أهلا وسهلا سيد علي بشير يا من أرى في تفاعلاتك وتعليقاتك السلبية على منشوراتي البرقاوية مرآةً تعكس لا شك اضطرابًا عميقًا في مكنونات نفسك دعني أهمس لك بسرٍّ فربما لم يدركه فؤادك بعد إن رؤيتي البرقاوية ليست مجرد وهمٍ أو سرابٍ بل هي حقيقةٌ تتجسد كل يومٍ أمام ناظريك تتجذر فكرة النظام الاتحادي الفيدرالي بين برقة وطرابلس الغرب وفزان شئت أم أبيت رغبت أم كرهت...لقد تجاوزنا يا سيد بشير في زمننا هذا مجرد المفهوم الاتحادي الفيدرالي......
إننا في واقع الأمر نعيش الآن في نظامٍ كونفيدراليٍّ غير مقنن فوضويٍّ بامتياز ولكنه قائمٌ لا محالة.
وبما أن منشوراتي قد نالت منك ما نالت وربما أصابتك في مقتلٍ فهذا لهو الدليل القاطع على أنني أسير في الدرب الصحيح وأن كلماتي سهامٌ لا تخطئ الهدف.
(فعاشت برقةزهوىً وهويةً رغم أنف الحاقدين........)
والآن وبعد هذا السجال العقيم معك دعني أطرح عليك سؤالًا لا بد وأن يؤرق مضجعك ما ستكون وجهة نظرك يا سيد عليوبعد أن تتحقق الفيدرالية أو الكونفيدرالية في "شبه القارة" التي تسميها ليبيا؟؟؟؟ هل سأراك حينها تتسرب خلسةً إلى أحد أحزاب إقليم طرابلس الغرب الاتحادية؟
بل لعل القدر يبتسم لك ابتسامةً عابسةً فتتولى إحدى الوظائف الرفيعة في وزارة التعليم أو ربما الصحة بإقليم طرابلس الغرب وتدعو سكان إقليمك لممارسة حقهم الانتخابي في انتخاب والي الإقليم أو برلمان طرابلس الغرب؟ يا لسخرية الأقدارزويا لهزل التاريخ.......
وعاشت برقة الهوى والهوية 🏴
09/07/2025
،،، عدالة باللون الأسود:
تُرى هل للمركزية من حسنات؟
بلى...لعلها توضح لنا مثل هذه البيانات التي تُساق ببراعةٍ لتُؤكد على أن العدل والعدالة والشفافية والمساواة هي غايتنا العليا. ويا لها من رفعة فلا مجال للعنصرية ولا للنظرة الدونية ولا لغير المساواة. كل ذلك تحت مظلة المركزية الوارفة.... ألا تشعرون بفيضٍ من الطمأنينة يُغمركم؟؟
👈🏻"كي الشراقة كي الغرابة لاتصنت للخرابة"✔️
01/07/2025
إن دعوة المطالبين بتطبيق النظام الاتحادي الفيدرالي في بلادنا هي دعوة إلى تحقيق التوازن والعدالة بين أقاليم البلاد الثلاثة #برقة وطرابلس الغرب وفزان وفق رؤية تعيد تأسيس العقد الاجتماعي على أسس من التكافؤ والإنصاف.
✔️فالعدالة لا تُبنى حين تكون موازين القوى مختلة ولا يمكن أن يتحقق الحوار حين يمسك طرفٌ بمسدس بينما لا يملك الآخر سوى سكين أو يديه العاريتين.....
إن القوانين القواعد والأخلاق تفقد معناها حين تغيب المساواة وتصبح الحقيقة رهينة القوة حين تُفرض إرادة الأقوى على الأضعف.
لكن النظام الفيدرالي بما يحمله من ضمانات لحقوق الجميع هو العصا التي تُقيم الميزان بين الأطراف المتباينة وتمنح كل إقليم حقه في المشاركة والقرار دون أن يطغى المركز على الأطراف أو أن يتفرد إقليم بإملاء شروطه على البقية.
(إن العدالة ليست شعارًا يُرفع بل منظومة تُؤسس على التوازن بين القوى) وما مطالب أبناء برقة بالنظام الاتحادي إلا نداء إلى إعادة صياغة العلاقة بين الأقاليم على أسس من الإنصاف بحيث تكون بلادنا اتحادية المنشأ والتأسيس دولةً تضمن لكل مواطن وإقليم مكانته وحقوقه وتمنع طغيان طرف على آخر ليصبح القانون هو السيد والقوة أداة لحماية الحقوق لا وسيلة لفرض السيطرة.
وعاشت برقة الهوى والهوية 🏴
✍🏻 محمد عاشور السنوسي الشوبكي 1/7/2025
27/06/2025
في هذا كله وفي غيره أيضاً ومع هذه السنوات الأولى لتجربة أحمد الشريف ومسيرته النضالية التي بدأها في الجنوب ضد الفرنسيين اكتملت خبرته ومعرفته بالأمور معززة بصلابة الموقف والإيمان وعدم المهادنة أو التخاذل. لم يكن خلالها رجلاً عادياً بل ظل طوال حياته يُشهد له بالنظافة وروعة الموقف.
