع الحديقة، نبع النهر، نبع النجمة، نبع الشختور، نبع الشومرية. ويُروى أنّ الأمير محمود شهاب حفر نبع ماء في البلدة ودعا الأمير بشير الثاني لتدشينه فتذوّقها وقال “هالمي شو مريّة” فاشتهر من يومها بـ”نبع الشومرية”، وقامت على ضفّته برك طواحين لسدّ حاجات السكان من الطحين. قسّم الأمراء الشهابيون البلدة أحياء وفْق موقع قصورهم، منها: حارة التين، حارة الفغالية، حارة الروم، حيّ النبع، حيّ الحمى، سوق الوادي، دار حليمة، الدارة، ونشأت على أيامهم دُورٌ منها: دار الأمير قيس، دار الأمير علي، دار الأمير كميل، دار الأمير سليم، دار السيدة جلنار شفيق محمود شهاب (الأخيرتان لا تزالان قائمتَين حتى اليوم)، والسيدة جلنار تسكن حالياً دارها وعلى الباب شعار آل شهاب: أسد مقيّد ونجمة سداسية. وكان الأمير شفيق شهاب آخر الأمراء الذين سكنوا وادي شحرور، وله فيها قبر تاريخي ولأخته الستّ زاهدة. وفي وادي شحرور كنائس عدة، منها: كنيسة مار يوحنّـا المعمدان الأرثودكسية التي بُــنيت عام 1746 على عهد أبو عسكر نقولا يونس الجبيلي. وبعد زلزال 1956 رقّم أهالي البلدة الكنيسة، وبقيت الأيقونات واللوحات محفوظة رغم الزلزال والعوامل الطبيعية. وثمّة سبعة أيقونات تاريخية من القرن الثامن عشر، أهمّها: أيقونة البشارة وأيقونة مار يوحنّـا وأيقونة السيد المسيح وأيقونة السيدة العذراء رمّمها الأب أنطوان لامنس من جامعة البلمند. وثمّة كنيسة مار مخايل في حارة الفغالية (من 1745 رمّمت سنة 1970)، وجددّت عام ٢٠١٥ .والحارة نسبة إلى آل الفغالي سكّانها منذ القرن السابع عشر (عن المؤرّخ حنّــا الخوري الفغالي). وثمّة كنيسة مار أنطونيوس للموارنة في حارة التين (من 1894، تهدّمت وأعيد إعمارها سنة 1994)، وكنيسة مار يوحنا للموارنة من أواخر القرن التاسع عشر على أنقاض كنيسة أقدم عهداً. يقام في دير مار تقلا التاريخي مهرجان تراثي وفني في 24 أيلول من كل سنة يقصده الناس من جميع أنحاء لبنان. ولا تزال في وادي شحرور بيوت ودور تراثية جميلة تم ترميم بعضها، والبعض الآخر إلى خراب. واشتهرت وادي شحرور بـ­­­­”المعمرجيّــة” الذين برعوا في بناء البيوت من الحجر المقصوب الصلب. وفيها منشأة تراثية فريدة ونادرة تعرف بمطحنة ومطروف حرش فروخ في منطقة “النجمة الفوقا”، بنيت في بدايات القرن التاسع عشر وأعيد ترقيمها سنة 1907 على عهد صاحبها خليل الخوري الفغالي. وحالياً يطمح مالكوها من عائلة الفغالي إلى ترميمها وجعلها مَعْلَماً سياحياً ثقافياً يزوره السيّــاح والطلاب للتعرّف على تراث الطاحون. وعرفت الوادي بحرف يدوية كالتطريز على القماش وجهاز العرائس وكانت سيّداتها من أوائل من عرض في الأرتيزانا اللبنانية. ووادي شحرور بلدة الموّال والعتابا والزجل والشعر والفن والفكر. من مشاهيرها صباح (جانيت الفغالي)، وشقيقتها الممثلة لميا فغالي، والمسرحي الكبير أنطوان ملتقى، والظاهرة الفنية باسم فغالي. شهدت ساحات وادي شحرور مسارح للتمثيليات وحفلات الزجل وحلقات تربيع الجرس ورفع الجرن ومنها استوحى شعراء كثر أبياتاً وقصائد. وكانت عيون الوادي ملتقى زجّــالين قصدهم الناس من كل لبنان للمباراة بالشعر اللبناني ارتجالاً. وعن العميد رفيق الفغالي أنّ مدارس الزجل في وادي شحرور جدّدت نهضة الشعر العامي من الموشّحات الأندلسية إلى الألحان السريانية. ووُضعت أوزان جديدة للزجل، وكان منها شحرور الوادي وأنيس روحانا الفغالي وملاحم شعرية مع العميد الفغالي. وعلى أجيالنا الجديدة أن تحفظ هذا الإرث الثقافي الثمين بتراثه القروي: درب العين والكرمة والبيوت القديمة والقرميد وتنك الحبق والورد والفل والمردكوش. هي هذه وادي شحرور: في كل شبر من ترابها حكاية، في كل قطرة من ينابيعها نغمة، على كل حجر تاريخ، وتحت كل سنديانة ذكرى من تلك الأيام المباركة في تاريخ لبنان.