
10/07/2025
في تونس في وحدة من المصحات المختصة بالاورام كنت ننتظر في استلام صورة لقريب ليا وصوني عليها، كانت صالة انتظار وفيها عدد من الجالسين واغلبهم مرضى او اقرباء لمرضى، ومانخفيكم كان القلق بادي على وجوه الكثيرين منهم والحزن واليأس على وجوه البعض.
لفت انتباهي سيدة عجوز تجلس في طرف الصالة، بكامل هندامها ونظارتها وماسكة قلم وكتاب باللغة الفرنسية، كانت تقرا باهتمام ومرة مرة تبتسم وهي تقرأ، وواضح الهدوء وراحة البال على وجهها، ومش عارف شن اللي شجعني لما فضين بعض الكراسي حولها اني نقترب منها واحاول تبادل الحديث معها.
وبلا مقدمات رحبت بيها واستأذنت في الجلوس وكانت العجوز لطيفة ومهذبة الى حد كبير، فسألتها لاباس عليك انتي عندك المرض ولا جاية لحد، قالتلي وهي لا تزال تمسك كتابها ايه انا مريضة ورم ومرحلتي متقدمة، فتجرأت اكثر وقلتلها ربي يشفيك ولاحظت انك مرتاحة ومش باين عليك القلق او الخوف.
حطت القلم في الصفحة اللي واصلتها وصكرت الكتاب وشبحت فيا مباشرة، قالتلي الامر بسيط انا عمري قريب الثمانين عام والمرض مايقتل، لو تمن ايامي بنموت ولو ما تمن انا قاعدة، قلتلها لكنك تعالجي وتواجهي في الالم، قالتلي انا مانفكر بالطريقة هدي، انا مستمتعة بكل لحظة عندي فيها نفس، فنقرا ونطلع مع صديقاتي ونقعد مع احفادي وهذا مانقدرش انعكره بتذكر الالم.
قلتلها لكن علاج طويل واوجاعه اتعب، فقالتلي لا هذا امتحان ولما نرضوا بيه ونصبروا نكونوا نجحنا حتى لو ما شفينا، انا كبرت ف العمر ومعادش فيه شي ازعل عليه، فخليني نستمتع بآخر سنواتي وعلاجي ماشي ماشي، والحياة ما بتوقف...... عدلت نظارتها وفتحت كتابها ثاني وغرقت في قراءتها، وانا عطتني هذه المحادثة البسيطة وهذا الوجه المرتاح دفعة كبيرة من الامل في الله.
لاتتكدر بمرض ولا تقعد تهري وتنكت في روحك عليه، كون قد ماتقدر راضي ومرتاح وصابر، ومع المرض دير الحاجات اللي انت تحبهم وتستمتع بيهم، قراءة قرآن صلاة، رياضة، مشي، طلعات، سفر، زيارات لمن تحبهم، مشاهدة افلام وثائقية ولا مباريات كرة قدم ولا مساعدة ناس ماتعرفهم، اي شي انت يفرحك من الداخل ويشعل فيك الرجاء برحمة الله ويسليك.
💪💪💪💪💪💪