مجلة الموقف

مجلة الموقف مجلة المثقف والأسرة. بيروت. منذ العام 1971.تعنى بشؤون لبنان والقضايا العربية.توزع في لبنان والدول العربية

إيران في استراتيجيا "السلام" واقتسام النفوذساسين عسافالعدوان على الدول التي كان لإيران فيها نفوذ سياسي وعسكري/أمني مهّد ...
24/06/2025

إيران في استراتيجيا "السلام" واقتسام النفوذ

ساسين عساف

العدوان على الدول التي كان لإيران فيها نفوذ سياسي وعسكري/أمني مهّد للعدوان عليها بهدف السيطرة الأميركية/الإسرائيلية على كامل الإقليم الشرق أوسطي ما أدخله في أزمات يصعب التكهّن بكيفية إخراجه منها. يبقى الأشدّ إحتمالاً تطبيق "إستراتيجيا السلام بالقوّة" (أي بالإخضاع) واقتسام مناطق النفوذ بين مثلّث الدول الطرفية المرتبطة بالمركزيّة الأميركية.

ما آل إليه الوضع في غزّة (حماس) وفي لبنان (حزب الله) وفي اليمن (الحوثيون أو أنصار الله) وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد كانت له ارتدادات سلبية على دور إيران الإقليمي.

وعلى الرغم من إنحسار هذا الدور تبقى إيران، في الإعتبار الأميركي/الإسرائيلي، العائق الرئيس أمام تشكيل نظام شرق/أوسطي آخر قائم على "سلام إقليمي"، وضعه ترامب في صلب برنامج حكمه، تديره إسرائيل "بالتعاون" مع تركيا والسعودية.

لماذا العدوان على إيران؟

إيران شكّلت قوّة إقليمية مستقلّة ومدّت نفوذها إلى غير دولة من دول الإقليم وراحت عبر سياسات الدعم بأشكاله كافة إلى حدّ إعتبارها إحدى القوى الأساسية المناهضة للمشروع الأميركي/الإسرائيلي الساعي إلى بسط سيطرته على منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر إيران جزءاً من جغرافيّتها.

منذ إحتلال العراق في العام 2003 وإسقاط نظام الرئيس صدّام حسين سعت إيران إلى تعزيز علاقتها بالحكم الجديد الذي ضمّ شخصيات شيعية بارزة (إبراهيم الجعفري، أحمد الجلبي، عدنان المالكي..) وبعد انسحاب جيش الإحتلال تمكّنت إيران من تحويل العراق إلى بوّابة نفاذ إلى المتوسّط عبر سوريا ولبنان. نفوذها في جنوب العراق (معظم مواطنيه من الشيعة) وضعها على حدود السعودية والكويت ما جعلها شديدة التأثير في الخليج العربي.

ما بين عامي 2009 و2011 دعمت إيران الحوثيين في اليمن (أنصار الله) بهدف التحكّم بخطوط الملاحة النفطية عبر مضيق باب المندب من جهة والتحكّم بأمن الخليج من جهة أخرى. التوازن الإقليمي في منطقة الخليج إختل لمصلحتها فلا بحث في مستقبل اليمن بدونها.

منذ بداية الحرب على سوريا في العام 2011 رسمت إيران خطة عملها على أساس أن أيّ عمل عسكري ضدّ سوريا هو مقدّمة لعمل عسكري ضدّها فراحت تدعم الجيش العربي السوري في مواجهات الداخل والخارج ودفعت دم خبرائها ومستشاريها وديبلوماسييها في دمشق وعلى الجبهات حتى بدا للمعنيين والمراقبين أنّ حكم سوريا أصبح بيد إيران!

ومنذ السابع من تشرين الأوّل في العام 2023 تهيّأ للكثيرين أنّ إيران هي التي أوعزت لحركة حماس باقتحامها المفاجئ للأرض المحتلّة رغبة منها في تعطيل ما كان يروّج له حينها من مسار تطبيعي بين السعودية وإسرائيل!

وفي الثامن من الشهر نفسه والعام نفسه ثمّة من يعتقد بأنّ إيران هي التي "أمرت" حزب الله ببدء ما أسماه "حرب الإسناد"!

هذا، وبعد نجاح الثورة في تونس وإسقاط نظام الرئيس زين الدين بن علي في 14آذار 2011 وخصوصاً بعد نجاح الثورة في مصر وإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك وتنحّيه في 11 شباط 2011 إعتقدت إيران بأنّ ذلك سيؤدّي إلى إقامة "شرق أوسط إسلامي" (هذا الإعتقاد عبّر عنه الرئيس أحمدي نجاد بقوله: العالم اليوم يشهد صحوة إسلامية ضدّ الإستبداد تشمل مصر وتونس اللتين تؤسّس أحداثهما لشرق أوسط جديد لا مكان فيه – وهذا هو الأهم – للولايات المتّحدة وإسرائيل.")

ما سمّي ب "الربيع العربي" الذي تلاحقت "ثوراته" إنتهى بازدياد مؤشرات النفوذ الإيراني خصوصاً في سوريا ولبنان، وبخاصة في اليمن والبحرين والكويت حتى بات حكّام الخليج يعتقدون أنّ إيران تشكّل تهديداً مباشراً لأمنهم القومي وأنّها تحاول أن تجعل الخليج العربي مدى حيوياً لها يسعفها في تعظيم دورها الإقليمي والدولي.

في ضوء ما تقدّم من أسباب موجبة لشنّ الحرب على إيران، بات واضحاً أنّ الإستراتيجية الإيرانية كانت تشكّل النقيض للإستراتيجيا الأميركية/الإسرائيلية في المنطقة إذ أثبتت نجاحها في إبراز دورها وإفشال أي مسعى أميركي/إسرائيلي لفرض "سلمهما" بالقوّة وتشكيل شرق أوسط لا مكان فيه لإيران نووية ولديها أسلحة دمار شامل فضلاً عن عقيدة دينية/سياسية صلبة.

مثلّث القوّة هذا قد تتمكّن أميركا وإسرائيل من إضعاف أحد ضلوعه ولكنّهما لن يتمكّنا من القضاء لا على التفوّق الإيراني في المجال العلمي ولا على صلابة العقيدة..

لذلك قد تفشل أميركا ومن يعمل معها لتشكيل شرق أوسط جديد أو آخر أو مختلف أو بدون إيران أو إيران مفكّكة وخاضعة، عنوانه "سلام القوّة" أو "القوّة أوّلاً ثمّ السلام."

فالمنطلق تكوين اقتناع تفرضها تجربة الحروب الأميركية/الإسرائيلية في هذه المنطقة بأنّ السيادات الوطنية المحمية بالقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية غير قابلة للتنازل وانّ هذه الحماية غير كافية ما لم تستند إلى القوّة الذاتيّة..

هذا هو شأن إيران مع دعوتها إلى التفاوض حول "السلام الإقليمي"!!



