PICA Hub

PICA Hub Perspective Insight Critique & Analysis Hub
CEO Film Critic Charbel El Ghawi

مركز وجهة نظر للنقد والتحليل PICA
مدير المركز الناقد السينمائي شربل الغاوي

ردٌّ على تعليقٍ حُذِف… ولكن بقي صداهمنذ البداية، كنتُ واضحًا في مقاربتي النقدية: أنا لا أكتب مقالًا واحدًا ليحمل كل شيء،...
24/07/2025

ردٌّ على تعليقٍ حُذِف… ولكن بقي صداه

منذ البداية، كنتُ واضحًا في مقاربتي النقدية: أنا لا أكتب مقالًا واحدًا ليحمل كل شيء، ولا أُلقي الأحكام بالجملة. بل أفصل كل مشهد على حدة، وأقرأ كل أداء بمفرده، وأعطي كل ممثل حقه في لحظته الخاصة.
من يتابع مقالاتي، يدرك أنّني لا أخلط بين المشهد والعمل، ولا بين لحظة إبداعٍ فردي وخلاصة مسلسلٍ بأكمله. ولو جمعت كل ما كتبته في مقالٍ واحد، لما كان مقالًا… بل كتابًا.

كتب أستاذ أقدّر أعماله التي لا تزال حيّة في الذاكرة، تعليقًا انتقد فيه كيف يمكنني أن أُشيد بمشهد طارق تميم، ثم أعود وأنتقد العمل ككل.
والسؤال الذي طرحه ـ وهو محقّ في طرحه ـ كان: كيف أُشيد بمشهد، ثم أعود لأنتقد العمل؟ وكيف أكتب شعرًا عن أداء، ثم أصف المسلسل بأنه يغرق في فوضى؟

الجواب، لمن يقرأ بوعي، بسيط: لأنني لا أُصدر حكمًا مسبقًا، بل أتابع، أُحلّل، وأنتظر حتى تكتمل الحكاية.
أنا لا أكتب نقدًا من الحلقة الأولى، ولا أستعجل الخلاصات. أترك النهاية تقول لي من أين يجب أن أبدأ، وأين عليّ أن أنتهي.

في مقالاتي السابقة، كتبت عن مشهد طارق تميم، عن انكساره أمام صوت المطر، عن لحظة رجولة انهارت بصدقٍ عاطفي، لا بتمثيلٍ مُفتعل. وكتبت عن أداء إيلي متري في مشهد الخيانة، وعن عمار شلق وتكرار حدّته وأسلوبه الصوتي.
لكن تلك المقالات لم تكن قراءةً شاملة للمسلسل، بل وقفات نقديّة حول مشاهد منفردة، لحظات تمثيلية تستحق أن تُروى وتُقرأ وتُدرَّس. وهي لا تتناقض أبدًا مع خلاصة ما توصّلت إليه بعد عرض الحلقة الأخيرة… بل تكمّلها.

خطيئة أخيرة كمسلسل، تابعناه حتى الحلقة ٤٥، وانتظرنا أن تُغلق القصص التي فُتحت منذ البداية. لكنّ الأبواب بقيت مشرّعة على غموضٍ بلا جواب. أسئلة عُلِّقت في الهواء، وشخصيات أساسية ظهرت واختفت في حادث سير، من دون أن تنال حتى لحظة وداع.
يا أستاذ، شخصية نشاهدها على امتداد ٤٣ حلقة، تُقتل في مشهد عبثي لا يتعدّى دقيقتين… أليس هذا استخفافًا؟
ويا صنّاع العمل، راجعوا تعليقات الناس، استمعوا إلى صوت الجمهور لا إلى صدى المجاملات. الحلقة الأخيرة لم تكن ذروة درامية، بل قفلة مرتجلة لا تليق بكل هذا التمهيد.

أما مقال طارق تميم، فهو شيء آخر تمامًا. لم يكن دفاعًا عن العمل، بل احتفاءً بلحظة إنسانية صادقة، عابرة لأي نصّ مكتوب. مشهد يُشبه الحقيقة أكثر من الدراما، قصة رجل لا شخصية ورقية، دمعة سقطت من وجدان المشاهد، لا من حبكة السيناريو.

