02/12/2025
لم تكن زينب يومًا تعرف شكل السماء أو لون الطرقات، لكنها كانت تشعر بأن الحياة تُعاملها بخشونة أكبر من قدرتها على الاحتمال.
وُلدت مختلفة… وفي بيت لا يرى إلا المظهر الخارجي، تحوّلت حياتها إلى سلسلة من الجراح الصامتة.
كانت شقيقاتها يتباهين بجمالهما أمام الجميع، بينما تُترك زينب في الظل، تُعامل وكأن حضورها عبء إضافي على العائلة.
رحلت والدتها وهي ما تزال طفلة، ومنذ ذلك الحين تبدّل والدها، فأصبح قاسيًا، لا يناديها باسمها، ولا يسمح لها بالجلوس مع باقي أفراد البيت، وكأن وجودها خطأ لا يغتفر.
وحين بلغت الواحدة والعشرين، جاء اليوم الذي لم تنسَه ما حييت…
دخل والدها غرفتها وألقى في حجرها قطعة قماش، ثم قال بلهجة حادة:
"غدًا ستتزوجين."
لم تفهم… لم تستوعب… لكن الجواب جاء سريعًا:
زوجها سيكون رجلاً فقيرًا يتواجد قرب المسجد. هكذا… بلا رأي ولا اختيار.
وفي صباح اليوم التالي، تمّت مراسم زواج مختصرة، وسط همسات واستهزاء البعض.
دُفعت نحو زوجها الجديد يوسف، الذي قادها بهدوء إلى كوخ صغير عند أطراف القرية.
لم يكن المكان كبيرًا، لكنه كان آمنًا… وكانت للمرة الأولى تشعر أن أحدًا يعاملها بلطف.
في تلك الليلة، صنع لها الشاي بنفسه، أعطاها معطفه لتدفأ، وجلس قرب الباب كأنه يحرس قلبها قبل جسدها.
خلال الأيام التالية، بدأ يصف لها تفاصيل العالم بكلمات جميلة: الشمس، الأشجار، أصوات الطيور… حتى شعرت أنها تراها من خلال صوته.
بدأت تضحك… بدأت تحلم… وبدأ قلبها يُفتح للحياة من جديد.
وذات مساء، سألته بخجل:
"هل كنتَ شحاذًا دائمًا؟"
تردد، ثم أجاب بصوت منخفض:
"لم أكن هكذا دائمًا…"
ولم يزد حرفًا.
مرّت الأيام… إلى أن جاء اليوم الذي خرجت فيه وحدها إلى السوق، مستعينة بخطوات حفظتها جيدًا من تعليماته.
لكن فجأة، أمسكت يدٌ بساعدها بقسوة، وجاءها صوت تعرفه جيدًا:
"أيتها العمياء… ما زلت تعتقدين أنك زوجة لذلك الفقير؟!"
كانت شقيقتها أمينة.
رغم الألم، ردّت زينب بثبات:
"أنا مرتاحة."
ضحكت أمينة بسخرية ثم همست:
"لو كنتِ تبصرين… لعرفتِ أن زوجك ليس فقيرًا كما تظنين، بل هو…"
الباقي في أول تعليق 👇