هذا الواقع يفرض طرح الأسئلة الآتية:

هل بات الطريق ممهّداً لقيام تعاون إقليمي أقلّه بين الدول العربية وإيران بعد العدوان عليها؟ هل ضاقت أو اتّسعت مساحة التلاقي بين الطرفين على المصالح المشتركة؟

هل استقرّ أمن الخليج بدءاً باستقرار اليمن؟

هل استتبّ الوضع في العراق واستعاد وحدة شعبه وأرضه وحكمه وسيادته الوطنية وحرية قراره؟

هل تحرّرت سوريا من توزيعها مناطق نفوذ واحتلال؟

هل توقّفت الحرب على لبنان وحرّر أرضه؟

ويبقى الأهمّ الأهمّ هل انتهت حرب التدمير على غزّة وحرب الإبادة والتهجير على الشعب الفلسطيني؟

الأجوبة عن هذه الأسئلة متوافرة وهي طبعاً تأتي بالنفي..

لهذا نفهم أنّ الشرق الأوسط الموعود بعنوان "القوّة ثمّ السلام ثمّ التطبيع" في الخطّة الأميركية/الإسرائيلية هو قائم على تثبيت الوقائع التي انطلقت منها هذه الأسئلة..

هذا الفهم يختصر جوهر الخطّة وآليات تنفيذها: إعتماد القوّة للسيطرة على مناطق يمكن لها أن تبقي قوّة أميركا القوّة العظمى الوحيدة في هذا العالم.

إيران بحكم موقعها الجيوبوليتيكي هي من أهمّ المناطق المرشّحة للسيطرة، ومنها العبور إلى جوار الصين والإتّحاد الروسي.

للتذكير... وتبقى إسرائيل هي العدو...ساسين عساف(وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين،سورة الذاريات ، الآية 55)لعلّ الحرب الإسرا...
17/06/2025

للتذكير... وتبقى إسرائيل هي العدو...

ساسين عساف

(وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين،سورة الذاريات ، الآية 55)

لعلّ الحرب الإسرائيلية/الإيرانية وتداخلاتها الإقليمية والدولية قد تكون قد ذهبت ببعض اللبنانيين، كما العادة، إلى واقع إنقسامي حاد يضيّع عليهم ويغيّب عن بصائرهم حقيقة ثابتة ما زالوا يعانون منها منذ أن قام على حدود دولتهم كيان معاد لها ومحتلّ لجزء من أراضيها، حقيقة أنّ لهم في هذا المحيط عدو واحد هو هذا الكيان الذي تشكّل الأساطير الأصل الغيبي للادّعاء القائل بحقّه التاريخي في التوسّع والإحتلال والإمتلاك..

الواقع الإنقسامي بشأن هذه الحرب هو امتداد لما كان عليه الأمر قبل اندلاعها فكلّ من طرفيها تمكّن من تكوين راي سياسي لبناني منحاز إليه..

الإنحياز الثابت إلى إسرائيل في صراعاتها وحروبها واعتداءاتها على امتداد المنطقة، من المناسب أن نذكّر أصحابه بالحقائق الآتية:

إنّ حدود الكيان الاسرائيلي حسب بن غوريون ترسم كالتالي: "القسم الشمالي/الغربي المكوّن من الحدود الشمالية للانتداب حتى نهر الليطاني تمّ الحاقه بلبنان.."

إذاً الجنوب حتى الليطاني هو أرض إسرائيلية ملحقة بلبنان.

ويعتبر بن غوريون في كتابه "أرض اسرائيل" أنّ متصرّفية جبل لبنان هي الحدود الشمالية للدولة اليهودية."

ويقول في كتابه " بعث اسرائيل ومصيرها "( 1954): " ليست المسألة مسألة احتفاظ بالوضع الراهن فعلينا أن نقيم دولة غير متجمّدة، دولة ديناميكية تتّجه الى التوسّع."

وايزمن يورد في "الكتاب السنوي" لحكومة إسرائيل عام 1955: "حدود الدولة.. لا تنقص من الحدود التاريخية لأرض اسرائيل."

ليفي أشكول عام 1964 قال: " انّ الأرض التي تملكها دولة اسرائيل لا تغطي في الحقيقة سوى 20% من فلسطين التاريخية..

نستنتج من كلّ هذا، ونذكّر من ليس له ذاكرة أو له ذاكرة مثقوبة، أنّ لإسرائيل حدوداً ممكنة هي حدود الدولة العبرية الراهنة وأنّ لها حدوداً دائمة هي حدود فلسطين التاريخية الممتدّة شمالاً حتى الأوّلي.

هذا في الجانب الإعتقادي أو الإيماني، أمّا في الجانب العملي فنذكّر بأنّ الوفد الإسرائيلي المفاوض في مؤتمر مدريد لم يعترف صراحة بحقّ لبنان بوحدة أراضيه ضمن حدوده المعترف بها دولياً، و طالب بإعادة ترسيم الحدود إنطلاقاً من أنّ إسرائيل لها الحقّ بحدود آمنة وقابلة للدفاع عنها.

في هذا السياق نؤكّد انّ نظرية الحقّ في الأمن والمدى الحيوي أو الاستراتيجي تلغي نهائية الحدود وثباتها وتطرح مبدأ الحدود المتحرّكة أو المفتوحة على التوسّع الإحتلال والإمتلاك.

وبغية تطبيق هذه النظرية تصرّف الوفد الاسرائيلي المفاوض على أساس أنّ القرار 425 لم يعد موجوداً وأنّ اتّفاقية الهدنة لعام 1949 لم تعد قائمة (وهذا هو الأهمّ).. وهذا ما يعني من وجهة نظر إسرائيل أنّ الحدود القائمة حالياً بموجب اتّفاقية الهدنة ليست حدوداً دولية..

هذه الإتفاقية تجاوزتها إسرائيل منذ العام 1948 إذ شكّل لبنان مجالاً لاختبارات الأمن الاسرائيلي وبدا حاجة ضروريّة لضمانه. ولكن،

- الحزام الأمني زال بشكليه، الاحتلال المباشر والاحتلال غير المباشر (شريط سعد حداد وأنطوان لحد)

- تأمين سلامة الجليل بالاجتياح لم ينجح (1978)

- فرض الأمن باجتياح بيروت (1982) ارتدّ عليها مقاومة وقتلى وانسحاباً سريعاً ومكبّرات الصوت تدعو أهالي بيروت الى عدم اطلاق النار على جنودها المنسحبين.

- فرض الأمن من طريق السلام بالاذعان سقط ( اتفاق 17 أيّار)

- الحرب الوقائية والخاطفة (1993 و1996) لم تثمر.

- المواجهة المباشرة مع المقاومة على امتداد سنوات أسفرت عن انسحاب سريع ومفاجئ في العام 2000 وتحرير الأرض ياستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

هذه الوقائع تؤكّد إصرار الحكومات الإسرائيلية على اعتبار لبنان جزءاً من استراتيجية التوسّع الاسرائيلية، فكيف لهؤلاء المنحازين إليها أن يشكّوا أو يتجاهلوا أو ينكروا ولو للحظة مطامعها واحتساب أرضنا في عداد "أرض اسرائيل"؟!

