
22/09/2025
#برقة✔️✔️✔️✔️
يُشكّل التاريخ السياسي والعسكري لأي أمة حجر الزاوية الذي تُبنى عليه مشاريعها المستقبلية ومثال ذلك الساطع يكمن في مسيرة الكفاح البرقاوي الذي يُمثل نموذجا فريدا في مقاومة الاستعمار وتأسيس الدولة الحديثة. إن قراءة هذا التاريخ من منظور أكاديمي وسياسي معاصر تُظهر أن الحكمة التي قادت النضال كانت أعمق من مجرد صراع مسلح بل كانت مشروعا سياسيا متكامل الأركان.
(أمير برقة إدريس السنوسي وعمر المختار قيادة سياسية ومقاومة عسكرية) إن دراسة تاريخ برقة تُظهر بوضوح أن حركتها النضالية لم تكن وليدة الصدفة بل كانت ثمرة تآلف بين قيادة سياسية حكيمة وعسكرية فذة. فعلى رأس الحركة السنوسية كان الأمير إدريس السنوسي ومن قبله السيد أحمد الشريف السنوسي الذي لم يقتصر دورهما على الجانب الروحي بل كانا العقل المدبر للحركة السياسية التي دمجت الدبلوماسية بالكفاح المسلح.
وقد تجلى ذكاء الأمير السياسي في توكيله قيادة النضال العسكري لـ"شيخ الشهداء" عمر المختار الذي أدار حربا ضروسا ضد الاحتلال الإيطالي مُثبتا للعالم أجمع أن إرادة الشعوب لا تُقهر.
لقد كانت هذه العلاقة بين القائد السياسي والقائد العسكري رمزا للتكامل بين الفكر والعمل وهي ما مكنت النضال البرقاوي من الاستمرار لعقود. وكما قال المتنبي عن قوة حجته حتى بشهادة خصومه: "وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل" كذلك كان موقف الغزاة الإيطاليين من عمر المختار فشهادة الجنرال غراتسياني الذي وصفه بالأسطورة في سيرته الذاتية كانت خير دليل على عظمة هذا القائد وعزيمته التي لم يكسرها إلا الموت.
لقد أدرك قادة الحركة الوطنية في برقة أن معركة التحرير لا تقتصر على السيف وحده بل هي معركة فكرية وسياسية. فالقلم بما يمثله من وعي وتنظيم وتوثيق هو امتداد للسيف ولا يمكن لأحدهما أن ينجح دون الآخر. في هذا السياق نستحضر قول المتنبي الذي يُؤطر فلسفتنا نحن الكُتّاب الذين نكتب في القضية البرقاوية: "وَالْمَجْدُ لِلسَّيْفِ لَيْسَ الْمَجْدُ لِلْقَلَمِ".......
قد يبدو هذا البيت في ظاهره تقليلا من شأن القلم لكنه في سياق نضال برقة يُشير إلى حقيقة سياسية قاسية: أن الكلمة وحدها لا تكفي لمواجهة آلة القمع العسكرية في ذلك الوقت والإعلامية الٱن وأن السيف هو من يحمي وجود الأمة ويكفل لها الحق في أن يكون لقلمها صوت مسموع. لقد كان السيف أداة ضرورية لإقامة المجد الذي لا يمكن للقلم أن يُخلده ويُوثقه إلا بعد أن يقام. وهذا ما حدث في برقة حيث مهدت المقاومة المسلحة بقيادة عمر المختار الطريق أمام مشروع بناء الدولة الذي تزعمه الأمير إدريس بإعلان إمارة برقة عام1949م ومن ثم في سنة1951م والذي أرسى له دعائم النظام الاتحادي الفيدرالي في المملكة الليبية المتحدة.
وعاشت برقة الهوى والهوية 🏴 في قلوب أبنائها ✔️