وهنا يكمن الفارق الجوهري بين نقد مشهدٍ، ونقد عملٍ متكامل. بين لحظة تمثيلية خاطفة تسرق الأنفاس، ومسلسلٍ خاض غابة من الخطايا دون أن يرسم خريطة خروج منها.

الناقد السينمائي شربل الغاوي.

خطيئة الكتابة قبل خطيئة الشخصيات: حين تتحوّل الحبكة إلى فوضى والدراما إلى زحامفي مسلسل خطيئة أخيرة، لسنا أمام دراما تحاو...
23/07/2025

خطيئة الكتابة قبل خطيئة الشخصيات: حين تتحوّل الحبكة إلى فوضى والدراما إلى زحام

في مسلسل خطيئة أخيرة، لسنا أمام دراما تحاول سبر أغوار المجتمع، بل أمام مرآة مشوّهة تنعكس فيها الخيانات لا كأحداث، بل كعُرف. عملٌ يغرق في زحمة الخطايا حتى يكاد يخنق مشاهده، لا ليصدمه بحقيقة، بل ليُفرغه من كل شعور.

ليس في “خطيئة أخيرة” شخص بريء… لا صديق يُؤتمن، ولا علاقة تصمد، ولا بيت يُحترم. الجميع يخون، والجميع يُخدَع، وكأنَّ الطهارة صارت عيبًا، والصدق صار نُدرة. فهل هذه مرآة المجتمع، أم مجرّد خيال جامح يُبرّر الانحلال باسم الواقعية؟

شخصية صافي التي أداها عمار شلق، بدت تكرارًا باهتًا لانفعالاته في أعمال سابقة، بنفس الصوت المرتفع، ونفس الحدة المتشنجة، وكأنّ الممثل لم يُمنَح فرصة جديدة ليعيد تشكيل ملامحه. أما هشام، فسامر إسماعيل يكرر نمط العميل المتسلل، الذي يخترق عالمًا لا يشبهه، ليصير فجأة نواة اللعبة. تشابه تركيبي يسرق من الشخصية فردانيتها، ويجعلنا أمام ممثل يبدّل الأسماء، لا الأرواح.

سعيد سرحان طبيبٌ مرة أخرى، وإن اختلف الاختصاص، فلا فرق كبير. الشخصيات تتبدل مهنيًّا، لكن تبقى مألوفة بشكل مقلق. أما شخصية عمر (إيلي متري)، فتسقط فجأة في حبكة مشوّشة؛ رجل نعرفه أعزبًا، ليظهر متزوجًا وزوجته على وشك الولادة. وكأن الزمن قفز من خلف الكواليس، دون أن يُبلّغ المشاهد.

العمل لا يُقدِّم جديدًا. بل يمكن القول إنه يُعيد تدوير النكبات اليومية تحت اسم “قصة درامية”، مع حبكة تُحاك من خيوط مستهلكة، وشخصيات تتكرر بأسماء جديدة. الخيانة ليست محورًا، بل موّالاً يُعاد ويُكرّر في كل زاوية: صداقة تُغدر، زواج يُداس، سرير يُدنّس، ولا عزاء للمشاهد الباحث عن تجربة فنية تُفاجئه أو تحرّكه.

عدد الشخصيات الكبير لم يكن ثراءً بل عبئًا، فقُسِّم العمل إلى مشاهد متقطّعة، كلّ منها ينتمي لمسلسلٍ آخر. لا وحدة زمنية ولا ترابط حقيقي، بل مجرّد انتقال من مشهد خيانة إلى آخر، حتى ضاع خط القصة الأصلي، إن كان له وجود. أمّا تكرار المشاهد والأحاديث، فجعلا من المسلسل مسيرةً في دائرة مُغلقة، لا تتحرّك إلا بعد الحلقة ٣٥، حين بدأنا نشعر أخيرًا بأن شيئًا ما يتحرّك… ولكن بعد ماذا؟ بعد ثلاثين حلقة من الدوران في دوائر الفوضى.

