14/09/2024
سلام يا صاحبي ،
لم اكن من الأوائل الذين تلقوا نبأ إلتحاقك بالرفيق الأعلى ، لقد رأيت نعيك متأخرا ً صباح اليوم ، فكان صباحي طعنة سكين تمزق القلب ، عوضا ً عن فنجان قهوة و لفافة تبغ . ثلاثة و ثلاثون عاما ً يا صديق هو عمر علاقتنا ، ثلاثة و ثلاثون عاما ً وانت تحمل فبها عني كل أحمالي ، كل همومي ، كل شجوني ..وكل .. كل أسراري .
كان سهلا ً عليّ هذا الصباح أن اقود سيارتي الى "السفيرة" ، ولم أفعل ..
جبان ٌ ؟! ربما أكون .. لكنك تعرف أني ارفض رؤية انهيار الجبال ، و انكسار السيوف .
أستاذي و معلّمي ، اليك بعد الله كنت الجأ كلما ضاقت بي دنيا او نزلت بي هزيمة - و ما اكثرهاهزائمي - و رحيلك هو من اكبر فواجعي و أمر ّ هزائمي ، فإلى من سألجأ اليوم ؟
"أبو الفضل" أنا لم أقبّل رأسك اليوم لأنهم يسمونها قبلة وداع ، و انت تعلم اني لا أحب الوداع . أفضّل الإفتراض انك لا تزال في كندا عن عيني بعيد ، و فارق الوقت يحول دون تواصلنا ، او لعلك مشغول و ستجيب غدا ً او بعد غد. و كلما اجتاحني شوق اليك سوف اترك لك مكالمة فائتة على رقمك .أفضّل ان يبقى الوضع بيننا هكذا ...
شرفتني بأن جعلتني فردا ً من عائلتك الصغرى ، و عاملتني بحنو الأخ العطوف وقد تنتظر مني عائلتك الكبرى من طلابك و احبابك و اصدقائك و رفاقك سطور الرثاء لرحيلك .
لن أفعل ، الفكر الحرّ لا يموت ، و العصامية لا تموت ، و اليد البيضاء يجزيها الله بما كسبت و انفقت ، فعلام الرثاء ؟ أمّا الحديث عن قيمتك و مآثرك الأكاديمية و السياسية و الفكرية و الإجتماعية ، فهذه تركتها لرفاق الدرب و هم كثير ، و سأكتفي انا بالشخصي دون العام .
اليوم عندما أتحدث الى نالي أو أسيل أو أزاد أو أبو علي ، سأخبرهم أن اللقاء معك قريب .
فضل الله يخني عند الله موعدنا ، نستودع روحك عند من لا تضيع ودائعه .