واليوم ألا يكفيهم احتلالها للنقاط الخمس وعدم إنسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار 1701 دليلاً يقطع الشك باليقين على مطمعها الدائم في احتلال ما أمكن من أرض الجنوب؟

هذا الإحتلال ما هو سوى استمرار لما أصاب لبنان منذ قيام الدولة العبرية حتى اليوم من تهديدات واعتداءات واحتلالات يسّر لها منطق قائل: قوّة لبنان في ضعفه. فلا "الصيغة الفريدة" أمّنت للبنان الحماية من اسرائيل ولا الصداقات الدولية.. وهذه هي وقائع لا ينكرها متبصّر.

أضف إلى هذه الوقائع واحدة يتجاهلها هؤلاء المنحازون إلى إسرائيل تقول: زوال الإحتلال تمّ في العام 2000 في ظلّ مقاومة مسلّحة ما يثبت قطعاً أنّ قوّة لبنان تكمن في قوّته.

واذا كانت اسرائيل قد عملت وما تزال تعمل على أن يكون لبنان دولة ضعيفة كي يتيسّر لها قضم ما أمكنها من جنوبه فكيف لا تكون وتبقى هي العدو؟

اسرائيل لا تريدنا أقوياء بقوّة السلاح أفليس لنا أن نواجهها ب"القوّة"؟ إنّ للدولة مسؤولية التحرير وقوّتها وحدها هي الوسيلة التي لا غنى عنها.

القوّة هي المعيار الرئيس في العلاقات الدولية حتى الديبلوماسية لا تكون فعّالة ما لم تستند الى القوّة.

لبنان يعيش في محيط تسعى إسرائيل إلى إخضاعه بالقوّة.. واسرائيل لا تستخدم الاّ القوّة، ولا ترتدع الاّ بالقوّة. والتسليم المسبق بأنّ لبنان غير قادر على بناء قوّة عسكريّة تردع قوّة اسرائيل لتسويغ نظرية الحياد والهروب من المواجهة "تلكّؤ" لا بل خيانة سياسية للجيش اللبناني.

أموال الدولة المسروقة والمهدورة في حال استرجاعها من لصوص الزمن الهارب منذ نصف قرن تكفي لبناء جيش قادر على تحرير أرض الدولة وحماية حدود ها..

المثل السياسية ما لم تسندها القوّة تسقط في فراغ المعنى.

انّ التجريدات الأخلاقية التي منها نظرية قوّة لبنان في ضعفه لا تتّفق مع الواقع السياسي الدولي والاقليمي المحكوم بسياسة القوّة. والحرب الإسرائيلية/الإيرانية خير شاهد على ذلك.

28/05/2025

حق الفلسطينيين المقيمين في لبنان في التعليم
العميد الدكتور ساسين عساف

التعامل مع الوضع الفلسطيني في لبنان ينطلق من مجموعة قواعد تفرضها طبيعة المرحلة ، منها :
1 - الفلسطينيون مقيمون في لبنان .. هذه الحقيقة تفرض احترام حقوقهم في الاقامة اللاّئقة .. والاقامة اللاّئقة هي حقّ من حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
2 - الدولة اللبنانية مسؤولة عن رعاية شؤونهم وتأمين حقوقهم .. وهي مدعوّة الى احلال قيم حقوق الانسان في صلب سياستها ازاء الفلسطينيين .. وهي مدعوّة كذلك الى تطبيق أحكام القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلّقة بحقوق الانسان المقيم فوق أراضيها . وفي رأس هذه الحقوق الحقّ في بيئة سليمة وفي التنمية وفي السلام والتعلّم والعمل والاستقرار المادّي والمعنوي .
انطلاقا" من هاتين القاعدتين أنتقل الى مشاكل التعليم في ظلّ الوضع الفلسطيني الراهن في لبنان وأقترح بعض الحلول :
- من هذه المشاكل ، أوّلا" ، عدم اخضاع الأونروا سياستها التربوية للمتطلّبات الوطنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني .. وذلك على قاعدة التعاطي معه من موقع اغاثي/انساني ..
نفهم من هذا الكلام أنّ السياسة التربوية والتعليمية ليست في يد الفلسطينيين .. وهنا نطرح التساؤلات الآتية : كيف لهذه السياسة أن تصبح في يد الفلسطينييين ؟ ما هي العوائق الحائلة دون ذلك ؟ هل هي مادّية/مالية أو سياسية ؟ ..
في ظلّ تخفيض موازنة الأونروا وتراجع برامج المساعدات ، وفي ظلّ الكلام على الغاء تلك الموازنة أو تقليص حجم المساعدات ، هل يمتلك الفلسطينيون تصوّرا" بديلا" ؟
لكلّ سياسة مرجعية .. فهل من الجائز أن تبقى مرجعية سياسة تربية أبناء الفلسطينيين وتعليمهم غير فلسطينية ومشروطة بتقديمات ومساعدات هي قيد التراجع أو الإلغاء؟!
هل من المفيد تشكيل مجلس فلسطيني للتربية والتعليم بالتفاهم مع وزارة التربية والادارات اللبنانية المختصّة بهدف ايجاد البدائل المطلوبة ؟
- ومن تلك المشاكل ، ثانيا" ، مناهج التعليم :
في ضوء التقدّم العلمي والمعرفي والتكنولوجي وانفتاح سوق العمل على تخصّصات وتقنيات جديدة بات من الضروري الاسراع في تعديل مناهج التعليم وتطويرها..
أوليس من الضروري والمفيد والممكن أن تشكّل لجان فلسطينية/لبنانية متخصّصة للقيام بالتعديل المطلوب؟
- ومن تلك المشاكل ، ثالثا" ، مشكلة المعلّم الفلسطيني واعداده وإعدة تأهيله .. وهي مشكلة يمكن أن تجد لها علاجا" في حال حصل سعي من جهات فلسطينية معنيّة وتمّ تفاهم من جهات لبنانية معنيّة فيصار الى وضع برنامج تأهيلي يمتدّ لسنوات من شأنه أن يفتح دور المعلّمين وكلّية التربية في الجامعة اللبنانية أمام المعلّمين الفلسطينيين الراغبين في الخضوع لدورات اعدادية وتأهيلية وتدريبية ..
هذه المشكلات الثلاث ، وغيرها كثير ، ليست عصيّة على الحلّ متى توافرت الارادات الخيّرة والنوايا الطيّبة المشمولة أو المدفوعة بوعي خاص لأهمّية التفاهم الفلسطيني/اللبناني على أساسيات التعاون المستقبلي بذهنية جديدة ، بواقعية واحترام للحقوق ، لأنّ التحدّي المطروح في المرحلة الراهنة والآتية هو بناء الانسان العربي اللاّئق بالقرن الواحد والعشرين لا فرق بين لبناني وفلسطيني أو أيّ عربي آخر ..
هذا ، وقوّة المستقبل العربي هي من قوّة الانسان العربي .. ولا يعتقدنّ أحد أنّه بامكانه أن يكون قويا على حساب ضعف الآخرين

مختصرات دولة فاشلة وتحديات راهنةساسين عسافنتيجة معاينتي لحال الدولة اللبنانية منذ إعلانها دولة ميثاقية في العام 1943 رأي...
01/05/2025