أما الحلقة الأخيرة، فقد كانت بمثابة ختام على نغمةٍ نشاز: ربح فيها الشرّ، في سابقة لم نعتدها في الدراما العربية. لا عدالة تحقّقت، لا خلاص ارتُجي، وكأنّ العمل قرّر أن يُنهي على عتبة العبث. شخصيات اختفت فجأة دون وداع أو تفسير، وأخرى بقي مصيرها مجهولًا، كأنّ الخاتمة كُتبت بعجلة، أو تُركت عمدًا لتُبرّر موسمًا ثانيًا. فُتحت أبواب كثيرة، لكن لم تُغلق أيٌّ منها، ما جعل النهاية أشبه بمخطّط مهزوز لا بخاتمة ناضجة.

السيناريو، في جوهره، يعاني. ليس فقط من التطويل غير المبرّر، بل من غياب الحرفيّة في البناء، والتماسك في الحبكة. البداية قبل التتر، والنهاية بعده، لم تكن إضافة بل فوضى في الإيقاع السردي. إنها كتابة تسبق النضج، وتسبق حتى الفكرة، فتتبعثر الأحداث كحجارة نُثرت على درب لا يؤدي إلى وجهة.

خطيئة أخيرة لم تكن دراما عن الخطيئة، بل خطيئة درامية بحد ذاتها. عملٌ أراد أن يصدم، فأسرف. أراد أن يعكس الواقع، فشوّهه. أراد أن يكون مرآة المجتمع، فصار زجاجًا مكسورًا يُجرح به نفسه.

الناقد السينمائي شربل الغاوي.

آسر… حين تتحوّل الخدعة إلى ملحمة فارغةليس أسوأ من الخيبة سوى الترويج لها على أنها “مفاجأة قادمة”. وليس أقسى على المُشاهد...
20/07/2025

آسر… حين تتحوّل الخدعة إلى ملحمة فارغة

ليس أسوأ من الخيبة سوى الترويج لها على أنها “مفاجأة قادمة”. وليس أقسى على المُشاهد من أن يُطالَب بالصبر، وهو لا يرى في الأفق سوى مزيد من الوعود المؤجّلة، والرهانات الخاسرة. هكذا بدا مسلسل “آسر”؛ عملاً بدأ بوعد، وانتهى بملل… لا جديد في القصة، لا تطوّر في الحبكة، لا دهشة في الأحداث، ولا موتٌ حقيقي إلا موت الحماسة.

منذ حلقاته الأولى، طُلب من الجمهور أن ينتظر… “انتظروا بعد الثلاثين”، ثم “اصبروا لما بعد الخمسين”، حتى أصبحت الحلقة السبعين محطة بلا جدوى، وعتبة لا تقود إلى أي تحوّل. كل ما في الأمر أن العمل ظلّ يدور في دائرة مغلقة من الحوار المتكرّر، والتصعيد المزيّف، والتعليق الصوتي الذي تجاوز دوره من راوٍ إلى عكّازٍ هشّ، يستند عليه النصّ والإخراج في كل مشهد.

النصّ، وإن كان يحتوي على عمقٍ لفظي ومعنًى داخلي، إلا أنّه لم يُترجم إخراجيًا كما يليق به. لقد أُهين بالحشو، وأُثقل بالإطالة، وتحوّل إلى مجرد أداةٍ لملء الفراغ، لا لتحريك الدراما. أما الإخراج، فاختار أقصر الطرق وأكثرها سذاجة: أن يشرح كل مشهد بصوت الضمير، وأن يملأ الفجوات بالصدى، لا بالفعل.

ثمّة ظلم مزدوج في هذا العمل. ظلمٌ للنص، وظلمٌ للنسخة الأصلية التي بُني عليها، وهي واحدة من أهم المسلسلات الدرامية في تاريخ الشاشة التركية، “إيزيل”. وبدل أن يستلهم منها العمق والتركيب الدرامي، اختار أن يُسطّحها، ويُطيل عمر الشخصيات بلا مبرر، ويُبقي الجميع أحياء كأن الموت حرامٌ على الورق، لا على الإنسان.

تسعون حلقة موعودة، ولغاية اللحظة، لم يجرؤ أحد على قتل شخصية، ولو لأسباب درامية. أي منطق هذا؟ وأي واقع تُحاكيه دراما لا تتغيّر فيها الشخصيات، ولا تُكسر فيها القواعد، ولا يُصدم فيها المتلقّي؟ هذه ليست ملحمة، بل خرافة تلفزيونية ممتدة على إيقاعٍ واحدٍ من الملل.

