11/05/2025
فجأة طفا على سطح “السوشل ميديا” الفصل 507 من القانون الجنائي، وقدمه مبتدعو الكذبة للناس على أنه نص قانوني جديد استحدث لمواجهة موجة حمل السكاكين والسيوف في وجه الموظفين العموميين في تسجيلات توثق لذلك بالصوت والصورة، وأشاعوا بين الخلق أن عقوبة حمل السلاح ستصبح هي السجن المؤبد.
ولكن الحقيقة أن الفصل 507 هو جزء من القانون الجنائي القديم الذي يعود تشريعه لـ26 نونبر 1962، أي أن الفصل المذكور أكبر من عمر “السوشل ميديا”، وحتى من عمر أولئك الأفاكين الذين زعموا أنه نص جديد. هذا من جهة ومن جهة ثانية فلاعلاقة للفصل 507 بالتلويح بالأسلحة البيضاء في وجه الموظفين العموميين، أو بالعربدة في الأحياء، أو في صراع أفراد العصابات في ما بينهم. الفصل 507 مرتبط ارتباطا وثيقا بالسرقة عن طريق حمل السلاح، سواء كان السلاح ظاهرا أو خفيا ولو ارتكبت السرقة من طرف شخص واحد ودون باقي ظروف التشديد المنصوص عليها في الفصل 509 وعقوبة ذلك هي السجن المؤبد.
وهذا الفصل كما سلف القول داخل حيز التنفيذ منذ 1962 والنيابات العامة ومعها قضاة التحقيق يسطرونه متابعة للواقعة المنسجمة مع مقتضياته، وقضاء الحكم يحكم حسب ظروف وحيثيات كل قضية طبعا دون الوصول بالعقوبة إلى حدها الأقصى كما ذكر الفصل المقصود.
لذلك وجب التنويه إلى أن الفصل 507 المكذوب عليه لا صلة له بمشاهد إشهار الأسلحة وتهديد المارة بها ولو كانوا رجال أمن أو درك، ولذلك تجري المشاورات التشريعية لأجل الرفع من عقوبة مجرد حمل السلاح والخروج بها عن العقوبة المخصصة لها في الفصل 303 مكرر الذي يحدد العقوبة بالحبس من شهر إلى سنة، هذا دون حاجة للقول بأن التشدد في العقوبة ليس الدواء الناجع والفعال للحد من الجريمة، فالظاهرة الإجرامية تحتاج إلى دراسات وأبحاث تشارك فيها مختلف المؤسسات المعنية من شرطة ودرك ومحاكم وإدارات سجون، وطبعا يكون البحث أو الدراسة تحت إشراف الجامعات، فما لم يكن التشريع مسبوقا بدراسات ميدانية فإنه يدخل خانة “سويرتي مولانا” لاسيما أن “محترفي الجريمة” لا يهتمون بالعقوبة أصلا، ولا تشغلهم أوضاع السجون ولا ظروف الاعتقال.
* محام وروائي محمد الشمسي
* منقول من جريدة الصباح