مختصرات دولة فاشلة وتحديات راهنة
ساسين عساف
نتيجة معاينتي لحال الدولة اللبنانية منذ إعلانها دولة ميثاقية في العام 1943 رأيت فيها دولة ثنائية التركيب يتشارك في حكمها مسيحيون ومسلمون، وهي ثنائيّة دينية لا طائفية ولا مذهبية تعكس حقيقة مجتمعية تقول: ليس في لبنان مجتمع واحد بل مجتمعان، مسلم ومسيحي، إجتمعت قياداتهما واتّفقتا على صيغة حكم شكّلت إنقلاباً على صيغة الحكم الدستوري التي أرساها دستور 1926 الذي لحظ موقوتيّة المادة 95 وهي موقوتيّة أصبحت دائمة إلى أن حظيت بتمديد زمني لن تعرف له نهاية. بعد العام 1943 بدأت تتشكّل ملامح الدولة الفاشلة:
- خروج عن دستور 1926 فقامت دولة برأسين نقيضاً للدولة الدستورية المدنية التي كان يريدها البطريرك الحويّك في العام 1920 ما خلّف أزمات حكم متمادية، ذلك أنّ العربة لا يمكن أن تسير ويجرّها حصانان متعاكسان واحد إلى الأمام وآخر إلى الخلف كما كان يردّد البطريرك صفير.
- خروج عن ميثاق 1943 فتمّ إسقاط الدولة الميثاقية نتيجة التفرّد في إدارة الحكم وإضعاف موقع رئاسة الحكومة (عهد الرئيس بشارة الخوري وانتخابات 25 أيّار 1947) ومحاولات الإنضمام إلى أحلاف أجنبية (عهد الرئيس شمعون وحلف بغداد، قابلته الدعوات إلى الإلتحاق بالجمهورية العربية المتّحدة) الإنقلاب على ميثاق 1943 كا السبب الرئيس في اندلاع ثورة 1958 فضلاً عن الخلافات التي الداخلية بشأن الموقف من العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956
- المشاركة في الحكم مطلب الزعماء المسلمين قابلها (دولة تشاركية) قابلها تمسّك الزعماء المسيحيين بالخصوصيّة الكيانية للدولة (دولة للمسيحيين لا دولة مسيحية) فكان مطلبهم قيام دولة متمكّنة من حماية الإمتيازات التي نالوها الإنتداب الفرنسي)
- فقدان الدولة لسيادتها نتيجة الخلاف على موقف حكم وطني واحد من إسرائيل وسوريا والفلسطينيين، أي على موقع لبنان الجيوبوليتيكي.
- إستقلالية الطوائف عن الدولة (دولة مفكّكة، شبه كونفدرالية) هذه الإستقلالية وبخاصة التشريعية منها في ما خصّ الأحوال الشخصية وعلاقة الطوائف بالدولة كرّسها نظام 1936 ل/ر أو القرار 60 ل.ر
- صيغ متناقضة مطروحة لنظام سياسي بديل تتراوح ما بين إلغاء الطائفية السياسية والعلمنة الشاملة فضلاً عن اللّامركزيات بأشكالها كافة (غياب فقه سياسي واحد عند الحاكمين وفوضى فكرية، وأحياناً تناقض فكري في فهم المصطلحات وتحديدها)
- ثنائيّات ضدّية في فهم الهويّة اللبنانيّة (دولة بهويّة ملتبسة، لبنان اللبناني، لبنان العربي)
- سياسة الدولة، الخارجية كما الداخلية، لا ترتكز على مفهوم واحد منطلقه الهويّة الوطنية، فباتت سياسات الطوائف مرتهنة لمراكز الإستقطاب الإقليمي والدولي.
وما عمّق في ذهني فكرة الدولة اللبنانية الفاشلة ما هو خاص بالمسيحيين الإنكفائيين لجهة:
- لبنان ليس جزءاً من كلّ (عودة إلى جدليّة الوحدة والإنفصال)
- من واقع الإنتشار في كلّ لبنان إلى الإنكفاء في ما دون لبنان الصغير (ترسيم حدود داخل حدود الدولة المنتهكة حدودها أصلاً: الدولة تعريفاً هي حدود الدولة)
- فهم خاص لدى البعض لوجود إسرائيل في هذه المنطقة ولطبيعة علاقتهم بها ولطبيعة علاقتهم بسوريا (دولة تقوم على معكوسية المفاهيم)
- الخوف من الذمّية السياسيّة (تسويغ للدولة الفيدرالية)
- من مقولتي "المجتمع المسيحي" و "المجتمع المسلم" المتمايزين إن لم نقل المتناقضين لدى بعضهم في السياسة والإجتماع والثقافة إلى نفي مطلق لوحدة الشعب (التشبّث بدولة ثنائية الإنتماء الديني والقومي)
كل هذه المختصرات أشّرت وتؤشّر إلى أنّ فئة من المسيحيين هي في إشكالية حضور في الدولة وتآلف مع المسلمين، فكيف لدولة أن تنقذ نفسها من الفشل والحضور المسيحي فيها إلى مزيد من الضمور وتآلفهم مع المسلمين إلى مزيد من التعقيد؟
وما عمّق في ذهني فكرة الدولة اللبنانية الفاشلة ما هو خاص بالمسلمين الإحتوائيين لجهة:
- عدم الفصل بين النظام السياسي أو صيغة الحكم والدولة، فالنظام كما الصيغة يخضعان لجدلية القبول والرفض أمّا الدولة ككيان جغرافي وسياسي نهائي فهي خارج هذه الجدلية (دولة بدون ولاء مطلق تبقى مهتزّة الأركان)
- عدم الإقرار بالتنوّع المجتمعي كحقيقة تاريخية تكوينية (دولة تقوم على الوحدة الإنصهارية هي بطبيعة تكوينها إستبدادية وفاشلة في مجتمع متعدّد الإنتماءات الدينية)
- عدم التمييز بين الرابطة القومية والرابطة الدينية، بين الإنتماء العربي والإنتماء الديني في النظرة إلى الدولة (دولة تقوم على الدين هي حكماً مذهبية وإقصائيّة)
- عدم إعطاء الأولويّة لسيادة قوانين الدولة على سيادة القوانين الدينية (دولة مصادر تشريعها إلهية هي دولة تمييز ديني لا تقوم في مجتمع متعدّد الإنتماءات الدينية إلّا على الإكراه)
- عدم التفريق بين الفقه والدين الذي يحظى بمحطات عديدة في مسار تكوين السلطة في تارخ العرب (دولة الفقه تجعل الدين في خدمة السياسة أو السلطة: الفقه السلطاني)
كلّ هذه المختصرات أشّرت وتؤشّر إلى أنّ فئة من المسلمين هي في إشكالية كبرى مع كيانية الدولة المعلنة في العام 1920 ومع مدنيّة دولة بديلة تقوم على أطروحة التنوّع في الوحدة، فكيف لدولة أن تنقذ نفسها من الفشل وهي مرفوضة كياناً جغرافياً ثابتاً لا يقبل الإندماج في وحدات جغرافية أوسع على أساس ديني/قومي؟ وكيف لها أن تنجح باعتماد منطق الصهر المجتمعي المرتكز إلى ديناميّة الدين وتكاثريّة العدد؟
في السياق نفسه الراصد للمآزق للوقائع والأفكار التي رسّخت في تفكيري أنّ الدولة اللبنانية تسير إلى الفشل ما سمّي وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتّفاق الطائف، وما تداخل فيها من عوامل وسياسات إقليمية ودولية.
إنّ قراءة سياسية نصّية لهذه الوثيقة قادتني إلى المختصرات التالية ذات الصلة بالدولة وإعادة تكوين السلطة، جاء فيها ما مفاده الآتي:
- الشعب اللبناني شعب واحد ( نفهم من هذا التعريف أنّ "دولة الطائف" هي دولة وحدوية بسيطة، دولة واحدة لشعب واحد، دولة مواطنة)
- السلطة الإجرائية هي سلطة تشاركية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعاً والوزراء منفردين، نفهم من هذا التوصيف للسلطة أنّ "دولة الطائف هي مركّبة)
- قرارات مجلس الوزراء تبدأ توافقية ثمّ عدديّة في حال تعذّر التوافق، ثمّ بأكثرية الثلثين أي بأكثريّة موصوفة في المواضيع الأساسية ( نفهم من هذه الصيغة أنّ "دولة الطائف" تبدأ دولة بسيطة وتنتهي مركّبة شبه إتّحاديّة)
- "لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" ( نفهم من هذه المقولة القطعيّة أنّ الميثاقية تسقط عن السلطة شرعيّتها الدستوريّة ما يؤدّي حكماً إلى إلغاء السلطة أو تعطيل عملها)
- إنشاء مجلس الشيوخ إعلان واضح لاستمراريّة ركن أساس من أركان الدولة المركّبة الطوائفية. زد إليها إعطاء رؤساء الطوائف الحقّ في مراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلّق بشؤون طوائفهم.
- إنتخاب مجلس النواب خارج القيد الطائفي يعني إنشاء دولة مدنية، تمثيل مجلسها النيابي تمثيل وطني،وديموقراطيّتها ديموقراطية عدديّة أي ديموقراطيّة مواطنين أفراد.
- تطبيق اللّامركزيّة الإدارية الموسّعة دعوة واضحة لقيام دولة وحدويّة لامركزّيتها مشدودة إلى مركزيّتها: الّلامركزية في المركزيّة، التنوّع في الوحدة، تثبيت وحدة الدولة)
- تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وتحويل معظمها إلى مجلس الوزراء مجتمعاً (دولة برأس مقيّد لجهة النصّ الدستوري، ودولة برؤوس ثلاثة لجهة الممارسة، وبرؤوس متعدّدة لأنّ الوزير بات يتمتّع بصلاحيات دستورية)
- فصل السلطات وتعاونها يعني دولة مؤسسات لجهة النصّ الدستوري، فتحوّلت بحكم الممارسة إلى دولة أشخاص ومحاصصات)

