
26/07/2025
من التعابير البيروتية في تراث المدينة الشعبي (14)
روح يا زمكّ!
إعداد: سهيل منيمنة
في حياتنا اليومية لا بد أن نصادف الـ "زمكّ"، في الأسواق والمحلات والأعراس ومجالس العزاء والمناسبات العامة والتجمعات، وخاصة في بعض الإطلالات التلفزيونية التي ابتلينا هذه الأيام بسخافتها وانحطاط مستواها. وهي شخصية معاكسة لصفات "القبضاي" التي سأتكلم عنها بالتفصيل والتوثيق في بوستات لاحقة.
وشخصية الزمّك تعبّر عن جانب من جوانب الحياة الاجتماعية التي تنتقد من خلالها المجتمعات سلوكًا غير مقبول، بطريقة ساخرة تقليدية، بهدف التعليم والتقويم. وهو الشخص الذي لا يتمتع بقوة جسدية أو مهابة اجتماعية أو شخصية تؤهله ليكون في مصاف "الزكرت" أو "الجدع" أو "القبضاي"؛ لكنه يبقى مصراً على إثبات ما لوجوده في الحياة العامة، عبر خدمات صغيرة أو حقيرة يقدمها للناس. فهو تالياً، في المراتب الأدنى من مراقب القوة والنفوذ في مجتمع بيروت.
ويمكن ملاحظة الخصائص التالية في هذه الشخصية، وهي: الفضول الزائد والتدخل في ما لا يعنيه، وضعف الشخصية والافتقار إلى الحكمة، وسرعة الإنجرار دون التفكير في العواقب، ومحاولة لفت النظر إليه رغم افتقاره إلى معظم المقومات المطلوبة لجذب الانتباه.
ولا تزال شخصية الزمك تُستخدم في المجالس الشعبية والحكايات لتوجيه النقد الاجتماعي بسخرية غير مباشرة. ولعل الحضور التمثيلي الذي اشتهر به الممثل المحبوب الراحل محمود مبسوط لشخصية "فهمان" في البرامج التلفزيونية لفرقة "أبو سليم"، منذ ستينيات القرن العشرين، هو الأكثر تعبيراً عن الشخصية التراثية للـ "الزمك".
________
الصورة لسوق قديم في بيروت يجمع شخصيات مختلفة الأهواء إجتماعياً.
مع تحياتي