وحتى بعد وفاته لم يصبح على هامش التاريخ أو حافته بل كان من صانعيه وكان في وسطه شخصية بارزة في التاريخ المعاصر لبرقة والعالم الإسلامي أيضاً.
لقد تولى القيادة والمسؤولية في ظروف صعبة وبالغة التعقيد كما أشرنا في المنشورات السابقة فلم تكن فترة هانئة وسعيدة.
والمتابع لهذه المجريات سيلحظ بوضوح أن أحمد الشريف لم يكن ساكناً أو جامداً بل كان يحرك الساكن والراكد ولم ينعم بلحظة راحة أو يسعَ لمصالح شخصية.
لقد كان رائده العمل والحركة والمقاومة وهذه كلها لا تتفق أو تلتقي على الإطلاق مع لحظات الدعة أو النعيم الزائل.
وقد كانت تجربة نشوء الأدوار المقاتلة التي بدأت في السودان الفرنسي (تشاد) إرهاصة لبداية قوية للمزيد من الأدوار داخل البلاد إبان الغزو الإيطالي.
وإن اتسمت لاحقاً بمزيد من التنظيم والتنسيق فقد أفادت الخبرات التركية ومن التحق بصفوف المقاومة من البرقاويين الذين درسوا في المدارس الحربية في اسطنبول هذه الأدوار بمعارفها وأكسبتها آفاقاً جديدة في أجواء الإدارة والحرب.....
وبهذا وماسبق من منشورات بعض الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ برقة 🏴 متمثلة في حياة السيد أحمد الشريف السنوسي وهي مرحلة مليئة بالنضال والكفاح البرقاوي .... عاشت برقة الهوى والهوية 🏴
27/06/2025
نواة الدولة المقاومة.....
لقد كان من نتائج التنسيق والتفاهم بين أحمد الشريف والأتراك الذين ظل يحترمهم لكونهم يمثلون السلطان ودولة الخلافة الإسلامية نشوء أو تكوين "الحكومة السنوسية" في مساعد.
هذه المنطقة تقع عند أطراف الحدود الشرقية لبرقة بالقرب من السلوم ذلك المرفأ الاستراتيجي الذي كان يتبع برقة.
كانت المنطقة تُعرف في الأصل قديماً لدى السكان هناك باسم "مصيعط" أو "مسيعد"، ثم صارت "مساعد" بتسمية من أحمد الشريف الذي نقل قواته وحكومته إليها وأضحت مقراً جديداً له منذ أواخر عام 1913م.
وفي عام 1916م، احتلها الإيطاليون مع مرسى البردية القريب منها وغيروا اسمها عام 1923م إلى "كابتزو".
كانت مساعد المطلة على السلوم وخلفها الصحراء، منطقة حساسة واستراتيجية فهي تقع عند مفترق دروب وطرق من الصحراء إلى البحر وبالقرب منها ناحية الغرب طبرق وتمتد بعدها صوب الشرق مناطق براني ومطروح في تركيبة اجتماعية وقبلية تكاد تكون واحدة وهي قبائل أولاد علي ذات الجذور البرقاوية. من هناك نشأت وانطلقت الحكومة السنوسية الوليدة.
وبدأت المساعدات تتدفق على الحكومة وإدارتها وتجمع الأهالي حولها فاحتوت المنطقة مخيمات لمختلف الوحدات العسكرية من مدفعية ورشاشات ومشاة وخيالة. وضمت ضباطاً برقاويون وغيرهم منهم على سبيل المثال: عاكف مسيك الغرياني (قبل تحوله إلى القوات الإيطالية في مرحلة لاحقة) وحسن بوشناق، ووصفي الخازمي ونوري باشا وجعفر العسكري وأدهم الحلبي ونجيب الحوراني ونهاد المهدوي والضباط المصريون: ألماظ أفندي، ومحمد صالح حرب، ولطفي المصري، وغيرهم. وكان هناك مجلس مدني للدور ضم الشيخ عبد الرحمن الزقلعي قاضياً للدور، والأمين الهوني، ومحمد مصطفى بن عمران، ومحمد محمد الأسمع، وأحمد التواتي، وأحمد المدني، وآخرون، إضافة بالطبع إلى السيد إدريس السنوسي الذي وصل بعد أدائه فريضة الحج عام 1915م وكلف بقيادة الجيش، والسيدين: صفي الدين السنوسي الذي تولى أدوار المنطقة الغربية من برقة، وهلال السنوسي الذي ظل يدير شؤون الواحات والكفرة مع أخيه علي الخطابي، ثم قدم إلى مساعد في فترة أخرى.
وإلى جوار تلك المخيمات العسكرية أُنشئت مسقفات خشبية لدائرة الجمرك لمراقبة واستلام الواردات عبر السلوم وحوانيت بسيطة لتقديم بعض الخدمات وابتياع السلع الضرورية كالشاي والأرز والسكر ومستودع لمواد التموين للجيش والمنطقة تتولاه إدارة خاصة بشؤونه وما يتعلق بها. وعلى بعد بضعة كيلومترات باتجاه الشرق من مساعد كان يقع موضع "بئر واعر"، وهو الموضع الوحيد الذي كان يضم مبانٍ حجرية (على عكس مساعد)، وقد أضحى مكاناً مهماً واستراتيجياً للحكومة إذ كان مخصصاً لتصنيع الأسلحة وما يتصل بأعمال الذخيرة الحية.