هذه المختصرات الناتجة عن قراءة للنصّ ومعاينة للواقع على تناسبها أحياناً وعلى تناقضها أحياناً أخرى وعلى عدم فهمها وترجمتها فهماً واحداَ وترجمة واحدة عند جميع المعنيين في غالبية الأحيان، شلّت عمل الدولة وفككّتها وتركتها في فراغ المعنى.
هذا لجهة العوامل الداخلية النصّية والإجرائيّة..
أمّا لجهة العوامل الخارجية ومدى تأثيرها على إفشال الدولة والعجز عن إعادة بنائها فمختصرة عندي بالآتي:
- إعتداءات وعدوانات وغزوات واحتلالات إسرائيلية متكرّرة منذ العام 1948 فإذا بنا أمام دولة عاجزة عن حماية حدودها، دولة جزء من أراضيها محتلّ وشعبها منقسم إزاء كيفيّة التعامل مع هذه الإعتداءات والإحتلالات.(دولة مجتزأ منها ما أسمته إسرائيل "الجدار الطيّب"، 1976، دولة أقامت إسرائيل فوق أراضيها ما أسمته "دولة لبنان الحرّ")
- وجود فلسطيني مسلّح تبدّلت أحواله من مقاومة مشرّع لها لبنانياً وعربيّاً في اتفاق القاهرة إلى دولة عرفاتية تتحدّى الدولة حتى قال فيها عرفات نفسه أنّه كان حاكمها الفعلي فإذا بنا أمام دولة منقوصة السيادة وشعبها منقسم. (دولة إمكاناتها محدودة اعتمدت سياسة الإحتواء المرحلي، تمثّلت في اتفاق القاهرة، وتحوّلت إلى "دولة مواجهة" بقرار لم يكن قرارها)
- وجود سوري عسكري/أمني تبدّلت أحواله من قوات ردع مشرّعة عربياً ودولياً إلى قوّات هيمنة على الدولة واستتباع، فبتنا أمام دولة مستتبعة وشعبها منقسم.
- قيام مقاومة وطنية دحرت الإحتلال بدءاً من بيروت أخذت مكانها مقاومة إسلامية تمكّنت من دحره في العام 2000، وبعد هذا التاريخ حدث إنقسام عميق حول ضرورة استمرارها أو عدمه بين اللبنانيين فإذا بنا أمام دولة غير قادرة على حماية حدودها وبسط سيادتها على كامل أراضيها بقواتها الذاتية، وشعبها منقسم إزاء المقاومة. (دولة غيابها شبه مطلق عن الجنوب، لا استعادة لسيادة بدون دولة مقاومة، بكسر الواو، وحدتها الداخلية المعقودة للجيش هي السلاح الأمضى بيد الدولة المقاومة)
كيف لهذه الدولة ألّا يكون مصيرها الفشل ما دامت محتلّة وبلا سيادة تامّة وقرارها ليس لها وشعبها في انقسام دائم؟!
ما ضاعف اقتناعي بفشلها سياسات أميركية خادعة إن لم أقل متآمرة ليس فقط على لبنان الدولة إنّما كذلك على لبنان الأرض والشعب، فالأرض للإقتسام والمقايضة أو السيطرة المشتركة بين إسرائيل وسوريا أو للتوطين أو ساحة مواجهات لامتصاص الحروب الإقليمية أو لكلّ هذا والأهمّ من هذا الكلّ تهجير الشعب. والخدعة الكبرى أو سمّها المؤامرة الكبرى إقناع بعض اللبنانيين وبعض من كانوا على رأس الدولة بأنّ تلك السياسات التي بات عمرها خمسين عاماً ويزيد كانت شديدة الحرص على "وحدة لبنان وسيادته واستقلاله"!!
خلاصة ما انتهيت إليه بشأن السياسات الأميركية هو أنّ أميركا هي مع إسرائيل في لبنان وهي مع سوريا في لبنان وتسلّم لهما معاً "بمشروعيّة مصالحهما الأمنية." دولة أقامت أميركا فوق أراضيها ما أسمته "نظام الخطوط الحمر".. وتبقى دولة؟!)
من هنا أقمت الربط بين السياسات الأميركية والسياسات الإسرائيلية لنتبيّن، في ما يعني منها مسألة الدولة، ما يلي:
- الدولة اللبنانية من منظور إسرائيلي هي المعتدية على حدود ما تدّعيه إسرائيل حدودها التوراتية ( دولة لا تعي حقيقة صراعها الوجودي مع عدوّها التاريخي ليست دولة مكتملة الشروط السيادية)
- خطّ الهدنة الذي وضع عام 1949 لا تعتبره إسرائيل حدوداً دائمة، فإسرائيل تفاوض على الحدود الممكنة القابلة للدفاع عنها وليس على الحدود الدائمة أو النهائية (إسرائيل بحدود مفتوحة على الممكن لا تقاوم أطماعها بدولة لها حقّ مكرّس في حدود ثابتة ما لم تحمي هذا الحقّ بالقوّة)
- كيان الدولة اللبنانية في نظر كيسينجر هو فائض جغرافي أضاف إليه آرينز خطأ تاريخي (دولة هذي هي نظرة أعدائها إليها فماذا يكون مصيرها وفيها جماعات غافلة عن هذه النظرة؟)
- خطة إسرائيل لتقويض الدولة اللبنانية بدت واضحة من رسائل تبادلها بن غوريون وشاريت وساسون ما بين 27/2 1954 و 25/3 1954 وظهرت بوضوح أشدّ في "اسنراتيجية إسرائيل في الثمانينيات" القائمة على رؤية أودد ينون للواقع العربي عموماً وإلى لبنان وسوريا والعراق خصوصاً (دولة لا تعي مخاطر إقامة حاميات إسرائيلية داخل حدودها وتبني جيشها واستراتيجياتها الدفاعية ووحدة شعبها على هذا الوعي، ماذا يكون مصيرها؟!)
هذه السياسات الأميركية/الإسرائيلية لم يأخذني اليقين يوماً إلى أنّ الدولة اللبنانيّة منذ خمسينيات القرن الماضي إلى اليوم ليست ضحّيتها.
فضلاً عن هذه السياسات ثمّة وقائع وخطط أميركيّة تشكّل اليوم أبرز التحدّيات التي ستؤدّي إلى زوال الدولة اللبنانية في حال تنفيذها، من أبرزها ما يلي:
- منذ احتلال العراق (2003) دخلت الدول الثلاث: العراق وسوريا ولبنان في مسار تغييري جغرافي/سياسي عنوانه تدمير هذه الدول وتفكيكها وإعادة تركيبها في إطار شرق أوسط جديد أو كبير (باول: الولايات المتّحدة ستعيد تشكيل الشرق الأوسط)