إنّ أخطر ما فعله صُنّاع هذا العمل، ليس فشلهم في التقديم، بل نجاحهم في إيهام الجمهور أنّ هناك شيئًا يستحق الانتظار. لقد صدّق الناس تصريحات الممثلين، وآمنوا أنّ هناك انعطافة قادمة، وأنّ النصف الثاني من العمل سيُحدث الفارق. لكن الواقع أثبت أنّ الخدعة كانت أكبر من كل أداء، وأنّ الرهان على “التغيير المفاجئ” كان مجرّد سراب.

التمثيل، وإن أنقذ بعض المشاهد، لا يمكنه أن يُنقذ هيكلًا سرديًا هشًّا، ولا بناءً دراميًا مُنهكًا. المشكلة لا تكمن في الأداء، بل في غياب الرؤية. في التنفيذ الذي لم يعرف أين يذهب، وفي الإخراج الذي اختار التفسير بدل التلميح، والشرح بدل التعبير، والموت البطيء على الشاشة بدل الحياة.

هذا المسلسل لم يُنجز كما يجب، ولم يُقدَّم كما وُعد. لقد خذل الجميع… النص، والممثلين، وحتى الجمهور. ومع كل حلقة تُعرض بعد أيامٍ قليلة من تصويرها، يزداد الشعور بأن العرض المباشر كان سيكون أقلّ خداعًا، وربّما أكثر صدقًا من هذا التأخير المزخرف بلا مضمون.

نعم، نحن نشاهد الدراما لا لنتلقّى دروسًا، ولا لنسمع “ضمير الشخصية” يهمس في آذاننا كأنه راوي وثائقي. نحن نشاهد لنتأثّر، لا لنُلقَّن. نشاهد لنكتشف، لا لنُفسَّر. نشاهد لنعيش الحكاية، لا لنُسمعها كموعظة.

في النهاية، لم أكن أودّ أن أكتب الآن، لكنّ ما دفعني هو صوت الامتعاض الجماعي. الجمهور تعب، والنقد لن يسكت طويلاً. سننتظر للنهاية، نعم، لكن ليس بشغف المتابع… بل بنفاد صبر الذي يقول في داخله: “لقد أعطيناكم أكثر من فرصة… فهل من خلاص؟”

الناقد السينمائي شربل الغاوي.

حين انقسمت الشخصية بين ممثّلَين… وضاعت الحقيقة بين وجهينخمسٌ وسبعون حلقة، ونحن نلاحق ظلًّا لا ملامح له، نطارد شخصية لا ت...
17/07/2025

حين انقسمت الشخصية بين ممثّلَين… وضاعت الحقيقة بين وجهين

خمسٌ وسبعون حلقة، ونحن نلاحق ظلًّا لا ملامح له، نطارد شخصية لا تتّسق، لا تنمو، ولا تنتمي حتى إلى نفسها. مجد وآسر، وجهان يُفترض أنهما لعملةٍ واحدة، فإذا بنا أمام عملتين مختلفتين، بل أمام لغتين، وسلوكين، ونبضين لا يلتقيان.

لجين إسماعيل رسم شخصية مجد بخفّة الظلّ، والعفوية، والسذاجة الطفولية أحيانًا. كان شابًا حيًّا، كثير الحركة، يضحك، يُخطئ، يتلعثم… يحمل طراوة البدايات وحدّة الانفعالات. لكن فجأة، وبقدرة كاتبٍ أراد أن يُبهِرنا لا أن يُقنعنا، احترق الوجه… وذُبح الصوت… وزُرِعت شخصية أخرى تمامًا في جسد لم نعد نعرفه.

دخل باسل خياط بشخصية آسر، لا كشخصية تطوّرت، بل ككائنٍ جديد لا يمتّ بصلة إلى ما سبقه. جامد، صارم، عبوس، شديد الذكاء، يعرف كل شيء، يتحكّم بكل شيء… كأننا لم نعد نتابع مجدًا بعد ثمان سنوات، بل نتابع شخصًا آخر لم نرَه من قبل.