لقد عمل في هذا المصنع الحيوي فنيون أتراك قدموا من خبراتهم ومهاراتهم الكثير وترأسهم البكباشي بشير صالح القرطبي، أو "بشير التوفيقجي" كما اشتهر في تلك الأيام. وقد قام مصنع بئر واعر بتجهيز وإعداد ما أمكنه من الذخائر وتصليح الأسلحة المعطوبة وصيانتها وإدامتها لسلسلة أدوار ومعسكرات المجاهدين في جبهة طويلة تمتد من مساعد في الشرق حتى سرت غرب برقة .
والواقع أن المصنع لم يقتصر على هذه الأمور وحدها بل قام إلى جانب ذلك بإنشاء ورشة ميكانيكية لإصلاح السيارات التي غُنمت من القوات البريطانية أثناء القتال الذي جرى عام 1915م.
هناك على هضاب مساعد نشأت حكومة ظلت محط الأنظار في العشرة أعوام الأولى من القرن العشرين وقامت بواجباتها الوطنية على أكمل وجه: من اتصالات مع مناطق الدواخل والساحل، ومع ألمانيا، ومع تركيا، ومع مصر، في سياسة داخلية وخارجية تدير شؤون الحرب.
فكانت تضم معسكرات ومصنعاً للأسلحة وجمركاً وإدارة وضبطاً وربطاً.
ولم تكن هذه المنظومة الحكومية بدون نظام بل كانت مرتبة تحوي سجلات وإحصائيات وبياناتزومتابعة للأمور الاقتصادية ومعاملة الأسرىزوالغنائم.
وكان يقوم بريد نشط بربط الاتصالات والمكاتبات وكان ثمة رتب وترقيات وعقوبات في صفوف الجيش.
وكان ذلك كله يتم وفق تعليمات وأوامر يومية تتوالى من الأعلى إلى أدنى مستوى أو رتبة وصولاً إلى تحقيق الأفضل في منظومة تكاملت بالتجانس والترابط.
27/06/2025
✔️✔️✔️✔️ لقد ظل أحمد الشريف ذلك الصبي النشط بين أركان الزاوية في الجغبوب ثم الشاب اليافع في الكفرة وميادين القتال في تشاد على وعي كبير بأن برقة وما جاورها من أقاليم طرابلس الغرب وفزان سيغزوها "النابلطان" – أي الإيطاليون – كما تنبأ جده السنوسي الكبير. وأدرك أن احتلال فرنسا للصحراء سيجر خلفه أولئك الإيطاليين إلى بلاده.
كانت برقة وماجاورعا آنذاك جزءاً من الدولة العثمانية وإحدى ولاياتها في بلاد العرب تنقسم إلى متصرفيات وتتبع الآستانة مباشرة يتعاقب عليها الولاة وتتوالى محاولات إصلاح ما أفسده الدهر. بيد أن وهجها كان قد بدأ يخبو إيذاناً بالرحيل ولم تعد أدوات العطار تجدي نفعاً في علاج ما أصابها من وهن.
في يوم العشرين من صفر عام 1320هـ الموافق يونيو 1902م، انتقل إلى جوار ربه العم والأستاذ والقدوة السيد المهدي السنوسي في زاوية قرو شمال تشاد التي كانت مقراً له بعد الكفرة. وقد عاد أحمد الريفي وهو من كبار إخوان الطريقة وأحد معلمي أحمد الشريف ومعه جثمان المهدي وجثمان نجله محمد الريفي الذي توفي بعد المهدي بعشرين يوماً ودفنا كلاهما في زاوية التاج المطلة على الكفرة والفضاء الفسيح عبر الصحراء.
كان شهر يونيو كعادته فائظ الحرارة في الكفرة وما حولها وفي الصحراء عموماً في عز الصيف وشدة القيظ بينما كان القتال لا يزال دائراً هناك في قرو ومحيطها رغم وفاة السيد المهدي السنوسي . لكن ذلك الحر اللاهب لم يحل دون اجتماع كبار الإخوان السنوسيين في التاج يوم التاسع عشر من يونيو عام 1902م بعد أسبوعين من الوفاة لمناقشة الحاضر والمستقبل. وقد استقر قرارهم على أن يتولى أحمد الشريف المسؤولية وقيادة الحركة نظراً لصغر سن أبناء عمه (إدريس والرضا).
كان عمره آنذاك تسعة وعشرين عاماً، وكان عليه أن يتحمل النهوض بتلك المسؤولية الثقيلة في ظل كل الظروف المحيطة لإكمال مشوار عمه الذي كان قد بدأ منذ فترة يهتم اهتماماً ملحوظاً بالجانب الحربي والدفاعي وتدريب أبناء الزوايا ومنتسبيها على حمل السلاح عندما صار الخطر يحدق بالمنطقة ويكاد يلامس أرض برقة.