- في أثناء حرب تموز على لبنان (2006) اعتبرت رايس هذا العدوان بداية مخاض لولادة شرق أوسط جديد!
- قبل احتلال العراق والحرب على لبنان وفي العام 1980، والحرب العراقية/الإيرانية مستعرة صرّح بريجينسكي مستشار الأمن القومي في عهد كارتر بالآتي: " إنّ المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتّحدة حتى الآن هي كيف يمكن إشعال حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى تستطيع أميركا من خلالها تصحيح حدود سايكس/بيكو.."
- إنّه سعى أميركي لم يتوقّف إلى سايكس/بيكو ثان لشرق أوسط ترسم حدود دويلاته بدم شعوبه. (تصحيح الحدود على حدود الدم)
لهذه السياسات والعوامل الخارجية ولحدّة التناقضات الداخليّة إزاءها رأيت أن الدولة اللبنانية مرشّحة لأن تصبح في عداد الدول الفاشلة. كيسينجر قامت نظريّته على الإستغناء عن بعض الدول لإقامة دويلات بحدود الجماعات الدينية والعرقية ووجد في لبنان على حدّ قوله بلداً مثالياً لتحقيق المؤامرات... لقد اكتشفت، يقول، في تناقضاته عناصر جديدة لنصب فخّ كبير للعرب.
منذ كيسينجر والمحافظون الجدد يضعون خططاً إقليمية مدّت في المسار الذي أوصلني إلى اقتناعي بفشل الدولة اللبنانية:
- خطّة ريتشارد بيرل (إستراتيجية جديدة لتأمين المملكة 1996)
- خطة معهد "راند" (2002) الداعية إلى تفكيك الدول المركزية، من بينها العراق وسوريا.
- خطّة وولفوفيتس وديك تشيني القائمة على: إسرائيل دولة يهودية صافية العرق، طرد الفلسطينيين، إطاحة النظام السوري.
- خطة رالف بيترز (ضابط سابق في الإستخبارات العسكرية) نشرها بعنوان "حدود الدم: ما هو شكل شرق أوسط أفضل؟ 2006 القائمة على أنّ سايكس/بيكو لم تنصف الأقليات الكردية واليعية والمسيحية..
- خطّة برنارد لويس، منظّر الفوضى الخلّاقة وواضع استراتيجية الغزو للعراق تبقى هي الأخطر والأشمل والسائرة نحو التطبيق.
من النتائج التي أحدثها تنفيذ جوانب من هذه الخطط: فدرلة العراق، تقسيم السودان، إحتلال سوريا شرقاً وشمالاً وجنوباً، والعمل جار على فدرلتها أو تقسيمها أو اقتسامها بين "إسرائيل الكبرى" و "تركيا المعثمنة" ، تدمير غزّة وحرب إبادة لشعبها ومحاولات اقتلاعه إلى سيناء فالأردن فالسعودية! حصار الضفّة وزرع المستعمرات في معظم أراضيها، تهويد القدس وإعلانها عاصمة لدولة يهودية، حرب إسرائيلية مستمرة على لبنان واحتلال...ومحاولات توسّع.. ربطاً بمدى توسّعها في الجنوب السوري.
هذه المعطيات الدولية والإقليمية، التخطيطي منها والتنفيذي، ما كانت لتأخذ مسارها إلى خلفيّة تفكيري حول ما رسمته من وقائع في فشل الدولة اللبنانية لو لم تكن مقرونة بواقع الحياة السياسية في لبنان، وعلى الرغم من ذلك ما زلت متطلّعاً إلى إعادة بناء الدولة اللبنانية.
في الواقع اللبناني الراهن تتقدّم إعادة بناء الدولة على كلّ المسائل الأخرى. فالدولة اللبنانية تمرّ في مرحلة إنتقالية نهاياتها مفتوحة على غير احتمال:
- دولة محتلّة وعاجزة عن تحرير أراضيها
- دولة مفكّكة فكيانات طائفيّة أو مذهبية هشّة
- دولة طوائفية مفدرلة أو مركّبة
- دولة وطنية وحدوية تقوم على اللّامركزية في المركزيّة.
إنّ لبنان معرّض أوّلاً لتغيير جغرافي/سياسي/ديموغرافي في حال حصول ذلك يتعذّر قيام دولة واحدة على معادلة التوازن بين الطوائف ما يعني إمّا الإبقاء على الدولة المفكّكة وإمّا قيام دولة لطائفة مركزيّة تقبل بتوطين اللّاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين والنتيجية قد تكون ترحيل طائفي من لبنان.
ولبنان معرّض ثانياً لتداعيات ما يجري في سوريا (إقتسامها منطقتي نفوذ تركي/إسرائيلي، والنفوذ قد يتحوّل إلى احتلال واسترجاع أرض في المفهومين التركي والإسرائيلي، إسرائيل الكبرى والعثمانية المتجدّدة) وهذا ما أشرت إليه في كلام سابق.
ولبنان معرّض ثالثاً لبقاء إسرائيل في التلال الخمس وربّما إلى مزيد من التوسّع بإرادة حكومة مؤمنة بآيات التوراة التي تدّعي حقّها في جنوب لبنان بالتركيز على بعد إستراتيجي توراتي وآخر عسكري/أمني.
إنّ المشهد الإقليمي كما رأينا هو في منتهى التعقيد والداخلي في منتهى الإنزلاق إلى الفتنة لأنّ الجميع في لبنان تجاوز حدود المناورات الآمنة والمزايدات التي تقود إلى الفتنة والحرب أوّلها كلام..
أخيراً ومن وحي ما هو مطروح اليوم أقول:
إنّ المحكّ الواقعي لقيام دولة لبنانية مكتملة الشروط السيادية هو تمكّنها من تحرير النقاط الخمس ومنع الإحتلال من التوسّع وتثبيت الحدود باسترجاع النقاط الثلاث عشرة والعودة إلى اتّفاقية الهدنة لعام 1949 (الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين ، بوليه/نيوكومب 1923) ، وتمكّنها من ترسيم الحدود الشرقيّة/الشمالية والبحرية مع سوريا. فالدولة نعيدها ونكرّر هي حدود الدولة.