فأي منطق درامي يُبيح هذا الانفصال؟
أي جرح، مهما اشتدّت مأساته، يقلب الإنسان رأسًا على عقب إلى هذا الحد؟
وهل الغدر والخيانة كفيلان بتحويل الطيب إلى عبقري لا يخطئ؟
وهل الحياة كفيلة بمحو ملامح النفس كما تُمحى الكلمات من على السبورة؟

التحوّل النفسي، حين يكون عضويًا ومنطقيًا، هو أعظم ما تُهديه الدراما للمُشاهد. لكن أن يكون التغيير كسرًا قاسيًا، لا جسرًا متينًا، فذلك لا يُقنع عقلًا، ولا يُحرّك قلبًا. لا تعاطفنا مع مجد، ولا خفنا على آسر، ولا شعرنا أننا أمام مأساة رجل واحد. بل أمام انفصام درامي، يُقسّم المشاهد بدل أن يُقرّبه، ويُربكنا بدل أن يُحيّرنا.

العيب ليس في التمثيل، ولا في الأداء، بل في المسار…
في رسم الشخصية، في فهم التطوّر، في بناء الجسر النفسي من مجد إلى آسر.
لكنّ الجسر كان من ورق، فانهار تحت ثقل الحلقات، وتركنا نتفرّج على كذبة لا نبكي لها.

خمسٌ وسبعون حلقة قد تُبنى بها أسطورة… لكنها هنا، ضاعت في دربٍ طويلٍ نحو اللاشيء.

الناقد السينمائي شربل الغاوي.

«اسمي ملك»… دراما تستحق ولادةً عربيةإلى صنّاع الدراما العربية، إلى أولئك الذين يجوبون شوارع الحكايا التركية باحثين عن مس...
17/07/2025

«اسمي ملك»… دراما تستحق ولادةً عربية

إلى صنّاع الدراما العربية، إلى أولئك الذين يجوبون شوارع الحكايا التركية باحثين عن مسلسل يُعرّب، ويُولد من جديد بلغة القلب العربي ومفرداته، لا تفتّشوا بعيدًا… ما لكم إلّا “اسمي ملك”.

فهذا العمل ليس مجرد حكاية، بل نهر درامي متدفّق بالمشاعر الإنسانية، مكتوب بلغة الحياة، لا تكلّ ولا تملّ، يعبر بك من وجعٍ إلى وجع، ومن أملٍ إلى انتظار، ومن حبٍّ إلى تضحيةٍ تسعُ الأرضَ والسماء. إنه مسلسل لا يُشبه الغربة، بل يُشبهنا نحن… بكل ما نحمله من حنين، من خذلان، من تمرّد ومن انكسار.

في «اسمي ملك»، لا تسير الأحداث على عكاز الزمن، بل تقفز قفزًا في الوجدان. الشخصيات ليست مجرد أسماء تُحفظ، بل أرواح تتسلل إلى القلب، تتحدث بلسان الواقع، وتعكس مرايا مجتمعاتنا. وما أجملها من فرصة أن تنقل هذه القصة إلى جمهور عربي، يُريد أن يرى ذاته على الشاشة لا في مرآة مُترجمة.

ملك ليست فقط امرأة، بل هي قضية. أمٌ، أنثى، حبيبة، مطلّقة، مُضحية، قوية وضعيفة في آنٍ معًا. شخصية تُكتب وتُعاد كتابتها كلما نظرت إلى امرأة في زحمة الحياة وقلت في سرك: “هاي ملك”. وكم من ممثلاتنا اللبنانيات والسوريات قادرات على احتضان هذه الشخصية، ومنحها بعدًا آخر، صوتًا آخر، ودمعةً بطعم الشام وبكاءً باللهجة البيروتية.

وليس الأمر محصورًا بملك فقط، فكل شخصية في المسلسل تصلح لأن تُوزّع ببراعة على نخبة من الممثلين العرب، أولئك القادرين على تحويل النص إلى نبض، والمشهد إلى حياة. الطفل في المسلسل يُبكينا بلا ترجمة، والجدّ يُربّي أجيالًا من خلف الشاشة، والأمّ تُشبه كل الأمهات اللواتي عرفناهنّ وخسرناهنّ أو ما زلن يربطن جدائل الصبر لنهار جديد.