تولى أحمد الشريف القيادة والمسؤولية بحنكة فنظم الصفوف وأسس المزيد من الأدوار القتالية وأرسل قوافل الذخائر والأسلحة في سلسلة من المقاومة التي اشتعلت مع مطلع القرن العشرين في أغلب مناطق العالم الإسلامي من الجزائر وتونس والسودان وبلدان الصحراء وغيرها ضد الأخطار المتتابعة التي لم تعد في حقيقة الأمر خطراً واحداً فقط.
فقد اقتسمت الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا "الكعكة" وستلحق بهما دول أخرى في مقدمتها إيطاليا.
وبرز عبر تلك المقاومة الفريدة في تلك الأيام ما عُرف بتيار "الجامعة الإسلامية" الذي دعا إلى الجهاد ومحاربة الأجنبي وتحرير الأراضي الإسلامية من وجوده.
وقد لاقت تلك الفكرة استحساناً وتشجيعاً من السلطات العثمانية (دولة الخلافة) التي باتت تخشى على سيادتها وهيبتها وفي فترة قريبة لاحقة ستحاول هذه السلطات الاستفادة من أحمد الشريف واستغلال مكانته وموقعه.
وثمة آخرون في بلدان أخرى أيضاً شاركوا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في هذا التيار على سبيل المثال: الشيخان صالح الشريف وإسماعيل الصفائحي وعبد العزيز الثعالبي وربما من بعيد محمد الخضر حسين وعبدالعزيز جاويش وعبدالكريم الخطابي وعلي الجزائري وسليمان الباروني وغيرهم.
وقد كانت بينهم اتصالات عديدة وتنسيق مستمر مع منظمة "التشكيلات المخصوصة" التي ضمت ضباطاً في الجيش التركي منهم أنور باشا ونوري شقيقه وبعض الضباط العرب كعزيز المصري وجعفر العسكري ونوري السعيد.
هؤلاء الضباط ستغدو لهم مواقف متباينة في الساحة البرقاوية عقب الغزو الإيطالي مع أحمد الشريف خاصة خلال فترة الحرب العالمية الأولى (1914-1918م).
منذ تلك الأيام لم يتوقف أحمد الشريف عن المقاومة، مقاومة تتبعها مقاومة وسط تبدلات متسارعة تصب في صالح المشروع الاستعماري للمنطقة واستمر ذلك حتى أواخر عام 1911م. حينها تحققت نبوءة جده؛ فقد وصل "النابلطان" إلى شواطئ برقة وطرابلس الغرب وقصفوا المدن الساحلية وارتكبوا الكثير من الجرائم بالقتل والترويع.
كان ذلك في أواخر شهر رمضان عام 1320هـ وكان أحمد الشريف لحظة الغزو الجديد في الكفرة حيث عقد اجتماعاً لهذا الغرض في منزل أخيه عابد السنوسي.
وعن ذلك الاجتماع يقول أخوهما صفي الدين السنوسي بخط يده ضمن مذكراته التي لم يكملها: "...وكان الجواب – عن مهاجمة إيطاليا – من المرحوم خالنا السيد علي المحجوب والجواب موجود عندي إلى الآن يذكر فيه أسماء كل من السادة من السيد أحمد الشريف إلى اسمي أنا أصغرهم وفيه يستشير: ماذا نفعل؟ هل يساعدوا الحكومة العثمانية أو يتركوا بين الحكومتين؟ وكان ذلك الوقت الإخوان من مشايخ الزوايا حاضرين عندنا بالتاج وهم السيد عمر المختار والسيد عبدالله الجيلاني والسيد محمد علي بن عبد المولى والسيد صالح العوامي..." ويواصل صفي الدين السنوسي: "وانتهى الموضوع باحتلال بنغازي، فأخذته – يقصد الجواب – ورحت به إلى الأستاذ الأكبر أحمد الشريف وكان ليلاً فقال لي: امش به إلى السيد محمد عابد والسيد إدريس وبقية الإخوة وإذا وافقوا يكون الاجتماع باكر صباحاً بمنزل السيد محمد عابد بالضحى إن شاء الله.
فوافق كل السادة على هذا الميعاد وكانوا أبناء السيد الأكبر محمد المهدي: السيد إدريس والسيد الرضا وأبناء الوالد – محمد الشريف – رضي الله عنه خمسة: السيد أحمد والسيد محمد عابد والسيد علي والسيد هلال وكاتب هذه المذكرات. واجتمعنا، وكان طبعاً أكبرنا السيد أحمد وهو الزعيم بيننا المعترف به حسب العوائد في العائلة."
وقد تقرر بطبيعة الحال في هذا الاجتماع إعلان الجهاد والبدء في المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي التي سيقودها أحمد الشريف ثم ليتابع المواجهة – وإن استدرج إليها – في فترة من سنوات الحرب العالمية الأولى ضد الإنجليز على الحدود الشرقية لبرقة (مصر).
إنها مقاومة تفصح عن تجربة أحمد الشريف في مقارعة الاستعمار العالمي عبر ثلاث جبهات متلاحقة ودون توقف استغرقت من عمره قرابة العشرين عاماً كان فيها الوطن حزاماً من النار.
