26/03/2025
معركة حيدران: لحظة التحوّل في الصراع بين العرب والبربر
تُعد معركة حيدران – أو كما تُعرف أيضًا بمعركة جبل حيدران – واحدة من أكثر اللحظات الحاسمة في تاريخ الصراع بين العرب الهلاليين والبربر الزيريين. وقعت هذه المعركة في 14 أبريل عام 1052م، في الجنوب الشرقي من تونس، ضمن سياق الغزو الهلالي لإفريقية، والذي غيّر معالم المنطقة سياسيًا واجتماعيًا لقرون.
قبل اندلاع القتال، حاول المعز بن باديس، حاكم الدولة الزيرية، احتواء الموقف دبلوماسيًا، وفتح باب التفاوض مع القبائل الهلالية القادمة من الشرق. إلا أن الخلافات سرعان ما تصاعدت، وأعلن العرب نيتهم الغزو، لينتشر الرعب في طريقهم نحو قلب إفريقية.
ردًا على هذا التهديد، أرسل المعز قوات بقيادة قائديه أبو سلبون وزكنون بن واعلان – وكلاهما من الزناتة والصنهاجة – لكنهما لم ينجحا في صدّ التقدم الهلالي، وتعرضا لهزيمة ثقيلة. أدرك المعز جدية الموقف، فقرر قيادة المعركة بنفسه، مستنجدًا بابن عمه، ملك القلعة، الذي دعمه بألف مقاتل، كما استدعى المنتصر بن خزرون، حاكم طرابلس، الذي أرسل له ألف جندي زناتي. وفي النهاية، جهّز جيشًا ضخمًا قوامه ثلاثون ألفًا من البربر، والعبيد الأفارقة، وبعض العرب الحلفاء.
اصطدم الجيشان في جبل حيدران، في اليوم الثاني من عيد الأضحى. في مواجهة جيش المعز، لم يكن لدى بني هلال سوى ثلاثة آلاف فارس فقط، ولكنهم كانوا مقاتلين أشداء، ومن بينهم قبيلة بني رياح التي كان يقودها مؤنس بن يحيى.
الزيريون ارتدوا “الكزاغندات” – دروع مبطنة تحمي الجسد – وهو ما ألقى الرهبة في نفوس الهلاليين للحظة. لكن مؤنس هدّأ جنوده، ووجههم نحو نقطة ضعف الخصم: العيون المكشوفة خلف الدروع.
مع بداية القتال، حدث ما لم يكن في حسبان المعز. العرب المتحالفون معه انقلبوا عليه في لحظة حاسمة وانضموا لبني هلال. ثم لحقت بهم قوات زناتة، التي انسحبت من أرض المعركة، ما أحدث انهيارًا تامًا في صفوف الزيريين.
كانت النتيجة كارثية على جيش المعز. سقط منهم ما لا يقل عن 3,300 مقاتل من صنهاجة وحدهم، بينما خرج بنو هلال بانتصار حاسم وخسائر طفيفة.
معركة حيدران لم تكن مجرد انتصار عسكري للهلاليين، بل كانت بداية النهاية لهيمنة الدولة الزيرية في إفريقية، وبداية تشكّل واقع جديد تميز بالهيمنة العربية في المغرب الأوسط وتونس