
05/09/2025
رنا كرم… ديما، صديقة تضيء العاصفة بنظرة
ليست كل الأدوار تحتاج بطولة كي تترك أثرها، أحياناً يكفي حضور ممثل يعرف كيف يزرع الشكّ في نبرة، أو يترك الخيانة تختبئ في نظرة. هكذا حضرت ديما، بصوت رنا كرم وأدائها الذي جمع بين المكر العابر والصدق المموّه. لم تكن زميلة عادية لسلمى، بل كانت تلك الشعرة التي تفصل بين الفضول والكارثة.
رنا كرم لم تقدّم الدور بعاديّة أو مرورٍ عابر، بل صاغته كأنها تعزف على وترٍ داخليّ مشدود. نظراتها لم تكن حيادية، بل محمّلة بما يكفي من الدهاء لتجعل المشاهد يتساءل: هل ديما تنصح بصدق، أم تدفع نحو الهاوية؟ نبرة صوتها حين حثّت سلمى على فتح رسائل زوجها كانت أشبه بوشوشة شيطانة متخفّية، لكنها أيضاً حملت مسحة صديقة تخاف من خيانة قادمة. هذا التناقض هو سرّ قوّة الأداء: أن تترك الباب مفتوحاً على أكثر من احتمال.
بلاغة الحضور لم تكمن فقط في الكلمات، بل في المساحات التي تركتها بين كلمة وأخرى، في الابتسامة الخاطفة التي تشبه طعنة، وفي طريقة جلوسها وكأنها تعرف أكثر مما تقول. بهذا التوازن، جعلت “ديما” شخصية ثانوية تتحوّل إلى علامة فارقة، تفتح شرخاً درامياً وتضع “سلمى” في مواجهة قدرها.
إنها براعة الممثل حين يجعل من جملة عابرة حدثاً، ومن دور محدود مساحةً شاسعةً للتأويل. ديما لم تكن مجرد شخصية، بل كانت الشرارة التي أطلقت العاصفة، وأداء رنا كرم جعل هذه الشرارة تلمع في ذاكرة المشاهد كأنها حريقٌ لا يُطفأ.
الناقد السينمائي شربل الغاوي.