بعد هذا الاستنفار الشامل على مستوى العائلة وكبار الإخوان ومناقشة الأوضاع الجارية في شمال البلاد أكد أحمد الشريف أن "الجهاد تعين بمفاجأة العدو".
وتوجه مباشرة إلى الجغبوب مسقط رأسه وموقع ضريح جده ووالده ليبدأ في قيادة النضال.
وقد حضر إليه خصيصاً عزيز المصري الضابط في الجيش التركي موفداً من الحكومة فتباحث معه في مجريات الأمور وتم التنسيق في المواقف.
بيد أن هذا الضابط سينكث لاحقاً بتعهداته ويغير مواقفه مع أحمد الشريف ويهرب إلى مصر بأسلحة وأموال تاركاً المجاهدين في تلك الفترة العصيبة في أشد الحاجة إليها.
اجتمع أحمد الشريف مع العديد من شيوخ وأعيان القبائل توحيداً للصفوف والكلمة ثم شرع لاحقاً في جولة واسعة امتد نطاقها إلى أماكن متعددة في كافة أنحاء برقة والجبل الأخضر ترافقه قوة مسلحة أنجز تشكيلها وبدأت تنمو شيئاً فشيئاً لتصبح نواة لجيشه فيما بعد إضافة إلى مجموعة من الطلبة الذين أكمل أغلبهم تعليمهم في زاوية الجغبوب أو كانوا على وشك الانتهاء منه.
وفي هذه الجولة التي استغرقت حوالي عام كامل (1912م) أشرف بنفسه على تأسيس أدوار القتال (المعسكرات الحربية) في تلك المناطق وظل يتفقد أحوالها بالرعاية والتوجيه رافعاً من عزائم المنضوين إليها.
وبقي فترة خلال هذه الجولة أيضاً في زاوية مسوس جنوبي سلوق وجعلها مقراً لقيادته إذ كانت في عمق تلك الأراضي ومنحت لقيادته بعداً استراتيجياً رائعاً.
وفي فترة لاحقة، وصل إلى درنة حيث كانت هناك أدوار كبيرة للمجاهدين قد تكونت أيضاً منذ غزو الساحل البرقاوي خاصة في منطقتي الظهر الحمر والطنجي، على مشارف المدينة الجنوبية والشرقية. وقد ضمت هذه الأدوار العديد من أبناء وشباب القبائل المجاورة ومجموعة من الضباط والعساكر الأتراك في مقدمتهم الضابطان التركيان: أنور باشا ومصطفى كمال، الذي سيعرف لاحقاً بأتاتورك إضافة إلى عدد من الضباط البرقاويين الذين نالوا تعليماً حربياً قبيل الغزو الإيطالي في مدارس اسطنبول العسكرية باهتمام مباشر من أنور باشا.
ومع وصول أحمد الشريف في هذه الأثناء إلى تلك المنطقة حدثت المعركة الكبيرة بين المجاهدين والإيطاليين في موقع سيدي كريّم القرباع يوم الجمعة السادس عشر من مايو عام 1913م. كان الربيع قد بدأ يرحل واقترب موسم الحصاد ومن بعيد كانت تقبل نسائم الصيف.
وقد شارك أحمد الشريف في المعركة وربما تولى مرحلة من مراحل قيادتها ونتج عنها هزيمة شنيعة للإيطاليين الذين سيذكرونها في مصادرهم بمرارة بينما غنم المجاهدون أسلحة ووسائط لا حصر لها وأسروا العديد من الجنود.
لقد كان لهذه المعركة في واقع الأمر تأثيرات معنوية ومادية مهمة في حركة الأدوار واستفاد منها المجاهدون وتغنى شعراؤهم بهذا الانتصار الذي رددت أصداؤه الوديان المجاورة وسنابل القمح في السهوب المنتظرة للحصاد القريب.
وكان أيضاً – وهو عامل لا يقل أهمية عما سبق – حضور أحمد الشريف قد أضفى على المعركة أجواء روحية وتنظيمية كبيرة.
كانت تركيا قبل المعركة بأشهر قد آثرت الانسحاب من المشهد البرقاوي والطرابلسي بناءً على معاهدة أوشي لوزان في أكتوبر 1912م وأخرجت جيوشها رسمياً.
بيد أن بعضاً من ضباطها وجندها ظلوا على مستوى شخصي وشاركوا في تدريب المجاهدين وإمدادهم بالأسلحة المتبقية دون أن يعودوا إلى إسطنبول.
ولم ينشأ فراغ ملحوظ في القيادة والحركة على الإطلاق. فقد قام أحمد الشريف مباشرة بواجبه وبما يمليه عليه ضميره وستعبئ الحكومة السنوسية التي أنشأها كل القوى للعب دورها المطلوب إضافة إلى قيام الزوايا السنوسية المنتشرة بمعظم الأمور الإدارية والحربية بناءً على تعليمات الحكومة في مساعد......
27/06/2025
#المسؤولية… مقاومة تلو مقاومة :
ونتيجة لهذا التأثر العميق وعقب وفاة والده تولاه عمه المهدي بمزيد من الرعاية ورافقه في جميع تنقلاته وأسفاره وظل قريباً منه خاصة بعد نقل مركز الحركة السنوسية إلى الكفرة.
