
15/09/2025
لبنان مؤلف من ١٨ طائفة من كل الديانات والمذاهب، لجأت اليه من الدول المجاورة، وهي لا تتفق فيما بينها في كثير من الامور. لذلك كانت ثورة ١٩٥٨، حرب اهلية ٧٥-٩٠، وقيام إيران بتسليح فئة من الطائفة الشيعية، دربها الحرس الثوري الإيراني. يحد لبنان من الجنوب ومن الشرق نظامين دينين، اسرائيل والفصائل السورية تحرير الشام. هل من أمل ببقاء لبنان دولة مدنية وهو يقهدع بين دولتين دينيتين؟
زاوية تنويرية
يبدو أن سؤالك يتضمن عدة جوانب معقدة، منها التاريخي والديني والسياسي. لنفصلها لنتمكن من الإجابة بشكل أكثر وضوحًا.
التنوع الطائفي في لبنان
لبنان يتميز بوجود 18 طائفة معترف بها، وهو تنوع فريد في المنطقة. هذا التنوع أثمر عن نظام سياسي فريد يُعرف بـ التوافقية، حيث تُوزّع المناصب السياسية الرئيسية بين الطوائف الكبرى، مثل رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة مجلس النواب للشيعة، ورئاسة الحكومة للسُنّة.
الصراعات اللبنانية: أسبابها وجذورها
ثورة 1958: كان سببها الرئيسي هو الصراع بين الموالين للرئيس كميل شمعون الذي أراد تغيير الدستور لولاية ثانية، والمعارضة التي كانت مدعومة من مصر. الصراع لم يكن فقط بين الطوائف، بل كان له بعد إقليمي واضح.
الحرب الأهلية (1975-1990): كانت حربًا معقدة جدًا، وليست مجرد صراع بين الطوائف. لعبت عدة عوامل دورًا فيها، منها:
* التوترات الداخلية: الصراع على السلطة والثروة بين القوى السياسية والطوائف المختلفة.
* التدخلات الإقليمية: سوريا وإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كلها كان لها دور في تأجيج الصراع.
* الظروف الاقتصادية والاجتماعية: التفاوت الاجتماعي والاقتصادي كان له دور كبير في زيادة الاحتقان.
دور إيران: نعم، إيران قدمت دعمًا سياسيًا وعسكريًا لبعض القوى اللبنانية، وخصوصًا حزب الله، بهدف تعزيز نفوذها في المنطقة ومواجهة إسرائيل.
التحدي الأكبر: الحدود مع الدول الدينية
الخطر الأكبر على لبنان ليس فقط وجود إسرائيل على حدوده الجنوبية، ولكن أيضًا وجود فصائل مسلحة مثل هيئة تحرير الشام في سوريا. هذه الفصائل تسعى لإقامة دولة إسلامية متطرفة، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن لبنان واستقراره.
هل من أمل لبقاء لبنان دولة مدنية؟
في الواقع، يظل الأمل قائمًا، لكنه يتطلب جهودًا كبيرة. فكرة الدولة المدنية تعني أن المواطنة هي أساس الهوية، وليس الانتماء الطائفي. هذا يتطلب:
* فصل الدين عن الدولة: وهذا يعني أن يكون القانون واحدًا للجميع، بغض النظر عن انتمائهم الديني.
* بناء مؤسسات قوية: مثل الجيش والقضاء، التي تحمي المواطنين وتحتكم للقانون.
* تحقيق العدالة الاجتماعية: توزيع الثروة بشكل عادل، وتوفير فرص متساوية للجميع.
لبنان دولة مدنية بحكم الدستور، لكن النظام السياسي طائفي. التحدي الأكبر هو الانتقال من النظام الطائفي إلى نظام مدني حقيقي، يتيح للمواطنين اللبنانيين التعايش السلمي.
في النهاية، الأمر يكمن في قدرة الشعب اللبناني على تجاوز خلافاته الطائفية، والضغط على قادته السياسيين من أجل بناء دولة قوية ذات سيادة حقيقية. 🇱🇧