إن “اسمي ملك” ليس بحاجة إلى ترجمة… بل إلى استنساخ عربي، إلى روح جديدة تُكتب بحروفنا وتُقال بوجعنا وتُصوّر بأرضنا. هو عمل لا يشيخ، ولا يتقادم. يصلح لأن يولد من رحم الدراما العربية من جديد، لا كنسخة، بل كإعادة بعث، كصوتٍ جديد لحكاية قديمة تُقال للمرة الأولى بلغتنا الأم.

فيا صنّاع الدراما، لا تُعيدوا تدوير ما شبعناه من قصص مُسطّحة. خذوا من “اسمي ملك” ما يشبهنا، وامنحوه حياةً جديدة، بنكهة عربية، ونصّ حيّ لا يعتمد على الترجمة، بل على ترجمان المشاعر. اجعلوه عطرًا دراميًا يُشبه نساءنا، شوارعنا، حاراتنا، أحزاننا… وقبل كل شيء، يُشبه الحقيقة التي نكتمها حين نقول: “أنا بخير”، ونحن نردد في داخلنا: اسمي ملك.

الناقد السينمائي شربل الغاوي.

آسر: مسلسلٌ ينزف النهاية بالتقسيطوأخيرًا، وبعد ٧٥ حلقة من مطّ الزمن وخنق المنطق، قرّر مسلسل آسر أن “يتذكّر” أنّ الموت جز...
16/07/2025

آسر: مسلسلٌ ينزف النهاية بالتقسيط

وأخيرًا، وبعد ٧٥ حلقة من مطّ الزمن وخنق المنطق، قرّر مسلسل آسر أن “يتذكّر” أنّ الموت جزء من الحكاية. مسلسلٌ كُتب منذ الحلقة الأولى على جدرانه أن “الجميع سيموت”، لكنّه نسي أن يُنفّذ هذا الوعد، أو ربما فضّل أن يُبقينا رهائن الانتظار الطويل، وكأنّ الخسارة أداة لابتزاز المشاهد، لا منطقًا سرديًّا.

منذ انطلاق العمل، كنا نسمع توديعًا مبكرًا للممثلين، بيانات وداع هنا، صور عناق هناك، إشارات أن “الدور انتهى”، لكنّ الشاشة كانت تُكذّب كل هذا، وتُبقي الشخصيات حيّة تمشي وتتكلم وتمطّ الأحداث وكأنها تأبى الخروج قبل أن تقرر هي ذلك، لا النصّ.

وفي الحلقة ٧٥، بقدرة قادر، تمّ إسقاط ثلاث شخصيات دفعة واحدة، لكن حتى الموت لم يعد يُقنعنا. هل ماتوا فعلًا؟ أم سيعود عزّت كماشة من تحت التراب ليُكمل ثأره ويضيف ٣ حلقات أخرى من العبوس والنواح واللكمات؟ الموت في آسر لا يعني النهاية، بل بداية لتوسيع الحلقة القادمة.

الحقيقة؟ إنّ هذا العمل، لو كان منقولًا فعلًا عن نسخة تركيّة كما يُشاع، لكان مثالًا للفشل المُدوّي في النسخ والتصرّف. فما نراه ليس اقتباسًا بل اجترارًا. ٧٥ حلقة من شدّ الأعصاب، لا بسبب التشويق، بل لأننا لا نعرف إن كان هذا المسلسل سيعرف متى يقول: كفى.

بقي ١٥ حلقة؟ حسنًا، لن تُحدث المعجزات. لن تُعيد إلينا الشغف، ولا دهشة البداية التي لم تأتِ أصلًا. ستكون ١٥ حلقة من النواح، الوداع، وموت “بالتقسيط”، بينما يُصفّى الحساب بلا دهشة، وتُدفن الشخصيات كما دُفنت الحبكة منذ زمن.

آسر، مسلسل لم يأسر إلا الوقت، ولم يعتقل إلا منطق الدراما. أطال الأعمار، لا لغاية فنية، بل لتكديس الحلقات، وكأنّ طول النفس يُقنع الناس أن ما يشاهدونه مهمّ.

المشكلة؟ أنّ الموت تأخّر، والموت حين يتأخّر في الدراما، لا يُفاجئ… بل يُملّ.

الناقد السينمائي شربل الغاوي.

Address

Beirut

Telephone

+9613509920

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when PICA Hub posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Share

Category