وقد وصف أحمد الشريف رحلته معه في مخطوطه الشهير "السراج الوهاج في الرحلة من الجغبوب إلى التاج" وألحقه بكتاب "الكوكب الزاهر".
وهكذا، قدمت الحركة السنوسية دليلاً ساطعاً على تواصل أجيالها وديناميتها وعدم جمودها.
وإضافة إلى ذلك فإن دور أحمد الشريف سيكون امتداداً لدور عمه وأستاذه وستظهر أوجه شبه كثيرة تقارب بينهما. فبينما يظل الزمان هو الزمان والمكان هو المكان والصحراء وهتافها المتجدد فإن التبدلات القادمة مع الأيام والأعوام ستثير المزيد من المفاجآت ليس فقط في تلك الصحراء بل في كل أرجاء برقة وخارجها في الجوار القريب والبعيد. وسيجد أحمد الشريف نفسه في خضم هذه التبدلات مدفوعاً إلى مزيد من المقاومة والصلابة التي كان عمه قد بدأها ضد الفرنسيين في السودان الفرنسي الذي عُرف لاحقاً بتشاد.
لقد كانت المعارك تشتعل في وجنقة وبيرعلالي وأم العظام وعين كلك وكانت تلك هي بداية التجربة للمقاومة السنوسية البرقاوية المبكرة ضد الأطماع الأجنبية.
وهناك في التلال السوداء نشأت أولى الأدوار الحربية (المعسكرات).وانتظمت صفوفها وإدارتها وبرز الكثير من قادة تلك المقاومة إضافة إلى أحمد الشريف منهم: عبدالله الطوير ومحمد بوعقيلة ومحمد العريضة والبراني الساعدي وغيرهم. وسيكون من بينهم أيضاً عمر المختار الذي سيواصل المقاومة الباسلة بلا هوادة ضد الإيطاليين حتى استشهاده في 16 سبتمبر 1931م.
لقد كان هؤلاء القادة والرجال نتاج تلك الزوايا وتلك الطريقة شيوخاً وإخواناً خاضوا الجهاد من أجل الدين ورسالة نبيلة غايتها الخير في الحياة.
إنها فلسفة الطريقة في المنهج والدعوة دين ودنيا معاً خطان متوازيان لا يفترقان.
27/06/2025
من تلك البيئة الخصبة.انطلق السيد ولم يكن انطلاقه من فراغ بل كان صدى قوياً لهتاف الصحراء ونداء التلال بيئة صقلته تماماً وحياة أكسبته حصيلة معرفية رائعة على الدوام.
ويصف هو نفسه ذلك بخط يده، قائلاً: "أخذتُ عنه – يقصد عمه المهدي – القرآن الكريم وقرأته عليه وقال لي بلسانه الشريف: ما حصّلت القرآن إلا عليّ، ولله الحمد والمنة.
وسمعت منه أول البخاري وقرأت عليه بلوغ المرام في أدلة الأحكام من أوله إلى آخره وقرأت عليه الجزء الأول من الدردير الكبير على خليل وابن تركي بحاشية الصفتي وقرأت عليه أيضاً ابن عقيل على الألفية والآجرومية والجوهر المكنون وسمعت منه البردة وبانت سعاد والزينبية ومنظومة الأستاذ في النفوس وغيرها من القصائد وقرأت عليه السيفي والأحزاب والمحامد والصلوات والحصون والنفحات والمغني وأخذت عنه الطريقة المحمدية وصافحني وناولني الأحزاب وأجازني في قراءتها وإجازتها وناولني السبحة أفرغها في يدي بيده الشريفة.
وسيدنا الوالد رضي الله عنه كذلك أخذت عنه وقرأت عليه القرآن وسمعت منه أول البخاري وقرأت عليه الآجرومية والألفية والأزهرية والصفتي والعزية.
وسيدنا السيد أحمد الريفي إذ هو الواسطة العظمى بيني وبين الأستاذين المذكورين وكان يقول: الذي له واسطة ما يخاف..."
لقد كانت هذه حياة علمية رصينة أفضت إلى التأثر والتأثير. فكان عمه المهدي هو الأساس الذي قامت عليه هذه الشخصية الفذة وظل هذا التأثر واضحاً في سماته وتصرفاته فهو عمه وأستاذه الذي كان يقول دائماً لمن حوله: "لا تحقرن أحداً لا مسلماً ولا نصرانياً ولا يهودياً ولا كافراً، لعله يكون في نفسه عند الله أفضل منك إذ أنت لا تدري ماذا تكون خاتمته!" وهكذا، وجد أحمد الشريف نفسه صبياً وشاباً مقبلاً على الحياة التي تتطلب حمل الرسالة والنهوض بالواجب لا على حياة الدعة والتكاسس والركون إلى الراحة.
وقد اكتملت شخصيته بهذا التأثر العميق ليصبح لاحقاً من أبرز المؤثرين فيمن حوله وفي العاملين معه من أجل تلك الرسالة السامية في الحياة تحت قيادته عن طواعية ورضا.