17/03/2025

الدول/المحاور لمواجهة سايكس/بيكو 2

ساسين عساف

هذا العنوان اهتديت إليه من خلال قراءتي لكتاب محمّد جابر الأنصاري:"تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية."

أريد بداية أن أسجّل ما للكتاب من أهمية في هذه المرحلة التاريخية التي هي فعلاً مرحلة إسقاط النظام العربي وتجزئة الوطن العربي وهدم الكيانات القطرية القائمة، تمهيداً لقيام شرق أوسط جديد أو كبير فيعاد دوله النظر في تركيب دوله جغرافياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً بشكل يسمح بهيمنة إسرائيلية كاملة عليها.

- جاء هذا الكتاب ليلبّي حاجة قومية ووطنية ويغطّي فراغاً كبيراً في تشرذم الفكر السياسي وفي ضياعه وفي غربته عن التحليل العلمي والموضوعي والواقعي لحال الدول العربية.
ما تشهده هذه الدول من تحوّلات وتغيّرات على الصعد كافة وبخاصة في دول بلاد الشام وتحديداً من العام 2003 حتى اليوم يدفع إلى إعادة النظر في مفهوم الدولة، الدولة من حيث هي سيادة، من حيث هي كيان وهويّة وإرادة شعب، وبما كانت تعنيه الدولة القومية أو الدولة/ الأمّة.

- هذا الكتاب، من جهة ثانية، يتمتّع بأهمية من حيث المقاربة. وإذا شئت أن أعطيه عنواناً أقول إنّه إعادة إعتبار إلى القراءات الواعية التي تغوص في تحليل النسيج الإجتماعي والتكوّن التاريخي للوطن العربي. وهو يشكّل فعلاً ردّاً تاريخياً وعلمياً وواقعياً على السؤال العربي الكبير: لماذا فشلت التجارب الوحدوية؟ ولماذا انكسرت المشاريع الوحدوية التي كانت تقوم على أساس إيديولوجي أو على أسس المبادئ والروابط المعنوية كما يسمّيها الأنصاري؟ وهو في الواقع يقدّم تصوّراً أو تأسيساً لحلّ الإشكالية الواقعة بين الوحدوية والقطرية لأن هنالك شعوراً عربياًعامّاً بالضرورة التاريخية للسير في اتجاه الوحدة. ولكن يقابل هذا الشعور إنكسار دائم أو مكرّر لكلّ المشاريع والأفكار والانجازات الوحدوية ما دفع الأنصاري إلى إعادة التفكير بالمسألة القطرية أو الخصوصية القطرية تفكيراً علمياً ودقيقاً وإلى معاودة البحث في العوامل التاريخية والاجتماعية والنفسية المكوّنة للمجتمع العربي من دون أن يهمل العوامل الحضارية والثقافية والعوامل السياسية أو المادّية أو المصلحية، ومن دون أن يهمل كذلك ما للسياسات العالمية من تأثير في تكوين البيئة أو خلق المناخ السياسي الذي كانت تتحرّك فيه هذه المشاريع سواء كانت تجزيئية أو وحدوية.
- وأهمية الكتاب، من جانب ثالث، تبقى تحت عنوان ما يسمّيه الأنصاري الحفر أو الأركيولوجيا السياسية، أي الحفر في الواقع الإجتماعي/التاريخي.
- وأهميته، من جانب رابع، أنه يكشف أن أزمة إيديولوجيا التغيير في الوطن العربي ليست في ذاتها من حيث هي فكرة أو مجموعة أفكار، وإنّما الأزمة هي في عدم تمكّنها من إيجاد آليّات عمل أو اشتغال أو آليّات ربط بالواقع السياسي للتفاعل معه وضبط إيقاعه وتطويره في اتجاه التغيير السليم.
يكتب الدكتور الأنصاري وفي وعيه أنه ينحو باتجاه الدولة العضوية، الوحدوية. هنا نسأل: بين الدولة العضوية أو الوحدوية وبين الدولة القطرية ألا يجد أن ثمة كلاماً ممكناً على دولة من نوع آخر؟ لا أريد أن أسمّيها إتّحادية، فدرالية أو كونفدرالية على الطريقة الأوروبية أو الأميركية. هناك مساحة للكلام على دول عربية أسمّيها " دولاً - محاور " توافق طبيعة الأقاليم الجغرافية المرسومة في الكتاب. وهي " دول - محاور " تتّحد بها أو تنسّق معها أو تبني معها علاقات مميّزة الدول ذات الكيانات الأضعف أو ذات البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الأضعف. من الممكن أن يشكّل هذا الطرح بديلاً عن الدولة القطرية التي نخشى أن يتمّ تركيزها مؤبّداً وتصبح فعلاً عامل تجزئة وعامل خطر على الشعور القومي العام وعائقاً دون بناء دولة الوحدة. ومن الممكن كذلك أن يشكّل هذا الطرح بديلاً عن الدولة القومية التي لها أن تقوم على قاعدة الإنصهار والاندماج الكلّي.

إنّني في الواقع أبحث عن مقاربة أخرى تقول إنّ الوطن العربي، تأسيساً على الوقائع الإجتماعية والحقائق التاريخية والجغرافية والمعطيات السياسية، يتّسع لدول محاور، في كلّ إقليم من أقاليمه تقوم واحدة. والأقاليم في رأينا لا تتجاوز الأربعة. أوليس ممكناً أن تقوم دولة- محور في كلّ إقليم تستقطب أو تكون نقطة الجذب أو الارتكاز للدول الصغيرة أو الضعيفة المنتمية إلى الإقليم الجغرافي- الإقتصادي نفسه؟ وهكذا نكون قد أدخلنا الوطن العربي في مرحلة إستعدادية لتشكيل دولة الوحدة، تشكيلها بالإتّحاد وليس بالوحدة الإندماجية الإكتساحية التي لا تحترم الخصوصيات المحلّية.

باختصار أقول: بدل أن نذهب في اتجاه الدولة العضوية الإكتساحية الكليانية التي تقضي على الخصوصيات، وبدل أن نتّجه إلى تكريس الدولة القطرية التي قد لا تتنازل بسهولة عن خصائصها وخصوصياتها لظروف موضوعية ولسياسات دولية ولصراعات عربية داخلية، ربّما يكون هذا الطرح جيّداً لتجميع القوى الاجتماعية والقوى الاقتصادية العربية المبعثرة خصوصاً إذا أخذنا بعين الإعتبار مخاطر الخطة الأميركية/الإسرائيلية المعدّة تاريخياً لمعظم الدول العربية وبالتحديد دول بلاد الشام.

يكتب الدكتور الأنصاري عن التمايزات في الوطن العربي بتفصيل ودقّة، معتبراً أنّ العامل الجغرافي كان أساساً في رسم هذه التمايزات بين بيئة وأخرى. نوافقه الرأي ونضيف: ليست هذه التمايزات، في الواقع، من خصائص الوطن العربي دون سائر الأوطان، وإنّما هي موجودة في غير منطقة من العالم كلّه. غير أن الآخر كان يجد لهذه التمايزات حلاًّ سياسياً على قاعدة إلتقاء المصالح. أمّا خطأنا نحن العرب فهو أنّنا كنّا نبحث عن الحلّ خارج قاعدة المصالح. كنّا نبحث عنه في الدوائر الفكرية أو المعنوية. أعتقد أن هذه التمايزات يجب ألاّ نلغيها أو نسقطها من الحساب وألاّ نعتبرها مرضاً عضوياً في تكويننا الاجتماعي أو البنيوي في سعينا إلى قيام الدولة سواء كانت قطرية أو قومية أو " دولة – محوراً ". فالتمايزات بين البيئات العربية أو الأقاليم الجغرافية هي قابلة للضّبط وقابلة للتفاعل وقابلة لأن تكون عامل إغناء لتكويننا الثقافي والاجتماعي والسياسي ولكن شرط أن نجد لها الصّيغة السياسية اللاّزمة والقادرة على ضبطها وتقنين تفاعلاتها.

هذا وثمّة هاجس كبير عند الأقلّيات (رهان خطّة التفكيك وإعادة التركيب وفق التصوّر الأميركي/الإسرائيلي) ألا وهو موقعها في مشروع الدولة سواء كانت قطرية أو قومية أو دولة - محوراً.. في ضوء التجربة التاريخية، خصوصاً في دولة الإسلام عندما كانت دولة عربية قبل أن يدخل فيها ويصادرها العنصر الأعجمي، وجد المسيحيون العرب، وغير المسيحيين كذلك، مساحة واسعة للمشاركة في بناء الدولة وإدارتها وفي الحياة الإجتماعية والثقافية والاقتصادية. أمّا اليوم فيخشى من أن تتكرّس الدولة القطرية على قاعدة السلطة الفئويّة، الدينية أو المذهبية، المغلقة فتجد الأقلّيات نفسها مهمّشة.

في رأيي اذا اتّسعت الدولة وجدت الأقلّيات مساحة أوسع للإشتراك وللإندماج في الحياة السياسية. كلّما اتّسعت رقعة الدولة كلّما اتّسعت رقعة التنوّع. وإذا ضاقت أضحت الحياة السياسية حكراً على فئة واحدة مستأثرة بالسلطة. لذلك، في مسألة الأقليات، إنّي أميل إلى بناء الدول - المحاور أكثر ممّا أميل إلى بناء الدولة القطرية. هذا والدولة القطرية، بالمفهوم السياسي، تتحوّل إلى سلطة أو صيغة حكم تتحكّم بها الاعتبارات الفئويّة. ولنا غير دليل على ذلك حيث قامت دولة قطريّة. فلقد عرفنا معها حكم الطائفيّات والعائليّات والمذهبيّات والعشائريّات أو حكم تكتّل المصالح بين تقاطعات منها أو من بعضها. ما أريد قوله، في النهاية، هو أنّ مجتمع التنوّع في الوطن العربي ليس ظاهرة فريدة. هكذا هي وهكذا تكوّنت المجتمعات الأوروبية والأميركية وغيرها، تلك التي تمكّنت من تجاوز نظريّة بناء الدولة القطريّة إلى بناء دولها الواحدة (الفدرالية والكونفدرالية) مع الإحتفاظ بعناصرها التكوينية المتنوّعة. ليست الدولة القطريّة الشكل السياسي الوحيد لحماية التنوّع.

إنّ مشكلة الأقلّيات في الوطن العربي تشكّل العبء الأساس في الانتقال إلى الدول المحاور في الأقاليم العربية. ولكن اذا تفهّمت هذه الأقلّيات أهمّية قيام مثل هذه الدول في الحفاظ على وجودها السياسي وفي مواجهة مشروع التفكيك والتّجزئة الذي تسعى إسرائيل إلى تنفيذه على امتداد الوطن العربي زال العبء وانتفت الحاجة إلى كلام على مشكلة الأقلّيات.

أخيراً أرى أنّ الدولة القطريّة هي كيان سياسي ضعيف يحميه نظام سياسي ما، أو وظيفة سياسية ما، لا تتّسم بالثّبات وهي مهدّدة دائماً بالسقوط. هذا والوطن العربي لم يعرف دولاً بحدود ثابتة وإنّما عرف أشكال حكم ثبتت لسنين. لهذا أخشى أن نذهب في اتجاه تثبيت الأنظمة وتجديد الوظائف أكثر ممّا نذهب في اتجاه تثبيت الدولة القطريّة بالمعنى العضوي الذي يريده الأنصاري.

في أيّ حال، إنّ أيّ تصوّر لمستقبل الوطن العربي بشأن الدولة القطريّة أو القوميّة أو الدول - المحاور يجب أن يأخذ بعين الإعتبار فكرة الإندراج الصهيوني وما تشكّله من تحدّيات وما تخلّفه من مشاكل فيه وفي المنطقة بكاملها. فهذه الفكرة هي معيار سياسي جديد يجب ألاّ يسقط في تقديري من حساب أيّ تصوّر إستراتيجي لمستقبل الوطن العربي. فكرة الإندراج والهيمنة الصهيونية هي التهديد المباشر أو العبء الراهن والآتي على جسد الأمّة كلّها. فالكلام على الدولة القطريّة، في المبدأ، كلام منطقي وسليم خصوصاً في ضوء تعذّر قيام الدولة القوميّة، ولكن إذا أدخلنا في حسابنا الثّقل الإسرائيلي على هذه الدولة والتّأثير الإسرائيلي في نسفها وتقويضها واسقاطها أو توظيفها في سياق تنفيذ مشروعه التفكيكي، نكون قد بنينا وهماً. لذلك،

أدعو إلى بناء الدّول - المحاور بديلاً مرحليّاً من فكرة الدولة القوميّة وبديلاً موضوعيّاً من فكرة الدولة القطريّة الهزيلة.

Address

لبنان
Beirut

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when مجلة الموقف posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Share