27/06/2025
✔️مولد السيد السنوسي وبزوغ نجمه:
وفي خضم تلك الأجواء كان العالم يحتفي مع الخديوي إسماعيل في مصر القريبة بافتتاح قناة السويس عام 1869م وذلك بعد عشر سنوات من وفاة الإمام السنوسي الكبير.
تلك القناة التي وصلت بين بحرين وغدت مجرى مائياً حيوياً يربط أرجاء المعمورة.
وبعد أربعة أعوام من هذا الحدث الجلل أي في عام 1873م ستشهد الجغبوب ميلاد أكبر أبناء السيد الشريف وهو (أحمد) الذي سيضطلع لاحقاً بمهام قيادة الدعوة من عمه المهدي في ظروف بالغة الصعوبة ليقطع بها أشواطاً بعيدة من الحركة والانطلاق العظيمين.
وفي عام 1876م ستتوج روما عاصمة لإيطاليا الموحدة تلك الدولة التي سيواجهها أحمد الشريف في برقة لاحقاً بعد أن واجه الفرنسيين (بصحبة عمه) في تشاد.
وفي ذات العام سيعتلي السلطان عبد الحميد الثاني عرش الخلافة العثمانية على شاطئ البسفور.
ثم في عام 1881م سيحتل الإنجليز مصر ويفرضون سيطرتهم على قناة السويس وستدور بينهم وبين أحمد الشريف معارك ضارية أيضاً.
لقد كان النفوذ الغربي قد بدأ يتحرك بقوة باتجاه المنطقة ليحكم الخناق بلا هوادة ويحاصر برقة وطرابلس الغرب وفزان من الجنوب والغرب والشرق.
وفي تلك الواحة المطمئنة العامرة برجال الله والتقوى والتي كانت تشهد بدايات إرهاصات الزلازل القادمة في العالم أبصر النور السيد أحمد الشريف السنوسي.
كان ذلك يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شوال عام 1290هـ الموافق لعام 1873م أي بعد ما يقارب خمسة عشر عاماً من وفاة جده الإمام السنوسي الكبير.
أما والده السيد الشريف فقد كان ثاني أبناء الإمام وقد ولد في التميمي شرقي درنة في الرابع من رمضان عام 1262هـ، الموافق لعام 1845م. ارتحل السيد الشريف في صباه إلى الجغبوب ثم إلى الحجاز ورافق والده وتلقى العلم على يد كبار إخوان الطريقة وتصدر للتدريس في زاوية الجغبوب وألف شرحاً قيماً لمغنى اللبيب لابن هشام في النحو.
وقد أصيب في صغره بطلقة من غدرية كان يحركها بيديه استقرت في صدره لكن الله منّ عليه بالشفاء.
لقد كان الإمام الوالد يعتز بنجليه المهدي والشريف أشد الاعتزاز ويعدهما للمستقبل إعداداً سليماً في التربية والسلوك والمنهج وقد قال عنهما مقولته الشهيرة: "المهدي له السيف، والشريف له الكتاب".
وقد تجلى في شخصية أحمد الشريف لاحقاً هذا الجمع المبارك بين السيف والكتاب بين الكلمة والجهاد بوضوح وصدق.
أما والدة أحمد الشريف وهي أكبر أبناء والده محمد الشريف فقد كانت الزوجة الثالثة لوالده وقد تزوجها حين بلغ العشرين من عمره في عام 1286هـ الموافق 1869م.
وهي السيدة خديجة العمرانية أو خديجة بنت عمران بن بركة الفيتوري حفيد العالم الشهير الذي كان كاتباً وشاعراً ومؤلفاً في العديد من المسائل الفقهية والشرعية والفلك. وحين عاد محمد الشريف من الحجاز هنأ والده الإمام بقدومه بقصيدة طويلة مطلعها: "ذاك برقٌ، بدا بُشرى لقد لمعا من جانب الشرق حسناه قد سطعا".
وتعود أصول ابن بركة إلى فواتير زليتن حيث نشأ وتلقى العلم وحفظ القرآن الكريم ثم قرأ على السيد منصور بومدين في زاوية المحجوب بمصراتة وأخذ عن الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الطبولي الذي اشتهر في تلك الفترة.
وقد تعرف عليه الإمام السنوسي عند قدومه إلى مصراتة عام 1238هـ الموافق 1822م. وفي مرحلة لاحقة ازداد ابن بركة قرباً من الإمام وأقام معه في برقة وظل موضع ثقته وإعجابه الكبيرين وأسهم معه في النهوض بالطريقة السنوسية.
وهو الذي اكتشف موقع الجغبوب وأخبر به أستاذه، وشارك في بنائها، ثم أصبح صهره، وتوفي عن عمر يناهز المائة عام في عام 1213هـ الموافق 1798م.
في تلك البيئة الدينية والعلمية والاجتماعية الفريدة في رحاب الجغبوب وعمق الصحراء بين رعاية الوالد والجد لأمه والعم وصحبة كبار الإخوان السنوسيين القادمين من شتى البقاع نشأ السيد أحمد الشريف وتلقى العلم وحفظ القرآن الكريم واستفاد من مجالس العلماء والشيوخ والإخوان.
لم تكن الجغبوب بيئة طاردة أو منفّرة ولم تكن واحة معزولة يقتلها العطش وتجتاحها الرياح وتثور فيها الرمال بل كانت بيئة حاضنة للجميع تنمو بالعطاء والتقارب وتقدم أروع الأمثلة لتوهج العلم والمعرفة في فترة كانت تموج فيها أرجاء العالم بالقلق والاضطراب.
وعلى غرارها، قامت الزوايا المنتشرة على امتداد الساحل والصحراء بالدور ذاته والواجب نفسه فظلت الصحراء بأكملها مصدر إشعاع ولم تعد مكاناً للوحشة أو الخوف أو ملاذاً للصوص وقطاع الطرق والوحوش الكاسرة.....
27/06/2025
كانت #الجغبوب تلك الواحة المباركة تترامى أطرافها على مقربة من الحدود المصرية حيث تتشابك دروب الطواحين والمتاهات وتنتشر الكهوف أو(الحِقَاف) وتتراءى بحيرة المَلْفَا والسباخ عند الحواف.
وفي قلبها تنتصب أشجار النخيل الباسقة وتتوزع البيوت البسيطة شامخةً إلى جانب المسجد وضريح الإمام السنوسي الكبير صاحب الدعوة ومؤسسها.
كانت واحةً تعيش على مواردها الذاتية تستمد زيتونها من الزيتون وتمرها من النخيل بينما كانت السلطة العثمانية بعيداً في مناطق الساحل تدير شؤون الولاية بالتنسيق مع الآستانة التي بدأت في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر تشعر بالوهن والتعب إيذاناً بأفول نجمها.
وفي غضون ذلك كانت بعض مناطق برقة وباقي الأقاليم المجاورة لها كطرابلس الغرب وفزان تشهد شعوراً بالغبن جراء ارتفاع الضرائب مما أدى إلى انتفاضات محلية وثارات قبلية وعداوات كان سلاحها الخيل والبارود وقصائد الشعر. وقد خمدت بعض هذه الصراعات في مهدها بفضل تأثير الدعوة السنوسية إلا أنها كانت تطل برأسها بين حين وآخر في بعض الأماكن عاكسةً صراعات النفوذ والعصبية المتجذرة.
27/06/2025
ماهو سلاح الزويا السنوسية ؟؟؟؟
وكان سلاح الزوايا الأول هو العلم والكتاب.
ولعل خير دليل على ذلك ما حدث حين زار رشيد باشا والي برقة العثماني الجغبوب لمقابلة السيد المهدي السنوسي فكان يتوجس من وجود أسلحة وحين سأل عنها أجابوه بأن المخازن هنا تمتلئ بالأسلحة ولما فُتحت له الأبواب وجدها مكتظة بالكتب ونفائس المخطوطات!!!!!!
إنها حركة دعوة وفكر وعلم لم تقم يوماً على العنف أو الإرهاب أو الدروشة ولكنها في الوقت ذاته لم تتوانَ عن مواجهة الظلم والاحتلال والغزو الأجنبي ونهضت للدفاع عن كل شبر من الوطن المترامي الأطراف بل وتجاوزت حدودها الجغرافية....... عاشت برقة الهوى والهوية 🏴
27/06/2025
....مجتمع مدني مصغر :
وقد اضطلع السيدان الجليلان محمد المهدي ومحمد الشريف نجلا المؤسس الحركة السنوسية السيد محمد بن علي السنوسي بمسؤولية الإشراف على شؤون الزوايا وتنظيم منظومة إخوان الطريقة فكانا يستقبلان الوفود والمبعوثين من كل حدب وصوب وظلت زاوية الجغبوب هي المركز الأم والمنارة التي تشع منها الهداية إلى سائر الزوايا في المنطقة وخارجها.
إن الزاوية.في حقيقتها كانت عالماً آخر من النظام والترتيب والدقة المتناهية بل يمكن وصفها بأنها (مجتمع مدني مصغر) يجمع بين العلم والعمل والدين والدنيا.
ففي رحابها كان صغار الطلبة ورجالها الأجلاء يتلون القرآن الكريم ويرددون الأوراد فجراً وعشاءً بكل إيمان ووقار ويتعمقون في دراسة الفقه والحديث واللغة العربية.
ولم يقتصر دورهم على الجانب الروحي والأكاديمي بل كانوا ينهضون في أراضي الزاوية بأعباء الخدمة العامة من زراعة وصناعة ونجارة خالقين بذلك حياة وعمراناً مباركاً.
وقد صدق الإمام الأكبر حين قال: "الكيمياء تحت سكة المحراث" فكان العمل الصادق يتبع القول على أرض الواقع. وهكذا، شكلت الزوايا في مجملها نظاماً ومجتمعاً مترابطاً انبثق منه العلماء والرواد والمجاهدون والمثقفون.
ولم تكن هذه الحركة تنظيماً سرياً ولا خلايا حزبية ولا تكتلات قبلية بل كانت أسمى من ذلك بكثير، فقد قامت على مبدأ العمل المشترك دون استعلاء والدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.
Be the first to know and let us send you an email when Public opinion"Cyrenaica" posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.